|
التغيرات الوظيفية للقرار الدولي بعد الحرب الباردة في حلقة نقاشية لمركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل
زياد عبدالوهاب النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 08:36
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
مركز الدراسات الإقليمية جامعة الموصل ضمن النشاطات الفعالة والمتميزة التي اعتاد عليها مركز الدراسات الإقليمية في إقامة الحلقات النقاشية بشكل أسبوعي بطابعها المميز ، أقام مركز الدراسات الإقليمية في جامعة الموصل حلقة نقاشية حول التغيرات الوظيفية للقرار الدولي بعد الحرب الباردة للتدريسي في المركز زياد عبدالوهاب النعيمي بحضور الكادر التدريسي في مركز الدراسات الاقليمية. وقال الباحث في مستهل افتتاح الحلقة : إن الواقع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية تغير من خلال فكرة إنشاء تنظيم دولي أخذ على عاتقه فكرة تجنب الحرب وإبعادها عن الواقع أو الحد منها إلى حد ما ، ولكن إذا كان الواقع الدولي قد افرز ايجابية الأمم المتحدة من حيث قيامها ونشأتها إلا انه اظهر إلى العالم تنافسا حادا بين قوتين عظيمتين أقامتا مناطق نفوذ لها في المناطق التي ترى إنها تدخل في حماها وأضاف الباحث : " انتهت الحرب الباردة بنهاية التنافس الإيديولوجي والسياسي والعسكري بين المعسكرين الشرقي والغربي ، وأفرزت نهاية هذه الحرب تغيرات قانونية وسياسية كان لها أثرها في السياسة الدولية والقانون الدولي العام وعمل الأمم المتحدة وفق ميثاقها " وأشار إلى أن الأمم المتحدة باعتبارها قمة التنظيم القانوني قد تأثرت بالتغيرات الدولية تأثرا واضحا ففي الأمس كانت الحرب الباردة تلعب دورا واضحا في محاولة تحييد القرار الدولي من خلال إتباع السياسة الخاصة بعدم تدخل الأمم المتحدة في شؤون الدول العظمى أو مناطق نفوذها، إما اليوم فالسياسة الخاصة بالأمم المتحدة تغيرت وتغيرت معها النتائج القانونية التي يمكن أن تشغل مساحة واضحة من التاثير الدولي عليها من خلال سياسة القطب الواحد ومحاولته المستمرة في توظيف القرار الدولي الصادر عن الأمم المتحدة بما يخدم مصلحته .
معنى التوظيف القانوني عرف الباحث عملية التوظيف القانوني بأنها تكمن في تهيئة القرار الدولي لكي يصدر معبرا عن مصالح مصدريه و أن التوظيف القانوني للقرار الدولي الصادر من الأمم المتحدة يتمثل بثلاثة أمور جوهرية هي : تفعيل الفصل السابع من الميثاق ، تحولات السيادة ، التوسع في مفهوم السلم والأمن الدوليين. أولا: تفعيل الفصل السابع من الميثاق حيث فعل القطب الواحد هذا الفصل بعد ان كان معطلا لذلك نجد أنه وبمجرد دخول العراق إلى الكويت قرر مجلس الأمن فرض عقوبات عليه وفرض الحصار, وجعل العقوبات الاقتصادية ضد العراق مؤثرة, وقد كانت هذه الإجراءات الأسرع خلال الـ45 عاماً خلت منذ وضع ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو عام 1945. من المعلوم أن هذا التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة كانت تدعمه الرغبة الروسية, فلقد نشبت (حرب الخليج) في وقت كان فيه الإتحاد السوفيتي (روسيا الاتحادية حالياً) في وضعٍ تحسين العلاقات مع المعسكر الغربي وأن تحسين العلاقة مع الغرب يدخل ضمن أولويات سياسته الخارجية مما ولدّ اتجاهين متناقضين داخل روسيا أولهما: الاتجاه الذي وضع المصالح الروسية مع المصالح الأمريكية ويظهر هذا الاتجاه من خلال الأيام الأولى للحرب ومايزال لعراق يرزح تحت وطاة هذا الفصل بدون مسوغ قانوني حتى أن الاتفاقية الاسترانيجية طويلة الامد لتي عقدها العراق مع الولايات المتحدة كان الهدف منها إخراج العراق من هذا الفصل وهذا مالم يحصل لحد اليوم ثانيا : التحولات في مفهوم السيادة الوطنية يرى الباحث ان هناك توظيف جديد للسيادة بعد الحرب الباردة. وقد تأكد هذا الشرط الجديد لسيادة الدولة عندما صرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي انان " أن الفكرة التقليدية الغامضة لفكرة السيادة وحدها ليست العائق الوحيد أمام التحرك الفعال في الأزمات الإنسانية وقد أدت المدة التي تلت الحرب الباردة إلى إعادة تقييم مفهوم السيادة الوطنية"، ومع بروز المشاكل الدولية التي تجاوزت حدود الدولة الواحدة إلى فكرة تهميش مفهوم السيادة الوطنية, وعدم قدرة الدولة لوحدها على صد الخطر الموجود إلا بتدخل خارجي (دول أو منظمات). ثالثا: التوسع في مفهوم السلم والأمن الدوليين يرى الباحث ان في فترة ما بعد الحرب الباردة توسع مفهوم السلم والأمن الدوليين عما كان عليه في فترة الحرب الباردة, فبعد اجتماع مجلس الأمن الدولي عام 1992, أشار القرار الصادر من المجلس ((أن غياب الحروب والنزاعات بين الدول لا يعني بالضرورة استتباب السلام والأمن العالميين, لقد أصبحت المصادر غير العسكرية لعدم الاستقرار تشكل تهديداً فعلياً للسلام والأمن الدوليين, تلك المصادر تتمثل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية والبيئية))، لقد أصبحت الفعالية الدولية محتكرة في صياغة القرارات الدولية من طرف واحد لتنتهك بعد ذلك مبادئ القانون الدولي وتنهي معها حقوق الدول كالسيادة والدفاع عن النفس وغيرهما من الإجراءات، ومقابل ذلك يلاحظ التركيز على عوامل غير موضوعية وغير قانونية من اجل استغلالها لصالح تفكيك مبدأ السيادة الوطنية ،أن السيادة الوطنية للدول باتت تواجه وضعاً خطراً شهد تفاقماً في الفترة التي تلت الحرب الباردة مما فسح المجال لتدخل الأمم المتحدة في مجالات متعددة ، منها : توظيف القرار الدولي لما بعد الصراعات: هيكلة القرار الدولي لتعزيز الأحادية القطبية من خلال نزع السلاح: توظيف القرار الدولي لغايات سياسية: تدخل القرار الدولي في الشأن الداخلي للدول . الضمانات القانونية لحيادية القرار الدولي يرى الباحث أن أفضل الضمانات القانونية لحيادية قرارات الأمم المتحدة هو بالإصلاح الشامل للأمم المتحدة وتوسيع مقاعدها وزيادة عدد أعضائها من 15 إلى 24 كما هو مبين في مشروع الإصلاح ،مع أحقية الفيتو للدول التي ستدخل ضمن الدول الخمس الدائمة العضوية ويرى أن هناك صعوبات تعيق الإجراء هذا بالقول " ولكن هناك صعوبات تعيق عملية الإصلاح القانونية التي تهدف إليها الدول ، ذلك أن الأحادية القطبية التي تسعى واشنطن إلى إدامتها من خلال عدم السماح لقيام قطب ثان في العالم سواء كان دولة أو تجمع من الدول .كذلك رفض توسيع مجلس الأمن الحالي والإبقاء على التشكيلة المعهودة لإبقاء القرار داخل المجلس قرارا واحدا وعدم إقامة الفيتو الذي تناثرت هيبته بتناثر الاتحاد السوفيتي وتفككه ورفض،أو إفشال أية محاولة من الدول الأخرى (مناوئة، ممانعة، صديقة) لتعديل الصيغة الحالية، كونها قد تشكل خطوة نحو تعزيز المطالبة بالتعددية القطبية التي ترى فيها واشنطن حلماً ربما يتحقق لدول كثيرة كاليابان والصين أو الاتحاد الأوروبي" خلاصة خلص الباحث في نهاية الحلقة النقاشية للتوصل الى بعض النتائج ومنها 1- إن صياغة القرار الدولي داخل المنظمة الدولية هي عبارة عن قرارات تتم في خارج المنظمة ويختزل دور المنظمة على وضع الأختام لشرعنه ما يتم الاتفاق عليه خارج مؤسساتها القانونية بدون إن تحظى تلك الإعمال بدور قانوني يسبغ عليها . 2- إن الأمم المتحدة كانت ولا تزال الضحية الأولى للسياسة الدولية ، فالسياسة تركت محور القانون وجعلته غير فاعل في بناء القرار الدولي مما هيأ لوجود الكثير من الثغرات القانونية التي أصبحت واضحة لغياب الدور القانوني اللازم في توظيفها وإصدارها . 3- تتطلب فاعلية القرار الدولي أن يكون هناك توازن في إلية صنع القرار داخل الأمم المتحدة مما يهيئ الفرصة نحو التعددية القطبية أفضل من القطب الواحد وذلك من خلال بروز قوى جديدة كالصين واليابان أو ألمانيا أو الاتحاد الأوروبي تعمل على بناء تكاملات إقليمية قادرة على تحقيق التوازن التعقيبات تسال الدكتور نوفل الشهوان: رئيس قسم الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالقول ماهو موقف القانون من الدول العربية التي سهلت لعملية دخول القوات الأمريكية إلى العراق وذلك في ضوء الحيف الذي وقع على العراق ،مع عدم تحرك المنظمة الدولية ، وهذا مما يجعل من الأمم المتحدة منظمة تحتاج إلى إصلاح وتطهيرها من الفساد الذي أصبح سمة العصر ، وهذا ما طالب به احد الحقوقيين النرويجيين من ضرورة إصلاح الأمم المتحدة التي مضى على عملها ما يقارب 60 عاما من اللاعدل واللامساواة . في حين تسأل الدكتور لقمان عمر النعيمي :التدريسي في المركز عن آلية الأمم المتحدة وضماناتها القانونية بتنفيذ الاتفاقية الأمنية وإخراج العراق من الفصل السابع . أما الأستاذ واثق محمد براك :تدريسي في المركز فقد أشار إلى أن خروج العراق من الفصل السابع يسمح للحكومة العراقية بتجهيز معدات وإغراض عسكرية في ظل التواجد الأمريكي. الأستاذ فواز موفق ذنون: طالب دكتوراه في التاريخ الحديث وتدريسي في المركز تسال ، ماهو غرض الأمم المتحدة من بقاء العراق في ظل الفصل السابع ؟ وطرح الأستاذ بشار فتحي: تدرسي في المركز أيضا حول التقارب الروسي الأمريكي وقت الحرب في عام 1991 في حين نجد أن هناك نوعا من التوتر الذي يسود هذه العلاقة ألان ، فما سبب هذا التوتر وما سبب هذا التغيير في الاتجاهات والتوجهات ؟ الأستاذ وليد محمود احمد : أشار إلى أن اليابان ليست من الدول التي ترغب في إنهاء هيمنة القطب الواحد . وقد أجاب الباحث على جميع الطروحات والأسئلة الموجهة له قبل ختام الحلقة النقاشية .
النشاط الفعال والمتميز لمركز الدراسات الإقليمية في طرح موضوعات ذات طبيعة إقليمية ودولية تجعل المركز في صدارة المراكز البحثية التي تتناول قضايا محورية ذات صبغة قانونية وسياسية واقتصادية وتوجهات موضوعية رصينة ،هذا النشاط الذي نجده في نشاطات المركز هو بفضل دعم وتوجيه الأستاذ الدكتور إبراهيم العلاف مدير المركز والنشاط الذي ميز به مركز الدراسات الإقليمية ليخطو هذا الصرح العلمي والأكاديمي الرصين متألقا في تناول القضايا العربية والإقليمية والدولية .
#زياد_عبدالوهاب_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلية القانون في جامعة تكريت تبحث في :تحولات القانون العام مط
...
-
إدارة الموصل في حلقة نقاشية لمركز الدراسات الإقليمية بجامعة
...
-
الاصلاحات القانونية واثرها في تعزيز الحكم الراشد
-
الموقف السياسي والقانوني لحصانة السكان المدنيين إثناء الحروب
...
-
مياه البحر الاحمر بين مشكلة القرصنة وقضية التدويل( دراسة في
...
-
مركز الدراسات الاقليمية في جامعة الموصل يقيم حلقة نقاشية عن
...
-
البناء القانوني للدولة في النظام العربي
-
الية صنع القرار السياسي في ظل المتغيرات الدولية
-
الشراكة الخليجية - التركية استراتيجية اولية نحو التكامل الاق
...
-
كتاب في العلاقات الخليجية -التركية :اصدار جديد لمركز الدراسا
...
-
العلاقات الامريكية الروسية .. ملامح اولية لحرب باردة
-
منظمة الامم المتحدة اشكالية التوازن الغائب والدور المطلوب
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|