أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد صبيح - الحوار والديمقراطية















المزيد.....

الحوار والديمقراطية


خالد صبيح

الحوار المتمدن-العدد: 160 - 2002 / 6 / 14 - 06:03
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 (انطباعات)

قد لايختلف احد في ان الملف العراقي هو من التنوع والتشابك والتعقيد بحيث يصعب حصره بنقاط محددة، لعمق وامتداد وجذرية المشاكل والمهام التي يواجهها الان وفي المستقبل،الا انه يمكن الاتفاق على بند اساسي،يتميز بحضور مفصلي، وهو الديمقراطية كبديل للنظام الحالي. ومع ان هذا الجزء الاساسي من الملف يبدو واضحا ومحددا الا ان جوانبه فيها الكثير من الصعوبة في الفهم والتحقق على ارض الواقع. وتشكل الديمقراطية المفتاح للحلول الواقعية والمحتملة لمعظم،ان لم يكن جميع المشاكل التي تحيق بالعراق بلدا ومجتمعا.
والديمقراطيةالتي هي ، كما يبدو،امل ومطمح كل العراقيين،بمختلف اتجاهاتهم  ستشكل الحلقة المركزية التي تؤسس لكل قواعد البناء الاجتماعي المقبل مع انها الان في ذمة المجهول. والنظر الى الديمقراطية كاداة للحلول الجذرية والجوهرية ومدخل عملي لتجاوز المحن ومايمكن ان يطرأ من اشكالات في الحياة مستقبلا يدفع الى معالجتها والتعامل معها كفكرة وتصور وبالتالي ممارسة حتى قبل ان تكون على المحك على ارض الواقع.
 كما هو معروف وشائع فان الديمقراطية هي نسيج مركب وبنائها وغرسها في عقلية الافراد والمجتمع يتطلب جهدا ومراكمة متواصلين لاجل تاصيلها في وجدان الناس وفي ذهنيتهم التي تتطلب الكثير من اعادة التاهيل والتطوير الذي للعوامل الذاتية اثر حيوي فيه من اجل ان تتحول الى بديهة عقلية واخلاقية. كما انه من الجلي ان الديمقراطية هي ليست مسالة اجراءات سلطة او ممارسة سياسية بحتة، فهي في اساسها بناء اجتماعي وحضاري يبنيه المجتمع بقواه الذاتية،كذلك لايجوز التعامل مع هذه المسالة الحيوية من منظور ممكنات الواقع الموضوعي ومايتيحه من مستلزمات للبناء الديمقراطي، فهي تعتمد بجهدها الاساس على العامل الذاتي (الفكري والسياسي) من فعاليات وممارسات وتدريب مستمر ومثابر يحفزه الايمان بالديمقراطية كوسيلة لتحقيق الفرد لذاته ووعي المجتمع لذاته وامتلاكه لقدراته.
هذه آمال كبيرة ومهام اكبر وهذا يضعنا وجها لوجه امام سؤال هو: هل نحن كعراقيين ، بمختلف الفعاليات والامكانات مؤهلين لهكذا مهام ، وهل الخطاب الذي نمارسه ونعبر عن انفسنا من خلاله هو خطاب قادر على تاسيس لهذه القاعدة، الصلبة والضرورية، التي يتطلبها بناء الفرد والمجتمع باتجاه تحقيق الديمقراطية وترسيخها في نسيج خلايا المجتمع؟ وهل هكذا خطاب قادر ومؤهل على ان يكون اداة للحوار المفتوح بين كل قطاعات المجتمع ، باعتبار ان الحوار هو المدخل الحيوي للبناء الديمقراطي؟
هنا يجب الاقرار ان اي مجتمع ، مهما افتقر لممكنات التعبير عن نفسه ومهما حوصر وافقر الا انه تبقى اداة تعبيره الاساسية عن نفسه هي مجموع التنظيمات السياسية والمهنية والثقافية (مهما يكن شكلها ونوع وحجم فعالياتها) التي تسهم في تشكيل رؤاه وبلورة توجهاته، عليه فان النظر في خطاب هذه القوى هو بالضرورة يكون احد المداخل والممكنات لفهم واقع المجتمع الثقافي والنفسي.
اول اشكال يمكن العثور عليه في المقاربة السياسية العراقية حول الديمقراطية هو هلامية وضبابية المفهوم فهو كشعار وهدف يبدو وكانه تحصيل حاصل اداته اجراء سياسي دستوري فوقي يمكن ان يتحقق ماان يتم التغيير. وضبابية او تجريدية المفهوم هذه تنبع من علة اساسية ترتبط بتجنب تحديد ابعاد وصياغة دقيقة للمفهوم، وعدم استعداد كل طرف لطرح مفهومه الحقيقي ، مع ان كل طرف يفهم الديمقراطية ومدياتها وادوارها بشكل مختلف عن الطرف الاخر، قد يعود ذلك ايضا للخوف من تشتيت القوى<هذا الخوف الازلي النابع من الرغبة في رؤية الداخل متماسكا او اظهاره كذلك مهما يكن الثمن > هذه العوامل تعيق امكانية طرح التصورات المستقبلية ومناقشتها مع الذات اولا ومع الاخر ثانيا. هذه الحالة قد لاتظهر مضارها الان لكنها في المستقبل ستكون قنبلة موقوتة ستفجرها صعوبات وتعقيدات الظروف المقبلة.
لاترتبط ضبابية المفهوم في انعدام القدرة على طرحه للاخرين  والاستعداد لخوض جدال حوله معهم فقط وانما في مدى فهمه وبلورته للذات. ثم ان عقل ووعي الديمقراطية غير ممارس بسعة وعمق داخل هياكل القوى التنظيمية، مما يوحي بان الديمقراطية كشعار وهدف طرحت وتطرح فقط لكونها مفروضة من خلال السياق التاريخي الذي يمر به عصرنا، فليس هناك اليوم من لايطالب ويتحدث عن الديمقراطية لكن المشكل الكبير هو في شكل وهيئة هذه الديمقراطية وابعادها وبالتالي ادواتها والادوار المناطة بها، فرفع الشعار وحده لايكفي ليمنح من يرفعه (رخصة) الدخول الى عالم العاملين من اجل الديمقراطية.
السياق التاريخي الذي اعنيه هنا هو الاتجاه الفكري والسياسي السائد بحكم تحقق مشروعيته من مجمل نشاط الفكر والسياسة عالميا وهو سياق عام يؤطر المواقف وزوايا النظر (والموضوعات ) يجد من يزاول الخطاب الفكري والسياسي نفسه تلقائيا منساق فيه يخوض في اولوياته.هذا السياق يظلل الاطروحات ويمنحها بعده الخاص المستمد من اواليته هو ومرتكزات تكوينه الخاص فارضا حضوره مقيدا ادوات الطرح بمجموعة واسعة من المفردات وادوات التحليل وحتى الشعارات او الاهداف السياسية والاجتماعية. التجاوب الشكلي مع هذا السياق يضع من يتعاطى في الشان الفكري –السياسي في حالة من التفارق مع الذات ، باعتبار ان المكون الذاتي وسيرورة هذا المكون لاتمنح ممارس الخطاب شرعية ممارسته بسبب من التباين بين هذا المكون وتوجهه وبين اطار السياق العام الذي يفرض موضوعاته.
بالاضافة الى انعدام وجود فهم مشترك محدد للديمقراطية لدى الغالبية فهناك عقدة الايمان بهذه الديمقراطية خارج حدودها الشكلية والشعاراتية وهذا يجد تعبيره الجلي في علاقة القوى فيما بينها كما في علاقاتها الداخلية ، فهل هناك تنظيم سياسي يؤمن ويمارس الديمقراطية كمفهوم تعددي يقر بوجود الاخر ويحترم بقاءه او يفتح النقاش الواسع والحر والمنفتح على كل التصورات، هل استطاعت هذه القوى ان تجعل الحرية في التعبير اداتها في التواصل مع اعضائها وجماهيرها؟. واقع الحال للاسف لايدل على ذلك، فقد بقيت تلك القوى اسيرة لتركيبها الهيكلي القديم وعلاقاتها الهرمية والمركزية التي لاتتيح القدرة على التفتح والعطاء من خلال فتح الافق امامها بواسطة الحوار المنفتح والهادئ.  قد لايمارس القمع والوصاية بشكل مباشر وملموس لكنه بطريقة ايحائية يوصل المطلوب وتتحقق النتائج. وتنظيمات سياسية لاتركب نفسها بطريقة ديمقراطية قد تعجز عمليا عن الاداء الفعال في بناءها -الديمقراطية- وتثبيتها في المجتمع. قد يعود ذلك جزئيا الى طابع العزلة القسرية التي تعيشهاالقوى في المنافي (اذ ان الوطن مغلق ومحتل) لكن ذلك لاينفي آثار الموروث العميق والراسخ الذي تربت عليه هذه القوى. تحت هذه التاثيرات  تولد اثر سلبي آخر كافراز مضاف هو انعدام تاهيل وبناء خطاب متماسك يؤهل لتحاور القوى فيما بينها يناقش ويجادل طروحاتها المعلنة، في الشعارات والبيانات السياسية،وفي الخطاب النظري والايدلوجي الذي هو المرتكز الفكري والعقلي لهذه القوى. في هذه المرحلة الحساسة المليئة بالتوقعات والظروف المفتوحة على عدة احتمالات تقف امام الجميع مهمة ، قد تكون عسيرة بسبب من الارضية الموروثة من كل الماضي،لكنها تنطوي على اهمية لايمكن التهاون بها ،هذه المهمة هي النقاش الفكري والسياسي حول كل المرتكزات الفكرية لمجموع الفعاليات السياسية والثقافية في المجتمع . هذا الحوار والنقاش هو الذي يشكل الجذر القوي لبناء ديمقراطية اجتماعية وسياسية للمستقبل. كما ان الحواروالنقاش الفكري يتطلب الجدية والمثابرة والاستمرارية.
العراقيون مطلوب منهم، وبالحاح ، الجدل وتحويل قنواتهم المشتركة الى ورشة عمل فكري مكثف للوصول الى اقصى قدر ممكن من الوضوح والتقارب والانفتاح المتبادل ،فبالنقاش المفتوح والعميق يقتربون اكثر فاكثر من الوضوح والتقارب العقلي والنفسي . وبالضبط في دائرة النقاش ستعثر القوى السياسية والفعاليات الثقافية على وضوحها المفترض وتدمج نفسها اكثر واكثر في قضايا وهموم مجتمعها(ومن اطلع على تراث الحركة الفكرية العالمية يعثر على امثلة كثيرة للنقاشات الواسعة،مثلا لينين في كفاحه الفكري مع خصومه الفكريين حيث ساد النقاش الواسع والعميق والشامل دون اقصاء او تجاوز)...فبالجدل والنقاش تتهدم حواجز وتبنى جسور وتتعدل وتتبدل قناعات، شرط ان توفر وتحمى صيغة حضارية وسلمية للحوار والجدل وان تتسع الصدور له.

                                                                                            خالد صبيح
                                                                                               السويد



#خالد_صبيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقفون العراقيون.. المنفى والوطن


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - خالد صبيح - الحوار والديمقراطية