|
عيد بلا عمال
مسعود محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 10:10
المحور:
ملف 1 ايار 2009 - اثار وانعكاس الازمة الاقتصادية العالمية على الطبقة العاملة والفئات الفقيرة وسبل مواجهتها؟
عيد بأية حال عدت يا عيد هذا هو لسان حال العمال في عيدهم هذا العام في ظل أزمة عالمية أكلت الأخضر و اليابس . لا تأتي الأزمات المالية من فراغ بل تتفاعل مع الوضع الاقتصادي الكلي الذي يعاني من مشاكل خطيرة في مقدمتها عجز الميزانية واختلال الميزان التجاري وتفاقم المديونية الخاصة والعامة إضافة إلى الارتفاع المستمر لمؤشرات البطالة والتضخم والفقر. التأسيس للأزمة مر بعدة مراحل وقد بدأ بمرحلة ظهور الفقاعة حيث برزالإفراط في الحرية المالية مما أدى الى انخفاض نسبة الفائدة و تعزيز قيمة السندات ، ان الاقتصاد الحقيقي يعتمد على الانتاج وقدرته و ليس على الأرباح الدفترية تحول العالم من الاتجار بالسلع الى الاتجار بالمال. المرحلة الثانية كانت انفجار الفقاعة الذي بدوره أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم لكثرة التدفق النقدي الذي بدوره أدى إلى عدم قدرة بعض المقترضين على سداد القروض وعدم وجود ضمانات كافية مما دفع المقترضون الى ببيع العقارات والذي بمحصلته أدى إلى إفلاس البنوك . المرحلة الثالثة وهي ما بعد الفقاعة حيث سيطر على أذهان المستثمرين حالة من عدم الثقة مما دفع في اتجاه قيام المودعين بسحب ودائعهم .
يمكن تحليل عالمية الأزمة المالية بالاعتماد على ثلاثة عوامل يتعلق العاملان الأول والثاني بمختلف بلدان العالم ويرتبط العامل الثالث بالدول التي تتبع سياستها النقدية نظام الصرف الثابت مقابل الدولار. وتصب جميع العوامل في محور واحد وهو فقدان الثقة بالسياسة الاقتصادية الأميركية. العامل الأول والأساس هو ظهور بوادر الكساد الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمر الذي ينعكس على صادرات البلدان الأخرى وعلى أسواقها المالية. فالولايات المتحدة اكبر مستورد في العالم حيث بلغت وارداتها السلعية 1919 مليار دولار أي 15.5% من الواردات العالمية (إحصاءات التجارة الخارجية لعام 2006 الصادرة عن منظمة التجارة العالمية). أما العامل الثاني فهو تعويض الخسارة حيث اعتاد بعض أصحاب رؤوس الأموال الاستثمار في عدة أسواق مالية في آن واحد. فإذا تعرضت أسهمهم في دولة ما للخسارة فأن أسهمهم في دولة أخرى قد لا تصيبها خسارة. العامل الثالث يتمثل بالخوف من هبوط جديد وحاد لسعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الرئيسة الأخرى. وهبطت قيم الأسهم بين مطلع عام 1987 ومطلع عام 2008 في الولايات المتحدة سبع مرات بنسب عالية. وفي كل مرة يتراجع سعر صرف الدولار مقابل العملات الأوروبية بسبب لجوء البنك المركزي الأميركي إلى تخفيض أسعار الفائدة. وهذا التراجع يعني خسارة نقدية للاستثمارات بالدولار سواء في الولايات المتحدة أم خارجها. وتحدث هذه الخسارة أيضاً وبنفس النسبة في البلدان التي تعتمد عملاتها المحلية على سعر صرف ثابت أمام الدولار كما هو حال غالبية أقطار مجلس التعاون الخليجي. وعلى هذا الأساس فأن أية أزمة مالية في الولايات المتحدة تقود إلى سحب استثمارات من هذه الأقطار لتتوطن في دول أخرى ذات عملات معومة كأوروبا وبلدان جنوب شرق آسيا. لم يتوقف تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية عند المصارف وأسواق المال، بل تعدى ليطال حياة الناس ووظائفهم، ليفقد كثيرون مصادر دخلهم، تفاقم الأزمة الإقتصادية على أرض الواقع ، وإرتفاع الأسعار خاصة للمواد الغذائية الأساسية ، ستؤدي الى تآكل القيمة الحقيقة للإجور ، وإحتمال دخول إقتصاديات الدول المختلفة الى حالة من الركود والبطالة وإنتشار الفقر والفاقة ، خاصة بين أصحاب الدخل المحدود من أبناء الطبقة العاملة في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، التركيز يجب أن يكون في المرحلة القادمة على أهمية تنمية العنصر البشري باعتباره الثروة الأساسية ورفع مستوى التعليم وربطه باحتياجات التنمية ودعم برامج التأهيل والتدريب والتشغيل للعمالة بما يحد من البطالة في الاقتصاديات العالمية ورفع كفاءة وانتاجية القوى العاملة لتفي بمتطلبات أسواق العمل وتوفير مزيد من الفرص في القطاعات الاقتصادية المختلفة. في السياق ذاته، ان الأخبار المتتالية حول افلاس مؤسسات مالية وصناعية عالمية كبرى واستغناء العديد منها عن اعداد كبيرة من عمالتها أمر يثير قلقاً شديداً. وانطلاقاً من ايماننا الراسخ بان طاقاتنا البشرية هي العماد الأساسي لاقتصادنا والركيزة الأهم في تحقيق التنمية والرفاه لشعوبنا، يجب أن نولي اهتماما بالغاً بتوفير فرص العمل الكريم والاستقرار الوظيفي لها والحفاظ على مكتسباتها وحقوقها وبالأخص في مثل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة.
ولاشك بان تعافي المؤسسات في جميع القطاعات ومعاودة نموها هو أفضل ضمانة للعاملين. كذلك علينا جميعاً، العمل على مواجهة تداعيات الكارثة المالية وتفادي انعكاساتها على العمال وعلى أمننا الاقتصادي والاجتماعي من خلال تكثيف الحوار بين النقابات والحكومات وأرباب العمل لاتخاذ الوسائل والاجراءات الوقائية الكفيلة بحماية العاملين من جانب، وبالعمل على تعافي الاقتصاد ومعاودة النمو بمعدلات متسارعة من جانب آخر.
#مسعود_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفحة جديدة في العلاقات الأرمنية التركية
-
حزب العمال الكردستاني الى أين
-
الشيوعي و الانتخابات النيابية اللبنانية
-
الأشرفيه البدايه
-
اليوم الجديد لدى الكرد
-
باكستان في ميزتن مصالح أميركا
-
الدور الذي يمكن أن تلعبه اخوان سوريا
-
اصلاح أم خلافة مام جلال
-
لغة قطع الأيادي
-
من يستدرج حزب الله ؟
-
لو كنت أعلم
-
خمسون عاما على الثورة الكوبية
-
2008 نهايات ساخنه
-
علم واحد بلد واحد
-
من شكرا الى عذرا
-
هل تصدق نبوءة كارل ماركس حول حتمية سقوط الرأسمالية ؟
-
عذرا شيخ بشير
-
يا أهالي بيروت لا تطلقو النار نحن خارجون
-
مسلسل باب الحارة الطرابلسي
-
ماذا وراء اعتراف موسكو باستقلال أبخازيا و أوسيتيا؟
المزيد.....
-
ماذا قالت أمريكا عن مقتل الجنرال الروسي المسؤول عن-الحماية ا
...
-
أول رد فعل لوزارة الدفاع الروسية على مقتل قائد قوات الحماية
...
-
مصدران يكشفان لـCNN عن زيارة لمدير CIA إلى قطر بشأن المفاوضا
...
-
مباشر: مجلس الأمن يدعو إلى عملية سياسية شاملة في سوريا بعد ف
...
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
المزيد.....
|