|
مفلس من مفلسين !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 806 - 2004 / 4 / 16 - 08:20
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في بداية الازمة التي اشعلها مقتدى الصدر ، وجيشه في مدن الجنوب من العراق ، كتبت أنا ، واخوة آخرون من الكتاب العراقيين ، من أن الذي حرك مقتدى وجيشه هو ايران ، وذلك ليس لمصلحة العراق وشعبه ، وليس لدحر الاحتلال الامريكي ، وتلقين امريكا درسا لن تنساه ! ولكن لشيء واحد هو زعزعة الاستقرار في العراق ، وارباك المشروع السياسي الامريكي فيه ، وفي وقت كان فيه نفر من العراقيين يرى في مقتدى الصدر ظاهرة وطنية تريد للعراق استرداد حريته واستقلاله من براثن الاحتلال الامريكي الجاثم على صدره منذ شهور ، وينفي هذا النفر نفيا قاطعا اية علاقة للصدر بايران ، وانه يتصرف ، فيما سماه البعض بالانتفاضة ! بدوافع وطنية خالصة ، وليس بدوافع عمالة واضحة المعالم . ها هي الاخبار تحمل من ايران تفاصيل ليس بالقليل عن المخطط الايراني الهادف لضعضعة الاوضاع السياسية في العراق ، ومحاولة التاثير عليها بهذا القدر أو ذاك ، فقد شكل المرشد الاعلى في الجمهورية الاسلامية الايرانية ، السيد علي الخامنئي ، لجنة خاصة بعد زوال حكم صدام ضمت السيد علي آغا محمدي ، مستشار المرشد، كرئيس لتلك اللجنة ، والاعضاء : محمد باقر ذو الفقار ، نائب قائد الحرس الثوري ، والعميد قاسم سليماني ، قائد فيلق القدس ، والعميد مرتضى رضائي ، قائد استخبارات الحرس الثوري ، فضلا عن حسن كاظمي قمي ، مساعد استخبارات الحرس السابق ، والذي اشعل طرده من السفارة الايرانية في بغداد ، كقائم بالاعمال فيها ، نيران انتفاضة ! الصدر ، والذي عاد من جديد لمزاولة عمله في بغداد ، وعلى رغم قرار الطرد الصادر بحقه من مجلس الحكم ، وبموافقة امريكية ، وذلك بعد التفاهم المصحوب بقوة التهديد ما بين امريكا وايران خيرا . كانت مهمة اللجنة تلك تنحصر في العمل على زعزعة الاوضاع في العراق ، وتقديم الدعم للقوى المناهضة لمجلس الحكم ، وقد تجلى هذا الدعم في تشكيل جيش المهدي ! وتعزيزه بافراد جاءوا من مخابرات الحرس الثوري الايراني ، وعناصر من حزب الله في لبنان ، وبعض العناصر من منظمات فلسطينية ، وقد قيل ان القوات الامريكية قد قتلت من هؤلاء مجموعة يصل تعدادها الى مئة وعشرين فردا ، وذلك في المواجهات الاخيرة التي وقعت بين قوات الاحتلال ، وبين جيش المهدي ! كما تجلى هذا الدعم بالمساعدات المادية التي وزعتها عناصر المخابرات الايرانية على المستضعفين ! العراقيين من خلال المكاتب التي انشأتها تلك المخابرات في اكثر من مدينة عراقية ، وتجلت كذلك بمنح رواتب بالدولار الامريكي الكافر لبعض من رجال الدين الصغار الذين يدورون في فلك مقتدى الصدر ، تلك الدولارات التي حولت الشيخ قيس الخزعلي ، المتحدث باسم الصدر في مدينة النجف الاشرف الى صحاف ثانٍ ، وجديد في العراق ، ففي آخر تصريح له قال : إن العراقيين سيتحولون الى قنابل موقوتة إن حاولت امريكا التعرض للسيد مقتدى الصدر ! وفات الشيخ الخزعلي أن العراقيين قد عرفوا اللعبة حين لاح اول خيط من خيوطها ، وها هو يرى بأم عينيه كيف داس جند بوش باقدامهم صور قائده في شوارع بغداد وساحاتها ، وكيف اجبروا نفرا من ابناء الكوت على خلع ملابسهم السوداء التي تشابه ملابس جند جيش المهدي ، وكيف اشبع هؤلاء الجند احد العراقيين ضربا ، وحتى الموت في المدينة ذاتها ، لأنه رفض رفع صورة مقتدى الصدر من واجهة سيارته ، واخيرا كيف سوت القوات الايطالية مكتب الصدر في مدينة الناصرية بالارض ، كل هذا جرى دون أن يحرك العراقيون ساكنا ، فأين هي القنابل الموقوتة ؟ أين هي وهذه ايران قد تخلت عن مقتدى الصدر بعد أن رمته بفم الافعى ، مثلما فعلت ذلك بكل من ارتضى لنفسه أن يتعاون معها من العراقيين ، او من الذين اصبحوا عملاء لها ؟ ها هي يران تتراجع عن سياستها ، وتعاجل الى ارسال مبعوث لها الى مجلس الحكم ، هو السيد حسين صادقي ، مدير دائرة الخليج بوزارة الخارجية الايراية ، ليعلن امام المجلس المذكور من أن ايران لن تساند مقتدى الصدر بعد الآن ، وأنها ستمنع دخول عناصر منظمة : انصار الاسلام ! وغيرها من الدخول الى العراق عبر أراضيها ، وان تقدم دعما معنويا للمرجعية العليا ، المتمثلة باية الله السستاني ، وكان هذا التراجع مرده الى التهديد الشديد الذي حملته رسالة امريكية ابلغتها شخصية بريطانية ، على علاقة وثيقة بالسيد حسن روحاني ، سكرتير المجلس الاعلى للامن القومي الايراني ، ولكن مع هذا تركت الرسالة تلك الباب مفتوحا امام ايران في ان تلعب دورا ايجابيا في العراق ، وذلك في القضاء على ظاهرة مقتدى الصدر في المدن الشيعية ! وانصار الاسلام ، واتباع القاعدة في المثلث السني ! وإلا فأن أمريكا تملك من الوثائق والمستندات ما يكفي لمعاقبة ايران . لقد اصبح مقتدى الصدر ، بجيشه واتباعه ، مكشوفا دونما سقف يحميه ، فالعراقيون في حلّ عنه ، بعد ان ادركوا مبكرا من ان جيش المهدي ! ما هو الا جيش ايراني ، وايران باعته عوضا عن درء مخاطر الغضب الامريكي ، وعن دور محسوب لها في العراق، وها هي القوة الامريكية الغاشمة تحيط به من كل جانب ، رغم تخليه عن شروط كان قد طالب بها قبلا ، ورغم تعلقه بمرجعية السستاني التي تنكر لها باديء الامر بطلب ايراني، ورغم موافقته على حلّ جيش المهدي وتحويله الى حزب سياسي ، رغم كل هذا فقد باتت اليد الامريكية على قاب قوسين أو أدنى منه ، وها هو يقترب من مصير زمر المفلسين من قادة المنظمات التي وضعت يدها بيد النظام الايراني ، أو بيد النظم القمعية في الشرق الأوسط ، وفي غيره من بلدان العالم ، فهل من معتبر بعد ذلك بمصير الصدر من قادة التنظيمات العراقية ، اولئك الذين يعيشون على فتات الغير ؟
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صدام الصغير شيوعيا !
-
ما بين الفلوجة وكربلاء !
-
لن يكون العراق ورقة ضغط بأيديكم !
-
الصميدعي والمهمات المنتظرة !
-
كيف تفهم المواقف ؟
-
كاظمي قمي كان الشرارة !
-
صدام ارهقوا العدو . الصدر ارهبوا العدو !
-
شاهد من ايران !
-
ظرف الشعراء ( 13 ) : مطيع بن إياس
-
ظرف الشعراء ( 13 ) : مطيع بن إياس
-
أول من ظلمت من النساء عند المسلمين فاطمة الزهراء !
-
الناصرية : لا بالعير ولا بالنفير !
-
ظرف الشعراء ( 12 ) : إبن قيس الرقيات
-
الحاضر والغابر من حديث البصرة !
-
ظرف الشعراء ( 11 ) : مسلم بن الوليد
-
هروب الظالم وهجرة المظلوم !
-
ظرف الشعراء (10) : حمّاد عجرد
-
ألوان من الشعر : ثلاث قصائد
-
العراقية والتهديدات العماشية-الايرانية الجديدة !
-
ظرف الشعراء (9) : إبن مناذر
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|