نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 10:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1
يمتد الجنوب عند مساحات لاتنتهيَّ من أخضرار القلوب وعاطفة الآلهة وسحر عازفات المعابد وخداع الكهنة وصدق الفقراء ، ونعوش الشهداء ، وبرتقال المنافي .. لنختصر الأمر ونقول :الجنوب الماهر الأوحد في صناعة الدهشة التي عاطفتها من ذهب وقبلاتها من نعومة الطين وبراعة السمك ، عندما يغازل جوع اميرة سومرية لجندي من اهل ناحية الكحلاء..
هذه الجهة المترفة بالحس والخبز وصناعة الأنبياء قُدر لها أن تعطي أكثر مما يعطي بركان فوجي من همم اللهب لشهوة الحب والكتابة وخلق الديانات ، ومن هذه الديانات تأتي المندائية كواحدٍ من اصول العرق البعيد في أصالته وصفاءه وحسن قراءته للموجود الكوني عبر كتب قَدست الرؤيا قبل ان تُقدس المادة وانتمت الى الماء قبل أن تنتمي الى اليباب ،وعاشت لتبقى لا لتموت كما احلام بابل وأور وآشور ، لإنها لم تهوى مسكَ السيف وصناعة الطُغاة كما الأمم المندثرة والتي لم يبق منها سوى طلل المقابر والزقورات والنافورات المتحجرة.
صنع الجنوب رؤاه من دمعة الحلم وبراءة التعايش بين المكونات ، وأحتضانه العجيب للفكرة القائلة :كن أيما تكون ولكن لاتكن جباناً ، لهذا بقي الجنوب منتجاً زاخرا للجندية وزمزميات الماء وضحايا السيوف والشظايا ، وبسببها اعطت المندائية الكثير من احفادها في مذابح الوهم والحروب والفكرة الخاطئة عند تفسير حلم المندائي ، وهل كان يحب خالقه ام لا..؟
وبالرغم من هذا كانوا صناع جيدين لهاجس النسيان ، فالمندائي الطيب هو من يقول :مهما يكن فثمة زمن قادم سيخلد روحي ويجعلني متألقاً ..
وهذا هو ثمن مايُدفع اليوم ..عندما تمتد يد (المفعوص ) لتغتال مندائياً أو لتجبره على الرحيل من ديار هو اقدم فيها من كل ساكني البلاد..
من يحمي المندائي الطيب ..سوى رداء الله ..سوى عطف الله ..سوى دستور الله ..وحكومة الله ..
وهذه الحكومة لم تعد موجودة الان سوى في المهاجر والمنافي ، وكان مفروضاص أن تكون في بلد الشرائع التي خطها حمورابي بأصابعه القوية وكتب الى الهة الشمس قوله :إنني أضع العدل في بابل للجميع ...
المندائي الطيب يتمنى أن يكون رداء الله عراقيا جنوبياً لااوربياً وسورياً او كردستانياً ...فليس اجمل من لحظة يكون فيها هذا البارع في صناعة الأساور والتأمل وأفياء السدر أن يكون يغط بنوم عميق قرب ضفاف دجلة والفرات ..
وليس اجمل أن تكون تنانير الصابئة هي تنانير زقزقة العصافير في صباحات العراق ..
ولهذا ثمة أمل أن يعود هذا الرداء في بياض الرسته أو ثوب زكريا المحنا بضوء شمعة وابتسامة طفل تقوده سعادته الى صناعة الحلم من اجل وطن هادئ وسعيد كما براءة الفراشات في حضن الوردة ...
زولنكن في 30 ابريل 2009
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟