أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبحي حديدي - احتفال شخصي














المزيد.....

احتفال شخصي


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 806 - 2004 / 4 / 16 - 10:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بتاريخ 6 نيسان (أبريل) من العام 1990 نُشر أوّل مقال لي في صحيفة "القدس العربي"، وكان تعليقاً سياسياً قصيراً بعنوان "عشيّة البيريسترويكا الثانية". وفي الإنطلاق من هذا التفصيل بالذات، أي حقيقة أنني بدأت بمادّة سياسية وليس بمادّة ثقافية (وكان الحقل الثاني هذا هو اختصاصي المُعلن بمعنى ما، وكنت أخوض فيه منذ مطلع السبعينيات)، أعيد التشديد على واحد من أبرز خصال هذه الصحيفة المجاهدة: احتضان الرأي الآخر اليتيم، أو ذاك الذي بات غريب الوجه واليد واللسان بعد "عاصفة الصحراء"، حين أخذت أعراف ما سُمّي آنذاك بـ "النظام الدولي الجديد" تحرق الأخضر واليابس في الإعلام العربي إجمالاً، وفي الإعلام العربي الخارجي بصفة خاصة.
كانت فورة العاصفة تشتغل وفق منطق المنشار، فتأكل الأقلام في الرواح والمجيء، وتكسب كلّما رفعت أثمان التكسّب، حتى لاح مراراً أنّ القلّة القليلة التي لا يأتي عليها ذلك المنشار الجهنمي هي ـ ببساطة منطق البقاء الطبيعي ـ الأقلية المرشحة لإنقراض وشيك ينبغي أن يكون مطبِقاً ومحتوماً ومحتّماً وسريعاً: إمّا أن تكون معهم (قلماً سطحياً مكشوف الولاء سقيم الأدوات، أو قلماً ذكيّاً مبطّن الولاء سفسطائي الأدوات... لا فرق)، أو أن لا تكون البتة لأنك لست معهم (أمامهم أو خلفهم، على يمينهم أو يسارهم... لا فرق هنا أيضاً).
بدأت "القدس العربي" حاضنة أولى ـ وأكاد أقول: وحيدة ـ لكلّ ما هو ضدّ المنشار ذاك، في السياسة الدنيا التكتيكية كما في السياسات العليا الإستراتيجية، وفي الثقافة البسيطة القاعدية كما في الثقافة المعقدة الحضارية. وكان كتّاب "القدس العربي" بمثابة أطياف عجيبة تتعايش داخل موشور عجيب: ماركسيون وقوميون وإسلاميون، أبناء حداثة راديكالية أو تنوير عصري أو سلفية معتدلة، معارضون من كلّ طينة وتيّار وهوي، في السياسة والأدب والإقتصاد والمجتمع. قاسم مشترك أعظم كان يجمعهم على صفحات هذه الصحيفة: أنهم ليسوا ضحايا المنشار الإعلامي إياه، الأمر الذي كان يعني أيضاً أنهم محرومون من نِعَمه ومزاياه.
وحين كتبت مقالي الأوّل في "القدس العربي"، بطلب من الصديق القاصّ والصحافي السوري الراحل جميل حتمل (1956 ـ 1994)، كانت الصحيفة ممنوعة من التوزيع في الأراضي الفرنسية، بسبب موقفها من حرب الخليج الثانية كما قيل لنا فيما بعد. كيف ولماذا يحدث أن تضطر فرنسا، بلد فولتير واليعاقبة والأنوار وحقوق الإنسان والكومونة، إلى منع صحيفة، أيّاً كانت اتجاهاتها الفكرية والسياسية؟ هذا السؤال كان كافياً بذاته لكي أجد نفسي متطوّعاً فورياً ـ وفخوراً متحمساً ـ للكتابة في "القدس العربي".
وبعد التواصل مع المحرّر الثقافي الصديق الشاعر أمجد ناصر، كان مقالي الثاني ثقافياً، عن رواية جديدة للإيطالي أمبرتو إيكو أو للبريطاني طارق علي، لست أذكر تماماً. وحين نشرت الحلقة الأولى من مراجعتي لكتاب سمير الخليل/كنعان مكية "جمهورية الخوف"، اتصل بي رئيس التحرير للمرّة الأولى منذ تعاوني مع "القدس العربي"، لينقل إليّ رسالة مهنية سرعان ما انقلبت إلى دَيْن شخصي سوف يظلّ في ذمتي أبد الدهر. آنذاك، قال عبد الباري عطوان: مكانك الطبيعي في الصفحات الثقافية، ولكنني أيضاً أريدك أن تكتب في صفحة الرأي.
ولقد أربكني الإقتراح للوهلة الأولى، ليس لأنني لم أمارس كتابة المقال السياسي من قبل، بل لأنّ مراسي المحدود في هذا الميدان كان قد عرف النور في منابر أخرى غير صفحات الصحف اليومية، في المنشورات الحزبية المحظورة أو المطبوعات السرّية التي لا تضطر المرء إلى توقيع اسمه على المادّة، أو لا تسمح له بالتوقيع حتى إذا جازف وأعرب عن رغبته في العلنية! ويبدو أنني كنت جاهزاً على نحو تلقائي، فاستجبت لرغبة رئيس التحرير، وانتقلت إلى صفحة الرأي، دون أن أتوقف عن الكتابة في الصفحات الثقافية. وأيّاً كان وقع ما كتبته وأكتبه من مادّة سياسية في صفحة الرأي، فإنني سوف أظلّ مديناً لرئيس التحرير بفضل اقتيادي إلى منطقة في داخلي تبيّن أنها كانت مستنفَرة على الدوام، ولم أكن أعرف أنها ذات نفع!
اليوم تغيّرت حال "القدس العربي" كثيراً، بل وأكثر مما كان يتوقّع روّادها الأوائل المؤسسون، الصابرون حتى اليوم في مكاتبهم المتواضعة في شارع "كنغ ستريت" في لندن. مصداقية الجريدة تراكمت بمتوالية صاعدة، وهندسية أحياناً. أرقام التوزيع ارتفعت وترتفع كلّ يوم. القارىء تنوّع أكثر فأكثر، وأسبغ على مفهوم المنافسة المهنية طابع الإنحياز الأخلاقي الصريح إلى صحافة مختلفة، متواضعة الإمكانيات ولكنها غير متواضعة الطموح. واليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، بعد انكشاف الكثير من الأستار وانفضاح الأسرار وسقوط المزيد من الأكاذيب، تبدو "القدس العربي" أشدّ رسوخاً وشموخاً ومنعة ورفعة، أرقى في المستوى المهني وأعلى في الواجب الأخلاقي. خصومها يعترفون، وأصدقاؤها يبتهجون، وقارئها يمنح من الثقة ما يثلج الصدر فخراً ويثقل الكتفين مسؤولية.
ومن جانبي، أحد كتّابها/محاربيها القدماء، أحتفل بالذكرى الرابعة عشرة لمقالي الأوّل على صفحاتها، وأنا أكثر اعتزازاً من ذي قبل، وأكثر وفاء وانحيازاً و... عناداً!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل آن أوان ارتطام الكوابيس القاتمة بالأحلام الوردية؟ شيعة ال ...
- فـي نقـد النقـد
- الحلف الأطلسي الجديد: هل يشفي غليل الجوارح؟
- الاقتصاد السياسي للأدب: عولمة المخيّلة، أم مخيال العولمة؟ 2ـ ...
- الاقتصاد السياسي للأدب: عولمة المخيّلة، أم مخيال العولمة؟ 1 ...
- الوصايا الكاذبة
- استشهاد الشيخ أحمد ياسين: هل تنقلب النعمة إلى نقمة؟
- صباح الخير يا كاسترو!
- أهي مصادفة أنها اندلعت في المحافظات الشرقية المنبوذة المنسية ...
- العروس ترتدي الحداد
- قد تصطبغ بلون الدماء حين يخرج جياعها إلي الشارع: روسيا التي ...
- تهذيب العولمة
- المواطن الأول
- ليس بعدُ جثة هامدة ولكن احتضاره ثابت وفي اشتداد حزب البعث بع ...
- تكريم إيهاب حسن
- الفنـّان والسـفـود
- دانييل بايبس الأحدث: يوم فالنتاين معركة حول -روح الإسلام-!
- اتفاقية سلام سورية – إسرائيلية: ما أبعد البارحة عن اليوم!
- معيار الفسيفساء
- تركيا: حوّلت الجار السوري إلى شرطي حراسة ساكت عن الحقّ


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صبحي حديدي - احتفال شخصي