|
انفلونزا الاسلام
حاتم عبد الواحد
الحوار المتمدن-العدد: 2632 - 2009 / 4 / 30 - 03:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قد يكون العراق هو البلد الوحيد في محيطه الاقليمي الذي لم يعلن عن اجراءات احترازية ضد انفلونزا الخنازير كما يحلو للاعلام ان يسميها ، فحكومة بغداد ، منابر ومؤسسات وهياكل سياسية ومنظمات مجتمع مدني ، موقنة كل التيقن بان الفرد العراقي محصن ضد الفيروسات الخنزيرية لطول الفترة التي عاش بها الشعب في حظيرة الحاكم بامره والمنصور بامر الله . ولانني في بؤرة " الوباء " الذي يتشفى بضراوته اهل العمائم واللحى الموبوءة بالجذام من على منابر الاسلام السياسي ، فما من حقيقة برزت امامي اكثر سطوعا من وبائنا نحن المسلمين عربا وعجما ، فالجرثومة الجديدة اكثر رحمة وعقلانية من جراثيمنا ، واذا كانت تقارير اسوأ الاحتمالات قد قدرت عدد الذين سيموتون بهذا المرض في حال تحوله الى وباء عالمي بسبعة ملايين من البشر فان خطباء الجوامع والحسينيات قد سكتوا عن عدد الذين ماتوا بوباء الاسلام منذ 1400 عام ، واذا كان مرض الخنازير هذا سيتلاشى خلال عام او مئة عام فان مرضنا خالد وابدي وليس له علاج او لقاح ، فاي دين هذا الذي يتشفى بموت الناس ويحث عليه ؟ لقد بلغت عدد الاصابات كما اعلن عنها رسميا هنا في مكسيكوستي رقما لا يتجاوز ضحايا اسبوع واحد من التفجيرات في بغداد ، واذا علمنا ان عدد السكان في المكسيك يتجاوز 110 مليون نسمة فاننا سوف نكتشف بان معدل الاصابات لا يساوي سوى 10 الى 20 بالمليون فقط ، اي ما يساوي 300 الى 600 شخصا مريضا في العراق ، هل اتضحت المفارقة التي يحيلها المهرجون الاسلاميون الى غضب الله ؟ واذا كان شعب العراق مؤهلا تماما لمحاكمة الله على قسمته الضيزى، فان الخنازير ايضا ستقف في دائرة الادعاء ضد الله لانه خلقها واوصى بذمها والافتراء عليها كما تشيع كتب ومدونات تجار الربوبية ، فاصحاب العمائم بالوانها يحيلون امر هذا المرض الى انتقام الله من الذين ياكلون الخنزير ، ويتناسون انهم يلطعون ليل نهار دم الابرياء بمسميات قدسية تبيح ركب النسوان والغلمان ومسح خراء الدين برايات الاوطان ان هي تاخرت في ولاء فتى بني عدنان . قلت لماربيلا هذا الصباح لا تقبليني لان وصايا الحكومة واعلاناتها تقول ابتعدوا عن القبل والاحتضان مدة اسبوعين ، قالت الحكومة مجنونة لانني ان لم اقبلك ساصاب بمرض اخطر . كان الاسلام ثالث ثلاثة اديان في جزيرة الاعراب ، اليهودية سبقت الجميع ، ورسالة ابن مريم نبعت تحت قشرة جوزة يهوه ليكون يهوه الها للجميع وليس الها خاصا باليهود ، و هذا ما استنسخته احزاب ال البيت العراقية ففضلت نفسها على ملل ونحل وطوائف اهل العراق ، فالرب العراقي رب بماركة مسجلة ، والوطن اصبح لحزب الدعوة وفيلق بدر وغوغاء مقتدى ووكلاء السيستاني والفياض والبشير ، واذا كانت خطب الببغاوات السياسية المتاسلمة في العراق بكل اتجاهاتها قد احالت انفلونزا الخنازير الى الاية " وما يعلم جنود ربك الا هو " فلماذا لا يعترف مؤلفو هذه الخطب بان الخنزير جندي من جنود ربهم كما القمل والجراد اللذين ورد ذكرهما ايضا في القرآن فيتباركون به علنا كما يقلدونه سرا ؟ ان اليهودية التي تحرم اكل الخنزير قد سبقت الاسلام بقرون طويلة في صحارى الملح العربية ، والمسيحية التي سبقت الاسلام بما يقرب من 800 عام لم تحرم الخنزير وليس في العهد الجديد نص واحد يقر بالتحريم ، فلماذا تذكر الله ان يحرمه في رسالة محمد ؟ هل قوانين الله تتمتع باثر رجعي ام انها قاطعة وكوزموزية ، واذا صدق نص الاية القرانية فان النص الانجيلي سيكون مفترى ، واذا كان الخنزير بهذه الصفات الشنيعة التي يروجها الاسلام عنه فلماذا خلقه الله وهو الذي ما خلق من شيء عبثا فالخنزير حيوان غير صالح للركوب او حمل الاثقال او اتخاذه زينة او حرث الارض مثل الخيل والبغال والحمير. ان التشفي الذي يصاحب كل ظاهرة مناخية او مرض يحل بدول الغرب انما منبعه الضعف والجبن العربي والاسلامي ، ولو ان اعصارا او وباء قد ضرب دول اخرى اقل شأنا من شاننا فان خطباؤنا سيتجاهلون التعقيب على هذه الكوارث التي تحيق باخوة لنا في الانسانية ، ولكن عقدة النقص والخذلان تجعلهم فلاسفة متشدقين عندما يكون الحدث بدولة متقدمة ، اما كان الاجدر بهم ان يصلحوا امورهم قبل ان يحليوا الامور الى غضب السماء ، فالسماء سماء للكل والرب رب الكل ظاهرا كان او باطنا . لم يزل العربي عريانا ومشردا وجائعا ومقموعا في بلاد تقدس الاموات وتفضل ميتاتهم على حياة الرعية ، فعشرات الاف الجوامع والحسينات مشيدة لربط القطيع على المعلف الالهي ، ومليارات الدولارات تصرف كل عام لمراسيم بدائية تهدف الى اطالة زمن الغيبوبة اكثر ما يمكن من وقت كي يستطيع الحاكم بامر الله ان يشفط اكثر ما يمكن ، وملايين البشر لا يجدون مترا من الارض يستقرون بها لان بقعتين تلتهمان عواصمنا العربية والاسلامية ، قصر الحاكم السماوي ومقابر الرعية الحاملين في اكفانهم صكوك جنة الخلد التي يوزعها خطباؤنا ومعممونا بالمجان خمس مرات في اليوم الواحد .
#حاتم_عبد_الواحد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق الفيدرالي ام العراق الفيودالي
-
بنادق ثقافية
-
معركة الطف قطب العبودية
-
خرافة النسب المقدس
-
جبل ام مغسلة ؟
-
باي باي بلاد الرافدين
-
الحرباويون
-
لا تفتونا آجركم الله
-
رأسي طبل التوتسي
-
عيون الجراد تراك يا اخضر
-
انا من الموساد !؟
-
أملنا بيهودنا
-
السماويون الجدد 2
-
السماويون الجدد 1
-
موظف امريكي بدرجة عمامة ركن !!
-
الآبكشت المقدس ؟!
-
لا فتى الا ابو متعب
-
هل مات الحسين شهيدا
-
جمهورية الارامل
-
بابا زومبيل
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|