أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسامة العارف - على من تقع مسؤولية المجازر في أرمينيا؟ روسيا وفرنسا وبريطانيا و... الطورانيون؟ (1 2)















المزيد.....

على من تقع مسؤولية المجازر في أرمينيا؟ روسيا وفرنسا وبريطانيا و... الطورانيون؟ (1 2)


اسامة العارف

الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 10:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في 27 نيسان من كل سنة تمر ذكرى عملية الإبادة التي تعرض لها الشعب الأرمني عام1915 ليتكرّر الموقف من اتهام الدولة العثمانية بالتسبب بعملية الإبادة، وتجاهل الدور الرئيسي في حصول هذه المجزرة، عنيت بها الدول الثلاث روسيا القيصرية وإنكلترة وفرنسا، التي لعبت دورا أساسيا في ما آلت إليه الأمور بالنسبة للشعب الأرمني العظيم، لأنها استخدمته واستخدمت قضيته المحقة من حيث الأساس، مطية لتنال من الدولة العثمانية، كما يتحمل حزب الاتحاد والترقي بدوره قسما كبيرا من هذه المسؤولية، وليس السلطنة العثمانية.
ولا بد من الإشارة بادئ الأمر إلى أن الشعب الأرمني يضرب عميقا في التاريخ ويعتبر من أقدم شعوب الأرض، ويرقى إلى سلالة أبي هذا الشعب «حائك بن تورغون» حفيد «غومر» الذي هو بدوره حفيد النبي نوح، الذي عاش في البلاد الواقعة على مشارف جبل آرارات. وقد مرّت على هذه البلاد شعوب وجيوش كثيرة غيرت من طبيعة الشعوب المقيمة في هذه المنطقة، مثل الأتراك السلجوقيين عام 1604، ثم المغول بقيادة جنكيز خان سنة 1236، وتيمورلنك خلال سنوات 1387 ـ 1403، والتركمان خلال سنوات 1410 ـ 1502، ثم العثمانيون سنة 1514.
في المرحلة التي سبقت المجزرة كانت الدولة العثمانية لا تزال في أوج عظمتها، الأمر الذي دفع الدول الأوروبية الثلاث روسيا وانكلترة وفرنسا الى العمل على إضعافها. وباعتبار ان العثمانيين في أغلبيتهم الساحقة مسلمون، فقد انطبع الوجود القوي لهذه الدولة في أذهان باقي الشعوب، خصوصا غير المسلمين منهم، بأنه وجود مسلم يجب مواجهته ومنعه من التوسع باتجاه أوروبا.
الدول الاوروبية الثلاث المشار إليها هي دول مسيحية، بما فيها فرنسا، التي رغم نجاح الثورة الفرنسية فيها بطابعها العلماني عام 1789، إلا أنها في تعاملها مع القوى الدولية الأخرى، خصوصا الشرقية، كانت تتصرف كدولة مسيحية لا كدولة علمانية.
وقد رأت هذه الدول الثلاث ان هناك جيوبا من الشعوب المسيحية داخل أراضي السلطنة العثمانية في صربيا وبلغاريا واليونان وأرمينيا، وأنه يمكن استخدام هذه الشعوب لمواجهة السلطنة العثمانية عن طريق استثارة الوعي القومي لدى هذه الشعوب، لإثارة المشاكل بوجه السلطة المذكورة، وذلك عن طريق حث هذه الشعوب على المطالبة بالانسلاخ عن السلطنة العثمانية لدواع قومية.
وهكذا نجح الأوروبيون في تحريك الصرب والبلغار واليونان ضد السلطنة العثمانية عن طريق إثارة الشعور القومي لدى كل من هذه الشعوب، علماً بأن الشعور القومي لم تعرفه شعوب تلك المنطقة من قبل باستثناء ألمانيا وإيطاليا، حيث لعب دوراً مهماً في استثارة حميتها لأجل الوحدتين الألمانية والإيطالية.
وهكذا استخدم هذا الفكر القومي المستحدث الذي لعب دورا في توحيد ألمانيا وإيطاليا من قبل انكلترة وفرنسا تشجيعا لشعوب البلقان الثلاث، الصرب والبلغار واليونان، على الانسلاخ عن الدولة العثمانية. وقد نجح هذا المخطط نجاحا كبيرا، ساعد في ذلك أن إثارة الوعي القومي لدى تلك الشعوب مرتبط إلى حد كبير بالشعور الديني لتلك القوميات، باعتبار ان الغالبية الساحقة من أبنائها هم من المسيحيين، الأمر الذي سهّل توجيههم ضد السلطنة العثمانية المسلمة.
هذه النجاحات شجعت الشعب الأرمني على التحرك للانسلاخ عن السلطة العثمانية مدفوعا من الدول الأوروبية الثلاث روسيا وانكلترا وفرنسا، لتأسيس دولة أرمينيا الكبرى المكونة من منطقة الأناضول التي تقع داخل السلطنة العثمانية ومن القفقاس التابعة للقيصر الروسي.
طبعا إن موقف الدول الأوروبية الثلاث في دعمها الشعب الأرمني هذا لا ينطلق من قناعتها بقضية هذا الشعب وحريته بقدر انطلاقه من الرغبة في إضعاف الدولة العثمانية، لان الدول المذكورة كانت دولا استعمارية تستعمر شعوب الأرض.




هانشاق وطاشناق وفرسان
في هذه المرحلة تأسس حزبا الهانشاق عام 1889 والطاشناق عام 1890 في سويسرا، وعمل قادة هذين الحزبين على الحصول على السلاح من الدول الأوروبية لتسليح الأرمن في مناطق الأناضول الشرقية، فقامت عناصر هذين الحزبين بعمليات عسكرية في هذه المناطق ضد المسلمين فيها بقصد تهجيرهم منها تمهيدا لإنشاء دولة أرمينيا الكبرى، متأثرين في مواقفهم هذه بالنجاحات التي أحرزتها الشعوب البلقانية الثلاثة في التخلص من النير العثماني. لكن ما لم يوله القادة الأرمن اهتمامهم أن عناصر الشعب الأرمني منتشرون في مختلف المناطق التركية مثل كيليكيا والروملي والاناضول واستانبول وليس في منطقة واحدة، إضافة الى ان أماكن وجودهم لا تتضمن فقط الشعب الارمني، بل فيها ايضا شركس وابخاز ولاز، ممن هجرتهم روسيا من منطقة القفقاس، إضافة الى الاكراد.
فما كان من السلطان عبد الحميد ردا على العمليات العسكرية التي طاولت مسلمي الاناضول إلا ان أنشأ تنظيما مسلحا من الاكراد يأتمر بأوامره يدعى «الفرسان الحميديين» واستثار حميتهم الدينية ضد الارمن، وردوا على مخطط الأحزاب الارمنية بالعمل على إنشاء أرمينيا الكبرى عن طريق إجبار عديد من الأرمن على الهجرة من مناطق وجودهم، منعا من وجود كثافة أرمينية من شأنها أن تسهل إنشاء أرمينيا الكبرى، وأحلّوا مسلمين مكان الأرمن المهجرين. أي ان السلطان عبد الحميد استخدم الأساليب نفسها التي استخدمتها روسيا القيصرية لمنع التمركز الإسلامي القوي في مناطق القفقاس عن طريق تهجير أكبر عدد من المسلمين فيها لطبع هذه المنطقة بالطابع المسيحي.
كان على روسيا وفرنسا وانكلترة أن تنتبه الى مخاطر استثارة الشعور القومي الأرمني في مناطق مختلطة لا يسكنها الارمن وحدهم، كما كانت الحال في اليونان وصربيا وبلغاريا، وتعمل على مواجهة العثمانيين بطريقة مختلفة حفاظا على سلامة الشعب الأرمني. ولكن ذلك كان في أواخر سلّم اهتمامات هذه الدول، اذ كل ما يهمها كان تشجيع كل تحرك ضد السلطنة العثمانية مهما كانت نتائج هذا التحرك على شعوب المنطقة، بمن فيهم الارمن. وهكذا استمرت هذه الدول الثلاث في استثارة الشعور القومي لدى الأرمن في مطالبه المشروعة من حيث الأساس، ودعمت هذا التحرك بالمال والسلاح.
وكان أهم ما توصلت إليه هذه الدول وبالذات روسيا القيصرية، هو قدرتها على حشد الشعب الأرمني لمصلحة الجيش القيصري، حتى وصلت الأمور الى انه في كل حرب كانت تنشب بين العثمانيين والروس، كان الأرمن في الأناضول يتعاونون مع الجيش الروسي ضد السلطنة العثمانية بتشجيع وقيادة الأحزاب الأرمنية، خصوصا حزبي الهانشاق والطاشناق، الامر الذي أوغر صدور المسلمين في منطقة الأناضول الذين اعتبروا أن الشعب الأرمني أصبح بمثابة «حصان طروادة» لمصلحة روسيا القيصرية، مما زاد في التشنج بين الأرمن والمسلمين.
وهكذا صارت المعارك تنشب بين القوات العسكرية الأرمنية من جهة وقوات الحرس «الحميدي الكردي» من جهة اخرى لتحصد تلك المعارك حرائق في القرى وتهجيراً للناس الآمنين من قراهم من هذه الجهة أو من تلك.
في هذه الفترة قدمت روسيا وإنكلترة وفرنسا عام 1894 مذكرة مشتركة للباب العالي طالبت فيها بتطبيق معاهدة برلين لجهة إجراء إصلاحات في ست ولايات هي: أرضروم وديار بكر، سيواس، خربوط، فان، وتبليس بتعيين ولاة جدد فيها، وأخذ موافقة هذه الدول على هذا التعيين، كما طالبت بإلغاء «الفرسان الحميديين» الأكراد وتأسيس وحدات جندرمة من الأرمن. إلا أن السلطان عبد الحميد رفض هذه المذكرة لأنها كانت بتقديره من شأنها دعم النشاط الآيل الى إنشاء أرمينيا الكبرى منفصلة عن السلطنة العثمانية، ومنح حكام الولايات الست المشار إليها أعلاه سلطات مطلقة للقضاء على عصيان الأرمن، فقامت مجازر ضد الأرمن حصدت نتائجها ثلاثة آلاف قتيل منهم.




أرمينيا الكبرى
وفي عام 1908 حاول الأرمن اغتيال السلطان عبد الحميد وهو خارج من صلاة الجمعة من جامع يلدز عن طريق وضع قنبلة أثناء خروجه من الصلاة، وذلك عن طريق إرهابي بلجيكي يدعى جوريس، إلا ان هذه المحاولة فشلت بالرغم من تسبّبها بعدد كبير من القتلى، خصوصا من الجنود والأحصنة، وقبض على جوريس الذي اعترف وقدّم معلومات هامة للسلطنة العثمانية عن هذه العملية ثم جرى ترحيله الى بلاده.
ضمن هذا العرض هل نستطيع إلقاء المسؤولية على أي طرف من الطرفين المتنازعين: السلطنة العثمانية أو قوى الشعب الأرمني؟
بالنسبة للأرمن، لا بد من الإشارة الى ان رغبتهم بإعلان أرمينيا الكبرى تنطلق من واقع موضوعي هو أنهم أقدم شعوب المنطقة، وان ما كانوا يطالبون به له اساس تاريخي، اذ ان المنطقة التي كانوا يطالبون باعتبارها أرمينيا الكبرى كانت فعلا أراضي أرمنية، لكن قبل أن تمر عليها شعوب وجيوش من السلجوقيين والمغول بقيادة جنكيز خان، ثم تيمورلنك، ثم التركمان والعثمانيين.
وكانت المطالبة بإنشاء أرمينيا الكبرى منسلخة عن الدولة العثمانية ومتفاهمة مع روسيا القيصرية تتجاهل التغيرات التي جرت على قسم من هذه المنطقة، خصوصا منطقة الأناضول حيث أدى مرور الجيوش والشعوب التي أشرنا إليها الى تغييرات سكانية جعلت الأكثرية في هذه المناطق من غير الأرمن مثل الأكراد والشركس والابخاز واللاز، وهؤلاء الأخيرون ممن رحّلتهم روسيا القيصرية من بلاد القفقاس.
كل ذلك جعل من المطالبة بإنشاء أرمينيا الكبرى مع تجاهل التغييرات السكانية في منطقة الأناضول الداخلة ضمن السلطة العثمانية أشبه بما جرى في فلسطين حيث اعتبرت الحركة الصهيونية أن أرض فلسطين تعود تاريخيا لليهود، مع تجاهل الشعوب التي مرّت على هذا البلد وغيّرت تكوين سكانه وجعلت العرب أكثرية فيه.




([) كاتب من لبنان



#اسامة_العارف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسامة العارف - على من تقع مسؤولية المجازر في أرمينيا؟ روسيا وفرنسا وبريطانيا و... الطورانيون؟ (1 2)