|
علي بابا الذي سرق ملحمة كلكامش ..
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 09:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إلى أرواح الشهداء المسيحيين الخمسة في كركوك الذين قدمتهم مقصلة الدين الهاشمي كبشا لبعل .. أقدم مقالتي هذه مع غياب طبقة الأنتلجنسيا العراقية واستبدالها بثقافة جديدة هي ثقافة الدين القائم على الدجل الصفوي والدجل السلفي تضيع أي قيمة حضارية أو فكرية لهذا البلد الذي من المفروض أنه وارث أكبر وأعرق حضارة عرفتها البشر ذات يوم ، الحضارة السومرية وامتدادها لا حقا بالحضارة البابلية !! هذا الشعب الذي يقطن الأرض المحصورة بين النهرين دجلة والفرات هو مسخ لقبائل تركت الصحراء قبل ألف وأربعمائة سنة ، قبائل أحرقت أرث وداي الرافدين وقتلت واستعبدت سكانه الأصليين وهجرتهم وشردتهم بعيدا نحو الشمال تحت غطاء قوله تعالى (( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله و لا باليوم الآخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )) نقول صدق الله العضيم بالطريقة السنية وصدق الله العلي العظيم بالطريقة الشيعية .. !! سكانه الأصليين المتمثلين اليوم بأقلية الكلدان والأشوريين التي عاشت بصعوبة مع سكانه البدو الجدد .. أقدم الأن مختصرا لحوادث ملحمة كلكامش التي أكتشفها ذات يوم مستكشف غربي لنا ( بارك الله فيه ) لسكان هذا البلد التائهين والضائعين والتافهين من حاملي ثقافة الســـرقة والصعلكة ، ثقافة الســــيد علاء الدين وعلي بابا الأباء الروحيين لثقافة ((((( اللغف ))))) !!!.. مختصر للملحمة .. ملحمة سومرية مكتوبة بخط مسماري على 11 لوحا طينيا اكتشفت لأول مرة عام 1853م في موقع أثري اكتشف بالصدفة وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري أشور بانيبال في نينوى في العراق ويحتفظ بالألواح الطينية التي كتبت عليها الملحمة في المتحف البريطاني. الألواح مكتوبة باللغة الأكدية التي يعتبرها البعض أقدم قصة كتبها الإنسان ..
( أن الحياة التي تبغي لن تجد حينما خلقت الآلهة العظماء البشرَ قدّرت الموت على البشرية واستأثرت هي بالحياة ) الملحمة – صفحة 21
تم ترجمة الملحمة لأول مرة إلى الإنكليزية عام 1870 م من قبل جورج سميث الذي كان عالم آثار متخصص في التاريخ الآشوري القديم .. الملحمة تبدأ بالحديث عن كلكامش ملك أورك الذي كان والده بشرا فانيا ووالدته آلهة خالدة وبسبب الجزء الفاني من دمه يبدأ بادراك حقيقة أنه لن يكون خالدا.. في الملحمة نرى أن كلكامش لم يكن ملكا محبوبا من قبل سكنة أورك حيث كانت له عادة سيئة وهو ممارسة الجنس مع كل عروس جديدة في ليلة دخلتها قبل أن يدخل بها العريس وكان يجبر الناس على بناء سور ضخم حول أورك.. قام الناس بالدعاء من الآلهة بأن يجد لهم مخرجا من ظلم كلكامش فاستجاب الآلهة وقامت أحدى الالهات واسمها ( أرورو ) بخلق رجل وحشي كان الشعر الكثيف يغطي جسده ويعيش في البرية يأكل الإعشاب ويشرب الماء مع الحيوانات أي أنه كان على النقيض تماما من شخصية كلكامش.. كان أنكيدو يخلص الحيوانات من مصيدة الصيادين الذي كانوا يقتاتون على الصيد فقام الصيادون برفع شكواهم إلى الملك كلكامش الذي أمر إحدى خادمات المعبد بالذهاب ومحاولة إغراء أنكيدو ليمارس الجنس معها وبهذه الطريقة سوف يبتعد الحيوانات عن مصاحبة أنكيدو ويصبح أنكيدو مروضا ومدنيا. حالف النجاح خطة الملك كلكامش وبدأت خادمة المعبد وكان اسمها( شامات ) وتعمل خادمة في معبد الآلهة عشتار بتعليم أنكيدو الحياة المدنية من كيفية الأكل واللبس وشرب النبيذ ثم تبدأ بإخبار أنكيدو عن قوة كلكامش وكيف أنه يدخل بالعروسات قبل أن يدخل بهن أزواجهن وعندما يسمع أنكيدو هذا الشيء يستشيط غضبا ويقرر أن يتحدى كلكامش في مصارعة كي يجبره على ترك تلك العادة. يتصارع الاثنان بشراسة حيث أن الاثنان متقاربان في القوة ولكن في النهاية تكون الغلبة لكلكامش ويعترف أنكيدو بقوة كلكامش وبعد هذه الحادثة يصبح الاثنان صديقين حميمين..
( كن فرحاً مبتهجاً مساء وأقِمْ الأفراح في كل يوم أيامك وارقص والعب مساء نهار وافرح الزوجةَ التي بين أحضانك وهذا هو نصيب البشرية ) الملحمة – صفحة 120
يحاول كلكامش دائما القيام بأعمال عظيمة لكي يبقى اسمه خالدا فيقرر في يوم من الأيام الذهاب إلى غابة من أشجار الأرز ويقطع جميع أشجارها ولكي يحقق هذا يجب عليه القضاء على حارس الغابة الذي هو مخلوق ضخم وقبيح واسمه ( خمبابا)، ومن الجدير بالذكر أن غابة الأرز كان المكان الذي تستجم فيه الآلهة السومرية .. يبدأ كلكامش وأنكيدو رحلتهما نحو غابات أشجار الأرز بعد حصولهما على مباركة ( شمش ) إله الشمس الذي كان أيضا إله الحكمة عند البابليين والسومريين وهو نفس الإله الذي نشاهده في مسلة حمورابي المشهورة.. عند وصولهما الغابة يبدآن بقطع أشجارها فيقترب منهما حارس الغابة خمبابا ويبدأ قتال عنيف ولكن الغلبة تكون لكلكامش وأنكيدو حيث يقع خمبابا على الأرض ويبدأ بالتوسل منهما كي لا يقتلاه ولكن توسله لم يكن مجديا حيث أجهز الاثنان على خمبابا وأردياه قتيلا، أثار قتل حارس الغابة غضب آلهة الماء( أنليل) حيث كانت أنليل هي الآلهة التي أناطت مسؤولية حراسة الغابة خمبابا.. بعد مصرع حارس الغابة الذي كان يعتبر وحشا مخيفا يبدأ اسم كلكامش بالانتشار ويطبق شهرته الآفاق فتحاول الآلهة عشتار التقرب منه بغرض الزواج من كلكامش ولكن كلكامش يرفض العرض فتشعر عشتار بالإهانة وتغضب غضبا شديدا فتطلب من والدها ( آنو ) إله السماء، أن ينتقم لكبرياءها فيقوم ( آنو) بإرسال ثور مقدس من السماء لكن أنكيدو يتمكن من الإمساك بقرن الثور ويقوم كلكامش بالإجهاز عليه وقتله.. بعد مقتل الثور المقدس يعقد الآلهة اجتماعا للنظر في كيفية معاقبة كلكامش وأنكيدو لقتلهما مخلوقا مقدسا فيقرر الآلهة على قتل أنكيدو لأنه كان من البشر أما كلكامش فكان يسري في عروقه دم الآلهة من جانب والدته التي كانت آلهة فيبدأ المرض المنزل من الآلهة بإصابة أنكيدو الصديق الحميم لكلكامش فيموت بعد فترة.. بعد موت أنكيدو يصاب كلكامش بحزن شديد على صديقه الحميم حيث لا يريد أن يصدق حقيقة موته فيرفض أن يقوم أحد بدفن الجثة لمدة أسبوع إلى أن بدأت الديدان تخرج من جثة أنكيدو فيقوم كلكامش بدفن أنكيدو بنفسه وينطلق شاردا في البرية خارج أورك وقد تخلى عن ثيابه الفاخرة وارتدى جلود الحيوانات. بالإضافة إلى حزن كلكامش على موت صديقه الحميم أنكيدو كان كلكامش في قرارة نفسه خائفا من حقيقة أنه لابد من أن يموت يوما لأنه بشر والبشر فانٍ ولا خلود إلا للآلهة. .
( إلى البيت الذي لا يغادره أحد إلى الطريق الذي لا عودة منه إلى المكان الذي لا يرى سكانه نور أو ضياء حيث الغبار طعامهم والطين قوتهم عليهم أجنحة بدل الملابس يعيشون في الظلام فلا يرون النور في بيت التراب شاهدت الملوك وتيجانهم مطروحة على الأرض والأمراء الذي حكموا في القرون الخوالي ) الملحمة – اللوح السابع ( 34 – 42 )
بدأ كلكامش في رحلته للبحث عن الخلود والحياة الأبدية. لكي يجد كلكامش سر الخلود عليه أن يجد الإنسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود وكان اسمه ( أوتنابشتم ) والذي يعتبره البعض مشابها جدا أن لم يكن مطابقا لشخصية نوح في الأديان اليهودية والمسيحية والإسلام، وأثناء بحث كلكامش عن أوتنابشتم يلتقي بإحدى الآلهات واسمها ( سيدوري) التي كانت آلهة النبيذ وتقوم سيدوري بتقديم مجموعة من النصائح إلى كلكامش والتي تتلخص بأن يستمتع كلكامش بما تبقى له من الحياة ، لكن كلكامش كان مصرا على سعيه في الوصول إلى ( أوتنابشتم) لمعرفة سر الخلود فتقوم سيدوري بإرسال كلكامش إلى شخص أسمه ( أورشنبي ) ليساعده في عبور بحر الأموات ليصل إلى ( أوتنابشتم ) الإنسان الوحيد الذي استطاع بلوغ الخلود.. عندما يجد كلكامش أوتنابشتم يبدأ الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بأمر الآلهة وقصة الطوفان هنا شبيهة جدا بقصة طوفان نوح ، وقد نجى من الطوفان أوتنابشتم وزوجته فقط وقررت الآلهة منحهم الخلود، بعد أن لاحظ أوتنابشتم إصرار كلكامش في سعيه نحو الخلود قام بعرض فرصة على كلكامش ليصبح خالدا، إذا تمكن كلكامش من البقاء متيقظا دون أن يغلبه النوم لمدة 6 أيام و 9 ليالي فإنه سيصل إلى الحياة الأبدية ولكن كلكامش يفشل في هذا الاختبار إلا أنه ظل يلح على أوتنابشتم وزوجته في إيجاد طريقة أخرى له كي يحصل على الخلود. تشعر زوجة أوتنابشتم بالشفقة على كلكامش فتدله على عشب سحري تحت البحر بإمكانه إرجاع الشباب إلى كلكامش بعد أن فشل مسعاه في الخلود، يغوص كلكامش في أعماق البحر ويتمكن من اقتلاع العشب السحري.. بعد حصول كلكامش على العشب السحري الذي يعيد نضارة الشباب يقرر أن يأخذه إلى أورك ليجربه هناك على رجل طاعن في السن قبل أن يقوم هو بتناوله ولكن في طريق عودته وعندما كان يغتسل في النهر سرقت العشب إحدى الأفاعي وتناولته فرجع كلكامش إلى أورك خالي اليدين وفي طريق العودة يشاهد السور العظيم الذي بناه حول أورك فيفكر في قرارة نفسه أن عملا ضخما كهذا السور هو أفضل طريقة ليخلد اسمه. في النهاية تتحدث الملحمة عن موت كلكامش وحزن أورك على وفاته..ملحمة كلكامش مشهورة جدا عالميا وتعكس قدرة الخيال العراقي السومري على بلوغ رائعة كهذه الرائعة ..
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله .. من النبي محمد إلى سارتر
-
فرويد يصطاد النمور في العراق وعلي الوردي يجمع !!
-
أبناء الله وبنات الناس .. تحليل باراسيكولوجي لسفر التكوين
-
نهاية العالم وكوكب نيبيرو .. القيامة الصغرى !!!!!!
-
السعلوة التي أخفت جمالا !!!!
-
مردوخ والأمام علي ..التشابه !!!!!!!
-
جدلية الرمز بين المصطلح والمفهوم .. دراسة شخصية
-
غروب نجم .. قصة مصورة للأطفال !! ( أسباب فشل الحزب الشيوعي ف
...
-
عن جزيرة يسكنها المهدي وأشياء أخرى .. !!!
-
البروليتاريا العراقية .. رؤية من القاع
-
من أوراق الفزع ..
-
السهروردي المقتول بسيف أحمد عدوية
-
التعذيب في الإسلام .. حين تتجسد جهنم
-
ميثو العقل الديني العربي .. مختارات شخصية من ثقافة جدران الم
...
-
حدث ذات صباح ... عندما تتفلسف الصراصير
-
الأسفنج البحري الذي أعلن عصيانه .. دراسة وغوص
-
حول شرعية الأنتحار !!!! رؤية من كاميرا لاتنام جيدا ..
-
الكارما والكارما العراقية .. الجزء الأول
-
دراسة عن التوحد .. ATISM
-
روسيا هي من ستنقذ العالم .. وجهة نظر باراسايكولوجية محايدة
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|