أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - من الذات الألهية الى الذات الأميرية.. ذوات تتضخم وقهر يدوم















المزيد.....

من الذات الألهية الى الذات الأميرية.. ذوات تتضخم وقهر يدوم


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 10:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يبدو أن كل ما يقوله الأنسان المجرد من السلطة والجاه والنفوذ أو كل ما يتطلع اليه ويتمنى أن يتحقق له في يوم ما بفعل عمله ودراسته وتعبه ، فقره وكدحه ، حرمانه وعوزه ، بفعل تجرده من كل شيء ألا آدميته وأنسانيته ، كل ذلك لايعدو أن يكون مجرد أوهام نسجها الأنسان وأحاط بها نفسه وآماله ففي حقيقة الأمر ثمة قوى تحكمه وتتحكم به ، قوى وإرادات وذوات تتضخم يوم بعد الآخر ، سلطات وقوانين ، أديان ومرجعيات ومؤسسات دينية ، عشائر وقبائل ، أحزاب وحكومات تلبست رداء الوطن والوطنية فكانت سلطة كلية الهيمنة والطغيان ، العادات والتقاليد، الأعراف الأجتماعية ، رموز الطوائف والعوائل المقدسة ، سمعة الدولة ...الخ ، كل هذه السلطات والارادت بدأت تتسع وتتضخم و أصبح همها ، لا ، بل شغلها الشاغل تدجين الأنسان وتجريده من كل ما يمكنه من الخروج على هذه السلطات أو من كل ما يمكنه من أعادة التفكير الذي لابد وأن تحده محضورات وخطوط حمر وكرامات الهية أو قداسة دين ما ، نقول أعادة التفكير بما هو فيه وبما يواجهه من مقاديرٍ وأقدارٍ قدرت له وكأنها رسمت أمامه وأن عليه السير عليها بحذر ودون مواربة أو حتى الحديث مع النفس.

لن نذهب بعيداً فما يصل من أخبار مصدرها عالم البؤس والتطرف وأمتهان كرامة الانسان ، أي العالم العربي تجعلنا نعيد النظر بكل ما حولنا من موجودات ومحضورات ، بكل القيم وكل ما تعلمناه وكل ما ندعي أننا نعرفه . فما الأنسان في عالمنا العربي الا حشرة زائدة أو مزعجة في أغلب الأحيان يسهل سحقها في كل حين ( كائن حقير حسب تعبير أحد شيوخ الارهاب والتطرف ) وهناك مؤسسات وجهات كثيرة أخذت على عاتقها أعادة تفسير حركات وسكنات هذا الأنسان واذا ما كان يتجاوز الحدود والخطوط الحمراء التي وضعوها ورسموها له ،حتى يجنبوه خطأ المعصية طبعاً أو يقيموا عليه الحد.

الذات الألهية هي أحدى الخطوط الحمراء التي تم وضعها أمام عقل وفكر ومخيلة الأنسان ، فكيف أذا كان هذا الأنسان مبدعاً وخلاقاً ومنتجاً لرؤى وأفكار تهدف الى فتح الافاق الواسعة أمام مخيلة الانسان وعقله ، في الفكر والادب والشعر والفن والعلم والسياسة و اللاهوت وعلم الحيوان ...الخ ، فمن يسعى لابداع قصيدة شعر أو قصة ورواية أو عمل موسيقي ابداعي كما فعل نجيب محفوظ ، حلمي سالم ، احمد الشهاوي ، إسلام سمحان ،مارسيل خليفة ، قاسم حداد ، نوال السعداوي ، ليلى العثمان ،عاتكة الخزرجي ، علي المقرن ، عبد العزيز المقالح ، محمد عبد الولي ، وجدي الاهدل ، أو يسعى لمراجعة كتب التراث الديني أو مراجعة النصوص الدينية الاسلامية كنصوص تاريخية لها زمانها وثمة غايات وضعت من أجلها كما فعل نصر حامد أبو زيد أو أدونيس أو سيد القمني وفرج فودة ...الخ فإن الذات الألهية ستكون حاضرة أمامه فثمة الكثير من الاشخاص و المؤسسات ( رجال دين ، محامون ، صحفيون ، مخابرات وأجهزة قمع ، مفسرون ، وزعماء جماعات أرهابية وأصولية تكفيرية ...الخ ) قد أذنوا لأنفسهم أستحضار هذه الذات متى ما شاؤوا ليجعلوها بمنزلة الرقيب أو بمنزلة فرق التفتيش القروسطي وليجعلوا كل هؤلاء الذين ذكرنا عرضة للقتل أو التشريد أو السجن و تحمل غرامات مالية ، حرمان من العمل ،ملاحقات وتهديدات متواصلة وتحويلهم الى زوار دائميين للمحاكم ومراكز الشرطة . لقد تحولت الذات الالهية الى رعب وأداة للمصادرة ومراقبة أفعال الناس وتفتيش افكارهم ومنجزهم وحركاتهم وسكناتهم.

يبدو أيضاً أن هناك بشراً يعملون على إستنساخ الذات الإلهية وتحجيمها وفقا لمقاساتهم وهؤلاء هم سبب البلاء والخراب الفكري والعلمي والحضاري الذي يعم العالم العربي وهم سبب الامتهان والاذلال الذي يعيشه الانسان القابع في هذا الركن المظلم من العالم ، هؤلاء هم رجال الدين أو رموز الطوائف المقدسة والمؤسسات الدينية التي لايجوز التطاول عليها أو مراجعة أخطاءها ، يضاف اليهم الحكام والأمراء والملوك والرؤساء العرب الذين تحولوا بفعل طغيانهم وجبروتهم الى ذوات مقدسة بعيدة عن كل دنس ، فنسمع عن الذات الملكية والذات الاميرية وكرامة الرئيس المبجل وزعيم الأمة . ذوات لاتحكم بأسم الله على الأرض فقط ، فحكم كهذا قد لايعيطها القدرة على المزيد من السلطة والجبروت والتحكم بمصائر الناس ، لكنها بدأت تحيط نفسها بهالة من القدسية التي ترتفع بها الى مرتبة الالهة البعيدة عن المعاصي وصاحبة القدرة على فعل كل شيء.

(نصرة الشمري )* 1 إحدى ضحايا غضبة الذات الأميرية ، فهذه المرأة كانت من الذين يقال عنهم ( البدون ) في الكويت ، لكنها هاجرت الى أستراليا وحصلت على الجنسية الأسترالية ولم تعامل هناك على إنها (بدون) . عادت الى الكويت مع أبنائها الخمسة وزوجها في كانون الأول من عام 2008 فحدثت مشاجرة مع أحد موظفي المطار ، أعتقلت ( نصرة الشمري وأثنين من أولادها وتم تقديمها الى المحكمة فحكمت عليها في 20 نيسان الجاري بالسجن سنتين بتهمة ( العيب في الذات الأميرية) . لم يسمح لزوجها وأولادها بدخول الكويت....!!!!! .

من المؤكد إن ( نصرة الشمري) لم تكن الوحيدة التي واجهت عقوبة كهذه والتي يبدو أنها مخففة ورحيمة جداً ، ربما بسبب حملها الجنسية الاسترالية ، بل أن الكثير من الذين يقطنون في العالم العربي قد واجهوا عقوبات أشد وأقسى وفقد الكثير منهم حياته بسبب تهمة العيب في ذات الملك والامير أو سب الرئيس والقائد الأوحد . لعل العراق في فترة حكم الطاغية الدموي صدام حسين قد شهد على مواجهة أعداد هائلة من العراقيين لحكم الموت شنقا أو رميا بالرصاص بتهمة سب ( السيد الرئيس) ولكنه وهذا من المؤكد أيضا لم يكن البلد العربي الوحيد الذي يمارس تجريم أبنائه لانهم أنتقدوا سلطة الرئيس أو سبوه علنا . فمعظم الأنظمة العربية شرعت القوانين التي تجعل رموز سلطتها في درجة مقدسة لايجوز التطاول عليها أو مناقشة أفعالها وممارساتها التي تقترب من الهمجية والغرور المرضي والتلذذ بالسلطة.

إن ما تقدم ما هو الا محاولة للكشف جزء من مسيرة القهر الذي يواجهه الأنسان في العالم العربي ، فما هو في آخرة الامر سوى أنسان مجرد أمام جبروت وتسلط وطغيان الذات الألهية والذات الأميرية والأرادة الملكية وسلطة الحكام والمؤسسات الدينية والقيم والأعراف الأجتماعية القميئة .
هامش..1.
http://www.alarabiya.net/articles/2009/04/20/71067.htm





#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعيون لم يفشلوا وحدهم.. لقد فشل الجميع
- ما الذي تبقى من حزب فهد..؟
- المراجع العظام وسقوط قناع الحياد
- ماذا يعني أن تكون في هيئة تحرير الحوار المتمدن؟
- جديد السعودية ...حملة الرفق بالإنسان...!!!!
- يا سيادة الرئيس ، هذه دروس لاقدرة لنا على تحملها ...!
- لقد عاد.. كشاهد وليس كشبح ..عن صورة ماركس في غلاف ملحق جريدة ...
- الاعدام عقوبة وجريمة وحشية ياوزارة حقوق الانسان في العراق
- ما لايفهم في تصريحات أشاوس البرلمان العراقي حول حقوق الاقليا ...
- لكي لا تتحول فتاوى حراس الشريعة إلى قيود تكبل آمالنا
- كلكم من طينة واحدة ، يا قرضاوي!
- ياجلالة الملك... مبروك لك هذه البلابل المغردة...!!!
- ضحايا الدويقة... من يشوه صورة مصر؟
- الاحزاب السياسية في العراق وعقدة الزعامة التاريخية
- فرقة مقامات... حين تخترق الموسيقى جدران العزلة
- في مدينتنا حوزة
- هل العراق دولة إسلامية أم علمانية..؟
- طالباني وباراك و الاشتراكية الدولية
- عن الأسود والحملان في عراق جلال الدين الصغير
- إلى متى الصمت عن مآسي النساء في البصرة؟


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - من الذات الألهية الى الذات الأميرية.. ذوات تتضخم وقهر يدوم