أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - معتز حيسو - دور الأسرة في ظل العلاقات الاقتصادية السائدة















المزيد.....

دور الأسرة في ظل العلاقات الاقتصادية السائدة


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 10:12
المحور: المجتمع المدني
    


عندما نتحدث عن الأسرة ودورها الاجتماعي، يكون في أذهاننا تصوراً إيجابياً عنها وعن إمكانيتها في صقل وتهذيب الشخصية الفردية، أي نتصور بأن الأسرة قادرة حتى اللحظة بمدّ المجتمع بأفراد أسوياء يمكنهم المساهمة بجدارة في بناء مجتمعاتهم. وإذا كنا نؤكد بأن الفرد هو تعبيراً عن واقع اجتماعي وسياسي واقتصادي. (الفرد إبن بيئته الاجتماعية)، فهو إذاً محمّلاً بالموروث الثقافي السائد، ويعاني من التناقضات الاجتماعية السائدة، بالتالي فإن تموضع الأسرة ودورها لا يخرجان عن سياق هذا التحديد، ويمكن أن يكون المدخل لبحثنا الوقوف على أسباب التحولات الاجتماعية البنيوية التي يتحدد بموجبها واقع الأسرة ودورها، وتكمن أهمية بحث واقع الأسرة كونها تشكل النواة الاجتماعية الأساسية التي تساهم في تأسيس الذوات والأنا الفردية، وبكونها ترتبط موضوعياً بالواقع الاجتماعي المتحدد بالبنى السياسية والاقتصادية السائدة والمهيمنة، و بالبنى الثقافية التي تتجلى بأشكال تعكس الواقع الموضوعي القائم على التنوع الاجتماعي الإثنوغرافي. لذلك فإنها تمثل تشكيل اجتماعي بدئي أولي وأساسي لا يمكننا تخيله أو تحديده إلا بكونه جزءاً من كل، والجزء كما نعلم يتحدد على أساس الترابط والتشابك مع الكل، فتكون الأسرة بذلك تجسيداً وتكثيفاً لواقع اجتماعي، سياسي، اقتصادي، ثقافي عام (لا نتكلم في هذا النص عن حالات فردية، بل عن واقع اجتماعي عام يمكن أن تتعايش ضمنه حالات تتناقض أو تتباين مع ما هو سائد، لتكون بعض هذه الحالات تعبيراً عن ميول اجتماعية نكوصية، أي تعبر عن أشكال من التطور الاجتماعي لمراحل سابقة تتعايش مع علاقات اجتماعية أكثر تطوراً. ليكون بعضها الآخر تعبيراً عن حالات اجتماعية متطورة عن الواقع الاجتماعي السائد في اللحظة الراهنة، وبالتالي يمكن أن تكون تعبيراً مستقبلياً للمجتمع الراهن).
إن البحث في تأثير الأسرة الاجتماعي،وتحديد ميولها الأساسية، وتموضعاتها المختلفة والمتباينة المرتبطة المترابطة بمستوى التطور الاجتماعي العام، يعتبر من القضايا الشائكة والمعقدة،لأن واقع الأسرة، و تموضعها المتعيّن في سياق التطور التاريخي يعتبر تجلياً لواقع اجتماعي يتداخل ويترابط في تحديد تجلياته العيانية مجموعة من العوامل: ــ الثقافية( المستوى الثقافي متنوع لدرجة يصعب تحديده أو تحديد آثاره نظراً للتنوع الإثنوغرافي المتعيّن اجتماعياً) ــ السياسية/ شكل النظام السياسي المتعيّن والمتحدد بناءً على تجلياته العيانية/. ــ الاقتصادية / الشكل الاقتصادي السائد المعبّر عن نمط اقتصادي عام مهيمن/. هذه العوامل تشكّل ضمن الإطار الوطني الاجتماعي والجغرافي المستوى الكلي/ العام السائد الذي يتحدد على أساسه المستويات الجزئية. لكن من الضروري التأكيد بأن هذه العوامل بذات اللحظة تشكل مستوى جزئي / خاص يتحدد في الإطار الكوني العام. وتحدّد البنى الاجتماعية بالكل/ العام العالمي يقوم على قاعدة التأثر والتأثير المتبادل الذي يقوم على مجموعة من العوامل والمستويات المترابطة والمتشابكة، التي تتحدد على أساسها أشكال تجليات التموضعات الاجتماعية المتمايزة، وتتحدد هذه التجليات بناءً على الديناميكية والقدرة التي يتمتع بها كل مجتمع، والإمكانيات التي تمكّنه من أن يكون فاعلاً ومؤثراً في الإطار العام/ الكلي. ويتجلى عمق المؤثرات الخارجية من خلال الترابط العالمي القائم على التطور التقاني الفائق التطور / الاتصالات... / ، الذي يمكّن بلدان الشمال من التأثير في مسارات تطور التشكيلات الاجتماعية في بلدان الجنوب ، وفي بعض اللحظات يكون لها دوراً تاريخياً محدداً( يتجلى هذا المستوى بأشكال ومستويات نسبية، تتحدد بناءً على مستوى و فاعلية وإمكانية كل مجتمع).
إن المدخل لنقاش واقع الأسرة بأشكالها الراهنة يتحدد بناءً على الشكل الذي يتجلى من خلاله النمط الرأسمالي المهيمن عالمياً والسائد بأشكال متباينة في بلدان الجنوب عموماً، وعليه فإن الشكل الذي يتجلى فيه النمط الرأسمالي محلياً يعتبر المدخل الفعلي لرصد واقع الأسرة والتحولات والتغيرات الطارئة على سيرورتها.
وإذا كانت علاقات الإنتاج بالشكل العام تحدد أشكال الوعي الاجتماعي السائد نسبياً، فإنها موضوعياً تترابط في سياق تجليات الوعي الاجتماعي مع المستويان: ــ السياسي / بأشكاله الرسمية السائد، والمؤسسات والجمعيات والأحزاب المستقلة/ . ــ و الثقافي الذي يتجلى عبر كافة أشكال ومستويات الوعي الاجتماعي / الثقافة الدينية، الأسطورة، العادات والتقاليد، الموروث الشعبي، الثقافة السياسية والمدنية.... / كافة هذه الأشكال بمستوياتها المتباينة تشكل النسيج الثقافي الاجتماعي المعبّر عن الذاكرة الشعبية الجمعية، القائمة على الترابط والتفاعل المتبادل بأشكاله مختلفة قد تصل لحدود التناقض في بعض اللحظات.
وإذا أدركنا بأن أشكال تجلي العلاقات الإنتاجية تحدد أشكال تمظهرات الوعي الاجتماعي على قاعدة التأثير والتحديد المتبادل بينها و بين المستوى السياسي / السلطة/ فإن بإمكاننا أن نحدد بأن واقع ودور الأسرة بأشكاله الراهنة يشكّل تعبيراً متعيناً عن الواقع الاقتصادي والسياسي السائد. ويتداخل في تشكيل بنية الوعي الاجتماعي عوامل خارجية منها/ وسائل الإعلام بكافة أشكالها/. ووفق هذا المنظور فإن شكل العلاقات الاقتصادية السائدة بأشكالها المشوهة والإشكالية والمتناقضة بذات اللحظة // تراجع الدور التنموي والاجتماعي لمؤسسات الدولة، تقليص المظلة القانونية المعبّرة عن مصالح الغالبية الاجتماعية، انتشار مظاهر الفساد،/ الرشوة، المحاصصة، التزوير، الاحتيال.../ غياب الفهم السليم والايجابي لمفهوم العمل، غياب مفهوم الإنتاج، تنامي ظاهرة الخلاص الفردي عبر وعي اجتماعي يتجلى من خلال الوعي الفردي المذرر/ التذرر، التذرير الجمعي ( تجمع أفراد يهتم بالتزايد العددي على حساب البنية ونوعية التركيب البنيوي ) وفق أشكال هلامية ملتبسة تتجلى عبر التماهي مع أشكال الوعي المبتذل والسطحي والهامشي والمجتزأ الذي يساهم في تشويه الطبيعة الإنسانية والفكر الإنساني الموضوعي والمنظومة القيمية//.
إن بنية الوعي الثقافي العام التي تشكّل وتأسّس عليها أشكال الوعي الفردي / الأسري، تتحدد إضافة إلى المستويات السياسية والاقتصادية السائدة، إلى أشكال من الوعي الثقافي المشكِّل للذاكرة الشعبية/ الفردية، التي يتحدد في إطارها وعلى ضوءها منظومة قيمية / أخلاقية عامة / فردية. و من الواضح بأن الأسس والقواعد المحدّدة للوعي الثقافي ومنظومته القيمية باتت في سياق التحولات الاجتماعية العامة مهددة بفعل عوامل وأسباب محلية وعالمية، وهذه التحولات تعبّر عن إدراكنا بأن السياق الموضوعي للتطور التاريخي / الإنساني يجبّ ويتجاوز بعض المفاعيل والعوامل المعيقة لسياق التطور العام، وبذات اللحظة تؤثر على أشكال الوعي السائد والمسيطر.
ومن المفيد التنويه على آثار التحولات السلبية على تجليات الوعي العام/ الفردي،والتي تخلخل بنية و أشكال الوعي الثقافي اجتماعياً، ولمعرفتنا بأن تموضع الأسرة ودورها يتجلى من خلال أشكال الوعي والممارسة الفردية المتأثرة بجملة من العوامل والتحولات الاجتماعية العامة / بحكم ترابط الخاص بالعام/، فإن النمط الذي نعتمده في تحليلنا يفترض الإقرار بأن التخلع والتذرر والفساد والتشوه الذي تتعرض له البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ينتقل بحكم آليات الترابط التي تحكم المستوى العام إلى الأسرة التي تزداد معاناتها جراء التخلع الهيكلي الذي سوف يزيد من تراجع دورها الاجتماعي الضابط والإيجابي. لذلك فإن جملة التحولات السلبية التي تؤثر على وعي الفرد و الأسرة، تدلل على أن المنظومة القيمية الضامنة للتماسك الأسري مهددة بالتراجع. ونزعم بأن السبب الرئيسي للتحولات الطارئة على المنظومة القيمية / الثقافية، يكمن في التحولات والتغيرات التي طرأت على أشكال النمط الاقتصادي السائد، والتي تجلت من خلال تمظهرات وعي سياسي يتجسد ويتعين عبر آليات عمل المؤسسات الرسمية التي يمكن اعتبارها أشكالاً لوعي ثقافي يتحدد على أساس التحولات في أشكال الملكية الخاصة/ علاقات السوق/ علاقات الإنتاج. ويمكننا في هذا السياق القول بأن أشكال الوعي في تحولاته الجديدة يدلل على تحولات اجتماعية تؤسس لثقافة سلعية بأشكال مبتذلة ومشوهة. وفي هذا السياق لا يكفي أن نقول بتسلع الثقافة بل يجب التأكيد على اغتراب وتغريب الإنسان وتسليعه و تشيئه، في سوق المنافسة الحرة التي تغيب عنه السمات الأخلاقية.
إن سياق تحولات البنية الاجتماعية يحدّد أشكال تموضع الأسرة ودورها الاجتماعي المتعيّن في آليات الفهم والممارسة اليومية، وبالتالي فإن دور الأسرة بأشكاله الراهنة يتجلى بكونه نتاج للتطور الاجتماعي الاقتصادي والسياسي العام، وتراجع دورها في تنمية وعي الفرد ودوره الاجتماعي بأشكال ايجابية، يمكن أن نعتبره مؤشراً على تحلل البنية الاجتماعية.
إن التحولات والتغيرات في بنية الوعي الاجتماعي بأشكاله الراهنة تتشكل في سياق آليات الممارسة السياسية الرسمية، وبذلك يكون الوعي الاجتماعي العام بأشكاله ومستوياته المتباينة والمختلفة متماهياً مع أشكال الوعي الرسمي الذي يعاني جملة من التناقضات الشكلية والبنيوية. والإشكالية الأبرز تكمن في تماهي الوعي الثقافي/ السياسي للفئات المثقفة في إطار المؤسسات المدنية والحقوقية السياسية المستقلة مع الوعي السياسي / الثقافي الرسمي، وتتفاقم إشكالية هذه الفعاليات مع تنامي مفاعيل تناقضاتها الذاتية التي تنعكس على فاعليتها ودورها الاجتماعي.
ويمكننا القول أخيراً بأن غياب دور المؤسسات والجمعيات والأحزاب المستقلة عن المستوى الاجتماعي ينعكس سلباً على أشكال الوعي الثقافي الأسروي / الفردي ، ليبقى دور الأسرة والفرد مرهوناً بالتحولات والتغيرات الثقافية والسياسية والاقتصادية في المستويات الرسمية السائدة التي تؤسس لأشكال وعي ثقافي اجتماعي / فردي يميل إلى التحلل والتذرر يعززه تراجع المنظومات الثقافية والقيمية الضامنة للتماسك الأسروي.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمثيل السياسي النسوي
- بحث في قضايا الشباب
- تجليات إشكالية الشباب الثقافية
- اجتياح غزة خطوة متقدمة في المشروع الإسرائيلي
- الحوار في عيده السابع
- العنف الموجه ضد المرأة
- مدخل إلى ثقافة العنف
- الأزمة الاقتصادية الراهنة تحديدات استنتاجات
- ذكرى اكتوبر في ظل الأزمة الرأسمالية الراهنة
- قراءة أولية في الأزمة الاقتصادية العالمية
- إشكالية الهوية
- التحولات الاجتماعية في سياق الميول الليبرالية
- قراءة في مضمون الاتفاقية بين قوة الاحتلال الأمريكي والحكومة ...
- جدلية الثقافة والسياسة
- المجتمع السوري تحت خط الفقر
- آفاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في ظل العولمة
- إضاءات على حقوق المرأة
- الثقافة والسياسة
- التحولات الاقتصادية والطبقية في سوريا
- بخصوص توضيحات هيئة الحوار


المزيد.....




- المرصد السوري: نحو 105 آلاف شخص قتلوا تحت التعذيب بالسجون خل ...
- تونس: المفوضية الأوروبية تعتزم وضع شروط صارمة لاحترام حقوق ا ...
- وسط جثث مبتورة الأطراف ومقطوعة الرؤوس... سوريون يبحثون عن أق ...
- مسئول بالأونروا: ظروف العمل في غزة مروعة.. ونعمل تحت ضغوط لا ...
- جمعية الإغاثة الطبية بغزة: أكثر من 70% من سكان القطاع بلا مأ ...
- -حفلات يومية-.. ممارسات تعذيب -احترافية- في مراكز الاحتجاز ا ...
- الأمم المتحدة تبحث وقفا -غير مشروط- لإطلاق النار في غزة
- أردني محرر من سجون سوريا يروي معاناة 26 عامًا من الاعتقال وي ...
- هآرتس: وفاة 4 فلسطينيين تحت التعذيب بإسرائيل منذ أكتوبر 2023 ...
- وصفتها بالمتسرعة.. برلين ترفض مطالب بإعادة اللاجئين السوريين ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - معتز حيسو - دور الأسرة في ظل العلاقات الاقتصادية السائدة