أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - في فِقْه -السلام الاقتصادي-!















المزيد.....


في فِقْه -السلام الاقتصادي-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2629 - 2009 / 4 / 27 - 09:20
المحور: القضية الفلسطينية
    


جدل جديد تسعى حكومة نتنياهو إلى إقحام الفلسطينيين فيه، وإلى تعريبه وتدويله إنْ استطاعت إلى ذلك سبيلا؛ وهذا الجدل هو جدل العلاقة بين "الحقِّ" و"المصلحة"، والذي يثيره مفهوم "السلام الاقتصادي"، الذي تفتَّق عنه ذهن نتنياهو، ولو من حيث الظاهر، فهناك من يتوفَّر على إعداد وطهي الأفكار له؛ والذي تجشَّم رئيس الكنيست النائب الليكودي رؤوبين رفلين شرح بعض معانيه ومغازيه، لعلَّ أولئك الفلسطينيين والعرب الذين استبدَّ بهم اليأس والقنوط، وكادوا أن يكفروا بالسلام مع إسرائيل، يستأنفون التفاؤل، فلا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة!

رفلين زار مدينة أم الفحم، التي ترمز، في الذهنية الأمنية اليهودية التي جُبِلَت على المغالاة المرضية في تقدير وحساب المخاطر والتهديدات الأمنية، إلى خطر "القنبلة الديمغرافية" الفلسطينية على يهودية دولة إسرائيل، وإلى الحاجة الإسرائيلية، بالتالي، إلى ثنائية "الترانسفير ـ الضم"، فـ "نعى" السلطة الفلسطينية، بصفة كونها الشريك لإسرائيل في "مفاوضات السلام"، قائلاً إنَّها أظهرت عجزاً، لم تتوقُّعه إسرائيل، عن القول والفعل بما يغري الدولة اليهودية بـ "السلام السياسي أوَّلاً".

رفلين فَهِمَ، أو أراد أن يُفْهِمنا، الحال التي أصبح عليها قطاع غزة بعد، وبسبب، خروج الجنود والمستوطنين الإسرائيليين منه على أنَّها "قدر كبير من السيادة الفلسطينية"، فتمخَّضت هذه الحال، سريعاً، عما تعرَّضت له سديروت وغيرها من المناطق المأهولة في جنوب إسرائيل من مخاطر أمنية. وبعدما صوَّر للإسرائيليين، ولغيرهم، العلاقة بين تلك "السيادة الفلسطينية" في قطاع غزة وبين ضرب سديروت بـ "صواريخ القسَّام" على أنَّها "علاقة سببية"، تساءل عمَّا سيحل بالمدن الساحلية الإسرائيلية إذا ما غدت الضفة الغربية (أو بعضها) جزءاً من إقليم "دولة فلسطينية ذات سيادة مطلقة". عندئذٍ، وعلى ما قال أو توقَّع، ستُضْرَب الخضيرة، مثلاً، بصواريخ منطلقة من جنين.

لا شكَّ في أنَّ رفلين (مع قادة إسرائيليين آخرين أكبر منه أو أصغر) يؤمِن بأن ليس للفلسطينيين في الضفة الغربية من حقوق قومية "حقيقية"؛ ومع ذلك فهم يقاتلون ويصارعون وكأنَّهم يؤمنون إيماناً لا يتزعزع بأنَّ لهم حيث يعيشون حقوقاً قومية، في مقدَّمها الحق في أن تكون لهم دولة قومية مستقلة ذات سيادة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران 1967.

هذا العداء الفلسطيني لدولة "الشعب اليهودي" إنما يَعْكِس، بحسب وجهة نظر "الطبيب" رفلين، معاناة الفلسطينيين عموماً من "مرض نفسي"، لا بدَّ لإسرائيل من أن تتوفَّر على مداواتهم منه بدواء ناجع. وهذا الدواء، الذي يُنْسَب إلى نتنياهو الفضل في اختراعه أو اكتشافه، إنَّما هو "السلام الاقتصادي"، فإذا كان "الفقر الاقتصادي" الذي يعانيه الفلسطينيون هو ما يَحْمِلهم على الاستمساك بـ "حقوقهم القومية"، التي هي "وهم خالص"، وعلى "الجهاد" في سبيلها، بالحديد والنار تارةً، وبـ "المفاوضات السياسية" طوراً، فإنَّ "ازدهارهم الاقتصادي" هو الذي سيًسلِّحهم بـ "سلاح المصلحة (الاقتصادية)"، الذي به يحاربون "وَهْم" أنَّ لهم حقوقاً قومية، ينبغي لهم "الجهاد في سبيلها" إلى يوم يبعثون.

إنَّ رفلين، وبما يتَّفِق مع منطقه المتهافت هذا، والذي لا يقول به إلاَّ كل يهودي ضيِّق الأفق، يتوقَّع أن يتمخَّض هذا النزاع بين "المصلحة" و"الحق" عن ترجيح كفَّة المصلحة على كفَّة الحق، فإذا كان ذوو الحقوق "الحقيقية" يُخْضِعون حقوقهم، كليَّاً أو جزئيَّاً، لمصالحهم الحقيقية الواقعية، الاقتصادية في المقام الأوَّل، فهل يربأ الفلسطينيون بأنفسهم عن هذا "الفساد" وهُمْ الذين عن وَهْمٍ ليس إلاَّ يقولون بأنَّ لهم حقوقاً قومية؟!

هذا هو ما يكمن في منطق ووجهة نظر رفلين من تساؤل، مقترِنٍ بتعجُّب يراد به استهجان الأمر.. أمر أنْ يذهب قول الفلسطينيين وفعلهم بما توقَّع هذا اليهودي التلمودي الضيِّق الأفق.

الفلسطينيون، وبحسب منطقه ووجهة نظره، إنَّما هم قَوْمٌ من الغرباء في "أرض الشعب اليهودي"، افتروا على العالم كَذِباً إذ زعموا أنَّهم شعب، له حقٌّ قومي في "أرض إسرائيل"، أو في جزء منها؛ أمَّا "السبب" الذي حَمَلَهم على اجتراح هذا "الإثم" فهو "فقرهم الاقتصادي"، الذي أعمى أبصارهم وبصائرهم، فشقَّ عليهم أن يروا الحقَّ حقَّاً فيتَّبعوه، وأن يروا الباطل باطلاً فيجتنبوه!

إنَّ ذوي الحقوق "الحقيقية" ما أن ينعموا بازدهار اقتصادي حتى تتأصَّل في قولهم وفعلهم مصلحة حقيقية وكبرى في نبذ التطرُّف في صراعهم من أجل نيل حقوقهم، وفي الجنوح إلى الاعتدال في صراعهم هذا؛ ولا بدَّ، على ما يتوقَّع رفلين، من أن "يتفوَّق" الفلسطينيون في ذلك على أولئك؛ لأنَّهم ليسوا بأصحاب حقوقٍ "حقيقية".

الفلسطينيون الآن يملكون من "الفقر الاقتصادي" ما يُشْعِرهم بأنْ ليس لديهم ما يخسرونه إذا ما تطرَّفوا في عدائهم، أو في إظهار عدائهم، لدولة "الشعب اليهودي"، على طاولة المفاوضات، أو في ميادين القتال.

و"الاستنتاج"، بالتالي، هو أنَّهم يجب أن يزدهروا اقتصادياً بما يولِّد ويؤصِّل في نفوسهم الشعور بأنَّ لديهم، أي بات لديهم، ما يخسرونه إذا لم ينبذوا "التطرُّف"، ويجنحوا لـ "الاعتدال"، الذي لن يتأكَّد في قولهم وفعلهم إلاَّ إذا ارتضوا "المحتوى الإسرائيلي" لـ "السلام السياسي" الذي سيَلِده، إنْ عاجلاً أو آجلاً، "السلام الاقتصادي"، الذي يطيب لرفلين وصفه بـ "البنية التحتية للسلام"؛ ولكن ما هو هذا "المحتوى"؟

هذا "المحتوى"، الذي يستأثر بتفكير نتنياهو الآن، ويجتهد في صوغه على هيئة "خطَّة سياسية"، ليبحثها مع الرئيس أوباما، هو إقامة دولة فلسطينية (يُتَرْجَم بها مبدأ "حل الدولتين") لا يزيد إقليمها في الضفة الغربية عن نصف أراضي الضفة، على أن تظل معابرها ومنافذها الحدودية كافة في يد إسرائيل، التي تبسط سيطرتها، أيضاً، على أجواء هذه الدولة، فـ "التنازل" للدولة الفلسطينية عن النصف الآخر من الضفة الغربية إنَّما يعني أن تُفْرِط إسرائيل في تنازلها عن حقوق قومية وتاريخية وثقافية لـ "الشعب اليهودي"؛ أمَّا مَنْح تلك الدولة ما يزيد عن ذلك من "السيادة" فيعني تعريض إسرائيل ومواطنيها لمخاطر أمنية، حاضراً و (أو) مستقبلاً.

وعلى إدارة الرئيس أوباما أن تشتري قبول نتنياهو لـ "حلِّ الدولتين" بثمن ليس بالباهظ، بحسب وجهة نظر "البائع" نتنياهو؛ وهذا الثمن إنَّما هو أن تَضْمَن يهودية دولة إسرائيل، وأن تلتزم، بالتالي، "إقناع" الفلسطينيين بأمرين متلازمين: أن يعترفوا بإسرائيل على أنَّها دولة "الشعب اليهودي" فحسب، وأن يُتَرْجموا هذا الاعتراف بقبولهم دولة فلسطينية بتلك الخواص الجغرافية والسيادية.

هذا هو "الحليب"، بكمِّه ونوعه، الذي يمكننا الحصول عليه إذا ما استنفدنا كل ما نملك من جهد ووقت في حَلْب بقرة نتنياهو، ولو أطْعمناها كل "مبادرة السلام" العربية.

بقي أن نقول لرفلين إنَّ خير البرِّ عاجله، فَلْتَبدأ باختبار جدوى ومزايا "السلام الاقتصادي" في قطاع غزة، فالمنطق الذي تقول به إنَّما يعني أنَّ "إغراق" قطاع غزة بـ "الازدهار الاقتصادي"، من خلال فتح المعابر جميعاً، ورفع الحصار نهائياً، وجَعْل إعادة الإعمار حقيقة واقعة، سيؤدِّي، لا محالة، إلى كُفْر الفلسطينيين هناك بـ "التطرُّف"، وإلى إيمانهم، بالتالي، بـ "الاعتدال".. إنَّ رودوس هناك، يا أيَّها المتبجِّح، فَلِمَ لا تقفز منها في بحرها؟!





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو في منتصف الطريق بين -لا- و-نعم-!
- حتى لا يتحوَّل العرب إلى -أقلية قومية-!
- شرط نتنياهو لقبول -حل الدولتين-!
- اكتشاف فلكي يُزَلْزِل -العقل السليم-!
- هذا -الإفراط القانوني- في تنظيم -حرِّية الصحافة-!
- عندما يختلف نتنياهو وأوباما -لغوياً-!
- لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!
- فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم!
- -أصل الأنواع- في الكتَّاب!
- أوباما -يكتشف- تركيا!
- العرب.. أُمَّة عاطلة عن العمل!
- الموت والحياة!
- -الوسيط- ليبرمان يجب ألاَّ يفشل!
- كفاكم استئساداً على -المبادرة-!
- جيفرسون وأوباما.. وشيطان -الجزيرة-!
- غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!
- ما وراء أكمة -الدعوة الفاتيكانية-!
- -الاحترام-.. حلال على حكومة نتنياهو وحرام على الحكومة الفلسط ...
- أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!
- التَّحدِّي اللغوي!


المزيد.....




- فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ ...
- عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟ ...
- -قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا ...
- حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب ...
- -واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل ...
- الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
- رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
- جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
- تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
- مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - جواد البشيتي - في فِقْه -السلام الاقتصادي-!