أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - كفانا مساجد!














المزيد.....


كفانا مساجد!


هشام محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2627 - 2009 / 4 / 25 - 09:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت القاهرة قديماً تفتخر بوصفها مدينة الألف مئذنة. هذا العدد من المآذن يبدو اليوم تافهاً بالمرة عند مقارنته بآلاف المآذن التي تعج بها مدينة الرياض. قبل ثلاثة أعوام فقط كان العدد الإجمالي لمساجد وجوامع الرياض يصل إلى 11,000 مسجد وجامع! (طالع جريدة الرياض الإلكترونية في 11 يوليو، 2006). ترى كم يبلغ العدد اليوم وبعد انصرام ثلاثة أعوام إضافية؟ وكم سيصل عدد المساجد بحلول عام 2050؟ عندما انظر إلى اليمين، أجد مسجداً، وعندما انظر إلى اليسار، أجد مسجداً، ومن أمامي ينتصب مسجد، ومن خلفي ينتصب مسجد. في مرة نظرت من نافذة البيت، فكان عدد المآذن التي تتسلق أكتاف بيوت حينا الصغير أثنى عشر مسجداً فقط لا غير. طبعاً هذا العدد لا يشمل بالتأكيد باقي المساجد التي لم اتمكن من رؤيتها عن يميني وعن شمالي ومن ورائي. تخيل...في ذات الحي، ترتفع مآذن جامع فخم يكفي لاستيعاب كل سكان الحي، وعلى بعد أقل من مئتي متر يقبع جامع آخر لا يقل فخامة وروعة ومازال تحت الإنشاء! بعد كل هذا اللهاث الجنوني وراء بناء المساجد، يتحدث ائمة المساجد واتباع التيار الديني، وفي قلوبهم غصة...لماذا هجر المسلمون بيوت الله؟!



لو توقف السعوديون اليوم عن بناء مساجد إضافية فإن الأجيال القادمة لن تشكو من مشقة الذهاب إلى المسجد ولا من تكاثر المصلين وتزاحمهم. مدينتا الممحو وجهها من كثرة الغبار، لا تريد مزيداً من المساجد، ولا تحتاج مزيداً من مكبرات الصوت، ولا تقوى على تحمل المزيد من تنافر وضجيج صلواتكم ودعائكم. الرياض تحتاج إلى الحدائق والأشجار أكثر مما تحتاجه من مساجد، وتحتاج إلى مراكز البحث والمصحات العلاجية أكثر مما تحتاجه من مساجد، وتحتاج إلى فروع لدوائر حكومية حيوية أكثر مما تحتاجه من مساجد، وتحتاج إلى مصانع ومعاهد لتشغيل وتدريب النساء والعاطلين أكثر مما تحتاجه إلى المساجد. لم أسمع يوماً أن أحداً صرخ...كفانا مساجد! من يجرؤ حتى على التلميح والترميز والتشفير؟ الكفر، الردة، الزندقة، العلمنة، وما إلى ذلك من تهم معلبة ستطال من تسول له نفسه الاعتراض على بناء بيوت الله!



وبالعودة إلى التقرير المذكور أعلاه في جريدة الرياض، فقد كشف التقرير عن 450 مسجداً قد بناها "أهل الخير"، وبكلفة مالية تجاوزت المليار ريال! ألم يكن من الأولى أن ينفق أهل الخير هؤلاء تلك الأموال الطائلة على مشروعات مجدية تلامس هموم الإنسان اليومية، وتساهم في تحسين ظروفه المعيشية، وتعمل على التخفيف من معاناته بدلاً من إهدارها في ما لا طائل من ورائه. المشكلة أن سلوك أهل الخير هؤلاء ينطوي على قدر بين من الأنانية على عكس ما يخلع عليهم من وصف. أهل الخير قاموا ببناء المساجد لتكون بمثابة "حصالة الحسنات" لهم بعد أن ينقطع عملهم في هذه الدنيا. بكلمات أخرى، قاموا ببنائها لضمان تدفق نهر من الحسنات ليستبدلوه فيما بعد بنساء وغلمان ونخيل وخمور في الجنة، وليس بهدف تمكين الناس من الصلاة، خاصة وأن الحكومة تقيم المساجد أكثر مما تقيم المدارس والمكتبات والمستشفيات.

يبقى السؤال الأهم: هل صاحَبَ التكالب على بناء المساجد تغييراً يذكر في أخلاقيات وسلوكيات المجتمع نحو الأفضل؟ سيحدثوننا عن أن العيب هو في أبناء الإسلام وليس في الإسلام ذاته. حسناً، إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا نعيد النظر في تدافع الحكومة وأهل الخير على بناء دور لم تنجح يوماً في أنسنة أفراد المجتمع وتهذيب سلوكياته وترقية أخلاقه، بل على العكس كانت حضناً دافئاً لتفقيس بيوض الإرهاب وتأجيج التطرف الديني؟ المشكلة التي يتغاضى الكل تقريباً عن رؤيتها أن ما يجري حولنا من سباق غير مبرر لبناء المساجد يلتقي مع ما يهيمن على المجتمع من استغراق كلي في مظاهر قشورية وشكلانيات دينية سخيفة مثل اللحى والثياب القصيرة والسواك والحجاب والقفازات والأدعية والاستغفار. ماذا جنينا من كل تلك المساجد؟ استنزاف الموارد المالية...وتفاقم التلوث البيئي...وأخيراً تخريج الإرهابيين.



#هشام_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شروط صناعة المأساة: غزة والعراق ودارفور نموذجاً
- مواصفات البطل العروبي...وأشياء أخرى!
- يبكون على دماء غزة...ويرقصون على دماء العراق ودارفور!
- ملاحظات على الهامش
- ماذا لو لم يبعث محمد؟
- احجار الدومينو وأبو هريرة وابن عباس
- الكلام المحظور عن ختان الذكور (2/2)
- الكلام المحظور عن ختان الذكور (1/2)
- الشيخ غازي... وزوبعتان في فنجان
- مدينة الشيطان ترحب بكم
- ولا عزاء للقطط والكلاب
- وداعاً.....أيها العقل
- كيف سيكون الاسلام بلا معجزات؟
- الذباب ينهش لحم شاهين
- ملتحون ولكن لصوص
- رحلة في عقل وهابي


المزيد.....




- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...
- المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف - ...
- حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو ...
- الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر ...
- أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام ...
- اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع ...
- شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه ...
- تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هشام محمد - كفانا مساجد!