أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب غلاب - الوعي القبلي والمشروع الأصولي الحالم بحكم اليمن















المزيد.....

الوعي القبلي والمشروع الأصولي الحالم بحكم اليمن


نجيب غلاب

الحوار المتمدن-العدد: 2626 - 2009 / 4 / 24 - 09:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأصولي المسيس انتهازي والدين أداة تبريرية لسلوكه يتخفى خلفه لإشباع رغباته ومصالحه، والفتوى هي إنتاجه الفكري التي تؤسس لفعله، ولأن الفتوى نتاج لعقل مشتت بين العقيدة والغنيمة لذا فإنها قادرة على أثبات السلوك ونقيضه في الوقت ذاته.
والمتابع للتجربة التي أسست لها الأصوليات في عصرنا سيجد أن الفتوى السياسية المعتمدة على الدين تمثل بناء عقلي يعتمد على الجدل الأقرب إلى السفسطة لا على الدين الحق، لذا فهي تؤسس للحق المتوافق مع مصالح من ينتجها لا المصالح المعلنة في خطابها، وطارق الفضلي كشيخ قبلي وكأصولي ذي باع طويل يمثل نموذجا للتناقض والانتهازية في توظيف الدين في صراع المصالح، وهو في أطروحاته الجديدة المتحدية والرافضة للوحدة يتحرك في ظلال عقليته السابقة المنتجة في أقبية الأصولية الشمولية والتي تؤسس لها الفتاوى الميكيافلية ولكنها تتجلى الآن بوجهها الواضح وجوهرها الفعلي، فالوعي الأصولي في عمقه مهما تخفى خلف كلام الله هو تعبير عن العقيدة التي يتم قرأتها بالوعي القبيلي الذي يؤسس لنفسه على التغاير والتمايز مع الآخر من خلال العصبية وجوهره الثأر والغنيمة ويعتمد على القوة وممارسة العنف في التعامل مع الآخر.
الفضلي في الماضي القريب قاتل كأصولي من أجل الوحدة، وكان سلوكه في العمق محكوم بالغنيمة والثأر، وعندما فقد مصالحه والمشروع الذي يتحرك في ظلاله مهدد أنقلب إلى الضد ونفى الوحدة كليا هذه المرة باسم وعي القبيلة بتجليه الواضح، فالقادمون من الشمال ليسوا إلا أغيار معتدون على حمى القبيلة، وتتضح أكذوبة الحق الذي يقاتل من أجله الأصولي عندما يفقد مصالحه، حيث يقوم بنفي كل من يهدد مصالحه ويتم تجريم ذاته كفكر وككيان، فالأصولي الإخواني مثلا جعل من الرئيس صالح في زمن التوافق وعند مشاركتهم في الغنائم عملاق الوطنية والوحدة ومجاهداً كبيراً وقاتلوا في صفه بحماس وعناد ومارسوا الثأر ضد خصمهم اللدود الاشتراكي، وعندما فقدوا المصالح تحول الرئيس إلى عدو لابد من أزالته فالخراب كله نابع من طريقة حكمه التي أسهموا في صناعتها زمن التقاسم، والثأر يتطلب أغاضته بكل وسيلة بما في ذلك تدمير الواقع من حوله لتعذيبه، وليس مهما نتائج الفعل فتعاليم ميكيافلي هي الأصل في مواجهة الخصم، والثأر منه يحتاج إلى تلقينه درسا لا ينسى، والدرس بحاجة إلى ضربات قاتلة لكل مشروعية يستند عليها، وليس الفضلي إلا جزءاً خفياً من الجناح الأصولي الممتد في كل أركان الوطن المنكوب بالقبيلة والأصولية المسيسة التي لا تفقه من الدين إلا الكرسي والغنائم المحصلة من الدوران حوله. وعلى العموم فالأفكار التي دشنها الفضلي لا يمكن فهمها من دلالاتها المباشر لأن ذلك يجعل فهمنا لطبيعة الواقع ومآلاته بسيطا وسطحيا لذا سنحاول أن نفهم هذا التحول في سياق الصراع الذي يحكم الواقع اليمني.
حيث يمكننا فهم التحول من خلال واقع الصراع الراهن في اليمن، فالمتابع المتعمق سيجد أن المشروع السياسي الأصولي في اليمن بتحالفاته الغامضة وأهدافه الواضحة وصل إلى مأزق كبير ولديه قناعة أن هناك خطة لإضعافه وبالتالي الحد من طموحه في الهيمنة، وتحرك الفضلي يأتي في سياق تدعيم قوة المشروع الأصولي بمعنى أن سلوكه الجديد يمكن فهمه في سياق الصراع المحموم والمتجلي في حراك القوى السياسية الفاعلة في الساحة والذي يتركز بين القوى السياسية المختلفة شرعية كانت أم غير شرعية كانت علنية أم منظمات سرية. مع ملاحظة أن الفضلي غادر المشروع الأصولي في الخطاب تمويها إلى مشروع قبلي يحركه وعي القبيلة والانتقال عملية سهلة لأن جوهر الوعي واحد لدى الأصولي والقبلي.
ومن الواضح أن الصراع الفعلي والخفي في مظاهره يركز على تحديد معالم المستقبل والذي يجري بين مشروعين أساسيين في اليمن: مشروع يحاول أن يتجه باليمن باتجاهات عصرية واضحة المعالم وأن بدت أنها غير عصرية في ملمحها العام بسبب تحرك قوى تقليدية قبلية ودينية في جوانبه وعمقه وفاعليتها واضحة في بنيته لكنها ليست هي الصانع الفعلي للحدث بل أن القوى المجددة المستلهمة للمستقبل من خلال العصر تسعى جادة لتحقيق طموحها في يمن قادر على تجاوز واقع التخلف، أما المشروع الآخر فمازال مرتهناً للماضي سواء ببعده القبلي أو الديني كما يفهمه الأصولي المسيس، وهذا المشروع يريد أن يؤسس لدولة أصولية متزينة بآليات حديثة.
والخطاب النافي للدولة بوعي القبيلة الذي تجلى بخطاب الفضلي مؤخرا لا يعبر عن جوهر اللعبة وواقع الحال بل يفهم أيضا من خلال استيعاب تجربة الفضلي والعقائد الفعلية المهيمنة على فكره، فهو في حقيقته أصولي راسخ في أصوليته ومدرب تنظيميا وفق آليات عالية رسختها لديه حركات الجهاد المدعومة بالتجربة الأخوانية السرية، وتجربته السياسية وصراعاته المختلفة قادته إلى العمل من خلال المشاريع الكبرى المتحركة في المجال الأصولي، لذا فالفضلي في خطابه الجديد لا يتحرك في فضاء واضح بل يتحرك في فضاء خفي وسري، يحكمه هدفه السامي والحقيقي وهو تدعيم قوة الفعل الأصولي الذي يعبر عن مصالحه على المدى البعيد، والذي يسيّر هذا الفضاء الذي يتحرك فيه هو تنظيم نخبوي لا يمكن إمساك أطرافه لأنه يعمل وفق أطار مشتت زئبقي الحركة ولكنه يتحرك بانتظام لتحقيق أهدافه ويمتلك التجربة والخبرة والقوة ويدرك طبيعة القوى المختلفة وصراعاتها وتناقضاتها وله تحالفاته الإقليمية الخفية، وهذا التيار السياسي الديني موجود في مفاصل الدولة والمجتمع وله امتدادات خارجية فاعلية ومؤثرة.
السؤال المهم: ما الفائدة من الانخراط في المسألة الجنوبية بوجهها المتطرف ودفعها في مسارات عنيفة؟ الفائدة كبيرة فالأصولي يدرك أن أي صراع سيؤدي أما إلى إنهاك القوى المختلفة معه حتى وأن كان ظاهرا حليفا لها ويتحرك في مجالها النضالي خصوصا المناقضة لمشروعه، وأيضا في إضعاف الدولة وأنهاك قوتها والنخبة المعادية لمشروعه في بنيتها، والهدف من ذلك يركز على: أما إعادة ترتيب الأوراق في الساحة لصالح المشروع السياسي الأصولي، أو الانقضاض على الدولة وإعادة بناء اليمن وفق تحالفات جديدة تعظم من قوة الفعل الأصولي وتحد من فاعلية المشروع المدني. أما أقل الإرباح في أذكاء أوار الصراع هو إخراج القوى المناضلة في بنية المشروع العصري من قوى مثقفة وحركات سياسية ومراكز قوى من السلطة والمعارضة لصالح القوى المتوافقة مع المشروع الماضوي، وأن لم يتحقق ذلك فمن المهم إيصال القيادات الطامحة في السلطة والمعارضة والمعول عليها في دعم الفكر الجديد أن استمرارها في السلطة أو وصولها إليها فيما يخص المعارضة وتحصيل الغنيمة لن يتم إذا تم تدعيم الاتجاهات التي تهدد المشروع السياسي الأصولي.
أن الحراك المتجه نحو الانفصال الذي دشن له الفضلي يأتي بعد أن أصبح الحراك الجنوبي فاعلية سياسية لا يمكن تجاوزها، والهدف من الدخول إلى عمق الحراك هو تحويل الفضلي إلى زعيم سياسي ربما لقيادة الحراك، وفي المرحلة القادمة في حالة تم الاعتراف بالقضية الجنوبية من قبل النظام سيصبح الفضلي ومشروعه الذي يحركه في الواجهة وهذا سوف يضعف القوى المدنية كالحزب الاشتراكي، وأيضا الحراك الجنوبي الباحث عن دولة مدنية واضحة المعالم.
التحرك الراهن يأتي نتيجة أدرك الفضلي والقوى الأصولية التي يتحرك في ظلال مشروعها الخفي أن طبيعة الصراع على السلطة والثروة بين القوى المختلفة وطبيعة التحالفات الراهنة في بنية النظام وخارجه ستجعله خارج سياق اللعبة أن لم يتم تفعيل قواه لذا فإن الأصولية بمشروعها الكبير بحاجة إلى دخول الفضلي كلاعب في المرحلة القادمة.
ويمكن القول أن الصراع الحالي بمظاهره المختلفة جعل المشروع الأصولي بامتداده وتشعباته يوحد صفوفه باتفاق سري خارج سياق المظاهر العامة للصراع، والأصولي لديه قناعة أن المشروع المنافس يمثل خطر على مستقبله لأنه ذا أبعاد مدنية كما أن القوى التي تحركه خارج سياق مصالحه وعاجز عن التحكم فيها، وبمعنى آخر يمكن القول أن الصراع بين المشاريع المختلفة في الساحة ونتيجة خوف كل طرف من هيمنة الطرف الآخر، أصبح ذلك يتطلب تفعيل قوة المراكز المتعددة وتقويتها في اليمن ويتم العمل على قدم وساق وليس الخلل الذي يعاني منه الواقع إلا نتاج هذا الصراع المحموم، وهذا الصراع في مظهره العام يأخذ طابعاً انتهازياً، وكل طرف يحاول تدعيم القوى القريبة منه.
ويمكن القول أن الخطاب المتطرف للفضلي ليس إلا جزءاً من صراع مراكز القوى داخل البلد، ونتيجة لخوف القوى الأصولية في الجنوب والمرتبطة عضويا بالأصولية في الشمال بتشعباتها المختلفة على مشروعها من قوة الحراك الذي تحكمه نظرة مدنية. بمعنى أن القوى الأصولية تخاف أن يتم التعامل مع الحراك من خلال القوى الأقرب إلى مشروع الحداثة وهذا سيجعل القيادة الأصولية الجنوبية خارج اللعبة لذا لابد من مدخلات جديدة على الحراك وبنزعة متطرفة تقوي من موقفه، والهدف هو صناعة الرموز وتحويل الرمز الأصولي إلى قيادي فاعل مؤثر وهذا سوف يحدّ من روحية الحراك مستقبلا لصالح التحديث ويضعف من قوة الرموز الجنوبية المناهضة للمشروع الأصولي، ويقوى من المشروع السياسي للأصولية في اليمن الموحد.



#نجيب_غلاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق الواقع الجمهوري .. هل اليسار الليبرالي هو الحل؟
- اليسار والرئيس .. تلاميذ الترابي وتنحية البشير
- الليبرالية الديمقراطية في الواقع اليمني وانتهازية المثقف الغ ...
- محاولة في تفنيد بعض أوهام الإرهاب الأصولي
- شراكة النخبة الحاكمة للاشتراكي ترعب مافيا الفساد والقبلية ال ...
- تدمير الإسلام من الداخل .. أوهام الإرهاب الأصولي
- هل يمثل الإخوان المسلمين الخيار البديل للنخب الحاكمة؟
- الأخوان المسلمين وأحلام ابتلاع الدولة
- الإسلاموية وأوهام امتلاك الحقيقة
- المصالح التركية وأوهام الأصولية المسيَّسة
- الحزب الاشتراكي بين يأس القيادة وتوحش الحراك
- اليمن آخر معاقل الإرهاب الآمنة
- الاختطاف ..بين «جيهان الله» والهجوم القاهر!
- المسكوت عنه في الهجوم على غزة
- تجاهل الأحزاب لحقوق النساء..هل يقودهن إلى تأسيس حزب سياسي؟
- اليمن والصراع الدولي على القرن الإفريقي
- انتصرت الحرية وانهزم المحافظون الجدد
- الإيديولوجية الدينية ومصالح إيران الوطنية
- عندما تصبح الأزمات قوتا لبقاء الحزب المؤدلج
- الفوضى والملاذ الآمن للقاعدة ..ما هي الحلول الصهيونية والإير ...


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نجيب غلاب - الوعي القبلي والمشروع الأصولي الحالم بحكم اليمن