أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي فريدي - (عليّ) في العراق..















المزيد.....

(عليّ) في العراق..


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 2622 - 2009 / 4 / 20 - 10:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



(الجزء الرابع من – العنف والمقدس-)

لم تنقطع آثار الفتنة بمقتل عثمان، ولم تفلح تولية علي محلّه في وضع حدّ لها. فاستمرت انتفاضة الأهالي ضدّ مؤسسة الدولة وزعاماتها المشتبه بها. وخرجت من حدود الحجاز وشبه الجزيرة ملاحقة مركز السلطة حيثما كان. ويمكن وصف فتنة عثمان بأنها بداية انقراض الدولة الفتية، أو انقضاضها على نفسها، ودالة رئيسة على انفصام العرى والانسجام بين قمة هرم الدولة وقاعدتها المفترضة. بين الراعي والرعية، بين المؤمنين وأميرهم، بين الخليفة والمسلمين. وهي ما يعني اندحار المشروع الاجتماعي أو الرسالة السياسية لعقيدة محمد. وتحول حلم علي بالسلطة إلى كابوس يقض مضجعه ولا يعرف كيفية التخلص منه وهو القائل:
" أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي"!.
ولولا حنكة معاوية ودهاؤه، لما كتب لتلك الدولة الاستمرار والتعاقب.
*
مفهوم (الوليّ) من العائلة إلى السياسة..
ماذا انتظر علي بعد خروج (عائشة..) عليه..
وهي مَنْ هي.. زوجة النبي والرسول وابن عمه وعميد عائلته ووالد زوجته.. وكانت عائشة هي المفضلة عنده على كلّ من سواها..
لقد خطر لعليّ أنه بوراثته الذكورية في العائلة (أهل بيت النبي) جعل من نفسه وصيّا عليها، فهي (امرأة) لا تملك أن تتصرف برأسها خارج وصاية (الوليّ).
مفهوم الوليّ أو الوصيّ هو من منتخبات القاموس اليهودي وهو أقرب الذكور الرجال إلى المرأة التي يتوفى عنها زوجها وما لها من معيل أو وكيل.* وهو المعنى الذي أريد به في القول المنسوب لمحمد في حجة الوداع (علي وليّ من بعدي)، أو وكيله في أسرته. ولكن تأويل الفكر الشيعي للمصطلح نأى به كثيرا عن ذلك وتوسع عن مفهوم العائلة ليخرج من القاموس اليهودي إلى العروبي ومن العائلة والدين إلى السلطة والسياسة. وقد أضيف إلى منطوق الشهادة (الاسلامية) لدى بعض الشيعة حسب ثالوث (لفظ الجلالة- النبوة- الولاية)/ لاحظ الهامش.
ولكن محمد لم يستشر نساءه في أمرهنّ من بعده، ولم يأخذ بالاعتبار طبائعهن ومطامحهن الشخصية. فتمردت عائشة على ذلك، ولا تكاد كتب السيرة تورد الكثير من أخبارهن من بعد، فكأن التاريخ الاسلامي حكم بموتهن عقب موت محمد، لانتهاء دورهن الاجتماعي بموت (الزوج).
وكان خروج عائشة على أمر علي، مدعوما بثلة من أصفياء زوجها الموصوفين بالصحابة والعشرة المبشّرة بالجنة، رفاقه ورموز نخبة الحكم والدين. وأولئك اختلف عليهم مفهوم الولي كذلك ، فاضطربوا في نظرتهم لتعريف الوليّ الذي لم يكن معناه قد استقر قبل العصر العباسي.
وأرجّح هنا الجانب الفكري المتعلق بعهد العرب بالتأليف الذي يتأخر إلى قرنين ونصف عقب ظهور القرآن. وهو يصادف عهد آل العباس (عم النبي) بالحكم في بغداد والمشهور بانتشار نفوذ أهل فارس في مختلف حلقات الدولة والثقافة والمجتمع. كما أن الانشقاق بين أهل قريش وأهل بيت محمد قد تبلور في أعقاب خلاف عليّ ومعاوية، والحسين ابن علي وابن سعد عامل يزيد على العراق. لقد انصرف المؤرخون وفقهاء الشيعة مدعومين بمنتجات الفكر الفارسي والفكر الاغريقي على السواء، إلى تأسيس فكر شيعي مناهض ومساوٍ لفكر قريش الاسلامسياسي. ويمكن تلخيص المعارضة والمقابلة في أمرين:
- احلال مفهوم (الولاية) الشيعي محل مفهوم (الأمارة) السنّي.
- تقوم الولاية الاسلامية حسب توريث ديني محصور في سلسال بيت محمد وعلي وأبكار أبكاره، المعروف (بالأمامة)، المقابل لنظام البكورية في التقليد العبري المعروف. بينما يعتمد نظام (الامارة) في الاسلام على اختيار الخلف من بين جماعة (الصحابة) بطريقة الشورى واعلان البيعة.
ان الطابع السياسي العام لحكم بني أمية وحكم بني العباس، يتقاطع تماما مع النهج الديني الذي وضعه منظرو الشيعة الأوائل لصورة الحكم الاسلامي، والذي يمكن مقارنته عمليا في الواقع المعاصر بين نظرية (ولاية الفقيه) الايرانية ونظام السلطان العثماني الأدنى إلى العلمانية، علما أن صورة ما يجري في العراق منذ وقوع غزو 2003 يكشف تنامي دور رئيس حوزة النجف الشيعية علي سيستاني في الاشراف على سياسات الحكم، حيث زاره في مدينة النجف متصدرو كفة الحكم في العراق من الامريكي بريمر وأعضاء مجلس الحكم إلى رؤساء الوزارة المتعاقبين في بغداد، وعدم انقطاع مستشاريهم ووكلائهم في كل سعيرة وكبيرة. وهو أمر لم يكن ذا أهمية سابقا. ولا يتفق مع البنية السياسية لنظام الدولة العراقية. كما يفتقد الدستور ما يسوغ هذا التدخل.
*
بطلان بيعة عليّ حسب وقائع حكمه..
ان مظاهر رفض سلطة علي وفشل حكمه بدأت من أضيق حلقاتها..
- حلقة العائلة (النبوية الحاكمة) بشخص عائشة زوجة محمد المفضلة.. ان خروج عائشة على أمره جرّده من أفضليته العائلية أو اعتباره عميد بيت النبوة، والذي له حق اختيار من يمثله، مما يهدم أول ركن في مزاعم أحقية علي في الزعامة..
- حلقة صحابة محمد وعشرته المبشّرة بالجنة، المرافقين لعائشة في خروجها على سلطة علي (معركة الجمل). فانهارت بذلك حلقة أخرى في تحصينات مزاعم زعامة علي الدينية والسياسية، وبالتالي أحقيته وعائلته في استيراث الحكم.
- الخوارج .. وهم أتباعه المتمردين عليه بعد أن آزروه وساندوا حركته ، لكنهم رفضوا قبول نتائج التحكيم واصروا على مواصلة القتال. وكان جيش علي يتشكل من خليط من قبائل المهجّرين في العراق ومؤيديه في ايران.
- عدم تحقق الاجماع (- أو الأغلبية..) في حكم علي.. وكان دافع قرار (الشورى بتوليته) استجابة لرغبته - وجملة الأحاديث المشتبهة حول ولايته- قبل انهيار الدولة. وهكذا زاد من انفراط أمر الناس وتعمقت أسباب الخراب المؤسس لمزيد من التشظيات التي تتردد انعكاساتها وتتناسل آثارها المشينة حتى اليوم. وكلّ ذلك سبّة عليه، لا منّة له.
ان شعور علي بعجزه في رأب (الفتنة) وفشله في دفع سفينة الحكم لشاطئ نجاة، زاد من حنقه على نفسه وعلى الآخرين. ولكن.. طبقا لخصائص الشخصية (العربية) القائمة على الاعتداد والغرور وعدم الاعتراف بالخطأ أو النقيصة، وإلقاء تبعات كلّ شيء على الآخر. فقد وجد فيمن أسماهم (أهل العراق- أهل البصرة/ أهل الكوفة) حمالة لأخطائه واحتقاناته، التي شكلت سفرا من خطاب عدواني شوفيني غريب، محملا إياهم وحدهم أسباب نكسته، أما هو فقد كان خارج ذلك، ومن الغريب أن يتم تناقل آثاره بين العرب بما فيهم غير الشيعة طالما يتناول الهمز في قناة العراقيين، وعدم ظهور ما يدافع به (العراقيون) عن أنفسهم، وهم الأكثر تمجيدا وإعلاء لشأن علي من سواه.
*

ـــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
- مفهوم الوليّ أو الوكيل عند اليهود- انظر سفر راعوث (الاصحاحان الثالث والرابع)- العهد القديم من الكتاب المقدس.
- منطوق ثالوث الشهادة عند الشيعة يتجاوز ما لدى السنّة ونصّه "لا إله إلا الله- محمد رسول الله- عليّ ولي الله". وهو ما يتردد في كتاباتهم وصلواتهم وعند رفع الأذان. ويقال أن معاوية حذف الشطر الثالث من المخطوط فوق واجهات المساجد ومنطوق الأذان. وفي مجال الفكر الشيعي العملي كان من الشعارات والأهازيج المرفوعة أيام الانتفاضة بداية التسعينيات العراقية (ماكو وليّ إلا عليّ- لا مدني ولا عسكري- إرّريد حاكم جعفري)!.



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق من عمر إلى علي..
- المقدس.. من السماوي إلى الأرضي.. (جزء 2)
- المقدس.. من المطلق إلى النسبي.. من السماوي إلى الأرضي
- محاولة في تعريف الدين والمقدس
- العنف والمقدس (2)
- (كوتا.. كم.. نوع!!..) المرأة العراقية والمرحلة..!
- دعوة لحماية الحيوان وحفظ كرامته واحترام حقوقه..!
- الكلام.. جدلية الكم والنوع
- العنف والمقدس
- فصل الدين عن الدنيا
- فكرة الاشتراكية.. بين صنمية النظرية وأسواء التطبيق
- ثورة أكتوبر .. (نعم) أو (لا)
- من قتل فيصل الثاني؟..
- تأملات في الحالة العراقية - 5
- نحو يسار اجتماعي.. ومجتمع مؤسسات دمقراطية
- تأملات في الحالة العراقية (4)
- تأملات في الحالة العراقية (3)
- تأملات في الحالة العراقية (2)
- دين.. دولة ومجتمع
- عوامل الطرد السكاني وعوامل الجذب


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي فريدي - (عليّ) في العراق..