أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الإله و الإنسان















المزيد.....

الإله و الإنسان


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2622 - 2009 / 4 / 20 - 10:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما هو التصور عن الكون الذي تحدثنا عنه كل الأديان ؟ إنه كون توجد في مركزه قوة خارقة مطلقة وعاقلة في نفس الوقت , عاقلة بمعنى أنها قادرة على أن تدرك نفسها و تدرك غيرها , تماما كما نفعل نحن البشر القادرين على أن ندرك أنفسنا و غيرنا في نفس الوقت , لكن الفارق الأساسي بيننا و بين تلك القوة المطلقة التي خلقتنا و تسيطر علينا هو في درجة الاستطاعة و القدرة , القدرة على خلق الآخرين و التحكم بهم , هذا الإله إذن كان يعرف نفسه جيدا , و خاصة قدراته منذ أن وجد , أي من الأزل , من الزمن السحيق , و رغم أنه وجد منذ الأزل و سيبقى حتى الأزل , فإن هذا الإله ذات يوم , سماوي بالتأكيد ليست من أيامنا البشرية , قرر أن يستعرض مواهبه و قدراته فقرر أن يخلقنا , و لسبب ما قرر أن يفعل ذلك في ذلك اليوم بالتحديد , الذي هو يوم ولادة جنسنا و عالمنا بأسره وفق المقدس , بعد أن وصل الإله إلى هذا القرار بينه و بين نفسه , حيث لم يكن أي شيء يشاركه الوجود وقتها , حدد لكل منا , لكل إنسان وصولا إلى أصغر كائن مجهري , مصيره من المهد إلى اللحد , زمن ولادته و زمن موته , مصيره من الألف إلى الياء , و حكم علينا بتمثيل أدوارنا تلك بكل دقة دون أي خروج مسموح على النص , العقل البشري هنا مهمته معرفة حقيقة تبعيته المطلقة و عجزه المطلق و إدراك طبيعة المعاناة الإنسانية فقط , الإحساس بالألم و إقناع صاحبه الإنسان بضرورة أن يكون عبدا جيدا ملتزما بأوامر و نواهي ربه سيده , و لسبب ما , خلق هذا الإله الجوع و الفقر , الظلم و الحزن , الألم و العذاب , التعاسة و الاستغلال , و أحيانا شيء من السعادة , بعض الضحكات , هذا كله خلقه الإله دون أن يعرفه , و دون أن يجربه , و دون أن يفهمه , كم كان هذا الإله مبدعا في خلقه هذا , بل إنه شخصيا بدأ بالتعرف على الحب و الكراهية , المكر و الغضب , منذ أن خلقنا نحن البشر , و قد خصنا بكل هذه المشاعر ككائنات عاقلة قادرة على الوعي و الفعل , لكن هذا الإله لا يعرف حب الأب أو الأم لأولادهما , و لا حب المرأة و الرجل ( تعالى عن كل هذا ) , لقد بدأ يشعر بالحب و الكره في نفس الوقت الذي أصبح فيه خالقا لنا , نحن "عبيده" , وفق ابن تيمية و ابن الجوزي , يحب الإله عبده الذي يعبده بنفس الطريقة التي أمرنا بها و يكره ذلك العبد الذي يتمرد على أوامره و نواهيه , و كأنه رئيس مخفر غبي أو تافه يسعده توددنا المنافق و دعاؤنا الكاذب و هو الذي يستطيع بقواه الخارقة أن يفنينا أو حتى أن يأمرنا بكل بساطة كي نكون عبيدا صالحين , نحن في عبادتنا أو في كفرنا إنما نلتزم بدورنا الذي أعطانا إليه ذلك الرب , أي غباء هذا , أن يحب الرب عبيده الذين حكم عليهم بالتصرف كعبيد جيدين , و أن يكره عبيده الذين حكم عليهم بأن يكونوا عبيدا آبقين أو متمردين , هذا هو الحب الذي يعرفه هذا الإله فيما يراقبنا طوال الوقت و نحن نعشق , نختصم , نضحك , و نبكي , عزاءه الوحيد أن يستطيع أن يسحقنا , أن يدمر عالمنا إذا شاء , أو أنه قادر على تعذيبنا دون أية مقاومة , كان خلقنا هو اللعبة التي سلى بها وحدته الأزلية , أي كائن عاقل يمكنه البقاء وحيدا كل هذا الوقت اللامتناهي دون أن يفقد عقله , لكي نفهم وضعية هذا الإله تصوروا برجوازيينا اليوم , أو تجار العبيد أو إقطاعيي الأمس , تصوروا بوش و بشار الأسد و حسني مبارك , و كل ما يستطيعونه هو نهبنا و قمعنا و إجبارنا على الاستسلام لسطوتهم دون أن يتمكنوا من الاستمتاع بما ينهبوه منا , لا شك أنهم إذا كانوا مثل الإله لا يستطيعون أن يأكلوا و يشربوا أو يمارسوا الجنس لتوقفوا عن استغلالنا و نهبنا و غالبا لتركونا و ما ننتج لنأكله و نتمتع به , في الواقع إن إلها كهذا لم يكن بحاجة لخلق ظلم الإنسان لأخيه الإنسان و لا اضطهاد الإنسان لغيره من البشر و لا استبداد بعض الأفراد بحياة و عمل الآخرين , إن هذا يدل بوضوح على أنه الإله الذي يتحدثون عنه إله دنيوي بامتياز , إله يهتم فقط بسادتنا و ليس ببقية البشر , إله يريد لبعض البشر فقط أن يعيشوا برفاهية بينما يحكم على معظم البشر الآخرين بالفقر و الجوع , السعادة إذن في هذا التصور فقط من حق السادة , حتى الإله لا يعرف السعادة رغم كل قدرته على التدمير و العقاب و القتل دون أي عقاب , يثبت لنا كل هذا حقيقة واحدة , أن رسم صورة منطقية لهذا الإله هو مهمة مستحيلة , حاول البعض , كالمعتزلة مثلا , عقلنة صورته هذه فخلقوا من المشاكل أكثر بكثير مما تمكنوا من حله , و حتى الفلاسفة كانت تصوراتهم عن هذا الإله تخلق من المشاكل أكثر مما تحل , وحدهم من يسمون أنفسهم أهل النقل و الذين حظروا و منعوا أي نقاش في هذه المسائل و رسموا صورة لإلههم غير قابلة للنقاش تحت طائلة التكفير , رغم أنهم يقرون مباشرة و دون مداورة بكل الإشكالات التي يتضمنها تصورهم عن هذا الرب , لكنها هذا لا يعطي , وفقا لهم , الحق لأحد بانتقاد هذا التصور الممتلئ بالتناقضات و الإشكاليات , بل إن أهل النقل هؤلاء لا يكتفون بمنع أي كان من التساؤل عن إنكار العقل السليم للتصور الذي يرسمونه عن الإله ( السؤال عن هذا بدعة ) , إنهم يهددون بقتلنا إذا استخدمنا عقولنا في محاولة فهم تصورهم ذلك عن الرب , فعقولنا لم تخلق لهذا , لقد خلقت فقط لإثبات وجود إلههم أما إذا انتهت إلى حقائق مختلفة فهي تستحق الموت , إنهم متأكدين من صحة تصورهم عن الإله لدرجة أنهم مستعدين أن يذبحوا كل من يرفضه , إنهم حتى يرفضون أن يسمحوا بأي نقاش عقلاني حر عن تصورهم "الصحيح تماما" لهذا الإله , رغم أنهم لا يريدون و لا يستيطعون أن يحلوا التناقضات و الاستحالات في تصورهم هذا عن الإله , هذا الإله الدنيوي بامتياز كما سبق و قلنا , الذي لا قيمة لأي شيء يفعله إلا من وجهة نظر السادة , سادتنا الدنيويين , فهذا الإله لا يحتاج إلى عذاباتنا و لا إلى فقرنا لكي يثبت ألوهيته , على العكس من سادتنا الدنيويين الذي يحتاجون بشدة إلى جوعنا و فقرنا لكي يحتفظوا و يزيدوا ثرواتهم , إن نسبة الظلم و الجوع , الفقر و الألم و التعاسة , لهذا الإله , هي وحدها التي تجعل من هذا الظلم عدلا , من هذا الشر خيرا , و كل الآلام , و الفوارق الفاحشة بين البشر , كل هذا يصبح جميلا جيدا بمجرد أن نقبل نسبته إلى الإله , هذا الإله الذي يصوره السادة على أنه ناطق باسمهم و أنه هو الذي حكم علينا بالفقر و الجوع و العبودية لصالح السادة , لو أننا فقط أبناء هذه الطبيعة , خلقتنا , و منحتنا حياتنا , أجسادنا , و أرضنا , و إذا استبعدنا أيضا كل الأشكال "العلمانية" للقداسة , من الإيديولوجيا أو المشهد السلعي التي تدعي هي أيضا أنها مقدسة , مطلقة , خارقة , فوق الطبيعة و فوق البشر , إذا استبعدنا آلهة من نوع دنيوي مثل ستالين و هتلر و بوش , لأصبح هناك مقدسا واحدا فقط يستحق الوجود , أو حتى يمكنه الوجود , ألا و هو العدل بين الناس و حرية كل البشر............



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النخبة , السلطة , المجتمع , و النهضة و الحرية
- المشهد الأوبامي
- العولمة في منظور جون بودريار
- القداسة بين الإسلام السياسي , السلطة , و مفهوم الحرية الإنسا ...
- أكثر عن رأسمالية الدولة 2
- لا ضحايا و لا جلادين لألبير كامو
- من كتاب كورنيليوس كاستورياديس : المجالس العمالية و اقتصاديات ...
- أكثر عن رأسمالية الدولة
- دعوة لتشكيل جمعية أو لجنة للدفاع عن حقوق العمال السوريين في ...
- ما الذي تفعله عندما تخسر عملك أو منزلك ؟
- لينكون في مئويته الثانية
- لا حاجة لتكريس سجننا , المطلوب هو فقط تحطيمه
- مناقشة لمشروع المهمات البرنامجية المرحلية لتجمع اليسار المار ...
- ما هي الأناركية الشيوعية ؟ لالكسندر بيركمان
- دفاعا عن الثورة الشعبية
- نداء أناركي شيوعي ضد قمة الناتو
- عن الإسلاميين مرة أخرى
- أي حوار فلسطيني هذا
- الثامن من آذار
- المجالس العمالية ؟ : المدخل للديمقراطية المباشرة و لبديل حقي ...


المزيد.....




- سيناريوهات حاسمة تنتظر -الإخوان- بالأردن بعد كشف خلية الفوضى ...
- محمود عباس: نؤكد دعمنا للجهود المبذولة للحفاظ على الوجود الف ...
- كيشيناو تمنع رئيس الأساقفة من السفر إلى القدس مجددا
- استجواب جماعي لرجال الدين الأرثوذكس في مولدوفا
- رئيس البعثة الكنسية الروسية في القدس: سلطات كيشيناو تتدخل بش ...
- الكنيسة الروسية تعلق على تعطيل كيشيناو رحلة أسقف المطرانية ا ...
- إصابات إثر اعتداء للمستعمرين في سلفيت
- المسيحيون في القدس يحيون يوم الجمعة العظيمة وسط أجواء مثقلة ...
- البابا فرانسيس يزور سجنا في روما ويغيب عن قداس عيد الفصح
- فرح الصغار وضحكهم: تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على نايل ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - الإله و الإنسان