|
سرديات العقل وشقاء التحول الديمقراطي في العراق المعاصر
كاظم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 08:51
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
تاليف الدكتور عامر حسن فياض عرض كاظم الحسن ياتي هذا الكتاب ضمن سلسلة، تصدر عن جريدة (الصباح) تعنى بشؤون الثقافة والفكر والادب.. ويتوافق مع الراهن العراقي الذي يعيش حالة من المخاض المؤلم لولادة تجربة ديمقراطية لم تنضج معالمها بعدويشير المؤلف الى الفرصة سنحت للعراق ما قبل العهد الجمهوري لبناء مجتمع جديد يستند الى دستور مدني حديث ولكن بدون توفر الارضية المناسبة لمثل هذا المجتمع المدني وهي علاقات الانتاج الرأسمالية كما وجدت في اوروبا واميركا.الا ان عسكرة السلطة، ترييف المدن، معاداة التعددية الحزبية، رفض التداول السلمي للسلطة، حروب اللا معنى كانت تمثل ابرز العلامات الفارقة لجمهوريات الخوف التي قالت جميعها (اهلا ووداعا للطبقى الوسطى) فحصلت القطيعة بين اللحظات الديمقراطية للعراق الملكي، وديمقراطية المستقبل الصعب لعراق اليوم، كما يذهب الى ذلك الباحث فالح عبدالجبار.
- مفهوم الديمقراطية الليبرالية يقول الباحث: من الخطأ استعمال كلمات بدون تحديد مفاهيمها وغالبا ما يؤدي اهمال التحديد على رأي المؤرخ اليوناني توسيد يوس، الى ان تمتدح الطاعة العمياء كانها الحرية وتمجد الوحدة المفروضة بالاكراه كأنها تحقيق الديمقراطية والمتفق عليه في هذا المضمار ان معظم المهتمين بدراسة الديمقراطية كانوا قد عرفوها بدلالة المعنى الحرفي العام للمصطلح اي حكم الشعب.
وبقدرتعلق الامر بالديمقراطية الليبرالية، نلاحظ عدم اتفاق المختصين على مثل هذا التعريف او ذاك وربما لهذا السبب تجاوزنا المعنى الخاص للديمقراطية لنكتفي بتعيين الركائز التي تقوم عليها.
وهذه المرتكزات الفردية والطبيعية والعقلانية وهي سلاسل مترابطة قد يصل التناسق بين حلقاتها احيانا حد الانسجام بل حد التداخل.
واشار الى هذاا الاتساق من خلال خصائص فكرية كثيرة مثل: نظريات القانون الطبيعي التي عرضها هوبز وبينوزا ولوك وروسو، والمصلحة المتنورة والادارة الخيرة التي قال بها كانت، ومذهب الحرية بوصفها ماهية الانسان والتصور الانثروبولوجي الفلسفي لوحدة الجنس البشري. - المرتكزات الاجتماعية والسياسية واكد ارتباط نشوء الديمقراطية الليبرالية في اوروبا وتطورها بنشوء الطبقة الوسطى وتطورها حتى قيل ان الديمقراطية بالمعنى الليبرالي لا يمكن ان تنشأ وتنمو الا بوجود هياكل اجتماعية ضمن بناء طبقي تلعب فيه الشرائح الوسطى دورا رئيساً. وقد بدا تكوين هذه الطبقة مع الثورة التجارية التي ظهرت بوادرها في اوروبا عصر النهضة واسهمت في تغيير النظام الاجتماعي الذي كان قائما على وجود طبقتين اساسيتين هما (الطبقة الارستقراطية وطبقة العواملقد ظهرت طلائع هذه الطبقة الجديدة من التجار الجائلين الذين ينتقلون من مكان الى اخريحملون بضاعتهم عى اكتافهم او على الدواب ويتجولون على اقدامهم فاطلق عليهم لقب (المعفرة اقدامهم واوضح ان نشوء المحطات التجارية وتحصينها والدفاع عنها باسم (بورج Bourg) واخذ منها اسم (بورجوازية) الذي اطلق صفة على التجار الذين يجتمعون فيها.
ولما لم يكن التجار طبقة منتجة وليسوا طرفا في علاقة الانتاج السائدة بين الاقطاعيين والفلاحين فقد سميت طبقتهم ايضاالطبقة الوسط - مفهوم الديمقراطية في العراق القديم
وبين نوع الديمقراطية السائدة في الفكر السياسي القديم،والتي سميت (الديمقراطية البدائية) في مجتمع صنف على اساس انه (مجتمع ديمقراطي وعسكري)، وهذا النمط كان بمثابة الصورة التي اتخذها نظام الحكم في العراق وهو نمط يقوم في السماء مثلما يقوم في الارض.
اما في السماء فانه انعكس على المستوى الديني على اساس ان مملكة السماء كانت تسودها الديمقراطية البدائية، والتي تتصور ان الالهة كانوا مقيدين بقررات مجلسهم وكانت لذلك المجلس او الندوة صلاحيات دينية وعقابية معينة كمحاكمة الانسان على عقوقه وارتكابه ما يغضب الاله وانتخاب احد الالهة ليكون رئيسا لهذا المجلس، ومنحه السلطة المطلقة في حالة الطوارىء والظروف الاستثنائية واسباغ صفة الملكية على انسان ليحكم باسم الالهة على الارض. واشار الى ان ممارسة السلطة داخل المجتمع الالهي كانت مطبوعة بطابع الديمقراطية البدائية، ولكن التطور التاريخي سيفرض نموذجا اخر للسلطة غير السلطة الاجتماعية الا وهي السلطة السياسية، ومع ظهور الاخيرة ستتخذ سلطة المجتمع الالهي طابعا جديدا غير الديمقراطية البدائية. بكلمة اخرى ان سلطة المجتمع الالهي ستتتخذ طابع السلطة المنفصلة عنه والتي تمارس عليه عن طريق القوة. - الاسلام والديمقراطية نوه الباحث الى ان مسالة الخلافة الراشدية القائمة على مبدأ الشورى، مثلت الفاعلية الفكرية والسياسية الواجبة الحضور في الازمنة الحديثة بعد تبدل حكم الشورى بالحكم الاستبدادي نهاية الخلافة الراشدية وحتى نهاية الخلافة العثمانية، فكان لابد في هذه الحالة ان يسجل مفهوم الشورى حضوره في الفكر العربي الاسلامي الحديث وان يسهم في الاجابة عن السؤال الكبير الذي ارتسم على كل شفة ولسان في الازمنة الحديثة ما الذي بدل الاحوال؟ وكيف اصبح الضعيف قويا والقوي ضعيفا؟ ولماذا تعود الامة الى الوراء بعدما تصدرت العالم؟ واجاب على هذه التساؤلات، وضرورة استرجاع ما تمت خسارته وانه بغير هذا الاسترجاع لن تكون العودة الى المجد مرة اخرى ممكنة، فما المطلوب؟ وما هي الحالة التي تغيرت؟
ـ باختصار المسألة تحصر بالاستبداد والشورى واذا كانت حجة وجود الشورى في الخلافة الاسلامية لا تثبت الديمقراطية السياسية فان هذا لا يعني في الازمنة الحديثة ان الديمقراطية السياسية تتنافى مع الاسلام وعلى صعيد الفكر التحديثي فقد نالت الحركة الدستورية ونظام الحكم النيابي موافقة المصلحين المسلمين على اساس انهما ينسجمان مع المبادىء الاسلامية في الحكم. التعددية السياسية في العراق ويعتقد ان مقومات التعددية السياسية في تاريخ العراق الحديث اعتمدت شروطا فكرية واخرى سياسية، فالشروط الاولى، اي الفكرية كان قد وفرها المثقفون العراقيون الذين نزعوا الى شق دروب نحو النزعات العقلانية والعلمانية والطبيعية المستندة الى مبدأ الحرية. اما الشروط السياسية فانها تمثلت بوجود الدستور والمؤسسات الدستورية المعمولة وفق الصيغ التمثلية البرلمانية التي عرفها العراق الملكي اضافة الى وجود الاحزاب والقبول بتعددية الرأي من جهة ثانية. واشار الى ان حجم الاستبداد الواحدي وهو يحاول طمس التمايزات الاجتماعية والسياسية داخل المجتمع، الا ان الجهد الانساني في مناهضة الاستبداد ومن اجل الحرية والعدالة والاداء السياسي الرشيد اسفر عن ضرورة الاعتراف بالتعددية السياسية داخل المجتمعات السياسية المعاصرة، كما اسفر عن تأكيد ضرورة التسليم بالطموحات المشروعة لمختلف الفئات الاجتماعية في سعيها السلمي للوصول للسلطة السياسية والمشاركة فيها تحت مظلة تنظيم تشريعي يسمح بذلك ويقننه. - الديمقراطية في العهد الملكي ويرى ان العراق الملكي قبل ان تكون له فئة مثقفة كانت متعلمة تعليما عصريا، وتنتمي الى اصول اجتماعية غير متقاربة نسبيا، غير انها كانت قد اتفقت مبدئيا بمختلف شرائحها وبحكم عصريتها على قضية جوهرية مشتركة هي قضية الاصلاح والتحديث وضرورة الخروج من واقع الضعف والتخلف الذي انتاب بلاد الرافدين فبعد الحرب العالمية الاولى اصبح كل جناح من اجنحة هذه الفئة يسلك سبيله الذي ينتهي الى اشاعة منطق الدولة الحديثة. واضاف ان معظم عطاء الجيل الاول من فئة المثقفين العراقيين قد خدم ضمن اطار سياسي فكانت مجهودات هذا الجيل ضمن هذا الاطار عبارة عن مجهودات تأسيسية اتكأت فكريا في الغالب على التراث السياسي الليبرالي الغربي. والمهم بعد ذلك كله ان فئة المثقفين العراقيين اذا كان قد وجدت في تأسيس الدولة العراقية الحديثة فرصة لتحقيق تطلعاتها في الديمقراطية الليبرالية بصرف النظر عن الدوافع الخارجية لتأسيسها. - نعي الطبقة الوسطى كما اكد ان عسكرة السلطة، ترييف المدن، معاداة التعددية الحزبية، رفض التداول السلمي للسلطة حروب اللا معنى كانت تمثل ابرز العلامات الفارقة لجمهوريات الخوف التي قالت جميعها (اهلا ووداعا للطبقة الوسطى) فحصلت القطيعة بين اللحظات الديمقراطية للعراق الملكي انفة الذكر وديمقراطية المستقبل الصعب لعراق اليوم. منذ التكوين الحديث للدولة العراقية عاشت الطبقة الوسطى واجيالها المتعاقبة في العراق الحديث حالة من التشظي والتحلل والتهشم بالاتجاه الادنى وفي سياق عملية افقار شاملة لها ولمن دونها من جموع الفئات الفقيرة اساسا. وتابع، لقد نمت الطبقة الوسطى في العراق نموا سريعا خلال العقود الثلاثة من عمر الدولة العراقية وغزت هذه الطبقة اجهزة الدولة من اسفل وظلت مستبعدة من اعلى وبعد نهاية العهد الملكي استطاعت هذه الطبقة من اختراق قمة الدولة ولكن على يد الفئات الوسطى العسكرية اي ما يسمى بـ (الجندي/ السياسي). وعن هذه الطبقة يمكن ملاحظة ثلاثة اجيال في العراق الحديث، الجيل الاول، الذي نشأ باثر اصلاحات (داود باشا) و(مدحت باشا) من عسكريين ومدنيين من الذين شغلوا مراكز وسيطة في الجيش والادارة العثمانية، تلك الاصلاحات التي ادت الى نقل المجتمع العراقي في اقل من نصف قرن من حالة ركود وعزلة تاريخية وبنية بدائية متخلفة الى مجتمع متآهب لدخول التاريخ من جديد. اما الجيل الثاني والثالث للطبقة الوسطى فانهما سينقسمان الى فريقين احدهما النخبة الحاكمة في الدولة العراقية والثانيهما لعب دور المعارضة للحكومة ولا جل التحرر والاستقلال من الاحتلال البريطاني، وعلى هذا الاساس نشأت للمرة الاولى في العراق ما قبل الجمهوري امكانية بناء مجتمع جديد يستند الى دستور مدني حديث ولكن بدون توفر الارضية المناسبة لمثل هذا المجتمع المدني، وهي علاقات الانتاج الراسمالية كما وجدت في اوروبا واميركا.
#كاظم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عرض كتاب العرب وجهة نظر يابانية
-
حوار مع د . ظاهر الحسناوي
-
حوار مع الباحث سعد سلوم:
-
ثنائية الوطني والخائن
-
شرعية الانتخابات وشرعية المنجزات
-
حرق المراحل
-
المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب
-
مصالحة الحزب الشمولي
-
التغيير السياسي في العراق انتصار لارادة الحياة
-
ثقافة حقوق الانسان من ركائز المجتمع المدني
-
المجتمع المدني بين المعايير الذاتية والموضوعية
-
حول اشكالية المفهوم
-
المجتمع المدني حصانة للديمقراطية
-
نورز... ذاكرةالمستقبل
-
التجاوز على أملاك الدولة
-
لإصلاح الديني.. إعادة قراءة للفكر والسلوك البشري
-
الاسلام والنزعة الانسانية العلمانية
-
قوانين الحرية في المجتمع الديمقراطي
-
آيديولوجيا التطرف والعنف
-
الوكيل والأصيل في التقاعد
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|