أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد راشد المطيري - من يجب أن يحكم؟














المزيد.....

من يجب أن يحكم؟


فهد راشد المطيري

الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 08:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من يجب أن يحكم؟ هذا هو السؤال التقليدي في ميدان الفلسفة السياسية، ولو تأملنا تاريخ هذه الفلسفة، لوجدنا أن الإجابة عن هذا السؤال لم تكن واحدة. أفلاطون، مثلا، كان يرى أن الحكم يجب أن يستقر في أيدي الفلاسفة، فالفيلسوف حسب رأيه هو أقدر الناس على اتخاذ قرارات حكيمة، وأما سان أوغستين فيزعم أن الحكم ينبغي أن يؤول إلى رجال الكنيسة، فهو يرى أن الرهبان هم أقرب الناس إلى الرب وأكثرهم معرفة بمشيئته! لو انتقلنا إلى بدايات عصر النهضة، فسنلاحظ أن إجابة ميكيافيللي عن هذا السؤال تعكس حجم الانحطاط الأخلاقي خلال فترة الحروب الإيطالية، وهي فترة سادت فيها رذائل الغدر والمكر والنفاق، فميكيافيللي لم يتردد أن يكون ملكيّاً في كتابه «الأمير»، وجمهوريّاً في كتابه «الخطابات»! بعد عصر النهضة، انقسمت آراء الفلاسفة السياسيين في مجملها بين شكلين من أشكال الحكم، فمنهم من دافع عن النظام الديمقراطي من أمثال «لوك» و«مونتسيكو» و«كانط»، ومنهم من برّر الدفاع عن النظام الشمولي تحت مسميات مختلفة مثل «هوبز» و«روسو» و«هيغل»، وأما «نيتشه» فظل يغرّد وحيدا، مطالباً أن يكون الحكم بيد أرستقراطية مكونة من مجموعة من الأبطال!

حينما ينتج عن سؤال واحد إجابات متعددة، فإن في ذلك إشارة إلى مدى صعوبة السؤال نفسه، ويبدو أن السؤال الذي نحن بصدده ينتمي إلى هذا الصنف من الأسئلة، لكن ماذا لو كانت صعوبة العثور على إجابة مقنعة عن هذا السؤال تكمن في حقيقة أنه سؤال تمت صياغته بطريقة خاطئة؟ هذا هو رأي المفكر النمساوي «كارل بوبر»، فهو يرى أن السؤال بصيغته الحالية يدفعنا إلى البحث عن إجابات سلطوية وسطحية، مثل «الأفضل»، أو «الأقوى»، أو «الشعب»، أو «الأغلبية». أعتقد أن «بوبر» صائب في ملاحظته، ذلك أن السؤال يربط بين مصدر الحكم وأهليّة الحاكم، من دون وجود سبب مقنع لمثل هذا الربط، فإذا كنّا نعتقد أن القوة، مثلاً، هي مصدر الحكم، فإننا سنميل إلى الاعتقاد بأن القوي هو الإنسان المؤهل للحكم، من دون أن نقدم أي نوع من التبرير المنطقي لهذا الربط بين حجم القوة ومشروعية الحكم.

لتفادي هذا الخلل المتمثل في الربط غير المنطقي بين مصدر الحكم وهوية الحاكم، يقترح «بوبر» إعادة صياغة السؤال على النحو التالي: كيف يمكن تنظيم مؤسسات الدولة بطريقة تساهم في تقليص الضرر الناتج عن وجود حاكم سيئ في سدة الحكم؟ صياغة السؤال بهذه الطريقة لا تهتم بهوية الحاكم بقدر اهتمامها بتحديد كيفية الحكم، ولعل تجربتنا الديمقراطية المتواضعة في الكويت تقدم لنا مثالاً على هذا السؤال بصيغته الجديدة، فأداة الاستجواب، مثلا، هي إحدى الوسائل التي تساهم في تقليص الضرر الناتج عن وجود وزير سيئ على رأس الوزارة، ولكن إذا نظرنا إلى كيفية استخدام هذه الأداة الدستورية من قبل أغلب نواب البرلمان، فسنجد أن معظم الاستجوابات يميل إلى التركيز على هوية الوزير، وبمجرد أن ينجح الاستجواب في إطاحة الوزير، لا يكترث أحد بكيفية التعامل مع حجم الضرر الذي تركه الوزير بعد رحيله! من هنا نستنتج أنه على الرغم من أن الهدف من أداة الاستجواب هو تقليص الضرر الناتج عن وزير سيئ، فإن استخدام هذه الأداة يعتمد في أغلب الأحيان على هوية الوزير، أو بعبارة أخرى، الاستجواب كأداة دستورية يجيب جزئيا عن السؤال الذي طرحه «بوبر» بصيغته الجديدة، ولكن الاستخدام الفعلي لهذه الأداة مازال يدور في فلك السؤال نفسه بصيغته القديمة!

هناك، إذن، ضرروة في محاولة الفصل بين مصدر الحكم ومشروعية الحاكم في تقلد مناصب الحكم، وهي ضرورة تستدعي إعادة النظر في جميع أشكال الحكم التي تقوم على أساس بدائي! لكن ينبغي الانتباه إلى أن الأمر لا يقتصر فقط على موضوع الحكم، فنحن نربط أيضاً بين مصدر المعرفة من جهة وحقيقة هذه المعرفة من جهة أخرى، وعلى أساس هذا الربط قامت جميع الأديان التي عرفتها البشرية. عندما يصل إلى أسماعنا خبر غريب يصعب تصديقه، فإننا نقوم عادة بالسؤال عن مصدر الخبر، وكأن مصدر الخبر يصلح أن يكون دليلاً قاطعاً على صحته. حينما يكون الأب هو المصدر الرئيسي للمعرفة، فهل من الغرابة أن يصدّق الأطفال آباءهم على طول الخط، حتى لو جرّوهم إلى المسلخ استعدادا للذبح؟!




#فهد_راشد_المطيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية بين الشرق والغرب
- آفة الطاعة وأنواعها
- خرافة علم الأنساب
- تشويه المفاهيم الغربية
- انحسار الخطاب العلماني
- العدل والديمقراطية
- الثنائية المزيفة: إما حكم الأغلبية...وإما حكم الأقلية
- الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
- الديمقراطية و استبداد الأغلبية
- حوار في الدين و السياسة و التعليم
- الرقابة في عصر -الأنوار- الإسباني
- نقد العقل الجبان
- التفكير النقدي: طريق الخلاص
- الأفكار الجديدة و التقاليد الموروثة
- المثقف بين الطموح و تسويق الذات
- ماذا أقول له؟
- شعوب تحدق في السماء
- لا حاجة إلى حوار بين الأديان
- أسطورة بابا نويل
- زمن ولىّ و أثر باقٍ


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فهد راشد المطيري - من يجب أن يحكم؟