أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان














المزيد.....


قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2621 - 2009 / 4 / 19 - 09:25
المحور: حقوق الانسان
    


استكمالاً للمقال الأول عن ابن رشد الذي نشرتُه هنا بتاريخ 5/3/09، تحت عنوان "لشدّ ما نحتاجُ إليكَ أيها الشارح"، أُكْمِلُ نهْلي من الكتابين الفاتنين اللذين وقعتُ عليهما مؤخرًا. البريطاني: "ثقافةُ أفريقيا الشمالية في أسبانياMoorish Culture in Spain”, Burckhardt, T. George Allen & Unwin, Ltd., London, 1972. ، والأمريكيّ: المساهماتُ الإسلامية في الحضارة، ” Islamic Contributions to Civilization”, Cobb, S.,Avalon Press, Washington, 1963..
وعن طفولته وتحصيله وتشكيل مكوّنه الثقافي، وجريًا على عادة الأسر العريقة في ذلك الوقت، تلقّى بن رشد تعليمَه على عائلته فنبغ في الدراسات القرآنية، والتشريع، والعقائد اللاهوتية، كما برع في علوم الفلك، والأدب، والرياضيات، والموسيقى وعلم الحيوان. على أن أهمَّ مُنجزه كان في الطب والفلسفة. يرجع نبوغُ ابن رشد إلى ولعه الشديد بتحصيل العلم فقد نزر نفسَه للعلم والتحصيل حتى قيل إنه لم يتوقف عن القراءة والكتابة سوى يوم زواجه ويوم وفاة والده. غير إنه يدين بنجاحه كذلك إلى مناصرة خليفتين مستنيرين من الأسرة الحاكمة المعاصرة له ورعايتهما، هما: أبو يعقوب يوسف (1163-1184) ثم نجله يعقوب المنصور (1184-1199)، اللذان تأصَّلت في ظلِّ حكمهما روح التسامح والود بين المفكرين والمثقفين على عكس العداء القديم للفلسفة من قِبل المذهب المالكيّ الذي مثّل أهم الأحزاب الفكرية الإسلامية في الأندلس في تلك الآونة.
بعد عامين من تنصيب ابن رشد قاضيًا في سيفيل، جلبه الخليفةُ أبو يعقوب إلى قرطبة وأغدق عليه من النِّعَم ورفْعةِ المكانة، فجعل منه كبير القضاة وطبيبه الخاص كما ائتمنه على العديد من المناصب الرسمية الرفيعة في مراكش و سيفيل و قرطبة، وتحت رعايته المعنوية والإنسانية، بدأ ابن رشد مهمته الكبرى في إعادة قراءة وتفسير أعمال أرسطو والتعليق عليها.
ويحكي ابن رشد كيف كان لقاؤه الأول مع أبي يعقوب في حضرة ابن طُفيل: "بعد بضعة استفساراتٍ وديّة حول عائلتي، باغتني الأميرُ بسؤالٍ عن وجهة نظري حول طبيعة السماء و فكرة الخلق". مُدركًا ضيق رؤية بعض الفقهاء، أجاب ابن رشد، على نحوٍ حذر، بأنه لم يكوّنْ بعد نظريةً كاملة بهذا الصدد، الأمرُ الذي جعل أبا يعقوب يفتح دائرةَ النقاش بعرضه آراءَ أفلاطون وأرسطو. فيما بعد، تمكن ابن رشد من مناقشة الفلسفة الإغريقية بحُريّة مع أبي يعقوب الذي شجّعه على تدوين شروحه حول أعمال أرسطو.
في السنوات التالية تزايد إنتاجُ ابن رشد الأدبيّ بشكل ملحوظ في رعاية البلاط والخليفة. وحين تولى المنصور الخلافةَ عام 1184، اتخذه، على نهج أبيه، طبيبَه الخاصَ، وتولاه برعايته ومناصرته حتى لكان يناديه:"الأخ"، وزوّجه إحدى بناته. ومنذ اللقاء الأول بينهما، الذي رتّبه صديقهما المشترك ابن طُفيل، نشأت صداقةٌ حميمة بين ابن رشد والخليفة المنصور. غير أن ذلك الحدب الاستثنائي الذي لقيه في بلاط المنصور سوف يتحول فيما بعد إلى رفض وإقصاء، حتى يتم نفيه مع بعض رجالات البرلمان من أتباعه ويتم إحراق الكثير من مؤلفاته في علم المنطق والميتافيزيقا. وقبيل موته سيُستعاد من جديد الفرمان القديم الصادر ضد الفلاسفة بوصفهم مناهضين للعقيدة الإسلامية.
قوبلت كتاباتُه الخِلافية الصادمة بتقدير بيّن من قِبل النخبة المثقفة، في حين مثّل ابن رشد عدوًّا للعامة وتعرض لهجمات من قِبل المتعصبين بسبب دفاعه الجريء عن الفلسفة الإغريقية وزعمه اتفاقها ومفردات الإسلام. كانت آراؤه فاحشةً في عيون المتطرفين الذين رجموه يوما في المسجد الأعظم في قرطبة. وفي وصفه الممرور لهجمة المتطرفين وتدميرهم مكتبة قرطبة صرخ ابن رشد قائلا: "لا طاغوتَ فوق الأرض يعدلُ طاغوتَ الكُهّان". وبالرغم من أن المنصورَ كان إلى حدٍّ بعيد حاكمًا مستنيرًا، فإنه حين رأى بوادر فتنة تهدد الإسلام، ورغبةً منه في تهدئة وامتصاص غضْبةَ العلماء المحافظين، رُمى ابنَ رشد بالهرطقة وأمرَ بإحراق بعض كتبه. ولأنه كان في حاجة لمساندة الفقهاء المالكيين في حربه ضد القشتاليين، عزل المنصورُ ابنَ رشد من منصبه كقاض ونفاه من بلاطه في مراكش إلى لوزينا. وفي رواية أخرى قيل إن ابن رشد أشار في أحد كتبه عن علم الحيوان إلى المنصور بوصفه "ملك البرابرة"، الأمر الذي أغضب الأمير وسبّب نفي ابن رشد. وبعد انتصار المنصور في موقعته، هدأت غضبةُ مسلمي أسبانيا وخمد التعصبُ فتم العفوُ عن ابن رشد بعدما وصل إلى درجة من الإحباط قصوى، فعاد من جديد إلى عمله في بلاط الخليفة قبل قليل من رحيله في 10 ديسمبر عام 1198. غير أن موته لم يمحُ أفكاره التي أشعلت ترجماتها إلى اللاتينية فتيلَ التغيير الجذري في فكر أوربا الكنسي في القرون اللاحقة.
وللحديث بقية.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وإننا لا نبيعُ للكفار!
- أبريلُ أقسى الشهور
- احذروا هذا الرمز!
- الكونُ يتآمرُ من أجل تحقيق أحلامِنا
- ما تشدي حِيلك يا بلد!
- من أين نأتي بسوزان، لكلِّ طه حسين؟
- طواويسُنا الجميلةُ
- أنا أقولُها علنًا!
- وأين صاحبي حسن؟
- حينما للظلام وَبَرٌ
- الله كبير!
- -وهي مصر بتحبني؟-
- الحقلُ هو سجادةُ صلاتي
- مصرُ الكثيرةُ، وأمُّ كلثوم
- أيها العُنُقُ النبيل، شكرا لك!
- مصرُ التى لا يحبُّها أحد!
- قديسٌ طيبٌ، وطفلٌ عابرٌ الزمن
- رُدّ لى ابتسامتى!
- ومَنْ الذى قتلَ الجميلة؟
- كانت: سيفٌ فى يدِها، غدتْ: شيئًا يُمتَلَكُ!


المزيد.....




- الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومداهمات ليلية واسعة في الضفة
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- مسئول بحماس: إسرائيل تريد اتفاقا بدون توقيع.. ولم توافق على ...
- دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد يؤثر سلبا على اقتصاد ألمان ...
- إيران تُسرع تخصيب اليورانيوم والأمم المتحدة تدعو لإحياء الات ...
- اعتقال أوزبكستاني يشتبه بتورطه في -اغتيال جنرال روسي بتعليما ...
- مسئول أمريكي سابق: 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى ا ...
- تواصل عمليات الإغاثة في مايوت التي دمرها الإعصار -شيدو- وماك ...
- تسنيم: اعتقال ايرانيين اثنين في اميركا وايطاليا بتهمة نقل تق ...
- زاخاروفا: رد فعل الأمم المتحدة على مقتل كيريلوف دليل على الف ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - قال: لا طاغوتَ يعْدِلُ طاغوتَ الكُهّان