|
الإطار الاستراتيجي للعلاقات الأمريكية - الروسية
عبدالله تركماني
الحوار المتمدن-العدد: 2620 - 2009 / 4 / 18 - 09:58
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
بعد أن أوشك العالم، مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، على فقدان نظامه الدولي الضامن لمعادلات التوازن بين قواه الكبرى، هاهو اليوم يعود إلى رشده مع إدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما، التي طرحت على نفسها مجموعة أسئلة منها: هل نريد أن ننتشر على الحدود الروسية ونشعر روسيا بالتهديد ؟ أم أننا نريد التعاون الروسي معنا في العراق وأفغانستان وإيران وكوريا والاقتصاد العالمي ؟ كما تساءلت القيادة الروسية: هل نستمر في دعم إيران مما يدفع الإدارة الأمريكية لدعم وتحريك أطراف مناوئة لنا ؟ إنّ العلاقات الأمريكية - الروسية يشوبها دائما عامل انعدام الثقة، ومما زاد في توتر هذه العلاقات أنّ الإدارة الأمريكية السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار " الإطار الاستراتيجي " الذي تضمنه الإعلان الروسي - الأمريكي في نهاية " قمة سوتشي " في أبريل/نيسان 2008: أنّ الدولتين لم تعودا عدوتين ولا تشكلان تهديدا استراتيجيا الواحدة للأخرى، والدعوة إلى حوار يتناول الخلافات التي تفرق بينهما في شأن توسيع الحلف الأطلسي، والاهتمام المشترك بإنشاء نظام دفاعي مشترك مضاد للصواريخ مع أوروبا، تشارك فيه ثلاثة أطراف: روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. ودراسة التهديدات الصاروخية الجديدة، والعثور على وسائل لمواجهتها. على أية حال، هناك أكثر من ورشة تفكير ودراسة دعت إدارة الرئيس أوباما إلى التفكير الجدي بأسس الشراكة الضرورية لإصلاح العلاقة الأمريكية - الروسية. وقد حملت إحدى الدراسات الأخيرة عنوان " التوجه الصحيح للسياسة الأمريكية نحو روسيا "، في تقرير للجنة رفيعة المستوى ترأسها السيناتور والمرشح السابق للرئاسة غاري هارت، اقترحت ضبط السلاح وتخفيض الترسانة النووية، والعمل على مناطق المصالح المشتركة مثل: إيران، أفغانستان، كوريا الشمالية، الطاقة، السيطرة على الإرهاب. على هذه الأرضية يمكن فهم العرض الأمريكي لروسيا، الذي مفاده أنّ الإدارة قد تكون مستعدة للبحث في مسألة شبكة الصواريخ الباليستية في بولونيا وتشيكيا، مقابل تخلّي روسيا عن دعم البرنامج النووي الإيراني، طبقا لاقتراح عالم السياسة الأمريكي الشهير والأستاذ في جامعة هارفارد جوزيف ناي صاحب نظرية ديبلوماسية " القوة الناعمة ". وفي المقابل، تواترت التصريحات الروسية التي تربط بين الملف الإيراني وملف الدرع الصاروخية، باعتبار أنّ الإدارة الأمريكية تتذرع لإنشاء منظومتها بما يوصف بـ " خطر الصواريخ الإيرانية ". ويدعم احتمال عقد هذه الصفقة اتفاق أمريكي - روسي على أنّ الأمن العالمي سيكون مهددا إذا حصلت إيران على أسلحة نووية. ولعل هذه الصفقة تجبر إيران على القبول بالمبادرة التي طرحها الرئيس بوتين في ربيع العام 2006، والتي تدعو إلى إنشاء شبكة مراكز دولية لتخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي تعمل تحت إشراف مباشر من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو إقامة مركز روسي – إيراني مشترك لتخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية بمشاركة خبراء إيرانيين. كما أنّ الإدارة الأمريكية تحتاج إلى روسيا كي تجد طريقا بديلا عن طريق باكستان – أفغانستان، كي تستطيع إيصال إمداداتها إلى قوات " الناتو " العاملة في أفغانستان، انطلاقا من أنّ الشراكة الأمريكية - الروسية في أفغانستان تساعد في إلحاق الهزيمة بالتطرف الإسلامي المكلف للطرفين. ومما لاشك فيه أنّ اللقاء الأول للرئيسين أوباما ومدفيديف، على هامش قمة العشرين بلندن في 1 أبريل/نيسان الجاري، قد سهّل إيجاد لغة مشتركة بين البلدين، بعد سنوات من التباين والخلاف حول العديد من القضايا الدولية. فأوباما لم يكتفِ بمخاطبة مدفيديف بلغة جديدة، وإنما دعا حلفاءه، أعضاء الحلف الأطلسي " الناتو "، إلى ضرورة العمل بجدية على بناء علاقات مثمرة وفعالة مع روسيا. وقد كانت الاتفاقية الخاصة بالأسلحة الهجومية الاستراتيجية في مقدمة الملفات التي بحثها الرئيسان، باعتبار أنّ التوصل لتفاهم حول هذا الملف يمكن أن يؤدي إلى تهدئة التوتر المخيم على العلاقات بين البلدين، ويعبّر عن حسن النوايا. وتم الاتفاق على أن تعقد روسيا والولايات المتحدة الأمريكية اتفاقا جديدا لتحديد التسلح بالأسلحة الاستراتيجية خلال العام الجاري، قبل أن تنتهي الاتفاقية السابقة التي تنتهي مدتها في ديسمبر/كانون الأول 2009. وأفاد بيان مشترك صدر بعد الاجتماع أنّ البلدين " مصممان على العمل معا لتعزيز الاستقرار الاستراتيجي، والأمن الدولي، ومواجهة التحديات العالمية المعاصرة بشكل مشترك، ومعالجة الخلافات بشكل صريح وصادق في روحية من الاحترام المتبادل ". وأوضح أنهما " ناقشا إمكانات جديدة لتعاون دولي مشترك في مجال الدفاع الصاروخي، يأخذ في الاعتبار التقويم المشترك للتحديات والتهديدات الصاروخية، بما يستهدف تعزيز أمن بلدينا، وأمن حلفائنا وشركائنا ". وحول إيران، أقر الرئيسان بحقها في " برنامج نووي مدني "، لكنهما طلبا منها أن " تعيد الثقة في الطبيعة السلمية حصرا لبرنامجها .. والالتزام الكامل بالقرارات ذات الصلة لمجلس الأمن الدولي وهيئة محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما في ذلك تقديم التعاون المطلوب مع الوكالة ". ومن الملفت للانتباه ما ورد في البيان المشترك: توجد لدينا " خريطة طريق " تتمثل في " إعلان الإطار الاستراتيجي " الذي وقعته دولتانا في " سوتشي " عام 2008، والذي تدعونا الضرورة إلى العمل من أجل إعادة إحياء الأفكار الإيجابية المتضمنة فيه، وهو أمر نحن على استعداد له. وهكذا، يبدو أنّ المرحلة النهائية للتطورات الكبيرة في العلاقات الدولية عامة, وفي العلاقات الروسية - الأمريكية خاصة، تتجه نحو تسارع وتيرة العودة إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب. وفي هذا السياق، فإنّ الإدارة الأمريكية الجديدة مطالبة بما هو أكثر من الوعود, وعليها ترجمة هذا التغيير النسبي في خطابها إلى سياسات فعلية تستعيد بها الثقة والمصداقية، اللتين فقدتهما السياسات الأمريكية على مدى سنوات عديدة، ليس فقط من جانب روسيا بل والعالم أجمع، وتسهم بفاعلية في تطوير العلاقة بين البلدين على نحو أكثر توازنا بين شريكين، في إطار نظام متعدد الأقطاب ينهي الاحتكار والانفراد الأمريكي في إدارة الشأن الدولي, ويحترم حقوق الشعوب وسيادة الدول.
#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤشرات الانتخابات البلدية في تركيا
-
تساؤلات بشأن التحول الديمقراطي في العالم العربي ؟
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (6)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (5)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (4)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (3)
-
أسئلة ما بعد - انتصار - حماس
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (2)
-
الماركسيون العرب والمسألة القومية العربية (1)
-
أي سلام مع حكومة نتنياهو ؟
-
موسم المصالحات العربية
-
المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (6)
-
زمن المحاكمات الدولية
-
آفاق التحول الديمقراطي في العالم العربي
-
المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (5)
-
القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية
-
المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (4)
-
المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (3)
-
المفكرون الماركسيون والمسألة القومية (2)
-
توجهات السياسة الخارجية التركية
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|