أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي فريدي - العراق من عمر إلى علي..














المزيد.....

العراق من عمر إلى علي..


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 2617 - 2009 / 4 / 15 - 09:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(الحلقة الثالثة في سلسلة –العنف والمقدّس-)

الدراسة التحليلية لصورة العراق المعاصر وحركة راهنه الفوضوية تكشف عن إسمين وراء كل ما حدث ويحدث، وهذا الاسمان ينتسبان إلى صدر عهد الاسلام: عمر وعلي!.
عمر بن الخطاب هو مهندس ارسال جيوشه وراء الحدود إلى البلاد المجاورة وما بعدها، بعد السيطرة على حركات التمرد الداخلي، ضامّا بلاد جديدة إلى حدود دولته، ويمكن تأشير دوره في العراق في ثلاث نقاط:
1- الغزو العسكري الاستيطاني للميسوبوتاميا واخضاعها لادارته.
2- تهجير القبائل المتمردة على الدولة الفتية، - المشين في الموضوع ليس التهجير وانما مبادئه السياسية- ، حيث اختار القبائل المعروفة بالتمرّد على الدولة أولا، والقبائل المتصارعة معها، للتهجير إلى العراق، متخلصا من (عصفورين بحجر) كما يقول المثل. وبذلك يتحمل مسؤولية التأسيس للاضطراب الاجتماعي والفوضى السياسية التي أغرقت البلاد منذئذ، وجعلته هو ومن أعقبه يختار أكثر الولاة عتوا ووحشية لحكم البلاد.
3- تقسيم العراق إلى عدة مقاطعات، وتوخي العنف والفظاظة في أشخاص الحكام والولاة المخصصين للعراق، فالخطاب الاسلامي السياسي القائم على الشتيمة والسباب هو منتج (خطّابي)، ليس من طبيعة الهوية الأصلية للبلاد وأهلها الأصليين، وانما هو جزء من ثقافة الحكام والمحكومين الجديد الذين ألقت بهم قيادتهم القومية الجديدة خارج حدود الجزيرة لتنعم هي بعناصر الهدوء والاستقرار.
*
علي ابن أبي طالب هو ندّ عمر في نخبة الجماعة السياسية الجديدة في الحجاز، وبينهما منافسة واصطراع شخصي انعكس على نشاطهما السياسي والعسكري لاحقا. ولأسباب متعددة أثبت الأول حنكته وغلبته، وبشكل أوقع الثاني في شرّ أعماله. فقد رأى علي نفسه الرجل الثاني ووريث محمد العائلي، والعائل (الوليّ في التقليد اليهودي) لعائلة محمد المكونة من أغلبية نسوية. وتعدى في طموحه ومساعيه دائرة العائلة لاستيراث مكانة محمد الدينية والسياسية، (محمد نبي الله ، وعلي وليّ الله)، موقعا بنفسه في حلبة مواجهة قريش ذات المآخذ والتحفظات الكثيرة حول محمد وسلطته الجديدة، وليس من المتوقع استسلام (أهل مكة) للعبة كهذه يقودها فتى في سرية من نساء.
لقد استطاع عمر أن يلعب دوراً رئيسا في إدارة وتوجيه الأحداث، مستبعدا شخصية (علي) خارج حلقة النخبة السياسية وبالشكل الذي انعكس على شخصية علي في أمرين رئيسين :
1- نمو مشاعر الحنق والانعزال في داخله التي دفعت به خارج مجتمع مكة واليثرب وخارج جغرافيا الحجاز وشبه الجزيرة.
2- ميله لعمل (دينسياسي) محيطا نفسه بعصبة من أشخاص، قوامها التغذية الفكرية ذات الطابع الديني الانعزالي في ذاته والمتقاطع مع منظومة الخارج (دولة ودين)، حيث تتساوى مزاعم نبذ الحياة الدنيوية مع مظاهر رفض الدولة والتمرد على سياساتها واجراءاتها، وبذلك نجح في توليد أول تجمع فكري اجتماعي في مجتمع الجزيرة تحت يافطة (شيعة علي)، شاقا (الأمة) و (الدولة) و (العقيدة) الجديدة بشكل تاريخي استمرّ وتفاقم حتى اليوم.
*
ما علاقة العراق بلعبة المنافسة بين عمر وعلي..
نجحت قيادة عمر في اجراءاتها، واستتبت عوامل الاستقرار والأمن لدولته التي بقيت مضطربة من قبله، واتسعت حدود الدولة بشكل متواصل ، وفاضت أموال الخراج وغنائم الحرب التي نال علي وآل بيته وشيعته نصيب الأسد منها. ومع امتداد عهده في الحكم وتنامي الدولة وقوتها وجبروتها، كان علي يزداد عزلة وتقوقعا في أسرته وشيعته التي انفتحت على النافذة الفارسية عبر زيجات متعددة قصيرة النظر، نائيا بنفسه عن الجنس العروبي. وحين أتيح له تولي قيادة الدولة كانت أوضاع الدولة وأوضاعه الشخصية في وضع غير محسود عليه..
فالدولة على شفا التمزق في خضم الفتنة التي انهت حكم عثمان بين عفان، واتجهت أصابع الاتهام إلى مناورات علي، فاعتقد (الشورى) ان في تولية علي وءدا للفتنة. فأتيح لعلي (أخيرا) تحقيق حلم تأخر كثيراً..
حرص علي على ارساء دعائم حكمه، فقام بعدة خطوات..
- نقل مركز الحكم من المدينة إلى العراق..
- تأسيس وتخطيط مدينة الكوفة واتخاذها مقر حكمه..
- تصفية قيادات الجيش والدولة موليا أهمية خاصة للموالين له.
امتدّ حكم عثمان عشرين عاما، استقرت فيه مقاليد الأمور بأيدي طبقة بيرقراطية وتجارية هيمنت على مجريات الحياة السياسية والاقتصادية، فجاءت محاولة علي وضع نهاية لها بين يوم وليلة، ليجد نفسه في مواجهة عدو جديد أكثر عتوا وحنكة من عمر. إذا كان علي مندفعا من ذاته في الانحياز للدم الفارسي أم واقعا تحت تأثيرهم، ليس متعارفا الان، ولن يغير في مجرى تلك الأحداث شيئا. لقد لزم علي الصمت في مواجهة عمر وفي أحيان اختار المداهنة، ولكنه في مواجهة بني أمية كان في قمة حماسه الثوري دون الأخذ بالحسبان قراءات الواقع ومقتضيات الحكمة. والواقع أن الدولة آلت إلى علي دون مقاليدها. فإضافة للأسباب آنفة الذكر، تقلصت جماهيرية علي العروبية إزاء انغماسه في اللحم الفارسي وانحيازه الشرقي، وجاء نقله مركز الدولة نتيجة لذلك، ودافعا للمزيد من الرفض والقطيعة.
بالمقابل كان معاوية يلتقط ما يتناثر من أخطاء علي ويدعم قاعدة حكمه، وهكذا انحاز الخيار الشعبي لاختيار معاوية ومؤازرته في مواجهة من يخرج على الاجماع، مصداقا لمقولة عمر (مَنْ فرّق أمرَ هذه الأمة وهي جميعٌ فاضربوا عنقه!). وقد كان علي وشيعته المحدودة ذات الأصول الفارسية (الأممية) أول مؤسس لهذا الخروج، ذلك ما استقصده عمر، ولكنه بحنكته ترك تنفيذه إلى منطق الأيام، ليجد علي نفسه وحيدا في مواجهة الجماعة.
*
(يتبع..)
لندن
الثالث عشر من ابريل 2009



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقدس.. من السماوي إلى الأرضي.. (جزء 2)
- المقدس.. من المطلق إلى النسبي.. من السماوي إلى الأرضي
- محاولة في تعريف الدين والمقدس
- العنف والمقدس (2)
- (كوتا.. كم.. نوع!!..) المرأة العراقية والمرحلة..!
- دعوة لحماية الحيوان وحفظ كرامته واحترام حقوقه..!
- الكلام.. جدلية الكم والنوع
- العنف والمقدس
- فصل الدين عن الدنيا
- فكرة الاشتراكية.. بين صنمية النظرية وأسواء التطبيق
- ثورة أكتوبر .. (نعم) أو (لا)
- من قتل فيصل الثاني؟..
- تأملات في الحالة العراقية - 5
- نحو يسار اجتماعي.. ومجتمع مؤسسات دمقراطية
- تأملات في الحالة العراقية (4)
- تأملات في الحالة العراقية (3)
- تأملات في الحالة العراقية (2)
- دين.. دولة ومجتمع
- عوامل الطرد السكاني وعوامل الجذب
- العلاقة الطردية بين التعليم والأمية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي فريدي - العراق من عمر إلى علي..