أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - هذا -الإفراط القانوني- في تنظيم -حرِّية الصحافة-!















المزيد.....


هذا -الإفراط القانوني- في تنظيم -حرِّية الصحافة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2617 - 2009 / 4 / 15 - 09:49
المحور: الصحافة والاعلام
    


في "المدينة الإعلامية الفاضلة"، التي لا تقع إلاَّ في الشطر الطوباوي، المثالي، من عقول البشر، نرى، بـ "العين الطوباوي المثالية"، الصحافيين والإعلاميين وسائر أهل الفكر والقلم، وعلى اختلاف وتباين مشاربهم، وتضاد مصالحهم، أو المصالح التي نذروا أقلامهم وألسنتهم للدفاع عنها، متَّحدين في جمعية (إعلامية) حرَّة، ديمقراطية، "يَحْكمون" من خلالها أنفسهم بأنفسهم، ويديرون شؤونهم المهنية، ويتولُّون هُم، لكونهم من "أهل مكة"، وأدرى، بالتالي، بشعابها، سن القوانين التي تُنظِّم عملهم ونشاطهم، وتتعيَّن فيها حقوقهم وواجباتهم، مشاركين، بالتالي، غيرهم من فئات المجتمع، في صناعة القانون العام، أصولاً وفروعاً، فيشفى المجتمع من مرض "الاغتراب القانوني"، الذي من أعراضه تنزيل القوانين تنزيلاً على المدعوين إلى التزامها ومراعاتها والتقيُّد بها.

إنَّ أحداً مِمَّن عانوا وقاسوا شظف العيش لا يمكنه التقليل من شأن "قطع الأرزاق"، فالتجربة، أي تجربة "قطع الأرزاق"، علَّمتهم أنَّ "قطع الأعناق" أهون من "قطع الأرزاق".

عندنا، أي في "المدينة الإعلامية العربية"، اضطَّر القابضون عليها، حجراً وبشراً؛ وإنْ ليس في الاضطِّرار فضيلة، إلى التصالح، ولو قليلاً، مع روح "العصر الإعلامي"، فأمسكوا عن الإمساك برقبة الصحافي الذي لا يُمْسِكَ لسانه، أو لا يُمْسِك عن النطق بالحقيقة، التي هي على وجه العموم عدوٌّ مبين لهم ولمصالحهم الشخصية والفئوية، فاقتصدوا في حبسه، أو ضربه، أو إيذائه جسدياً، أو شنقه، أو قتله، مولِّين وجوههم شطر وسائل وأساليب "حضارية" للإكراه والعقاب والردع.. ولـ "ترويض النفس"، فالصحافي تضطُّره طبيعة مهنته إلى أن يملك أكثر من غيره من "النفس الأمَّارة بالسوء"، والتي يستبدُّ بها "شيطان الحقيقة المتمرِّد العاتي".

تلك الوسائل والأساليب هي التي منها يخلقون "البنية التحتية" لما يسمُّونه "الرقابة الذاتية"، التي هي، وعلى ما علَّمتهم إيَّاه التجربة، خير وأكفأ وأجدى من "الرقابة الخارجية"، فـ "الدركي"، في "الرقابة الذاتية"، والتي يُجمِّلونها بتسمية "الحرِّية المسؤولة"، يبتني له مخفراً في النفوس، فتغدو هراوته الخفية على هيئة مداد تُكْتَبُ به النصوص، وكأنَّه خير دواء لداء "النفس الأمَّارة بالسوء".

إنَّه، أي الصحافي في "المدينة الإعلامية العربية"، التي لا تعرف من أغراض "الشِعْر الإعلامي" سوى المديح أو الهجاء، ما أن يُمْسِك بالقلم، الذي به علَّم الله الإنسان ما لم يَعْلَم، حتى ترتجف يده وأصابعه، ويستشعر بوطأة "الدركي الداخلي"، فيشرع يفاضِل بين "الغرام" و"الغرامة"، بين أن ينطق بالحقيقة التي يشدُّه إليها غرام صادق وبين أن ينطق بما يقيه شر "الغرامة"، فإنَّ عذاب الحقيقة كان غراماً.

إذا لم تكن "الغرامة المليونية" من نصيبه فلا بدَّ لها من أن تكون من نصيب الجريدة التي يعمل فيها، والتي لها الحق، عندئذٍ، في أن تُنْزِل به المكروه الأعظم، وهو "قطع الأرزاق"، لتكون في مأساته عِبْرة لأولي الألباب من زملائه، فالعقوبة التي لا تردع ليست بالعقوبة.

لقد نزل به (مع جريدته) المكروه الأعظم؛ لأنَّه يستحقه، فنفسه سوَّلت له أن يفتري إثماً إذ عميت عليه الأنباء، أو أصيب بعمى الألوان، فلم يميِّز "الأحمر" من "الأخضر" في الخطوط السياسية، فعمى إلى (أي ذهب إلى) تضليل الناس، والإضرار بالاقتصاد القومي، وتشويه صورة البلاد، والإساءة إلى العلاقة بين دولته والدول الأجنبية، واقتراف الانتقاد الذي يَعْدل الإثم.

"تضليل" الناس.. إنَّه إثم، لو تعلمون، لعظيم؛ فالصحافي الحر، الذي يكتب بقطرات دمه، ويضحي بالغالي والنفيس من أجل الوصول إلى الحقيقة وإظهارها، "يضلِّل" الرعية؛ لأنَّه يريهم من الكأس ذاته نصفه الفارغ، ويُفْسِد جهود "الإعلام الرسمي" لصنع "الرأي العام" بما يفيد في جعل ريح المجتمع تجري بما تشتهي سفينة الأرباب السياسيين للإعلام الرسمي؛ مع أنَّ تجربتهم تُقْنِع حتى الحجر بأنْ لا مُسْتَهْلِك لمنتجهم الإعلامي الرسمي إلاَّ هُم!

أنْ يتوفَّروا على حجب الحقائق عن الناس بذرائع شتَّى، وأن يسعوا، عبر إعلامهم الرسمي، في تعليم الرعية أنَّ 1+1=5 ، وأنَّ الجزء أكبر من الكل، وأنْ يستمروا في إكراه المجتمع الذي "نضج"، وبلغ "سن الرشد"، على ارتضاع وجهات نظرهم في كل شيء، فهذا كله، وهو غيض من فيض، ليس بالتضليل للناس؛ لأنَّ "الحقيقة" هي فحسب ما يُفكِّر فيه موسوليني الآن!

"الكلمة" يمكن أن يكون لها أثر الرصاصة (التي أصابت أو أخطأت الهدف). أمَّا في بلادنا الحصينة المنيعة، أكانت من فئة "المعتدلين" أم من فئة "الممانعين"، إنْ بقي من فَرْق نوعي بين الفئتين، فإنَّ لـ "الكلمة" أثر "قنبلة هيروشيما".

كلُّهم غيرة وحرص على الاقتصاد القومي؛ ولن يرحموا صحافياً يعتدي بلسانه، أو بقلمه، على هذا الاقتصاد؛ ولكن يحق لهم هم فحسب أن يستثمروا المال القومي في "وول ستريت"، أي بما يجعل جبال الاقتصاد القومي كالعهن المنفوش!

إنَّ نفسي الآن تسوِّل لي أن أجترح انتقاد المنزَّهين عن الانتقاد؛ ولكنَّ الدركي الذي في داخلي، والذي يطيب لي أن أسمية "الرقابة الذاتية"، أو حارِس "الحرِّية المسؤولة"، ينهاني قائلاً بهراوته: قِفْ!

لو سألْتَ القابضين على "المدينة الإعلامية العربية" أيَّهما أسوأ، إبليس أم "أسوأ" صحافي عربي ولدته أُمه، لأجابوكَ على البديهة قائلين: "إبليس، وهل يخفى الأمر؟!".

أجل، إبليس؛ ولكنهم يضربون صفحاً عن حقيقة أنَّ الله سمح حتى لإبليس بأن ينطق بما نطق، وبأن يعترض حتى على مشيئته، وبأن يعصي أمره له بالسجود لآدم، فلمَّا ظلَّ على عصيانه، وتمرُّده واستكباره، عاقبه الله؛ ولكن "عقاباً رحيماً"، فلم يقطع رأسه، ولم يهدر دمه، ولم يزجه في غياهب السجون؛ بل لبَّى له طلبه أن يمنحه الحرِّية في أن يُفْسِد، ويُجنِّد له أتباعاً، مُقدِّراً أنَّ في المؤمن من قوى الخير ما يكفيه شرور وساوس إبليس، ويُحْبِط سعي هذا الشيطان الأكبر (الذي في هذا السياق ليس الولايات المتحدة).

وكم نتمنى أن يتمثَّل حُكَّامنا "المعاني السياسية" في "قِصَّة إبليس"، فيقفون من "معارضيهم" و"المتمردين عليهم" موقفاً مشابهاً لموقف الله من إبليس؛ فَلْيُعامِل حُكَّامنا المعارضين لهم، والمتمرِّدين عليهم، والعاصين لأوامرهم، على أنَّهم "أبالسة"، فيَتْركون لهم "حرِّيَّة الإفساد (الفكري والسياسي)" في المجتمع "إلى يوم الوقت المعلوم"، فإذا مالَ إليهم مواطِن، و"اقترب من تلك الشجرة"، يعاقبونه؛ ولكن ليس بقطع رأسه، وإنَّما بـ "إهباطه" مِمَّا يعدُّونه "جنَّة" على الأرض.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يختلف نتنياهو وأوباما -لغوياً-!
- لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!
- فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم!
- -أصل الأنواع- في الكتَّاب!
- أوباما -يكتشف- تركيا!
- العرب.. أُمَّة عاطلة عن العمل!
- الموت والحياة!
- -الوسيط- ليبرمان يجب ألاَّ يفشل!
- كفاكم استئساداً على -المبادرة-!
- جيفرسون وأوباما.. وشيطان -الجزيرة-!
- غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!
- ما وراء أكمة -الدعوة الفاتيكانية-!
- -الاحترام-.. حلال على حكومة نتنياهو وحرام على الحكومة الفلسط ...
- أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!
- التَّحدِّي اللغوي!
- -الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!
- في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
- -أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
- شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
- على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - هذا -الإفراط القانوني- في تنظيم -حرِّية الصحافة-!