سعد جميل
الحوار المتمدن-العدد: 2617 - 2009 / 4 / 15 - 09:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جاءت الفلسفات والمعتقدات القديمة والتي من رحمها وُلِدت الديانات “السماوية” لاسباب عديدة مثل محاولة تنظيم حياة البشر بعضهم ببعض من خلال سن قوانين اعتبروها فوق بشرية اي الهية ليضمنوا تطبيقها. وكذلك اشباع النفس البشرية الخائفة من المجهول في تأملات روحية تعطيهم بعض الطمأنينة في الدنيا والاخرى.
ومما جاءت به ايضا هي محاولة الرد على تساؤلات الانسان على ما يراه من حوله من ظواهر طبيعية في السماء كانت ام على الارض وايجاد تفسيرات لها وربطها بالخالق لتعظيم شأنه واثبات مقدرته على كل شئ. وفي هذا المقال سأورد بعض الايات القرآنية التي تناولت الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك والتعليق عليها ايضا.
اذا بدأنا في سورة الانعام الاية 96 يقول القرآن (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ). ولنقرأ تفسير ابن كثير عن مقدمة الاية (فَهُوَ سُبْحَانه يَفْلِق ظَلَام اللَّيْل عَنْ غُرَّة الصَّبَاح فَيُضِيء الْوُجُود …) يقول ما معناها ان الشمس عند شروقها تضيء الوجود كله. وعلى ما يبدو ان الله ومحمد ظنّا كما ظنّ الانسان في ذلك الزمان ان الارض مستوية ولذلك تضيء الشمس كل ما هو موجود على الارض عند شروقها. طبعا هذا اذا سلّمنا ان كلمة الوجود تعني ما هو موجود على الارض ولكن وكما اعلمها انا فهي تعني كل ما هو موجود في الكون وهنا تكون المصيبة اعظم.
اما باقي الاية 96 فيفسرها ابن كثير بالشكل التالي (وَقَوْله " وَالشَّمْس وَالْقَمَر حُسْبَانًا " أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مُقَنَّن مُقَدَّر لَا يَتَغَيَّر وَلَا يَضْطَرِب بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَنَازِل يَسْلُكهَا فِي الصَّيْف وَالشِّتَاء فَيَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار طُولًا وَقِصَرًا). اي ان سبب حدوث الليل والنهار والصيف والشتاء هو دوران الشمس حول الارض وليس العكس كما نعرف نحن اليوم.
وفي اية اخرى ذات سياق متصل وهي يونس 5 يقدر الله القمر منازل ليعلموا عدد السنين. فبالرغم من ان حضارات جاءت قبل الاسلام بالاف السنين اعتمدت السنة الشمسية لتحديد موسم الحصاد وبالرغم من ان العالم اليوم كله يعتمد على هذا التقويم, فان اله القرآن اعتمد السنة القمرية التي كان يستخدمها اهل مكة وهم ليس اهل زراعة. وهذا دليل على ان هذا الاله لم يكن يعلم ما كان معمولا به في مناطق قريبة من مكة وعليه لم يكن يعرف اي حساب للسنين هو الانسب للبشرية بل كان يعرف فقط ما كان يعرفه اهل مكة في ذلك الوقت.
وبالعودة الى سورة الانعام لكن الاية 97 (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ). في هذه الاية يخلق الله النجوم لكي يستطيع الانسان من تحديد الاتجاهات الاربعة اثناء ترحاله ليلاً من خلال النظر الى الابراج النجمية الموجودة في السماء. وجاء هذا ايضا في سورة النحل 16 (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ). سؤالي هنا, اذا كان كل نجم من هذه النجوم هو بحجم الشمس او اكبر او اقل ولهذه النجوم كما للشمس كواكب تدور حولها واحتمال وجود اقمار تدور حول هذه الكواكب, كل هذا من اجل ان يحدد الانسان طريقه ليلا من خلال النظر الى النجوم. اليس هذا اهدار للمادة والطاقة, الم يكن بمقدور الله ان يصنع من المادة الموجودة في قمر صغير يدور حول احد الكواكب الذي يدور حول احد هذه النجوم مليارات البوصلات ويعطيها لآدم عندما خلقه لكي يوزعها على بقية البشر بدل من يخلق كل هذه النجوم لكي يستدل بها الانسان ليلا. ثم ماذا يفعل الذين يعيشون في مناطق تسودها الغيوم معظم فصول السنة, فلا يستطيعون ان يتنعموا بهذه النعمة الالهية.
اما في سورة الصافيات 6 يقول اله القرآن (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ). تعليقي هو نفس التعليق اعلاه اي ان الله يهدر في المادة والطاقة بخلقه لكواكب بهذا الحجم يدعي انها فقط لتزيين السماء علما ان معظمها يصعب رؤيته من الارض.
في سورة الشمس التي تبدأ بالاية (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) فأن الله هنا يقسم حسب المفسرين بالشمس وقت شروقها. والسؤال هنا هل يحتاج الله وهو خالق كل شئ ان يقسم? اليست هذه عادة البشر في محاولة منهم لتأكيد كلامهم, وانا شخصيا لااثق كثيرا بالاشخاص الذين يكثرون من القسم في كلامهم. اما عن وقت شروق الشمس فإن الانسان كان وما يزال ينبهر من رؤية منظر الشمس عند الشروق وحتى عند الغروب حيث يكون قرص الشمس اكبر ولونها يميل الى اللون البرتقالي. وهذه ظاهرة فيزيائية معروفة تقطع فيها اشعة الشمس مسافة اطول في الغلاف الجوي وبسبب وجود اجسام صلبة كالغبار مثلا يحدث انكسار وتشتت للاشعة اكبر مما لو كانت الشمس عامودية ولهذا تبدو الشمس بهذا الشكل واللون. من المهم هنا ان نعرف إن الشمس كانت احد الالهة التي كانت تُعبد من شعوب كثيرة ومنهم اهل مكة وكانوا يقسمون بالضحى اي ضحى الشمس كأحد اسماء الشمس الحسنى إن جاز التعبير. ومحمد لم يتوارى من ذكرها في قرآنه في محاولة منه لكسب مودة من يعبدون الشمس, وخاصة وان عرفنا ان سورة الشمس هي مكية وان محمد في وقتها كان في امس الحاجة الى مسالمة معتنقي الديانات الاخرى من ناحية ومحاولة جذبهم الى دينه الجديد من ناحية اخرى.
وفي سورة الرعد الاية الثانية يقول كاتب القران (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ). هذا الكلام هو خرافة من الخرافات التي كان الانسان يؤمن بها, حيث صوّر السماء والارض على شكل غرفة او خيمة لها ارضية واعمدة او جدران وسقف. وشبّه الارض التي نعيش عليها والتي اعتقد انها مسطحة بارضية الغرفة والسماء بالسقف ولانه لم يجد ما يشبه الاعمدة (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا) تسائل عن سبب عدم سقوط السماء على الارض. وجاءت الاديان لتجيب على هذه التساؤلات التي طالما شغلت تفكير الانسان ولتخرجه من الجهل الى النور كما يدعون وعللت عدم وجود اعمدة تحمل السماوات الى مشيئة الله. في اعتقادي اسهل من هذا التفسير لايوجد.
اما في سورة يس (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)). فعن الاية 38 يقول البخاري ان محمد سُئل عن المكان الذي تذهب اليه الشمس عند غروبها فقال محمد (فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش) وهو تفسير هذه الاية. من هنا نلاحظ ان محمد كان يجهل بأن الشمس عندما تغرب من منطقةٍ ما تشرق على اخرى ولا تذهب لتسجد تحت العرش ولا هم يحزنون.
اما عن الاية 39 وحسب المفسرين فإن الله قد قدّر للقمر منازل عدّة, ترتفع منزلته في النصف الاول من الشهر القمري ليصل لمنزلة البدر ثم يعود وتنخفض منزلته في نهاية الشهر. والحقيقة ان الاوجه المختلفة للقمر هو انعكاس لضوء الشمس على الارض في تلك اللحظة التي يوجد فيها القمر بالنسبة للارض. ولو فرضنا ان هناك رواد فضاء متواجدين في الجهة الاخرى من القمر لرؤه بدراً عندما نراه محاقاً والعكس صحيح. فمنازل القمر هذه ليست ثابتة لكل من يراها في الكون وانما تخص فقط اهل الارض وكان يتوجب على الله ان يكون علميا ودقيقا بوصفه هذا.
وبالانتقال الى الاية 40 في السورة اعلاه (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ). تعليق, ان الانسان في ذلك الزمان اعتقد بان الشمس والقمر يدوران في فلكين منفصلين حول الارض وان فلك الشمس يأتي بعد فلك القمر لذلك لايمكن للشمس ان تخسف (تدرك) القمر بينما يستطيع القمر ان يدرك الشمس. لذلك اعتقد اتباع اله القمر “الله “ ومنهم محمد ان القمر هو الادرك اي الاقوى بينم اعتقد اتباع اله الشمس “اللة او اللات” ان الشمس هي الافضل لانها تعطي الضوء والحرارة والحياة. اما عن الليل والنهار في سياق الاية فان الانسان هو من يحدد بداية اليوم فقديما كان اليوم يبدأ مع بداية الفجر وفي الوقت الحاضر يبدأ اليوم بعد منتصف الليل, وفي المطلق لايوجد بداية محددة لليوم او ان النهار الذي يسبق الليل او بالعكس.
وقبل ان اختم لابد من الاشارة الى ان اصحاب الاعجاز العلمي يجاهدون والحق يُقال في استنباط التفسير العلمي للظواهر الطبيعية من القرآن, وهم بذلك يقلبون السحر على الساحر. فبتفسيراتهم المضحكة تارة والعجيبة تارة اخرى يجبروننا على ان نقرأ اكثر في هذه الايات لنكتشف انها خاوية من اي معنى علمي ان لم تكن تحمل اخطاءا علمية. القرآن لايحتمل اي اعجاز علمي فكل ما مكتوب فيه من قصص واساطير واعراف كانت معروفة عند بعض او كل شعوب وقبائل تلك المنطقة.
واخيرا وبالرغم من كل هذه الاخطاء التي تكشف لنا ان الله لم يكن يعرف اكثر مما كان يعرفه الانسان في ذلك الزمان فأن القرآن يقول عنه (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) آل عمران 5.
#سعد_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟