|
عندما يختلف نتنياهو وأوباما -لغوياً-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2616 - 2009 / 4 / 14 - 08:59
المحور:
القضية الفلسطينية
هل من "خلاف حقيقي" بين إدارة الرئيس أوباما وحكومة نتنياهو في شأن "عملية السلام"، وتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين على وجه الخصوص؟
بحسب إجابة وزير النقل الإسرائيلي إسرائيل كاتز عن هذا السؤال، الذي تتحمَّل حكومة نتنياهو ـ ليبرمان مسؤولية طرحه واستمرار طرحه إقليمياً وعالمياً لكونها لم تتحدَّث عن السلام حتى الآن إلاَّ بما يشجِّع على الاعتقاد بقرب نشوب ما يشبه الأزمة في العلاقة بين الطرفين ـ ليس من "خلاف فعلي واقعي"، فالخلاف بينهما، والذي يعترف بوجوده، لا يتعدى "الخلاف اللغوي الصرف"، أي أنَّه خلاف في المفردات والمصطلحات والتعابير، ويمكن، بالتالي، التغلُّب عليه، وسريعاً، إذا ما أظهر الطرفان من "المرونة اللغوية" ما يفي بهذا الغرض؛ وإنَّهما لمُظْهِران.
ثمَّ سُئِل كاتز (الذي ينتمي إلى حزب "ليكود") عمَّا إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي رفض حتى الآن خيار "حل الدولتين"، والذي يحظى بتأييد الرئيس أوباما، فأجاب بما يصلح مثالاً على "الطبيعة اللغوية" للخلاف، قائلاً: "لقد أعطى نتنياهو موافقته على كيان فلسطيني لا يهدِّد إسرائيل". "دولة" أم "كيان"؟
هذا هو السؤال الذي إنْ سألناه يتضح لنا ويتأكَّد أنَّ الخلاف بين الطرفين، أو الحليفين الإستراتيجيين، من طبيعة لغوية صرف، فَلِمَ والخلاف بهذا الطابع والطبيعة لا نستعيذ بواقع العلاقة بين الطرفين من همز الشيطان العاتي ولمزه ونفخه ونفثه ووساوسه؟!
نَعْلَم أنَّ الرئيس أوباما يؤيِّد خيار "حل الدولتين" لسلفه جورج بوش، وأنَّه لا يمكن أن يؤيِّد قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل يمكن أن تكون بخواص تجعلها مَصْدَر تهديد لأمن الدولة اليهودية، ففي هذا الأمر لا وجود، ولا يمكن أن يكون من وجود، لخلاف بين الطرفين، أكان "واقعياً" أم "لغوياً"؛ وليس بالأمر الذي يشقُّ على الرئيس أوباما أن يُعْلِن هو أيضاً أنَّه يوافِق على "قيام دولة فلسطينية لا تهدِّد أمن إسرائيل".
وهذا الذي قُلْنا، وكان لا بدَّ من قوله، يفيد في الوصول إلى مزيدٍ من التعيين والتحديد لـ "الخلاف اللغوي"؛ وقد يفيد في تذليل العقبات من طريق التغلُّب عليه، لغوياً، فإذا كان الخلاف لغويا فإنَّ حله يجب أن يكون لغوياً هو أيضاً.
إنَّ خيار "حل الدولتين" سيُتَرْجَم واقعياً بـ "شيء" يعطى للفلسطينيين؛ وهذا الشيء يسميه أوباما "دولة"؛ أمَّا نتنياهو فيُفضِّل تسميته "كياناً"؛ ذلك لأنَّ كلمة "دولة" يمجها سمعه، وسمع شريكه الأكبر ليبرمان.
والفلسطينيون الذين لا يهمهم كثيراً "اسم المولود"، وليس لديهم من فائض الوقت ما يغريهم بخوض "صراع لغوي" مع نتنياهو، أو أوباما، يمكنهم أن يقبلوا صياغة لغوية جديد لخيار "الدولتين"، لتصبح التسمية الجديدة لهذا الخيار "خيار حلِّ الكيانين"؛ فهل يظل كاتز، بعد ذلك، مصرِّاً على أنَّ الاختلاف بين "دولة أوباما" و"كيان نتنياهو" اختلاف لغوي صرف، أم أنَّه سيكتشف أنَّ في هذا الخلاف اللغوي يكمن خلاف سياسي كبير؟!
إذا ما تفاقم هذا "النزاع اللغوي"، واشتدت الحاجة، بالتالي، إلى حلِّه وتخطِّيه عَبْرَ تجاوز "حلِّ الدولتين" إلى "حلِّ الكيانين"، فإنَّ نتنياهو سيضطَّر عندئذٍ إلى أن يشرح للرئيس أوباما "الفرق الأمني العظيم" بين "الدولة الفلسطينية" و"الكيان الفلسطيني"، فرئيس الوزراء الإسرائيلي يتَّخِذ من "عبارته الأمنية" التي تضمنتها موافقته على "كيان فلسطيني" مَدْخَلاً إلى إفراغ هذا الكيان من مقوِّمات وخواص "الدولة".
ويكفي أن يقبل الفلسطينيون "دولةً" مستوفية "الشروط الأمنية" لنتنياهو حتى يكتشفوا أنَّ الذي حصلوا عليه ليس من "الدولة" في شيء، وأنَّه لا يمكن إلاَّ أن يكون "كياناً"، لا شيء يشبهه ويماثله إلاَّ "الحكم الذاتي"، الذي فيه "يحكم الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم"؛ ولكن بما لا يتعارض مع "حقِّ" إسرائيل في "السيادة الفعلية" على إقليم، أو أقاليم، "الحكم الذاتي الفلسطيني".
ولو سأل "المفاوِض الفلسطيني" نتنياهو عمَّا ينبغي للفلسطينيين قبوله وتقديمه وعمله توصُّلاً إلى جعله مطمئناً، مع شركائه في الحكومة، إلى أن هذا "الشيء" الذي يوافق أن "يعطيهم" إيَّاه لن يكون مَصْدَر تهديد لأمن إسرائيل، لأجابه بما يؤكِّد أنَّ الأمرين، أي "دولة الفلسطينيين" و"أمن إسرائيل"، ينفي كلاهما الآخر، على ما يرى ويؤمِن.
نتنياهو، وبعد أن يسوِّي هذا "النزاع الحقيقي الواقعي الفعلي" مع الفلسطينيين بما يسمح بقيام "كيان فلسطيني لا يهدِّد إسرائيل"، لن يَدْخُل معهم في "نزاع لغوي" عبثي، فإذا أرادوا تسمية هذا الكيان "دولةً" فلن يتصدَّى لهم، أو يصدهم عمَّا أرادوا!
وعندما يلتقي الرئيس أوباما للاتِّفاق معه على حلٍّ لهذا "الخلاف اللغوي"، يمكن أنْ "يفاجئ" نتنياهو مضيفه قائلا: خُذْ هذه القائمة، التي أُدْرِج فيها شروط ومطالب إسرائيل "الأمنية"، وأعْطِها للفلسطينيين، فإذا قبلوها ووافقوا عليها جميعاً، فعندئذٍ يسرُّني أن أبْلِغ إليكم، وإلى العالم بأسره، موافقتي الصريحة على خيار "حلِّ الدولتين".
إذا حدث ذلك فإنَّ أحداً من القائلين بخيار "حلِّ الدولتين" لن يجرؤ على نفي أنَّ هذا الخيار تُرْجِم أخيراً، أو سيُتَرْجَم، بقيام "كيان فلسطيني بجانب دولة إسرائيل لا يملك من مقوِّمات وخواص الدولة ما يجعله مَصْدَر تهديد لأمنها"، بحسب معنى "التهديد" ومعنى "الأمن الإسرائيلي" عند نتنياهو!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!
-
فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم!
-
-أصل الأنواع- في الكتَّاب!
-
أوباما -يكتشف- تركيا!
-
العرب.. أُمَّة عاطلة عن العمل!
-
الموت والحياة!
-
-الوسيط- ليبرمان يجب ألاَّ يفشل!
-
كفاكم استئساداً على -المبادرة-!
-
جيفرسون وأوباما.. وشيطان -الجزيرة-!
-
غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!
-
ما وراء أكمة -الدعوة الفاتيكانية-!
-
-الاحترام-.. حلال على حكومة نتنياهو وحرام على الحكومة الفلسط
...
-
أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!
-
التَّحدِّي اللغوي!
-
-الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!
-
في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
-
-أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
-
شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
-
على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!
-
وخلقناكم -فصائل- لتحاوروا..!
المزيد.....
-
فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ
...
-
عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟
...
-
-قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا
...
-
حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب
...
-
-واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل
...
-
الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
-
رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
-
جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
-
تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
-
مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|