|
ولاء العشائر وتغير المواقف
حيدر سهر
الحوار المتمدن-العدد: 2615 - 2009 / 4 / 13 - 08:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا احد ينكر دور العشائر الايجابي المتمثل بالدفاع عن العراق ووحدته طيلة السنين الماضية ولا احد ينكر ايضا ان بعض هذه العشائر ورؤسائها قد اسأوا للشعب العراقي في الحقبة الماضية، اذ اننا لو استرجعنا ذاكرة التاريخ قليلا سنجد ان هذه العشائر متمثلة برؤسائها من الذين كانوا يصفقون ويهللون لكل من هب ودب، ففي عهد النظام البائد استطاع هذا النظام من كسب تأييد هذه العشائر حيث استخدم طريقتين لكسب هذا التأييد الاولى تكمن بإغرائها بالمال والمناصب والثانية تكمن بأستخدام القوة معها ، فأستطاع هذا النظام من تحجيم وترويض هذه العشائر من خلال تطبيق قاعدة (العصا والجزرة) فأخذ ولاء الكثير من تلك العشائر وجعلها تقبل بالامر الواقع. ورغم ظلم ذاك النظام وتسلطه على الشعب العراقي الا ان اغلب هذه العشائر لم تتحرك ساكنة بل انها لم تشارك بأي انتفاضة او عمل مسلح يذكر ضد ذاك النظام رغم قمعه لابنائها في تلك المناطق، بل ان بعضها اصبح يد لهذا النظام لملاحقة المعارضين والمطلوبين وتسليمهم للسلطة فكانت هذه العشائر خنجر في خصر المعارضة خاصة بعد الانتفاضة الشعبانية التي قام بها ابناء الشعب العراقي في الجنوب، واصبحت هذه العشائر كدمى تحركها السلطة المركزية كيفما تشاء. وفي العهد الجديد وبما ان تكوين المجتمع العراقي يعتمد بالاساس على التكوين العشائري فلهذا اصبحت هذه العشائر هدف يتسابق عليه كل من اعتلى كرسي الحكم في البلاد، لما ستجلبه لهم من تأييد وقوة مستفيدة من تجربة النظام السابق، فاخذت الاحزاب المتنفذة ترمي الطعم لرؤوساء تلك العشائر من اجل كسب تأييدها، وما اللقاءات المتكررة بين قادة تلك الاحزاب ورؤساء هذه العشائر الا بداية صراع على كسب تأييدها باعطائها مميزات ونفوذ وصلاحيات كثيرة، خاصة بعدما حققت عشائر غرب العراق المتمثلة بالشيخ ابو ريشة من انتصار على تنظيم القاعدة الارهابي، هذا الانتصار الذي لم تفلح القوى الامنية برمتها من تحقيقه لاسباب يعلمها الجميع، فقامت الحكومة بدعم هذه العشائر ماديا ومعنويا ضاربة عصفوران بحجر واحد فالحكومة بدعمها هذا ستتخلص من تنظيم القاعدة الذي كانت له شعبية كبيرة في تلك المناطق والامر الثاني كسب ود هذه العشائر وما ستحظى به من تأييد من ابناء هذه العشائر. و في الجانب الاخر بحثت الحكومة وقادة سياسيون على رأسهم رئيس الوزراء نوري المالكي عن تكوين مشابه ( لصحوة العراق) فطرحوا مصطلح (مجالس الاسناد) الذي خلق خلاف كبير بين الاحزاب فبعضها مؤيد لهذه الفكرة والبعض الاخر رافضا لها، فالمالكي صاحب هذه الفكرة اراد كسب أكبر تأييد من العشائر بتأسيس (مجالس الاسناد) فهذه المجالس ستعطي للعشائر المنتمية صلاحيات واموال كبيرة وبالمقابل ستدعم المالكي سواء كان ضمن الحكومة او خارجها فهو من دعا لاقامة (مجالس الاسناد)، وقد عارض هذه الفكرة كل من الكرد والمجلس الاسلامي الاعلى، فالكرد يعتبرون ذلك خرقا للدستور وان هذه المجالس ليس لها تغطية دستورية متهمين المالكي بالاتفاق مع عشائر كانت يد للنظام الصدامي البائد لضرب الكرد في شمال العراق، واما المجلس الاسلامي الاعلى فهو رافضا لفكرة (مجالس الاسناد) معتبرا اياها فكرة خاطئة لان الوضع في الجنوب امن ولا ضرورة من تكوينها اضافة الى انها ستكون عبء على الحكومة وعلى ميزانية الدولة . ان حقيقة رفض الكرد لمجالس الاسناد تكمن في اخراج منافس لها في منطقتها سيقتسم السلطة والنفوذ في كوردستان العراق وهذا يخيف الكرد ، اما حقيقة رفض المجلس الاسلامي الاعلى لهذه الفكرة تتبلور من تخوفه من ان يسحب المالكي البساط من تحت قدميه بهذا المجالس ويأخذ التأييد الاكبر من هذه العشائر. اما الحكومة فتقول ان النية من تكوين مجالس الاسناد لتكون دعما للسلطة المركزية وقواها الامنية ولمحاربة الارهاب في تلك المناطق التي تقع ضمن نفوذ هذه العشائر. ومن هذا كله نشعر بأن هناك صراع كبير بين الكتل السياسية والاحزاب على كسب تأييد العشائر والتي يجب عليها ان تنئى بنفسها عن هذا الحراك او (العراك) السياسي وان لا تكون حجر بوجه النظام والقانون وان لا تلهث خلف المنافع الشخصية لرموزها، ويجب على الحكومة ان كانت تريد ان تبني دولة تعتمد بالشكل الاساس على القانون فعليها الغاء القبلية والحزبية في التعامل مع ابناء الوطن الواحد، اما تسيس او توظيف العشائر العراقية من قبل الحكومة يعد امرا خطيرا في تكوين الدولة العراقية الجديدة لانها ستميز بين فرد واخر وستمول الدولة عشائر دون اخرى حسب تأييد ومعارضة تلك العشائر وستنشر السلاح بيد هذه العشائر وما ستسببه من خطورة على الوضع الامني، فمن المفروض ان يكون السلاح بيد الدولة لا بيد ميليشيات او تنظيمات بأسماء متعددة من (مجالس اسناد وصحوات وغيرها) فمن الضروري على الحكومة ان تجمع السلاح من الشارع لا ان تنشره فيه لان هذا بحد ذاته سيكون قنبلة موقوتة ستنفجر بأي لحظة لا سامح الله.
#حيدر_سهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علاء والمطر
-
فليحيا الرئيس
-
لو كان أصبعي بعثيا لقطعته
-
باي باي امين بغداد
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|