أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نضال نعيسة - سقوط بغداد: عِبَرٌ وغموض وتحديات














المزيد.....

سقوط بغداد: عِبَرٌ وغموض وتحديات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2614 - 2009 / 4 / 12 - 10:15
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تمر اليوم الذكرى السادسة لسقوط بغداد أمام جحافل المارينز الأمريكيين، أو مغول العصر، كما أطلق عليهم صدام حسين، وسيمر وقت طويل قبل أن ينسى الأعاريب المنظر المؤلم لدبابتين أمريكيتين تقفان بغطرسة وخيلاء على جسر بغداد، تتحديان بذلك عمق الوجدان الجمعي العربي، من أقصاه لأقصاه، وحيث لم تتحقق نبوءة الرئيس المخلوع باندحار المغول على أبواب بغداد، التي أسكرت، وأطربت أسماع العروبيين في كل مكان. لقد هزت تلك الأحداث الوجدان العربي في الصميم وأعادت صياغته وفق منهج جديد كسير سيقطع مع كل ذاك الزعيق والضجيج القومي الفارغ الذي لم ينتج سوى الهزائم والانكسارات، ومؤسساً، في الوقت ذاته، لأفول نجم الخطاب العروبي ومفرداته، نهائياً وحلول خطاب ليبرالي أكثر عقلانية وهدوءاً وروية مما كان، ومع ذلك فهذا لوحده لم يفض إلى تغيير بنيوي جوهري على الساحة العراقية، وكانت فضيلة الغزو الوحيدة هي أنها أماطت اللثام عن ركام المشاكل والتناقضات والإشكاليات التي تعتمل تحت سطح هذه الجغرافيا الموبوءة بالثارات والأساطير وقصص الأولين وإشكاليات تستلزم دهراً آخراً لتحل ويستقر بها المقام، وكان الاستبداد يقبض عليها بيد من حديد ونار.

وثمة أحداث جسام كثيرة دامية وقعت بين الأمس واليوم، فزلزال بغداد الكبير ما زال يحمل الكثير من الارتدادات المفجعة والمحزنة التي تنعكس على غير مجال، وما زال من المبكر جداً الحكم على تجربة الديمقراطية التوافقية المؤسفة الوليدة. فقد اعتقد كثيرون أنه باكورة لسلسلة تداعيات متشابهة في عموم الإقليم الذي يعوم على بحور من الطائفية والكراهية والاستبداد والديكتاتورية. وما حصل لاحقاً يكشف عن مدى ما تتمتع به القوى المناوئة والمناهضة للتغيير، حتى بشكله الأمريكي المرفوض عملياً، من إمكانيات هائلة قادرة على إعادة عقارب الساعة للوراء بما تملك من إرث إيديولوجي قادرة من خلاله على فرملة وإجهاض أي مشروع تغييري، وتجيير تلك القوة والطاقة في خدمة حالة العطالة التاريخية التي تعيشها هذه المجتمعات، فالمسافة بين التحديث والنهوض ومواكبة الآخر في ما تزال حلماً بعيد المنال.

فحتى هذه اللحظة لا ندري هل ما تحقق من إنجازات، إن أمكن تسميتها بإنجازات، تستأهل كل ذاك الدم المراق، وهل حملت الطمأنينة والهدوء والأمل بغد مشرق لجميع العراقيين، أم أنها محض معالجات أمنية، وآنية استعراضية لن تلبس أن تنحدر إلى ما هو أسوأ في يوم ما، فالساح تحفل بمتناقضات شتى كان الاستبداد ناجحاً في أمر واحد وهو منعها من الانفجار؟ فالكلام، مثلاً، وعلى سبيل المثال لا الحصر، وكوجه من وجوه متعددة لعراق اليوم، عن الفساد والصفقات والعقود والتعويضات الخيالية والخرافية لأهل الحكم، ورموز وممثلي الحقيبة الجديدة، بات يزكم الأنوف، ورائحته في كل مكان، بما لا يجعل هناك كبير فرق بين عهد الديكتاتورية والاستبداد والعهد "الديمقراطي" الجديد، لجهة هدر يبلغ المليارات لثروة العراق البترولية الخرافية التي لم تفلح في ترفيه وتنعم العراقي حتى اليوم بضرورات الحياة البسيطة كالماء والكهرباء في قلب بغداد، ناهيك عن المناطق النائية والبعيدة. والأخطر من هذا وذاك، ومن دون التعريج على الاتفاقية الأمنية ذات الرؤى والمواقف المتباينة حولها، فإن أكثر ما يؤلم له، هو تلك الصورة النمطية الأصولية السلفية، غير المتسامحة واللا تعددية، التي بات يظهر بها العراق اليوم، بعد أن كان يبدو كحامل لمشروع نهضوي تحديثي ليبرالي يعيد أمجاده كحاضن ومنتج لأعرق وأعظم الحضارات التي عرفتها البشرية.

إن ما بدا حتى اليوم في العراق، وبرأينا، لا يبشر بالخير الكثير، فالتحديات كبيرة وماثلة، طالما أن التغيير كان ظاهرياً وليس بنيوياً أو جذرياً ليطال كل تلك التركيبة الإرثية الإشكالية التي تولد الاستبداد والديكتاتورية والاستئثار بالموارد والسلطة والإمكانيات، وستفضي، حتماً، ومنطقياً، لمزيد من الاحتكاك والصدام، وإذا كان التغيير مبتسراً، ومفروضاً، وليس وليد سياق تاريخي تطوري طبيعي وتاريخي وفق شروط موضوعية وعلمية، فإنه لا يحمل أية ضمانة بالاستمرار، كما لا يجلب استقراراً ولا أماناً لأحد. والديمقراطية، بنمطها الغربي، هي كمن يعطي دماً لشخص يحمل زمرة دموية مغايرة، وما قد يسبب ذلك من مضاعفات صحية خطيرة، قد تطال الحياة ذاتها.

لقد كشفت السنوات الست الماضية عن اضطراب ولخبطة في حقيقة التبريرات والذرائع التي سوقتها الإدارة الأمريكية لاحتلال العراق، والتي تغيرت مع الزمان وهذا لوحده يضع العملية كلها موضع الشك والريبة والاتهام. وقد ضاعت الأهداف الكبرى المعلنة وسط تخبط الإدارة، وسقوط مشروعها، وانحسار إيديولوجية المحافظين الجدد إلى الظل والوراء، وتدلل جميع التطورات أن مصلحة العراق، ونماءه، وازدهاره لم يكونوا أبداً في وارد المخططين لتلك الحرب. وإلى اليوم ما يزال هناك غموض واضح، وقلق من مستقبل العراق، بعد رحيل القوات الأمريكية المأمول في 2011. فهل ستصلح "ديمقراطية الغزو والاحتلال" كأنموذج يمكن تعميمه على دول الجوار، وتلهب خيال الإصلاحيين في هذا الفضاء؟ وهل سينتهي العراق إلى قبضة ديكتاتور جديد، أم يستمر في معاناته مع ديمقراطية ليست من ثوبه، ولم يعتد عليها في يوم من الأيام؟ فلننتظر، ونرى، إذن، القادم من الأيام.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الوحدة والتضامن إلى إدارة الخلافات العربية
- انهيار جبهة الخلاص السورية
- أنسنة العولمة
- أبو عنتر في ذمة الله
- في سجال خطوة إخوان سوريا
- خرافة الاقتصاد الإسلامي
- هل تتخلف الدول الدينية؟
- هل يكره النصارى المسلمين؟
- أوباما والعودة للشرق الأوسط القديم
- جوزيف فريتزل: صدمة أوروبا الجنسية
- هل الحروب الدينية جرائم ضد الإنسانية؟
- خرافة الفكر القومي والأمة الواحدة
- العقلاني المستنير بين الخنزرة والتفئير
- لماذا تقتلون النساء؟
- التغريبة العيدية من العقلانية إلى الهاويات الفكرية
- الممانعة والاعتدال: ولادة نظام عربي جيد
- المحاكم الدولية والشرق أوسطية
- سُحقاً للثّقافة الَبدويّة
- لماذا يَسْجِدون؟
- محاكم وتقارير أي كلام!!!


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نضال نعيسة - سقوط بغداد: عِبَرٌ وغموض وتحديات