أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسيب شحادة - كنيسة الجسمانية















المزيد.....

كنيسة الجسمانية


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 06:48
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



تُعتبر هذه الكنيسة المقدسية الصغيرة نسبيا والداكنة لإضفاء الجو الحزين الملائم لما ترمز إليه، من أجمل كنائس الأراضي المقدسة. أصل اسمها يعود إلى اللغة الآرامية “چت شمنا”(Gethsemane/i، ΓεσΘημανι) أي “معصرة الزيت” التي كانت وفق التقليد المسيحي في العهد الجديد في البستان الذي صلى فيه يسوع المسيح صلاته الأخيرة قُبيل تسليمه للسنهدرين أولا ثم للرومان للصلب (أنظر: الأناجيل: متى 26: 36-58؛ مرقس 14: 32-52؛ لوقا 22: 39-54؛ يوحنا 18: 1-13).
لا نعرف متى بدىء باستعمال الاسم العربي المحرّف عن الآرامية والإنجليزية: الجسمانية أو الجثمانية أو الجيثماني أو الجتسماني أو الجسيماني إلخ. ولا وجود هنا للجسم أو الجثمان. ومن الجائز أن يكون منشأ هذا الاسم العربي من الاعتقاد القاضي بأن جثمان السيدة مريم العذراء، والدة يسوع المسيح، مدفون بالقرب من بستان الزيتون حيث كنيسة ستنا مريم التي شيّدتها القدّيسة هيلانة، أم الإمبراطور قسطنطين الأول المعروف بالعظيم 272ـ337م. ويقع هذا البستان في أسفل سفح جبل الزيتون مطلا على وادي قدرون وعلى المسجد الأقصى ويدعى بالعبرية باسم “عيمق يهوشافاط” أي “مرج يهوشافاط” في كتاب العهد القديم (أنظر سفر يوئيل الإصحاح الرابع). وفي البستان تقع كنيسة “الجسمانية” المعروفة أيضا بالأسماء: “كنيسة كل الأمم/الشعوب، النزاع، الحزن أو الكرب أو الآلام”. هذه الكنيسة فرنسيسكانية منذ العام 1666 وسميت باسم “كل الشعوب” لأن تبرعات إقامتها ما بين السنتين 1919-1924 تجمّعت من ست عشرة دولة في شتى أنحاء العالم الكاثوليكي مثل أمريكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرازيل والمكسيك والأرجنتين. ومبنى الكنيسة من تصميم الراهب والمهندس المعماري الإيطالي الشهير أنطونيو بارلوتشي (Antonio Barluzzi, 1884-1960) الذي صمم كنائس كثيرة في الديار المقدسة في بداية القرن الماضي. وهذه الكنيسة شيّدت على أنقاض كنيسة بيزنطية من أواخر القرن الرابع وبعدها أنقاض كنيسة صليبية دمرت عام 1187 .
مساحة البستان حوالي سبعمائة متر مربع وفيه اليوم ثماني شجرات زيتون معمرة وجذوع بعضها ملتفة وضخمة ويقدر عمر أقدمها إلى بضع مئات وهي منبثقة من سلالة أخرى تعود أولاها إلى ما قبل ألفي عام. وهذه الشجرة المباركة ترمز إلى الأبدية فهي تتجدد بنفسها بـ“طلوقها” ومن الصعوبة بمكان تحديد أعمارها بشكل دقيق لعدم وجود حلقات في الجذع كما هي الحال في أصناف أخرى من الشجر. وتجذب نظر الزائر واجهة الكنيسة حيث لوحة ترمز ليوم القيامة للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي (Leonardo Da Vinci, 1452-1519).
وتقع بجانب الجدار الشرقي صخرة جلس عليها يسوع المسيح وفق التقليد المسيحي منفردا للتضرع والصلاة ثلاث مرات وتصبّب دما وكان تلاميذه الثلاثة المرافقون له، بطرس ويوحنا ويعقوب، يغطّون في النوم في كل مرة. هناك صلى يسوع المسيح متوسلا للأب أن تعبر عنه كأس الآلام إلا أنه قال جملته المأثورة “فلتكن مشيئتك يا أبي”، “فالذي يأخذ بالسيف فبالسيف يؤخذ”، “إن نفسي حزينة حتى الموت”. وقد يكون من المناسب هنا ذكر مراحل درب الصليب الأربع عشرة: نزاع يسوع المسيح في البستان؛ خيانة يهوذا وإلقاء القبض على يسوع؛ مجمع السنهدرين يحكم على يسوع؛ إنكار بطرس ليسوع؛ حكم بيلاطس البنطي على يسوع؛ جلد يسوع وتكليله بالشوك؛ حمل يسوع لصليبه؛ مساعدة سمعان القيرواني ليسوع في حمل الصليب؛ إلتقاء يسوع بنساء أورشليم؛ صلب يسوع؛ وعد يسوع للص التائب بالفردوس؛ حديث يسوع إلى يوحنا ومريم من على الصليب؛ موت يسوع على الصليب؛ دفن يسوع.
في مدخل الكنيسة فسيفساء لصورة يسوع المسيح الوسيط بين الأب الإله وبين بني البشر وهناك اقتباس من الرسالة إلى العبرانيين 5: 7 ” والمسيح في أثناء حياته البشرية على الأرض، رفع أدعية وتضرعاتٍ مقترنةً بصراخ شديد ودموع، إلى القادر أن يخلّصه من الموت، وقد لبّى الله طلبَه إكراما لتقواهُ”. الكنيسة مقامة على صفي أعمدة وبداخلها اثنا عشر عامودا رخاميا بشكل بنّي على احمرار وهي رمز لأشجار الزيتون، وفي الكنيسة ثلاثة أروقة وفي كل منها رسم لشعار الدولة التي شاركت في التبرع. وفي الرواق الشمالي ثلاث حنايا من الفسيفساء، واحدة ترمز إلى قول يسوع لآسريه “أنا هو ”والثانية اتكاء الفادي المصلي على الصخرة والأخيرة ترمز إلى تلك القُبلة السامة، قبلة الخائن الواشي يهودا الأسخريوطي. وهذه الصخرة مثبتة أمام المذبح وحولها داربزين حديدي بشكل إكليل الشوك ذكرى ذلك الإكليل الذي وُضع على رأس يسوع المسيح عند محاكمته أمام بيلاطس البنطي.
وعلى سطح الكنيسة اثنتا عشرة قبة كعدد تلامذة يسوع المسيح وتوجد أيضا رسوم أعلام الدول المتبرعة وهناك تماثيل للتلاميذ الأربعة، متى ولوقا ومرقص ويوحنا.
وفي منطقة الجسمانية المدعوة “ضيعة” في العهد الجديد وفق التقليد المسيحي الشرقي توجد كنيسة انتقال العذراء مريم إلى السماء، قبر أم يسوع المسيح وهي بمثابة مغارة فيها أيضا قبور والدي مريم العذراء، حنّه ويواكيم ويوسف النجّار الناصري. ربطت الكنيسة بشبكة الكهرباء في عام 1972 وفي الخامس عشر من شهر آب من كل عام يقام حفل جنائزي تحمل فيه أيقونة للعذراء من كنيستها في باحة كنيسة القيامة ولغاية بستان الجسمانية. آلاف من السواح المسيحيين يتوافدون إلى هذا الموقع الديني الأثري منذ القرن السابع ميلادي وحتى اليوم. وهناك معلومات مدونة تفيد أنه ابتداء من القرن الخامس عشر كانت أشجار الزيتون المذكورة قد وُصفت بأنها الأكبر والأقدم في الديار المقدسة.
ومن المعروف أنه إثر اعتناق قسطنطين، الإمبراطور الروماني آنف الذكر، الديانة المسيحية عام 306 بنى أول كنيسة في زهرة المدائن ومسرح النبوءات، وأضحت مدينة القدس مركزا مسيحيا هاما. ومغارة الجثمانية تقع إلى الشمال من كنيسة قبر العذراء وطول تلك المغارة سبعة عشر مترا وعرضها تسعة أمتار وارتفاعها ثلاثة أمتار ونصف. ويذكر أنه منذ أواخر القرن الرابع دأب أسقف أورشليم مع الرعية التوجه إلى بستان أو ضيعة الجثمانية بمناسبة يوم خميس العهد، منتصف أسبوع الآلام أو خميس الفسح اليهودي يو6: 48، 50، 51، في هدا اليوم تناول يسوع المسيح الفسح القديم مع التلاميذ وذلك لقراءة قصة تسليم يسوع المسيح للرومان لصلبه كما ذكرتها الأناجيل في الأماكن المذكورة أعلاه. لا شك أن المادة الوصفية التي دوّنها الرحالة والحجاج المسيحيون منذ القرون الوسطى لما شاهدوا وعايشوا في الديار المقدسة بحاجة لاستقراء وجمع ونذكر هنا في هذه العجالة الحاج الروسي إيغومين دانييل ورحلته ما بين السنتين 1106-1



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضات حول التفكير العلمي
- حول بعض القيم الأخلاقية
- النقد الموضوعي ضروري جدا
- تناخ رام” للعوامّ بالعبرية الحديثة للمدارس اليهودية
- أبو حنا وأبو اسكندر و”ظل الغيمة” في معرض الكتاب بهلسنكي
- فقط قُرنة
- الحوار العربي الإسكندنافي
- “دراسات مسيحية” لميخائيل بولس
- النافع والمضلل في جسور اللغة
- السؤال مفتاح للمعرفة
- الثُّعبان حَيوان مُخيف وأليف
- العقلانية
- تجربة “الدنان” لإكساب الطفل الفصحى بالفطرة قد تكون الحلّ
- لماذا -أمّة إقرأ- لا تقرأ؟ تجربة “الدنان” لإكساب الطفل الفصح ...
- لماذا ”أمّة إقرأ” لا تقرأ وإن قرأت فبالأذنين
- كلمة في ذكرى مارتن لوثر كنچ
- يوم الأرض ومخطّط الجهض
- حلقة في الإعداد المعجمي الثنائي، الفنلندي-العربي
- جولة خاطفة في بعض كتب الحبّ العربية
- عرض لكتاب عن تعليم اللهجة الفلسطينية


المزيد.....




- أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق- ...
- لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا ...
- ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب ...
- شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
- لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم ...
- السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما ...
- الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي ...
- ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
- لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسيب شحادة - كنيسة الجسمانية