بلكميمي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 2612 - 2009 / 4 / 10 - 09:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
منذ ماركس ولينين ، انتقلت الممارسة السياسية ، من حالة العفوية الى حالة الوعي النظري .
قبلهما .. كان العمل السياسي ، عبارة عن شعارات ومواقف ، لاتستند لاي تاسيس نظري ، ولا تحكمها اية خلفية فكرية .
فالشعار السياسي ، في ذلك الوقت ، كان مجرد ميل ذاتي ، انطباعي ،، تتحكم في صياغته ، العفوية ، اكثر من أي شيء اخر .
والقائد السياسي الموهوب ، لم يكن سوى ذلك الفرد ، الذي يتمتع بحاسة الحدس القوية ، التي توجهه نحو الشعار السياسي الصائب ،، لكن بدون ان يمتلك القدرة على تعليله نظريا .
اما القفزة النوعية ، التي احدثها ماركس ، وبعده لينين ، في مجال العمل السياسي ،، فتكمن في التاكيد ، على ضرورة التاسيس النظري للشعار السياسي .
فالشعار السياسي غير المدعم نظريا بتحليل فكري ، مطابق لحركة الواقع الموضوعية ،، هو شعار فاقد لاية مصداقية ، واكثر من ذلك ،، لن يكون له أي فعل ايجابي في تغيير الواقع .
لذلك ،، مهما كانت تحفظاتنا على بعض جوانب فكر ماركس ولينين ، بالنسبة لمعضلات العصر الحالي ،، فالانسانية تبقى مدينة ، لهذين الرجلين العظيمين لكونهما اخرجا العمل السياسي من دائرة العفوية العمياء ،، الى دائرة الوعي النظري المتبصر .
لماذا وجدتم الفقيد عبد السلام المؤذن مضطرا ، لاثارة هذه المسالة ؟ .
لان مجتمعنا يمر حاليا ، بمنعطف تاريخي مصيري ،، بحيث اصبح كل شيء ،، متوقفا على عنصر واحد ووحيد هو :
الوعي السياسي ،، أي الوعي بطبيعة المرحلة ، ومن ثمة بلورة شعارها المطابق لكنهها .
فالمرحلة التاريخية الاستثنائية ، التي يمر منها شعبنا حاليا ، تتحدد في التالي : اما ان نلغيها ،، ونتحرر منها ، ونتجاوزها ،، واما ان نحافظ عليها ، ( بهذا الشكل او ذاك ) ،، وبالتالي تعميق الازمة الى حد التعفن .
ان التاريخ المغربي الراهن ، يعطي موضوعيا الاحتمالين معا : احتمال التجاوز ، واحتمال المحافظة .
اما الذي سيقرر الغلبة لصالح هذا الاحتمال ، او ذاك ،، فهو الوعي .. او عدمه .
ان يكون لنا وعي مطابق لحقيقة المرحلة ،، فهذا معناه ، اننا نحن التقدميين المغاربة ، سنكون قادرين على اختصار الام ومعاناة المرحلة ، وتقليص امدها الى الحد الادنى ..
او لا يكون لنا ذلك الوعي ،، وهذا معناه ،، اننا سنساهم في اطالة قترة المخاض الحالية ، مع كل ما يترتب عنها ، من تمديد للشقاء الاجتماعي والعذاب السياسي .
فالوعي اذن حرية : اننا احرار في الاسراع في تجاوز هذه المرحلة ،، او اطالة امدها .
والوعي مسؤولية : اننا مسؤولين عن تقليص او تمديد المرحلة الانتقالية .
والوعي ارادة : بتوفرها او غيابها ، ستحدد مصير شعبنا ، على المدى المنظور ، بهذا الشكل او ذاك .
بعبارة ،، اذا كانت الضرورة ، في فترات التاريخ العادية ، هي التي تتحكم وتخضع لمشيئتها ارادة الافراد والشعوب .. فبالعكس ،، في الفترات الانتقالية الاستثنائية مثل هذه ، يصبح الوعي ، ( متى تحرر من الضرورة ) ،، هو محرك التاريخ .
وان اخطر الاحكام المسبقة في تزييف الوعي ، بالنسبة لمنعطفات التاريخ الكبرى ،، هو ذلك الحكم الذي يضخم من قوة الخصم الطبقي ، ويقلل من قوة الشعب .
#بلكميمي_محمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟