|
اللجوء إلى السلاح غير مشروع قانونياً وأخلاقياً لحل المشاكل والخلافات
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 800 - 2004 / 4 / 10 - 10:52
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أفضل مكان لعناصر النظام البعثفاشي الحركة الارهابية وحركة مقتدى الصدر المتلبسة بلباس ديني جوهره طائفي دكتاتوري
الحوار والنقاش اسلوبان حضاريان بالرغم من اختلاف الأفكار والآراء حول الكثير من القضايا الراهنة التي تدور في العراق، وهما طريق صحيح المسالك من أجل حل أكثرية المشاكل والمصاعب بما فيها قضية الاحتلال الاجنبي وتسليم السلطة للعراقيين وبناء الدولة العراقية الحديثة وفق منظور حضاري يعتمد على قاعدة راسخة من القوانين التي تهدف إلى تنظيم العلاقات ما بين الفرد والمجتمع من جهة ومن جهة ثانية ما بين المجتمع والدولة والدولة والعالم الخارجي.. ولعل جميع الامم والمجتمعات التي اخذت على نفسها احترام القاعدة الاساسية في العلاقة ما بين الرأي والرأي الآخر اخذت تحصد ثمار هذا التفاهم الايجابي النسبي وفق منظور عام ومشترك وهو اللجوء الى القوانين والحوار الحضاري لكي تتوصل إلى حلول مشتركة للقضايا التي يختلف حولها وتأجيل القسم الآخرإلى وقت آخر قد تحسمه الحياة والتطورات الجارية في المجتمع المعين أو العالم الخارجي المحيط، او العودة إلى مائدة الحوار والنقاش مرات عديدة لوضع الحلول والتفاهم لابعاد المجتمع من الهزات الاجتماعية والحروب والاقتتال بالاعتماد على السلاح. ان فكرة اللجوء إلى السلاح بالنسبة للقوى المعارضة الحقيقية تنبع اساساً من موقف الدولة وقيادتها وبخاصة إذا كانت هذه الدولة وسلطتها لا تسمح بأي نوع من الممارسة الفكرية الحرة أو المعارضة لنهج وسياسة الدولة في أي مضمار كان، وهي تتبع الاساليب الفاشية والدكتاورية( دينية كانت أو غير دينية لكنها متسترة بالدين ) فالاضطهاد والبطش والارهاب المنفلت الحدود وعدم وجود اي طريق امام المعارضة يجعلها عند ذلك اللجوء للسلاح من أجل الدفاع عن نفسها لا عشقا وحباً به.. واكبر مثال قريب علينا هو الحزب الشيوعي العراقي المتحالف سابقاً مع حزب البعث العراقي الذي حمل السلاح في آخر المطاف لأن النظام العراقي أغلق جميع الطرق للتفاهم باساليبه البربرية وعدم احترامه لحقوق الانسان والتجاوزات الكبيرة على القانون وعلى ميثاق الجبهة الموقع رسمياً بين الطرفين.. هذا النظام الذي جر البلاد إلى النتائج المأساوية التي اصابتها خلال فترة حكمه وصولاً للاحتلال الراهن، كما ان الكثير من الحركات السياسية في العالم حملت السلاح وبشكل مشروع للدفاع عن نفسها اولاً بسبب الاضطهاد والعنف وانتهاج سياسة متطرفة للالغاء الاخر بشتى الاساليب القهرية ثم غلق المنافذ على اي طريق للمعارضة الاعتديادية السلمية. هذا الشكل من الصراع الذي اجبر الطرف الثاني على حمل السلاح هو مشروع وقانوني لأن الهدف من ورائه، الدفاع عن النفس التي لم تجد طريقاً آخراً لحماية ذاتها وشعبها إلا بحمل هذه الآلة الحربية المكروهة المسماة " بالسلاح ".. منذ سقوط النظام الدكتاتوري الذي جر البلاد مثلما اسلفنا الى هذا الواقع المزري ومنذ البداية راحت فلوله والجماعات المرتبطة مصالحها به والمستفيدة منه اضافة لقوى من خارج البلاد تستعمل السلاح كطريقة للحفاظ على نفسها ليس من المعارضة السلمية الاعتيادية أوالاضطهاد والبطش الموجهان ضدها ولكن لفقدانها مصالحها وامتيازاتها وخوفاً من الاستقرار والمتابعات القانونية التي ستكون بالتأكيد طريقاً لمحاسبة المجرمين واقطاب النظام والمسؤولين عن المجازر والمقابر الجماعية وغيرها من الانتهاكات التي مورست ضد المواطنين والقوى المعارضة العراقية، أما القوى التي دخلت البلاد فهي تريد ان تجعل من أرض العراق بالدرجة الاولى موقعاً لتصفية الحسابات مع الامريكان، وليس كما تدعيه دينياً ووطنياً بأنها تدافع عن الشعب العراقي المسلم وغيرها من الاراجيف التي بانت امام الجميع بوجهها الكالح الكاذب لأن الشعب العراقي هو الذي تضرر ويتضرر بالدرجة الاولى من اعمال هذه القوى الارهابية. اذن ان فكرة الصدام المسلح غير المنضبط واللامسؤول بشكلها الثاني المغايرة للشكل الأول هي عبارة عن عجز في استيعاب مرحلة من المراحل وضعف امكانية الجهة المسؤولة عن اندلاعها فكرياً أو لمآرب أخرى تتسم بضعيف الحجة في وقت زمني مثلما هو الحال في العراق والذي من الممكن أن تتحقق فيه بعض الانتصارات المحدودة ولكن في جميع الأحوال لن تكون الشاملة والقطعية.. وهذا ما نراه من خلال التفجيرات والاغتيالات والسرقات والاعتداءات على أمن المواطنين وتوقيف الدورة الاقتصادية لكي يتوقف استكمال البناء المادي والروحي، وهما العدوان الرئيسيان لهذه القوى، إلا ان الامر لم يتوقف على هذه الحدود لأن هناك قوى ذات فكر راديكالي وفي مقدمتهم مقتدى الصدر وحركته العشوائية كانت وما زالت تعمل من أجل ازاحة خصومها من القوى والاحزاب المتواجدة معها، مما جعل الكثير من عناصر النظام السابقة تخلع وجهها السافر البعثفاشي لكي تلبس وجه التدين والطائفية، ولأن هذه المجاميع مدربة على خلق الفتن والاشاعات وعلى السلاح بشكل جيد الذي تم توزيعه من قبل صدام حسين وزمرته زائداً السرقات التي رافقت عملية احتلال البلاد وهروب مئات الالاف من العسكرين وتركهم مواقعهم واسلحتهم المختلفة ناجين بارواحهم ليس إلا.. لقد اظهرت الاحداث الأخيرة مدى صحة ما نرمي إليه، فالقضية هي ليست قضية الاحتلال والاستقلال الوطني ولا قضية مجلس الحكم الانتقالي الذي يتهمه هؤلاء جميعهم انه امعة للأمريكان وقوى الاحتلال، وانما هي قضية العقلية التدميرية التي تعتمد هلى النهج العنفي غير المنضبط لتصفية خصوم الذين يختلفون بالفكر والرأي، ولقد وجدت عناصر النظام البعثفاشي التي أصابها الهلع والجبن والانزواء لفترة قصيرة بعد سقوط سيدها النظام ان افضل موقع لها هي الحركة الارهابية وحركة مقتدى الصدر المتلبسة بلباس ديني جوهره طائفي دكتاتوري لكي تمارس عملها السابق من خلاله، وبخاصة ان هذه العناصر وبسبب انتمائها الطائفي لا تستطيع العمل مع جماعات الزرقاوي والجماعات الارهابية الاخرى لاختلاف المذاهب لكنها حاولت وتحاول الجمع ما بين هذه الحركة والحركات الاخرى لغاية في نفس يعقوب، وهي ان الهدف التي تسعى له هذه المجاميع، العودة الى الاساليب القديمة في ادارة الدولة وقيادة المجتمع حتى لو كان بالاتفاق مع بقاء قوات الاحتلال الاجنبي وليكن الاستقلال الوطني في خبر كان.. لكي ينقذ اقطاب النظام وعناصره المجرمة بجلودهم من المتابعات القانوية القادمة ومن غضب الجماهير العراقية التي تعتبرهم المسؤولين الاساسيين عما اصابهم بشكل شخصي او جماعي، ولحماية مصالحهم الآنية والمستقبلية ايضاً. الاضرارالبالغة المادية والجسدية والروحية التي لحقت وتلحق بالمواطنين العراقيين الابرياء جريمة يتحملها الفكر الغوغائي المتطرف في كِلا المجموعتين، وكذلك قوات الاحتلال التي تسببت في هذه الفجوة الامنية منذ احتلال البلاد والتي كان بالامكان معالجتها في ذلك الحين، فلا يمكن تبرير ردة الفعل العشوائية بطريقة الانتقامات الجماعية التي حدثت وما زالت تحدث ضد الجماهير العراقية، فالضحية كما هو معروف في كل وقت وزمان.. هم الاكثرية من ابرياء الناس ان كان في زمن الخراب العفن الذي استمر 35 عاماً او في الوقت الراهن بعد سقوطه ليكون في مزبلة التاريخ، لكن تبقى قضية حقوق الانسان في مقدمة القضايا التي يجب مراعاتها والالتفات لها وتدقيق النتائج المترتبة على خرقها من قبل اي طرف من الاطراف.. ان الحل الوحيد لأنهاء هذه الازمة المفتعلة أو أي أزمة تنشأ في المستقبل هو اتباع الطرق السلمية والقانونية واحترام الرأي الآخر وعدم التجاوز على القوانين المرعية أو اللجوء للعنف بدون سبب كافي او بدون موضوعية لأنه سلاح ذو حدين لا يمكن ان ينجو طرف دون الطرف الآخر من مأساته ونتائجه الدموية. ان اللجوء إلى السلاح من قبل مقتدى الصدر بمظاهره الاولية التي شاهدناها هو طريق عقيم أضر ويضر البلاد والجماهير العراقية كما أنه أوصل البلاد لحالة من الفوضى وزيادة عدم الاستقرار وبخاصة الاعمال الارهابية والتجاوزات غير القانونية والتخريبية التي مورست ضد مؤسسات الدولة واجهزة الشرطة والاحياء السكنية والمرافق العامة والمنشآت الهامة ،كما أن النتائج التي خلفتها التحركات العسكرية من قصف واطلاق نار على الرغم منه انها نتيجة للأعمال الخاطئة لكنها غير مقبولة ومرفوضة لأنها أضرت وتضر الشعب العراقي ومن الضروري ايقافها فوراً والاحتكام لصوت العقل في ايجاد السبل لانهاء هذه المحنة المفجعة، لقد احيت الذاكرة صورة هذا الدمار والخراب البشعين الناتجين عن ذلك فهما استكمالاً لذلك الدمار والخراب الشاملين اللذان استمر طوال العهود السابقة، وكأن الاساليب الهمجية والاضطهاد البربري وحروب النظام البعثفاشي لم تكن كافية لكي تقوم حرب من نوع آخر تحصد اليابس والاخضر على حد سواء، تحصد ارواح ابناء الشعب العراقي وتخرب ما تبقى أونجى من الخراب والدمار السابقين. 9 / 4 / 2004
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا بعد هذه المحنة! إلى اين مقتدى الصدر بعد عرس الدم؟!
-
هل يستلم العراقيون السلطة في حزيران القادم ؟
-
ممن تطلب مغفرة وذنوب العالم مثل مجرات الكون ؟
-
في كثير من الأحيان لغة التهديد ضريبة تدفعها النساء
-
العيد السبعون على ولادة القرنفلة الحمراء لتكن الحياة كالقرنف
...
-
لا يا شاعرنا الجميل سعدي يوسف ليس ما نقله باتريك كوكبورن وتر
...
-
عملية حسابية بسيطة وليشربوا ماء المحيط إذا استطاعوا وثيقة قا
...
-
مابعد الأباريق المهشمة
-
الدستور المؤقت والعراق الديمقراطي التعددي الفدرالي
-
بمناسبة الثامن من آذار عيد المرأة المرأة والدستور العراقي ون
...
-
الدستور العراقي واهميته في الظروف الراهنة
-
قصيدتان
-
راية الفرسان..
-
المجلس الرئاسي القادم ومشكلة الطائفية
-
الانفلات الامني والتفجيرات في كربلاء والكاظمية في بغداد.. ان
...
-
لماذا بعض الإسلاميين في مجلس الحكم ضد تمثيل أكبر للمرأة في ا
...
-
ها أنتَ رضيت بقهر العالم حولي ..!
-
ارهاصات متفرقة في زمن الارتعاش !..
-
ما بعد أغاني المدينة الميتة
-
تحفز
المزيد.....
-
صدق أو لا تصدق.. العثور على زعيم -كارتيل- مكسيكي وكيف يعيش ب
...
-
لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن ح
...
-
الشرطة تنفذ تفجيراً متحكما به خارج السفارة الأمريكية في لندن
...
-
المليارديريان إيلون ماسك وجيف بيزوس يتنازعان علنًا بشأن ترام
...
-
كرملين روستوف.. تحفة معمارية روسية من قصص الخيال! (صور)
-
إيران تنوي تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة رداً على انتقادات لوك
...
-
العراق.. توجيه عاجل بإخلاء بناية حكومية في البصرة بعد العثور
...
-
الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا استعدادا لضرب منطقة جديدة في ضا
...
-
-أحسن رد من بوتين على تعنّت الغرب-.. صدى صاروخ -أوريشنيك- يص
...
-
درونات -تشيرنيكا-2- الروسية تثبت جدارتها في المعارك
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|