|
المد الوهابي والمد الشيعي فكا كماشة واحدة .
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يشن التيار السلفي الوهابي في المغرب والذي تمثله جمعيات ومنابر إعلامية وخطب منبرية وتمظهرات تشذ عن قيم المجتمع وتقاليده وقواعد السلوك والذوق السليم ، يشن حربا مسعورة ضد التشيع ،وقد استغلها فرصة لإظهار اصطفافه إلى جانب الدولة ومؤازرة جهودها في تطويق المد الشيعي وتجفيف منابعه . وكأننا بهذا التيار يشتغل وفق قاعدة "عدو عدوي حليفي" . ولعل المتتبع لما ينشره هذا التيار في موضوع "الحرب على التشيع" يدرك جيدا الإستراتيجية المقيتة التي ينهجها في هذه الحرب بحيث يكون ظاهرها الانخراط في الحملة التي تقودها الدولة ضد التغلغل الشيعي في المجتمع ، بينما باطنها الحرب المذمومة ضد التصوف عموما ، والزوايا ذات الامتداد الشعبي على وجه الخصوص . ويغلف كل هذا بالرياء الوطني والمذهبي . هكذا نقرأ في افتتاحية جريدة "السبيل" عدد 40 بتاريخ 16 مارس 2009 ( لا يمكن للمرء إلا أن يثمن ما اتخذته السلطات المغربية من إجراءات للحد دون انتشار مذهب الرافضة المناقض لعقيدة أهل السنة ومذهبهم، فتحصين المغاربة ضد كل فكر دخيل يمس بعقيدتهم السنية هو من أوجب ما يجب على الدولة خصوصا الوزارة المعنية بحماية وتدبير الشؤون الدينية ، إذ لا يقل تهديد العقيدة الشيعية لبلادنا عن تهديد التنصير ، فعقيدة الرافضة أكثر خطرا ) . وتتوخى إستراتيجية التيار الوهابي من الانخراط في "الحرب" ضد التشيع تطويق النظام الملكي وزعزعة الاستقرار عبر زرع بذور الفتنة الطائفية في المجتمع المغربي الذي ظل محصنا منها ، ومن ثمة العمل على نسف المشروع المجتمعي الحداثي الذي يتبناه الملك والقوى الديمقراطية . هكذا يشدد هذا التيار على عدائه المقيت لكل التيارات الفكرية التي تناهض ثقافة الكراهية وفقه التكفير والبدونة اللذين يبثها هذا التيار الدخيل على المجتمع المغربي ، بحيث يجعل من خطر التشيع مطية للتحريض ضد العلمانيين والحداثيين والصوفية بعد أن جعلهم أشد خطرا من التشيع كما جاء في افتتاحية الجريدة إياها ( إن رفع المغرب لحجة حماية العقيدة السنية في كل مناسبة يصفي فيها حساباته مع من يسبب له مضايقات سياسية ، يشغب عليه تساهله بل تسامحه مع الأفكار العلمانية والحداثية التي انتشرت في الأوساط الإعلامية والثقافية والسياسية والمناقضة لمعتقد أهل السنة ) . لهذا ، ومن منطلق ضرب أسس التعاقد بين النظام الملكي والقوى السياسية والمدنية من أجل إرساء دعائم المجتمع الحداثي والديمقراطي قصد تطويق النظام وعزله عن امتداداته السياسية والشعبية والدينية والتاريخية ، يصر التيار الوهابي على جعل الحرب على التشيع حربا بالضرورة على التصوف . وهذا ما يفسر الموازاة والربط بين خطر التشيع و "خطر" التصوف ، ومن ثمة انتقاد الدولة في تبنيها لإستراتيجية دعم التصوف لمواجهة التيار الوهابي . إذ نقرأ في الصفحة 17 مثلا ما يكرس هذا الربط ( فعسانا نرى على مستوى الحدث من وزارة الدين ووزيرها في دحض معتقدات الرافضة في الرجعة والإمامة والتقية والعصمة وغيرها .. أم يخشى أن يكون ذاك صورة من صور العقوق بين التصوف الابن والتشيع الوالد ، ينقض العاق غزله من بعد قوة أنكاثا ، يتخذ أيمانه دخلا بينكم أن تكون الصوفية أربى من السلفية ) . لقد فشلت الوهابية في تحقيق المهام التي سبق وحددتها الدولة المغربية في فترات سابقة ، فشلا ذريعا . إذ لم تستطع أن تواجه فكر جماعة العدل والإحسان وتمددها التنظيمي واختراقها للمساجد ومنابر الجمعة ، رغم أن الهدف المركزي من استيراد الوهابية وعقائدها المتشددة هو محاصرة الصوفية المتشيعة لجماعة العدل الإحسان . بل إن دعم الدولة ورعايتها للوهابية تعاظم مع نجاح الثورة الخمينية لدرجة أن تعيين وزير العدل السابق المدغري جاء في هذا الإطار . وهو نفسه كشف عن طبيعة الدعم الذي حظيت به الوهابية في رده على الانتقادات التي وجهت إليه ( من هو الجهاز المكلف بمراقبة الحسابات البنكية للأفراد والهيئات والجماعات في المغرب للتأكد من حركة التمويلات الخارجية وحجمها ، هل هي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ؟ من كان يسمح بدخول الأطنان من الكتب والأشرطة الوهابية إلى المغرب ويسمح بتوزيعها وبيعها في قارعة الطريق ، هل هي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ؟ من كان يسمح بفتح المعاهد الدينية الوهابية في أنحاء المغرب ؟ .. من سمح بجعل الكاراجات والبراريك مساجد ؟ )( جريدة الصحراء المغربية بتاريخ 9 يونو 2003 ) . بالفعل لم يكن المدغري وحده المسئول عن المد الوهابي في المغرب ، بقدر ما كانت إستراتيجية تنهجها الدولة ، إلا أن المدغري كان مهندس هذه الإستراتيجية رفقة وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري . وبدلا من أن تنجح الوهابية في حماية المجتمع من الاختراقات المذهبية والإيديولوجية زادته وبالا بإضافة الخطر الوهابي ، بشقيه التكفيري المتشدد والتفجيري المدمر ، إلى الخطر الشيعي والخطر الصوفي المتشيع . وما العمليات الإرهابية التي شهدتها الدار البيضاء سنة 2003 و 2007 إلا دليلا على الخطر الماحق الذي باتت تشكلها عقائد وتنظيمات السلفية الوهابية بجميع تلاوينها . فكيف إذن لدعاة التكفير والتطرف وفقه البداوة أن تكون لهم الغيرة على المذهب المالكي والحماسة للدفاع عن استقرار المغرب وحفظ أمنه الروحي وهم أول من يزعزع هذا الاستقرار ويبث الفتنة المذهبية بين أبناء المغرب ؟ منذ متى كان الوهابيون متمسكين بعادات المغاربة وقيمهم وهم أول من أفسد الذوق العام وخرق قواعد السلوك بالنقاب النجدي واللباس الأفغاني ؟ ألا يشكل الوهابيون أشد أنواع الأخطار التي تتهدد المجتمع المغربي في قيمه الحضارية وعقائده الدينية وروابطه الاجتماعية وثقافته الإنسانية التي طبعت الشخصية المغربية وغرست فيها قيم التسامح والاختلاف والتعايش التي تناهضها العقائد الوهابية وتكفر الدعاة إليها ؟ ألا تشكل الوهابية خطرا حقيقيا على استقرار المغرب وأمنه الروحي ومشروعه المجتمعي الحداثي ؟ قضية نعالجها في المناسبة القادمة إن شاء الله .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حزب العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(2)
-
العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(1)
-
إبداعات فقهية لتكريس شقاء المرأة واستغلالها.
-
لتكن إجراءات الدولة شاملة ومستمرة .
-
ما أعجز الحكومة عن التخفيف من معاناة المنكوبين !!!
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(4)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(3)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(2)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(1)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الحكومة تستعجل الانفجار الاجتماعي .
-
ثقافة تبضيع المرأة ونخاستها .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الثورة الهادئة وجرأة التغيير السلس .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة(2) .
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة (1).
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|