ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2610 - 2009 / 4 / 8 - 10:51
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
قد لا يكون مستغرباً عدم ثبات سلوك النظام السوري تجاه عدد من الملفات الإقليمية الساخنة التي يرى مصلحته فيها ، ويرى أيضاً في نفس المنظار مصلحة إيران أولاً ، ذات الفضل الكبير ، إزاء كل ما حصل عليه النظام في دمشق من انفتاح غربي وحوار استكشافي .
فلولا الحضور الإيراني المتزايد شرقاً وغرباً في الساحات العربية ، لما استطاع النظام السوري أن يخطو خطوة واحدة ، فكل الأوراق السياسية التي في يده اليسرى ، هي ذاتها في يد إيران اليمنى ، وبالتالي فإن أي حوار مع إيران بات يستدعي أخذ النظر في الحوار مع دمشق ، وفشل الحوار مع الأولى سيؤدي تلقائياً إلى فشله مع الثانية .
فعندما تعلن إيران على لسان مرشدها الروحي علي خامنئي ، رفضها لسياسة الحوار والضغط مع واشنطن ، لا تكون قد ضيعت الفرصة على نفسها ، إنما على حليفها النظام السوري ، الذي يسعى بكل السبل والوسائل إلى فتح قنوات الحوار مع واشنطن على الأقل من أجل الإيحاء للمجتمع الدولي بأنه جزء من الحل المطلوب دولياً وليس جزءاً من المشاكل الإيرانية ، لكن طهران لا يهمها إلا نفسها ، وسواء قطعت الطريق على دمشق أم لا ، فالحوار الاميركي – السوري غير مسموح به إطلاقاً بعيداً عن أعين وآذان إيران ، لا بل هو من المحرمات والخطوط الحمر ، خصوصاً أن إيران لن تسمح لدمشق بأن تبيع وتشتري من كيسها ، مهما بلغت حدة الدهاء السوري أمام الارتخاء الإيراني .
نفترض افتراضاً أن هناك ارتخاء إيرانياً ، لكن في واقع الأمر هناك تحفز إيراني غير مسبوق لالتقاط الفرص والأنقاض على المواقع التي يتنازع فيها مع الغرب ، أما دمشق فهي تأخذ من هذا وتعطي لذاك أو بالعكس ، بحيث تريد أن تظهر وكأنها حليفة للغرب ومحافظة على مصالحه ، كما هي حليفة لإيران .
إن دل هذا السلوك السوري على شيء ، فإنما يدل على زئبقية سياسية تتهرب من أداء الاستحقاقات المطلوبة في وقتها ، وتخشى الوصول إلى مرحلة الإفلاس ، فحرصاً من الوقوع في حفرة الحالتين الآنفتين ، يستعاض عنهما بسلوك أقل من سلوك الدولة وأكثر من سلوك الحكومة ، إنه باختصار سلوك النظام السوري الممانع على سدنة هياكل الوهم ، والمناور في جميع المواقع والساحات .
ولا غرابة عندما يطرح الرئيس السوري بشار الأسد مصطلح إدارة الخلافات العربية ، مع أن المطلوب هو إزالة هذه الخلافات من جذرها كي لا تبقى كالشجرة التي تخفي وراءها حقلاً من الخلافات البنية العميقة بين هذه الدولة أو تلك .
يبدو أن لا مصلحة لنظام دمشق في تجاوز الخلافات العربية ودفنها في حفرة التصدع العربي ، لأن شروط الحوار العربي – الإيراني ، لم تتضح بعد ، ولن تتضح على المدى البعيد طالما ظلت إيران تستخف بجوارها العربي وتقلل من قدره وشأنه وتتعامل معه وكأنه حديقة خلفية لها .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟