|
القضاء الفرنسي يرمي الكرة في ملعب المعارضة السورية ومناضلوها ينامون في عسل الأمل بالمصالحة مع القتلة !!
ناديا قصار دبج
الحوار المتمدن-العدد: 799 - 2004 / 4 / 9 - 10:42
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
أصدرت محكمة الاستئناف الباريسية ظهر اليوم (8 نيسان) قرارا مبرما بشأن قضية زميلنا نزار نيوف مع رفعت الأسد . ويؤكد القرار على أن الحكم الصادر عن محكمة جنح الصحافة في باريس (الغرفة 17 ) بتاريخ 31 كانون الثاني 2001 " هو قرار صائب من الناحية القانونية شكلا ومضمونا ولا تشوبه أية شائبة " . ومن المعلوم أن محكمة جنح الصحافة كانت قد ردت دعوى " القذف والتشهير " التي تقدم بها رفعت الأسد ، نائب رئيس الجمهورية ورئيس مكتب الأمن القومي وصاحب " سرايا الدفاع " سابقا في سورية ، ضد الزميل نزار نيوف مطالبا إياه بدفع 100ألف فرنك فرنسي (حوالي 17 ألف دولار) عقوبة له على " الإساءة لسمعة شخصية وطنية كبيرة [رفعت الأسد ] تتمتع بمحبة الجماهير العريضة في سورية " كما ورد في دعواه !! وكان الزميل نيوف قد اتهم ـ بالوثائق ـ رفعت الأسد ، في برنامج بثته قناة الجزيرة صيف العام 2001 ، بالمسؤولية المباشرة عن المذبحة التي نفذتها وحدات كوماندوز محمولة من " سرايا الدفاع " بحق المعتقلين السياسيين في سجن تدمر الصحراوي العسكري في ساعة مبكرة من يوم 27 حزيران 1980 بالمدافع الرشاشة والقنابل اليدوية وراح ضحيتها المئات ( حوالي الألف ) من المعتقلين العزّل النائمين في مهاجعهم وزنازينهم ، معظمهم من الإخوان المسلمين . وقد تم دفن هؤلاء ، مع الآلاف غيرهم ممن قضوا تحت التعذيب أو إعداما ، في مقابر جماعية بمنطقة وادي عميرة قرب تدمر ـ مدينة جدتنا العظيمة زنوبيا !! وذلك قبل أن تعمد السلطات السورية إلى إعادة نبش هذه المقابر وطحن الهياكل العظمية المدفونة فيها بالكسارات المستخدمة لطحن الحجارة ، ومن ثم نثرها في البادية السورية بعد أن تحدث الزميل المذكور عن هذه المقابر صيف العام 2001 .
ومن المعلوم أن وزارة الإعلام السورية ، المشرفة على نشاط جميع الصحفيين في سورية (محليين وأجانب) ، قامت عقب حديث زميلنا عن هذه المقابر (قبل مغادرته سورية في 15 تموز 2001 ) ، باصطحاب ثلاثة صحفيين شهود زورها ( على رأسهم مراسل صحيفة السفير زياد حيدر ـ نجل الديبلوماسي السوري المعروف !! ) في سيارات مواكبة بعناصر من المخابرات العسكرية إلى وادي عميرة ليكتبوا تقارير صحفية تؤكد على أنهم " لم يلحظوا ما يشير إلى وجود أي أثر لمقابر جماعية في المنطقة التي تحدث عنها نيوف " وفق ما جاء في تقرير زياد حيدر إلى صحيفته !! ويقول صحفي سوري عرض عليه الذهاب لتغطية كرنفال الكذب هذا ، ورفض أن يكون شاهد زور ، إن زيارة زملائه إلى منطقة المقابر " لم تستغرق أكثر من عشر دقائق "!؟
سذاجة هؤلاء الصحفيين وانحطاط أخلاقهم المهنية وتبعيتهم الغذائية ، واستعدادهم للنصب على قرائهم ، أعمت أبصارهم وبصائرهم عن مجرد التفكير في أن أبسط عملية تحقيق جنائي في جريمة من هذا النوع تحتاج لفريق كبير من خبراء الأدلة الجنائية ، وإلى زمن عمل لا يقل عن أسبوع كما يقول أحد الاختصاصيين . فردا على سؤال لنا عما إذا كان بالإمكان إخفاء آثار تدل على وجود مقابر جماعية حتى في حالة نقل محتوياتها وتربتها إلى مكان آخر ، يقول الدكتور ابراهيم شاوي ، أستاذ البيولوجيا والكيمياء العضوية في جامعات النمسا ورئيس مكتب البيئة في " المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية " ، " إن هذا أمر مستحيل من الناحية العلمية . ذلك لأن التربة ، وفي شروط طبيعية معينة ، تظل تحتفظ بمكونات وعناصر عضوية ، خلفتها الجثث المتفسخة في التربة ، لسنوات طويلة . وفي مطلق الأحوال التحقيق في جرائم من هذا النوع لا يمكن أن يقوم به أطباء شرعيون Medical Examiners فقط . إذ لا بد أن يتم دعمهم بخبرات متخصصين في الكيمياء العضوية وتقنيات مخبرية متطورة " . ومع ذلك لا يجد زياد حيدر وزملاؤه حرجا في ممارسة " البلف " Bluff الصحفي على قرائهم ! قرار المحكمة الفرنسية ، وعلى حد تعبير المحامي الفرنسي الشهير وليم بوردون William Bourdon ، الأمين العام السابق للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومحامي زميلنا ، لفت انتباه الصحافة إلى جملة وردت في قرار الحكم تقول " إن المدعى عليه الصحفي السوري والناشط في مجال حقوق الإنسان نزار نيوف يملك من وثائق وأدلة الإثبات ما يسمح له باتهام الطرف المدعي ، السيد رفعت الأسد ، بارتكاب جرائم ضد الإنسانية " . وهذه الطريقة في الصياغة القانونية غير مألوفة في نصوص قرارات الحكم التي تفصل في قضية لصالح مدعى عليه . ذلك لأن المحكمة ، لم تكتف فقط بتبرئة المتهم ، بل زادت على ذلك وعمدت إلى ما يشبه وضع سلاح قانوني في يده ، واتهمت ضمنا رفت الأسد بالمسؤولية عن الجريمة المذكورة ، حسب تعبير بوردون . ويتابع بوردون " لو أن الدعوى مقامة من قبل نيوف أو ذوي الضحايا ، لكانت النتيجة في صالحهم ، لأن المحكمة اعتبرت الأدلة المقدمة لها كافية لإثبات مسؤولية المذكور عن الجريمة . وفي مطلق الأحوال إن السيد رفعت الأسد لم ينف واقعة الجريمة في دعواه التي أسسها ليس على واقعة حدوث أو عدم حدوث الجريمة ، بل على نص قانوني فرنسي يمنع تناول جرائم ضد الإنسانية أمام القانون أو في الإعلام بعد مضي عشر سنوات على حدوثها " . وكان إصدار هذا القانون بدافع قطع الطريق أمام أبناء المستعمرات الفرنسية السابقة ، لا سيما أبناء الجزائر ، من ملاحقة ضباط الجيش الفرنسي أمام القضاء الفرنسي على جرائمهم التي ارتكبوها إبان الحقبة الكولونيالية .
ورغم أن القضاء الفرنسي قال كلمته الفصل في هذه القضية التي حظيت بمتابعة واهتمام الرأي العام السوري خلال العامين الماضيين ، ووجد كثيرون من ممثليه في هذا الحدث القضائي أملا بإمكانية ملاحقة مجرمي الطغمة الحاكمة في دمشق أمام القضاء الدولي المختص ، بالنظر لانشغال القضاء السوري بملاحقة المثقفين الذين يحضرون المحاضرات واعتقالهم ، وتحوله إلى هراوة غليظة بيد أجهزة المخابرات ، أو " ميليشيا قضائية " من ميليشيات حزب البعث ،حسب تعبير أحد زملائنا ممن لا يفتقرون لملكة السخرية ، إلا أن جميع فصائل المعارضة السورية ، والمنظمات الحقوقية التي تم الاتصال بها من أجل ذلك ، لزمت ولا تزال تلزم الصمت . بل أكثر من ذلك : بعضها حرّض ذوي الضحايا الذين أرسلوا وكالات تخولنا بملاحقة المجرمين أمام القضاء الدولي على سحب وكالاتهم . وهذا ما كان ! ووصل الأمر بأحدهم ـ من تنظيم الإخوان المسلمين ومعظم الضحايا من أتباعه ـ إلى اتهام زميلنا نزار نيوف ـ على مسمع أكثر من مئة وعشرين من المشاركين في ندوة على البالتوك في كانون الثاني الماضي ـ بأنه " ينسق مع رفعت الأسد من أجل تبرئة حافظ الأسد من الجريمة عبر إلصاقها بشقيقه " . وزاد هذا الفصامي " إن نزار نيوف علوي كلب ، والكلب لا يعض ذيله " . وأضاف " إن نزار نيوف علوي زنديق متزوج من مسيحية مارونية وابنته معمدة في كنيسة وهي ، بالتالي ، ابنة زنا . وليس مقبولا شرعا أن يدافع الزنادقة والزناة عن المسلمين " ! أما " المعارضة الأخرى " فلا تزال تنام في عسل الأمل بالمصالحة مع القتلة وأن يعترف هؤلاء بها . فهذا زمن سوري بامتياز ، مطمح الضحية فيه أن تحظى باعتراف القاتل أنها " مواطن " !
#ناديا_قصار_دبج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جبهة الارتزاق في الدفاع عن قضية العراق
-
اللعبة الإيرانية ـ السورية القذرة في العراق : ثلاث أيديولوجي
...
-
بملء إرادتهم أم بملء .. جيوبهم!؟ استدعاءات بالجملة وتعليمات
...
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|