|
نداء اللجة
محمد المرزوكي
الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 09:36
المحور:
سيرة ذاتية
بالامس كنت في البحر. في شاطئ "تغازوت"رفقة محمد وخطيبته. البحر هائج، والشاطئ شبه خالل، لأن اليوم سبت والحرار ة لم تشتد بعد لأننا في فصل الربيع. وعادة ما يكون غاصا ايام الاحد. والحافلة تلتهم المسافة التي تفصل اكادير وشاطئ تغازوت، ينبسط الحقل الازرق للمحيط على يساري، والمرتفعات التي تغطيها شجرة "اركان"على اليمين. وما ان تتجاوز ميناء اكادير حتى تختنق انغاسك وانت على مشارف حزام البؤس المسمى حي انزا. من داك المكان، تنبعت الروائح الكريهة من معامل السمك والاسمنت. وراء احزمة البؤس ودور الصفيح المجاورة للميناء، يختبئ ما لم يكن في الحسبان. هناك يبدأ مغرب آخر، مغرب البدخ والثراء الفاحش. قصر يمتد ملء البصر، يمتد سوره على مسافة طويلة، والاشغال جارية على قدم وساق لانجاز طريق مزدوجة. سور يمتد امتداد البصر وينحدر نحو البحر حتى يحده مرفأ صغير. بعد ان تتجاوز بعض المنعرجات، تنبسط حدائق فوق هضبة كانت يوما ما منطقة جرداء، ولازالت صورتها القاحلة عالقة بالداكرة قبل سنوات. واحد من القصور التي تدفن كميات هائلة من الدولار والنفط. تجتاز الحافلة بعض المرتفعات التي تمتد على جنباتها حقول الموز. وبعد مسافة ، تتوقف وعلى يسارك تمتد الخيام والعربات : المخيو الدولي لتعازوت. على كتفي حقيبة للبحر ومظلة. اجتزنا ممرا ضيقا عبر الصخور. ويلوح منظر يدعوك للركض دون توقف حتى ترتمي على موجة تغمرك بعنفها وتسقطك ارضا، او تنتصر عليها فتمتطي ظهرها كفرس لم تروض بعد. ولسوء الحظ، الامواج عاتية، انتقينا مكانا منعزلا، بعد تثبيت المظلة، وضعنا امتعتنا بسرعة . هربت الى زبد اللجة. الماء بارد، رعم دلك فعلت. خطيبة محمد رغبت في اكتشاف المكان لسحره. امتددت على منشفتي ازيل بقايا الماء الاجاج على جبيني. بدأت حركة ما، بعض لبؤات يدهبن ويجئن. قلت بمكر وأنا اغمز محمد : - ما اجمل البحر، ولكن ............... لكن تلك انطلت على خطيبة صديقي، الفتاة الوديعة المسالمة. وبدأ محمد يحرضها ضدي. وانزاح الستار. مرت عجوز المانية امامنا، تبعتها سائحة شابة، قلت: - محمد، ها الوريقات * - شوف غير انت اما محمد دق الوتد في البلاد. انزاح الوجه الوديع مثل لبؤة جريحة، هدكا صاحت في وجهي. - واخا اللا شدي بيديك و باسنانك
محمد بدأ يتصفح او يقرأ بعض الجرائد،تستند عليه خطيبته. تداعب رأسه الاصلع.واحيانا تشتبك اليدين. واينما وليت وجهي، لم اعتر على محيد مثلي. النائ يا اخي لا يأتون الى البحر منفردين. ما هده الحماقة؟ مادا افعل؟ لا دجيقة، لا خليلة ولا هم يحزنون. الى البحر ادن.لا احد يسبح، الجو بدأ يبرد اكثر. والامواج عاتية. دون خوف دخلت.انحدر لموجة حتى تمر. وارتمي فوق ظهر موجة قادمة حتى انساب وترتخي عضلاتي.استجمع قواي من جديد لاقفز على ظهر موجة قادمة. هكدا حتى بدأت احس بالتعب. حين بدأ البرد يلفح الاجساد العارية، يأتي دور الرياضة. بدأنا نحن الثلاثة نتقاد كرة لمجرد التحرك اتقاء للبرد. التحمنا بعض السندوتشات مع مشروب غازي بعد ان احسسنا ببعض الجوع. تمددت قليلا بينما الاثنان هما بالنهوض للتجول. وسأظل وحيدا، وجوتهم بنوع من اللمز: - لا تتركاني وحيدا . اضفت بكثير من المكر: - وانت يا محمد الا تخاف علي؟ - انت في امان - الا ترى؟ مع اشارة خفية نحو جماعة من الفتيات اللائي ملأن الدنيا ضجيجا - عش انت ادن. رد محمد - انني اعزل ووحيد - استسلم ادن لحظك التعيس. وانصرفا.
حين تكون وحيدا، فأنت المفضل، هده تأتي لتطلب منك الكرة. وتلك تتدرع بالراكيط، واخرة قد تفعل اي شيء لتتكلم. ولولا الناس قد تدعوك الى المحظور وامتطاء صهوة الجواد الجامح. ومن يدري مادا يحدث هناك في البعيد، وورا تلك الشجيرات وخلف الامواج البعيدة؟ يحدث دلك الشيء بدون شك، تلم العبة الصغيرة التي لا يستطيع البعض ان يلعبها الا خلف الصخور. كيف لا وانا ارى في البحر وعلى ظهر موجة، تبادلا للقبل وعملية تهييء جنسي حقيقية. كيف لا يحدث دلك في بلاد العهر والكبت الجنسيظ متناقضان ينفجران على رمال الشطأن والصخور واي مكان. متناقضات الكبت الجنسي والابظار الملتهبة والبترودولار والعملة الصعبة التي يجنيها الشواد جنسيا وقناصو العاهرات القادمات من صقيع اوروبا بحثا عن لهيب القارة السمراء.. قادني هدا الى التفكير في البعيد، الى السباحة في البعيد. لست ادرك فيما كنت افكر وكم انقضى من الوقت الا وقد ايقضتني ركلة من محمد في اخمص قدمي. رفعت بصري، لمحت خطيبته الوديعة الصافية البضة، تعصر تنورتها لتزيل بقايا الماء. ابتسمت لي. رددت عليها بابتسامة مغتصبة. وركضت الى البحر ابحث عن لجة ترفعني الى السماءاو تجرني في ايابها الى عمق المحيط
* الوريقات تعبير دارجي مغربي يقصد به اوراق الاقامة بالديار الاوروبية
#محمد_المرزوكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|