أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - فلك المواطنة!















المزيد.....


فلك المواطنة!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 09:36
المحور: المجتمع المدني
    



في الرباط انطلقت مؤخراً مبادرة عبّرت عن نفسها بأنها تيار اجتماعي لبناء حركة للمواطنة في المنطقة العربية، وجاءت المبادرة من مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية وبدعم من المؤسسة العربية للديمقراطية (الدوحة) وبمشاركة من مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية (المغرب) والمعهد العربي لحقوق الإنسان (تونس).
وكان منتدى الفكر العربي (عمّان) قد خصص ندوته السنوية في عام 2008 لفكرة المواطنة, ودعا إلى تعاون واسع مع مؤسسات المجتمع المدني لخلق تيار عربي يروّج ويدعو لفكرة المواطنة. ولا شك أن ما توصلت إليه ندوة الرباط الحالية هو شيء مهم وربما طموح، خصوصاً أنها سعت لتأسيس تحالف عريض للدعوة لفكرة المواطنة وجمع مليون توقيع وتعزيز مرتكزات وطنية وصولاً لحركة اجتماعية واسعة على الصعيد العربي، وأصدرت نداءً وبادرت بالتوقيع عليه من جانب المؤسسين.
وتكمن دلالات الدعوة في كون مسألة المواطنة تعتبر موضوعاً راهناً وأصبح مطروحاً على بساط البحث، لاسيما أن هناك تجاذبات كثيرة حوله داخلياً وخارجياً، بما فيها بعض الجهات التي تريد استثماره سواء لفرض الهيمنة أو لتبرير تجاوزها على حقوق الإنسان.
كما أن المفهوم يثير التباساً نظرياً وعملياً بشأنه، لاسيما في مواقف الجماعات والتيارات الفكرية والسياسية والقومية والدينية المختلفة، بل إن هناك نظرات متباعدة بشأنه قطرياً وعربياً وكونياً، فهناك من يدعو لتأكيد المواطنة قطرياً والاكتفاء بذلك، بل والانكفاء عليه، والثاني يريد ويسعى لتوسيعه جزئياً أو كلياً، مناطقياً أو جغرافياً أو قومياً أو إسلامياً (دينياً) بالدعوة إلى مواطنة خليجية أو مغاربية أو مواطنة عربية أو مواطنة إسلامية، وقد يبقى الأمر في إطار الطموح إذا ما أخذنا المعوّقات التي تحول دون تحقيقه، سواء كانت هذه العقبات داخلية أم خارجية، إقليمية أم دولية، موضوعية أم ذاتية، لكنها لا تزال تفعل فعلها الكبير في الحيلولة دون توسيع دائرة المواطنة التي هي في الأساس مواطنة منقوصة أو مبتورة أو مثلومة في العديد من جوانبها، فما بالك بمواطنة دون تحقيق شروطها الموضوعية.
وإذا كانت الدعوة لتأسيس حركة مواطنة مسألة راهنة، فلأنها بدأت تحفر في أساسات الدولة المعاصرة لاسيما، في عالمنا العربي والإسلامي وبخاصة في مسألة الهوية، الأمر الذي بحاجة إلى حوار فكري ومعرفي، مسؤول وعميق، بين السلطات الحاكمة والأحزاب والقوى والمؤسسات السياسية من جهة، وبين المجتمع المدني بجمعياته ونقاباته واتحاداته من جهة أخرى.
ولعل هذا الحوار وهذه الدعوة ستكون على درجة من الاشتباك بقضية احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فالمواطنة التي هي علاقة الفرد بالدولة قانونياً وحقوقياً، من حيث حقوقه وواجباته وجنسيته وهويته، تقوم على ركن أساسي لا غنى عنه يعتمد على درجة المشاركة في إدارة الشؤون العامة وتولّي المناصب العليا دون تمييز بسبب الدين أو العنصر أو الجنس أو اللغة أو الانحدار الاجتماعي أو الاتجاه السياسي والأيديولوجي، إذ إنها تعتمد على مبدأ المساواة وتستند إلى الحرية التي من دونها ستكون المواطنة قاصرة وغير مكتملة، مثلما لا تكتمل المواطنة دون حد أدنى من العدالة الاجتماعية التي تضمن الحق في العمل والتعليم والصحة والتمتع بمنجزات الثقافة والفن.
المواطنة تكتمل بالحق في الحصول على جنسية وعدم نزعها أو حجبها تعسفاً، الأمر الذي يثير إشكالات للعديد من مواطني البلدان العربية الذين هم دون جنسية لأسباب واهية، وإذا ما اعتمدنا على القوانين الدستورية وفي جميع قوانين الجنسية في الدولة المعاصرة، لاسيما التي تحترم حقوق الإنسان، فإننا سنكون أمام مبدأين أساسيين للحصول على الجنسية، الأول: على أساس البنوّة، أي أن يكون من أب أو أم تحمل جنسية البلد المعيّن، وهذه تسمى رابطة الدم، ولعل الغالبية الساحقة من البلدان العربية والإسلامية تقصرها على جنسية الأب، الأمر الذي يعتبر مخالفاً للوائح الدولية لحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل. الثاني: على أساس الأرض، وهذه «رابطة الولادة»، أي أن يولد على أرض معينة فيحمل جنسيتها، ويمكن لمن يقيم إقامة طويلة حسب قوانين البلدان المختلفة وبشروط تضعها كل دولة، الحصول على جنسية البلد المعني (بالتجنّس).
لكن هذا الأمر لا ينطبق على العديد من مواطني الدول العربية، فهناك أعداد كبيرة من الذين هم بدون جنسية، في الكويت ودول الخليج وهناك فلسطينيون من دون جنسية (لغياب الدولة) وهناك عدد من الكرد السوريين من دون جنسية ويسمون بالمكتومين، وكان عدد من كرد العراق، لاسيما الفيلية من دون جنسية، وقد تم تسفير عشرات الآلاف من المواطنين العراقيين إلى إيران بحجة التبعية الإيرانية، وهم حاليا في إيران من دون جنسية، وهناك الآلاف من الأطفال العرب من دون جنسية، إما لأن أمهاتهم تزوّجن من أجانب وانفصلن أو طلقن لاحقاً أو من مواطنين من دون جنسية، فظلّ هؤلاء غرباء في وطنهم، في حين أن قوانين الجنسية بفرعيها (الدم والأرض) تنطبق عليهم, ويمكن إضافة قوانين التجنّس إلى ذلك، وهم محرومون من الحصول على حقوقهم العادلة والمشروعة، الأمر الذي يضع مسألة المواطنة في الصدارة.
المسألة هنا لا تتعلق بمواقف السلطات الحاكمة فحسب، بل إن بعض التيارات الفكرية والسياسية والدينية ما زالت قاصرة النظر في مسألة المواطنة، وتتخذ مواقف سلبية لاعتبارات قومية متعصبة أو دينية متشددة أو مذهبية متطرفة أو لأغراض سياسية ضيقة، ولا شك أن هناك نقصاً فادحاً في الفكر العربي بشكل عام في ثقافة المواطنة وموقفاً سلبياً على أقل تقدير، إن لم يكن بالضد من مبادئ المساواة، خصوصاً إزاء الأقليات القومية والدينية واللغوية والسلالية، كما أن هناك نقصاً وقصوراً بائنين في الموقف من المرأة والحداثة والتقدم الاجتماعي لدى أوساط واسعة ولدى مختلف التيارات الاجتماعية والسياسية والفكرية.
ولعل هذا كان موضوع نقاش وأسئلة حارقة مثلما أسماها المفكر التونسي صلاح الدين الجورشي، لاسيما في موضوع الحوار والتشدد بين الإسلاميين والعلمانيين، فالعلمانيون لا يريدون الحوار مع الإسلاميين، وهم قوة أساسية في نحو عشرة بلدان، سواء كانوا في قمة السلطة أو قوة مؤثرة في البرلمان والشارع والإعلام والمجتمع المدني، أو أنهم يطرحون الحوار بشروط. أما الإسلاميون فهم يشعرون أنهم قوة كبرى فلا ينظرون بمحمل الجد إلى العلمانيين أو اليساريين الذين يعتقدون أن نجومهم قد أفلت، في حين أن عدم الاعتراف بالتعددية والتنوع وحقوق الآخر، ستؤثر على مبادئ المساواة والحرية والمشاركة، الأساس في مواطنة فاعلة ويمكن أن تغتني بالعدل.
كيف يمكن إذا خلق تيار فكري لإقناع القوى والأحزاب والجماعات السياسية والدينية بمسار المواطنة؟ الأمر يحتاج إلى توسيع دائرة الحوار ليشمل الجميع بهدف تعزيز ثقافة المواطنة، وهي تكاد تشكّل النقص الأكبر في هذا الميدان، وإذا تحوّلت المواطنة إلى فكرة مشتركة وقناعة جماعية، فستتحول من ترف فكري أو رغبة لدى بعض النخب إلى قوة مادية بحيث يصبح من الصعب -بل من المستحيل أحياناً- اقتلاعها أو تجاوزها أو إلغاؤها أو حجب بعض شروطها وحقوقها مثل حق الجنسية.
إن نشر ثقافة المواطنة يعني التمسك بأهداب ثقافة المساواة والحق في المشاركة، وهما ركنان أساسيان يسعى فضاء الحرية لتحقيقهما وصولاً لمواطنة فاعلة تقوم على أساس العدل.
وإذا ما انتشرت ثقافة المواطنة، لاسيما بتعزيز دور المجتمع المدني، فيمكن للأخير تقديم مشاريع اللوائح والقوانين للبرلمانات ومراجعة قوانين الجنسية، وكل ما له علاقة بانتهاك حقوق الإنسان، لتأمين مستلزمات مواطنة فاعلة وعضوية، خصوصاً أن نشر ثقافة المواطنة يحتاج إلى تربية واعية وطويلة الأمد، ويمكن للمدرسة والجامعة أن تسهم فيها، وتخلق المستلزمات لحوار بناء وهو ما تقع مسؤوليته على عاتق النخب العربية، التي ينبغي عليها أن تدور في فلك المواطنة قبل أي اعتبار أيديولوجي أو سياسي أو ديني أو مذهبي أو إثني أو أي إطار آخر!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 3- الأزمة المعتقة وسبل تجاوزها!!
- مؤتمر ديربن: لعلها أكثر من صدمة!!
- شهادات إسرائيلية: لائحة اتهام!
- تأبّط «ديمقراطية»!
- النظام الإقليمي العربي: وقفة مراجعة للأزمة المعتقة!
- العدالة المفقودة والعدالة الموعودة
- السيادة والدولة : اشكاليات السياسة والقانون!
- حيثيات تأسيس جامعة الدول العربية
- - أحنُّ الى خبز أمي -...!
- النظام الإقليمي العربي و22 فيتو
- حيثيات ومفارقات العدالة الدولية
- البحرين و الوطن الأم !
- لماذا لا تلجأ “إسرائيل” إلى القضاء الدولي؟
- كلمات عتب مملح إلى منظمة العفو الدولية
- كل ما أعرفه أنني لست ماركسياً!
- انهاء الاحتلال عسكرياً او تعاقدياً يتطلب تعهداً من الدول دائ ...
- الطيب صالح.. شرق غرب
- لا بدّ من بغداد ولو طال السفر
- ما الذي تبقّى من “اليسار الإسرائيلي”؟
- حصاد غزة والبروتوكول الأمريكي - “الإسرائيلي”


المزيد.....




- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...
- جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - فلك المواطنة!