|
محددات الوحدة الوطنية في الفكر السياسي الحديث (الجزء الثاني )
عزو محمد عبد القالدر ناجي
الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 11:03
المحور:
المجتمع المدني
ثالثاً : طبيعية التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الشعب والنظام السياسي
من المعلوم أن التفاعلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة تكون متداخلة بشكل يجعل من الصعب الفصل بينها ، لأن الاقتصاد يتبع السياسية والسياسية هي حصيلة التفاعلات الاجتماعية ، فتتمايز سياسية كل دولة بتمايز العوامل الاجتماعية فيها ، لكن سنحاول الفصل بين هذه التفاعلات قدر المستطاع ، بحيث نبين مدى تأثير كل عامل سواء كان سياسياً أم اقتصادياً أم اجتماعياً بين الشعب والنظام السياسي وتأثير ذلك على الوحدة الوطنية في الدولة.
• التفاعل السياسي بين الشعب والنظام السياسي : يرى البعض أن الصراع الذي يحدث في المجتمع على فترات متباعدة ؛ هو في الحقيقة صمام الأمان الذي يعمل على تصفية التوترات التي تختزنها المجتمعات وهى في حالة تطورها ، فالصراع من أقوى الدوافع على تماسك الجبهة المتصارعة ، حيث تنسى أحقادها الذاتية وتوحد صفوفها ، من أجل مواجهة القوى الأخرى المتصارعة معها ، فالصراع السياسي في هذه الحالة يزيد من دعم النظام السياسي ، ويحقق نوع من الوحدة بين النظام ومجتمعه بحيث يساهم ذلك في زيادة الوحدة الوطنية في الدولة. كما أن العمليات السياسية بين النظام السياسي ومجتمعه ، تحقق نوعاً من التفاعل بين النظام والشعب ، فالاستقرار السياسي في المجتمع لا يحدث إلا من خلال مظهرين هما: أولاً : اتفاق إرادي عن طريق الرضى والقبول ، فتقبل المواطنين طواعية لأنماط السلطة الموجودة في المجتمع من خلال الفكر الحر عن طريق المشاركة والإقناع ، وهذا يحقق زيادة في قوة الوحدة الوطنية بين الشعب والنظام. ثانياً : اتفاق أوتوقراطي استبدادي مطلق عن طريق الممارسة المستمرة للإكراه والإجبار والقسر ضد كل من يحاول الرفض ، حيث كل صوت مرتفع لابد أن يقابل بالكبت بوسائل عدة من قبل النظام الأتوقراطى ، لكن هذا الاستقرار سينتهي بانفجار يتم بصورة فجائية عاصفة ، وهذا ينقص من قوة الوحدة الوطنية بين الشعب والنظام ، حيث أن زيادة هذه الهوة ستؤدى لانهيار النظام السياسي. كما يعمل النظام السياسي على تحقيق الانسجام داخل الدولة ، من خلال اتخاذ تدابير فيها نوع من الشدة تجاه بعض الجماعات التي لا تسلس قيادتهم ؛ بسبب اختلاف الأمزجة والأهواء، مثل البدو الذين يتصفون بالعناد وعدم الطاعة والقسوة والشدة والفوضى ، وعمل النظام السياسي هذا يساهم في زيادة قوة الوحدة الوطنية ، لأن فوضى هؤلاء من الممكن أن تحدث عدم الاستقرار داخل الدولة. رغم أن النظام السياسي يحاول على الدوام اجتناب القمع المكشوف ، إذا كان له خيار آخر ، بسبب أن القمع يولد بعد فترة قصيرة ، تضامناً متزايداً ، ضد عمليات النظام هذه ، ويشكل مدعاة لإعادة النظر في مجمل بنيان الوصاية الأيديولوجية التي يعتنقها النظام ويحكم من خلالها الشعب ، فيعمل النظام على امتصاص التمردات والضغوط الشعبية من خلال إعطائها مجالاً للتعبير عن نفسها حتى لا يزداد توحدها ضده ، لكن هذا قد يزيد من قوتها في ظل تردى النظام نحو الضعف والخمول، وهذا سيؤدى إلى عدم وجود استقرار سياسي ، بسبب عدم قدرة النظام السياسي على احتواءها ، وهذا يحدث ضعفاً في الوحدة الوطنية في الدولة ، بسبب الهوة التي تشكلت بين النظام والشعب ، ومثال على ذلك رفض الشعب المصري استسلام الخديوي توفيق (1852-1892) للإنجليز ، وذلك عندما شرعوا في احتلال مصر ، وضربوا الإسكندرية ، ثم خلع الشعب المصري شرعية الخديوي توفيق ، وأعلن تشكيل البرلمان الثوري الذي عمل على القتال ضد الإنجليز والنظام ، وسمي بالمجلس العرفي ؛ الذي اجتمع فيه ممثلي الشعب المصري ، وجسدوا الوحدة الوطنية في مصر على اختلاف أديانها وفئاتها الاجتماعية . وبناءاً عليه فإن الشعور بالوحدة الوطنية ، هو أساس يتكون لدى المواطنين نتيجة لتوافر عدة عوامل ، تصاحب الشعب منذ نشأة الدولة ، وكلما توافر أكبر عدد من تلك العوامل ، كلما ازداد الإحساس بالوحدة في نطاق الدولة ، وصارت أشد ضرورة في أوقات الخطر ، وخاصة عندما تجد الشعوب نفسها على مفارق طرق ، وبالمقابل فإن أجهزة السلطة التنفيذية لها دور في تقوية الوحدة الوطنية ، من خلال دورها في تجميع الخيارات الاجتماعية والثقافية والعرقية داخل الدولة ، وغرس مشاعر الولاء والانتماء من خلال تحقيق المساواة بين جميع أفراد الشعب ، ويعتبر الأخذ بنظام التمثيل النسبي له دور في إرضاء كل جماعات الدولة ، وتخفيف حدة الصراعات في المجتمع ، بينما الأخذ بنظام يكفل تمثيل طوائف أو فئات معينة ، بهدف إرضاء بعض الجماعات دون الأخرى ، لن يساعد في تحقيق الوحدة الوطنية ؛ لأنه لن ترضى به الجماعات الأخرى . ويكون للحاكم في الدولة ، دوره في تحقيق الوحدة الوطنية عندما يقوم بتشكيل مؤسسات حكومية مركزية قوية ، ويعمل على تطوير نظم المجتمع ، ويحافظ على وحدة الدولة وتضامنها ، ومن الممكن أن يصبح رمزاً للوحدة الوطنية عندما يقضى على الطائفية والمصلحة والعرقية ، ويؤمن بوحدة الدولة ضد أي انقسامات فيها ، ويتجنب أي مناقشات قد تفتح الباب لوجود انقسامات داخلية ؛ تضعف الوحدة الوطنية ، ويتجنب الخوض في الخلافات الموجودة داخل المجتمع ، وأكبر مثال على ذلك الزعيم المصري سعد زغلول الذي ساهم في الوحدة الوطنية عندما حاول الاستعمار الإنجليزى إضعافها ، فلم يكتف بالشعارات والبرامج السياسية ، بل جاء أئمة المسلمين يخطبون في الكنائس ، والقساوسة يخطبون في الجامع الأزهر الشريف ، كما طبَّق الوحدة الوطنية في الحياة اليومية وفى كل وظائف الدولة . فأي نظام سياسي عليه واجبات محددة ، تكفل له حل المشكلات والأزمات خلال فترة زمنية محددة ، بحيث يؤدى ذلك إلى تحقيق التأييد الشعبي لسياسات النظام ، ومن ثم تكسب هذه الحكومة المصداقية والاحترام في أعين الجماهير ، وأهم هذه الواجبات هي : 1- قضية بناء الدولة ، وتعني أن يكون هناك سلطة مركزية قادرة على التغلغل والنفاذ إلى كافة أرجاء الدولة ، بحيث تخضع كافة الجماعات في الدولة لسياستها . 2- قضية بناء الأمة : وتعني خلق ولاء محلى لجميع أفراد الوطن بحيث يسمو على كل الولاءآت الأخرى ، وينصهر في بوتقة هذه الولاءآت الموجودة في المجتمع . 3- قضية المشاركة ، وتعنى زيادة الشرائح والجماعات بفعالية وجدية في العملية السياسية. 4- قضية التوزيع ، وتعنى إمكانية الوصول إلى مزايا الحياة الاقتصادية من خلال توزيع القيم في المجتمع. ولكي يتم تحقيق الاندماج بين القيادات السياسية وبين الجماهير في الدولة سواءاً كانوا من الأغلبية الحاكمة أم من الأقلية ، فيجب أن تتمتع هذه القيادات بالشرعية السياسية التي تعنى رضا وقبول المحكومين لسياسات وقرارات القيادة السياسية ، وما يقتضيه ذلك أيضاً من قدرة القيادة السياسية أن تكسب احترام وثقة الجماهير بكافة قطاعاتها ، بغض النظر عما قد يوجد بينها من اختلافات وانقسامات عرقية ولغوية ودينية واجتماعية ، وآلية تحقيق ذلك تكون من خلال التنظيمات السياسية التي تؤمن القنوات الازمة لاستيعاب مطالب الجماعات والقوى ، بما فيها من مطلب المشاركة ، ودون أن تضطر هذه القوى والجماعات إلى الالتجاء إلى العنف ، والخروج من إطار الشرعية القائمة ، لأن هذه التنظيمات تمثل القنوات الموصلة بين الجماهير ونظام الحكم والمؤسسات المتفرغة عنه ،سواء كانت هذه القنوات أحزاباً أم جماعات مصالح مثل النقابات أو التنظيمات المهنية أو غير ذلك ، لأنها تطلع بدور كبير في تبيان مدى شرعية النظام السياسي ، كونه يشكل أداة قمع وقهر لها . كما أن وجود دستور منبثق عن الشعب ويحقق مصالحه ، سيساهم في زيادة قوة الوحدة الوطنية في الدولة ، خاصة إذا حوى في فقراته مواد تؤكد على وجوب الوحدة الوطنية وتفرض على الشعب والنظام على حد سواء تحقيق ذلك ، فعلى سبيل المثال جاء في الدستور المصري لسنة 1972 : "تقوم الوحدة الوطنية على أساس إعطاء الأولوية دائماً لأهداف النضال الوطني التحرري ، وعلى أفضلية المصالح القومية الشاملة على المصالح الخاصة ، لكل قوة أو طائفة أو فئة اجتماعية"، وجاء في المادة الثالثة أيضاً : " يعاقب بالحبس كل من أنشأ أو نظم أو أدار جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة على خلاف حكم المادة الأولى" ، كما جاء في المادة الرابعة من نفس الدستور السابق : " يعاقب بالحبس كل من عرض الوحدة الوطنية للخطر بأن لجأ إلى العنف أو التهديد أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ؛ لمناهضة السياسية العامة المعلنة للدولة أو للتأثير على مؤسساتها السياسية والدستورية في اتخاذ قرار بشأنها" ، وجاء أيضاً في المادة السادسة من نفس الدستور:" يعاقب بالحبس كل من حرَّض بإحدى وسائل العلانية المنصوص عليها في المادة السابعة عشرة على بعض فئة من فئات قوى التحالف ، أو طائفة من الناس أو على الازدراء بها أو إثارة الفتنة بينها ، إذا كان من شأن هذا التحريض الإضرار بالوحدة الوطنية " • التفاعل الاقتصادي بين الشعب والنظام السياسي يحدث التناقض في المجتمعات المتخلفة عندما يحدث انعدام في التطور التكنولوجي في اقتصاديات هذه المجتمعات ، لذلك تعمل الجماهير على إحداث تطور مادي لزيادة الدخل والدعوة للديمقراطية ، والمساواة والعدالة الاجتماعية ، ويلتفون حول المثقفين الثوريين لإسقاط النظام الذي لا يعمل على تحقيق أهدافهم حيث يتعاطف المثقفين مع الفلاحين بتأييدهم للإصلاح الزراعي ، والمطالبة برفع مستواهم المعيشي ، كما يتعاطفون مع العمال بدعوتهم أن حركتهم ستؤدى إلى نمو وزيادة سرعة الصناعات المحلية، وعلى هذا الأساس يحدث الصراع بين الشعب بقيادة المثقفين وبين النظام الحاكم، بسبب الهوة بين القيادة والقاعدة ، وسبب هذه الهوة ، هو الصراع الطبقي ، وعلى ذلك يحدث ضعف في الوحدة الوطنية داخل الدولة. وتغافل النظام السياسي الحاكم عن وجود تطورات في المجتمع مثل : زيادة السكان ، وانخفاض أجور العمال في المدن ، وقلة عدد الأراضى الزراعية في الريف وعدم اتجاهه للتصنيع ، مما يؤدي إلى حدوث التناقض بين المثقفين الاشتراكيين وبين النظام السياسي ، وفى معظم الحالات لا يستطيع النظام الاستمرار في المقاومة فيسقط ، ثم تبدأ دورة جديدة من الصراع بين النظام الحاكم الجديد الذي يقوده المثقفين ، وبين مؤيديهم من العمال والفلاحين والحرفيين .... الخ ؛ بسبب شغف هؤلاء المثقفين بالسلطة ، وابتعادهم عن الشعب، وعلى هذا الأساس تحدث الهوة بين الجماهير والنظام الحاكم أيضاً ، وتبدأ تحالفات جديدة لإسقاط النظام ، وإثارة عدم الاستقرار في الدولة ؛ بسبب ضعف الوحدة الوطنية ، التي كان سببها الرئيسي هو التفاوت الطبيعي في المجتمع ، وعدم وجود تنمية اقتصادية للدولة ، وانخفاض دخل الفرد في الدولة. استناداً إلى هذه الرؤية يفسر سعد الدين إبراهيم أسباب العنف السياسي في المجتمع ، معتبراً أنه اقتصادي بالدرجة الأولى ، وعلى هذا فهو يرى أن أهم الأسباب هي: 1- اتساع الفجوة بين الأمل والواقع ، فحينما يخلص الأفراد أن الفجوة قد اتسعت بحيث تصبح غير معقولة ، ومن غير سنن الحياة ، أي غير طبيعية ، فيؤدى ذلك إلى إحساسهم بالفشل والإحباط ،ويؤدى ذلك إلى شحنات عدوانية وداخلية ، وهنا قد يلوم الأفراد أنفسهم ، ويؤدى ذلك إلى استسلامهم ، لكن إذا خلص الأفراد أن السبب في الفشل يعود إلى التركيبة السياسية والاجتماعية السائدة في المجتمع من حولهم ؛ فإن الشحنات العدوانية الداخلية تتحول إلى تهيؤ واستعداد لاستخدام العنف ضد النظام السياسي الاجتماعي القائم ، وتصبح المسألة هي مسالة بحث عن تكييف أيديولوجي ، وتنظيم ووسائل لتغيير هذا النظام. 2- عدم العدالة التوزيعية : المعادلة التي يستخدمها الأفراد بوعي وبدون وعي هي : العدالة التوزيعية = حجم الاستثمارات المادية والمعنوية للفرد. العدالة التوزيعية = نصيب الفرد من الثروة والسلطة.
أي " حجم الاستثمارات المادية والمعنوية = حجم استثمارات الشخص الآخر المادية والمعنوية = نصيبه من الثروة والسلطة " ، والتقدير المعنوي يجب أن يكون متساوياً مع ما يحصل عليه الآخرون ، فعندما تكون مجهوداتي ضعف مجهوداتهم ، فإنني أتوقع أن احصل على ضعف عائد كل منهم ، وإذا كانت مجهوداتي نصف مجهوداتهم ، فإنني أتوقع أن احصل على نصف مجهوداتهم ، وهكذا ...... ، وأي اختلال في تلك القاعدة التوزيعية ينشأ عنه شعور بالظلم ، فالقاعدة لا تساوى بين الناس مساواة حسابية مطلقة ، وإنما تساوى بينهم في الفرص ، وتساوى بينهم مساواة نسبية في توزيع الثروة والسلطة كل حسب جهوده وكفاءته وإنجازاته ، والإخلال بالقاعدة يتحول إلى شعور بالظلم ، ومن ثم إلى سخط ومن ثم إلى تمرد وانقلاب من خلال العنف ، أي يؤدى إلى ضعف في الوحدة الوطنية. 3- الحرمان النفسي : فقد تتحسن أحوال الفرد في المجتمع لكنه يجد نفسه نسبياً أقل من التحسينات التي طرأت أو تطرأ على المجتمعات الأخرى المتشابهة مع مجتمعه ، وهذا يؤدى إلى السخط الذي يؤدى إلى التهيؤ لاستقبال واعتناق الأفكار الناقدة للنظام الاجتماعي السياسي والداعية للتمرد عليه والثورة ضده من خلال العنف ، أي ضعف في الوحدة الوطنية أيضاً. ووجود تنمية اقتصادية فعالة في الدولة يؤدى إلى ارتفاع المستوى الثقافي، وإلى ثقافة سياسية عالية ، وهذا سيساهم في الاستقرار السياسي في الدولة ، وعدم تدخل الجيش لإسقاط النظام ، وبالتالي سيزيد من فرصة وجود وحدة وطنية فعالة، وأيضا عندما يسعى النظام السياسي إلى خلق الولاء من جانب النظام السياسي ، وتدعيم شريعته ، وزيادة قدراته ، فيكون له ذلك من خلال عملية التنمية السياسية التي تقوم بعملية توزيع القيم المادية والمعنوية لمختلف القطاعات الشعبية ، وتخلق المؤسسات والقنوات التي تمكن الفرد في المجتمع من التأثير في صنع القرار على الصعيدين القومي والمحلى ، وتعبىء المواطن للمشاركة بحماس في مجهودات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبذلك تتحقق عملية المشاركة السياسية في المجتمع ، ويتاح للمواطن من خلال هذه المؤسسات الاستفادة من توزيع القيم المطالب بها من قبل أفراد المجتمع ، فتتحقق المطالب والتأييد لها من خلال بناء المواطن ، وتزيد من فعالية الحكم المدني ، الذي ينهض على دولة المؤسسات وبالتالي يصبح قادراً على السيطرة على المؤسسة العسكرية ، التي لولا فعالية الحكم المدني وتأييد الشعب لتدخلت في الحياة السياسية.
لكن تحقيق الديمقراطية في بلد يشكو الجوع والجهل والمرض ، لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التنمية الاقتصادية ، من خلال زيادة الاستثمار الذي يؤدى إلى زيادة الإنتاج ، لكن زيادة الاستثمار صعبة مادام الدخل القومي في هذه البلدان لا يسد الحاجات الأساسية للسكان ، وبناء الصناعة الحديثة والقيام بمشروعات التنمية ، وتشييد المرافق الحيوية الأساسية أمور تفرض الضغط على الاستهلاك وتحويل المال المتوافر إلى تمويل المشاريع الاستثمارية وهذا يتطلب تخفيض مستوى المعيشة عن مستواه العادي ، ولا يمكن فرض مثل هذه التضحية إلا عن طريق فرض حكم ديكتاتوري ، إلا أن وجود هذه الديكتاتورية سيحدث كارثة وطنية بسبب هجرة صفوة العلماء ، وخبراء الطاقة الذرية ، وأساتذة الجامعات وسواهم ، لأنهم ذوى ميول ديمقراطية في الغالب والحل في هذا التناقض يكون ، من خلال إقامة حكم ثوري تقدمي ذو جذور شعبية عميقة راسخة تبطل الطابع الديكتاتوري المؤقت ، الذي قد يضطر إلى اتخاذه ؛ لأن ذلك الحكم يعد أقرب إلى الانزلاق في مهاوي التسلط والإرهاب كلما كان أكثر عزلة عن الشعب. كما أن التناقض بين الفلاحين والعمال من جهة وبين الإقطاعين والبرجوازيين من جهة ثانية ، يضعف الوحدة الوطنية في المجتمع ، فالفلاحين يتصلون بمجمعهم من خلال وسطاء برجوازيين (دائنين لهم) ، حيث يعمل هؤلاء على الاستيلاء على أراضى زملاءهم المدنيين (الفلاحين) ، ويعمل نفس الشيء زعماء القبائل والقرى الذين يستولون على أراضي المشاع ويعتبرونها خاصة لهم ، ويستغلون ظروف الفلاح الاقتصادية والسياسية ، فيحدث التناقض بين السلطة السياسية ، التي يكون لها دور في هذه العمليات ، وعلى هذا الأساس يصبح الفلاحين قاعدة جماهيرية للحركات القومية التي يقودها المثقفون . أيضا التطور الصناعي في هذه البلدان يؤدي إلي استياء أصحاب الصناعات القديمة ؛ بسبب تحولهم إلى عمال أجراء فيرتفع عدد الساخطين على أصحاب الصناعات الثقيلة تحت غطاء القومية مما يقود إلى ما يعرف بالفوضوية أو السنديكالية وهو مذهب ثوري يسيطر فيه العمال علي الاقتصاد والحكم عن طريق حركة الإضراب العام، وتمتزج حركتهم بالاشتراكية والقومية وتنادي بهما. كما قد ينشأ الصراع داخل المجتمعات المتخلفة بين الرأسماليين من خلال تجمعاتهم (غرف التجارة ، الجمعيات التجارية ، نقابات رجال الأعمال.......) باستخدام نفوذهم بشكل يتناقض مع مصالح الإقطاع أو الحكومات الأرستقراطية ؛ لأن الرأسماليين ينتجون صناعات استهلاكية للسوق المحلية ، لذلك يعملون علي رفع مستوى المعيشة والقوي الشرائية للفلاحين ، وقد يؤيدوا الإصلاح الزراعي ويطالبوا التعريفات وقائية لصناعتهم الوليدة مما يجعل الإقطاعيين يعارضون هذه الإجراءات ؛ بسبب حاجاتهم لتصدير منتوجاتهم الزراعية، وعلى هذا الأساس ينشأ الصراع في المجتمع. وكلا الحالات الثلاث السابقة تقود إلى عدم استقرار داخلي وهوة بين الفلاحين والعمال من جهة وبين البرجوازيين والاقطاعيين من جهة أخرى ، وبين الاقطاعيين في ظروف أخرى مع البرجوازيين بتحالفهم مع الفلاحين ، وفى كل هذه الحالات تضعف الوحدة الوطنية في المجتمع ؛ بسبب صراع المصالح المادية ، فمستقبل الوحدة الوطنية يتوقف على مدى النجاح في معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمشاكل الأخرى ، ذلك أن المعالجة السياسية للمشكلة مع ضرورتها كخطوة أولى تفقد مدلولاتها إذا لم ترتبط بإيجاد الحلول لهذا المشاكل ، كما أن الوحدة الوطنية تتطلب وجود المصلحة الاقتصادية والاجتماعية ، إذ أن الفرد يزيد ارتباطه بوطنه من خلال ما يحصل عليه من مصالح شخصية ، لأن الوطن هو مكان الإقامة والراحة والمأوى الذي يحتمي فيه الفرد كما أنه يدافع أيضاً عنه في وقت الحرب.
• التفاعل الاجتماعي بين الشعب والنظام السياسي عادة ما تؤدي عملية التفاعل بين الفرد وبيئته الاجتماعية إلى تنامي المطالب الداخلية لتغيير هذه البيئة نحو الأفضل ، والتي عادة ما تكون غير مستقرة بسبب تغيرات داخلية أو خارجية ، تؤثر في رفاهية الأفراد ، إضافة لما يحدثه التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال ، ومحاولة كبت تلك المطالب من قبل النظام السياسي ، وعدم الاستجابة إليها سيحدث توتر قد ينتج عنه انفجار وعنف ، ورغم أن الصراع في المجتمع يؤدى إلى التطور في المجتمع ، إلا أن النشاط السياسي المتمثل في احتواء ذلك الصراع يكون له دور أكبر في تقوية الوحدة الوطنية ، كما أن تجاهل النظام لبعض المشكلات الاجتماعية الملحة مثل الإسكان والتعليم والأجور والحقوق والحريات العامة ، يؤدى إلى تخلخل داخل النظام ويضعف الوحدة الوطنية .
ويؤكد أكشتاين أن عدم وجود اتساق سياسي بين أفراد المجتمع الذين يؤدون أدوارهم وتأثيراتهم في المجتمع سيؤدي إلى خلق عدم تجانس في النسق المجتمعي ، فعادة ما تصدر الدولة قوانين وقواعد لا تحققها ، مما يؤدي إلى انتهاء الترابط بين الجماعات في المجتمع، كما أن عدم قدرة صانع القرار على الاستجابة السريعة للتحديات الخارجية والداخلية ؛ بسبب ضعف التنظيم والإدارة ، سيخلق عدم استقرار داخلي من خلال الفجوة التي قد تحدث بين النظام السياسي، والشعب، وسيقود هذا إلى صراع في المجتمع. ورغم رؤية البعض أن حالة الصراع هذه هي ظاهرة صحية وحيوية لبقاءه ، إلا أنها تحتاج إلى قواعد يحددها نظام سياسي شرعي، فالصراع من أجل المراكز والموارد مثلاً، وفقاً لتناقض القواعد الراسخة في المجتمع بين المتنافسين، سيحدث ضعفاً في الوحدة الوطنية، وعلى ذلك يفسر الليبراليون والماركسيون حالة الصراع في المجتمع من خلال اتجاهين هما: • يرى الليبراليون أن الصراع يؤدي إلى التكامل وهو يتطور ويحدث آثاره في المجتمع ، فالظاهرتان متصاحبتان مع بعضهما البعض، كما أن التنافس في ذلك كله سيؤدي إلى انتشار الإنتاج وتجديده ، وهذا ما يدعم الاقتصاد الوطني، كما أن التنافس السياسي يؤدي إلى نتائج مماثلة، فبفضل هذا التنافس يصل أفصل الناس إلى الحكم، وأكثرهم كفاءة، فيحكمون من أجل الصالح العام. • ويرى الماركسيون أن الصراع يساعد على تطور المجتمع ، حيث يؤدي إلى إزالة التعارضات والتناقضات، وبالتالي إلى قيام مجتمعات تخلو من النزاعات، ولا يتحقق ذلك إلا بعد فترات طويلة، ويختفي هذا الصراع بوصول المجتمع إلى مرحلة الشيوعية، التي هي النتيجة النهائية للصراع في المجتمع. فكلا النظريتين تؤكدان على دور الصراع في حل تناقضات المجتمع، وتضييق الفجوة بين القمة والقاعدة ، لكن فعالية النظام السياسي في حله لكل هذه التناقضات كلما ظهرت على السطح أفضل من انتشارها وإخلالها في وحدة المجتمع وتطوره، وانقسامه على نفسه، ولا يتحقق للسلطة السياسية ذلك إلا من خلال شرعيتها وديمقراطيتها، وإيمان الشعب بها، لأن أخطر ما يهدد الوحدة الوطنية في الدولة هو اندلاع الثورات الاجتماعية فيها ؛ بسبب تدخل الدولة في النشاطات الاقتصادية للأفراد، لأن من المسلم به أن النشاط الاقتصادي تحكمه قواعد طبيعية، وليس من المصلحة التدخل فيها من قبل الحاكم، مثل قانون العرض والطلب، والمصلحة الخاصة، كمحرك أساسي للنشاط البشري، والبقاء للأصلح.. الخ، وبظهور الشركات الكبرى في الدول الرأسمالية، وتوسعها باتجاه الدول المتخلفة وفي ظل عدم وجود قوانين عمل في هذه الدول يتضح حداً أدنى للأجور، وتفرض على أصحاب الأعمال شروطاً إنسانية للعمل، وعلى هذا الأساس ستظهر الأفكار الاشتراكية، حيث لا تعد الطبقات الكادحة تقبل منطق الإصلاح، بل منطق الثورة لحل مشكلة المظالم الاجتماعية، لتكفل حياة أفضل للأغلبية العظمى من أبناء الوطن، وعلى هذا الأساس تندلع الثورات الاجتماعية، التي تعتبر الأسلوب الوحيد لإنجاز التغير السياسي والاجتماعي عندما لا توجد قنوات ومسالك شرعية، وفاعلة لإنجاز التغير بطرق سليمة، ويتحمل النظام السياسي مسؤولية هذا العنف ، بسبب أزمة المشاركة، والتخلف الاقتصادي وأزمة التنمية والتفاوت الطبقي، وأزمة التوزيع. وتتميز الدول ذات الأعراق المختلفة أو الطوائف المتباينة بوجود صراعات إثنية وطائفية فيها، كما أن بعض الدول تتميز بالتمايز الحضري بين الريف والمدن. وهذا يؤدي أيضاً إلى صراع حضاري اجتماعي فيها،وعلى ذلك يقول برهان غليون: " الدولة العربية والإسلامية لا تستطيع تكوين علاقات اجتماعية بحيث تحقق المجتمع، وإنما هي واسطة لتحقيق الترابط بين الولاء المحلي الشخصي والولاء الجماعي للأمة، فبدون الدولة لا يمكن بقاء الأمة، واستمرار المجتمع، وتحقيق الولاءات المختلفة خارجها، فإذا ما تحطمت الدولة، تفقد الجماعات داخلها الترابط، كما تفقد مركز توازنها كجماعة سياسية، وبالتالي لا تستطيع الجماعات داخلها التعايش في إطار جماعة واحدة ". وفي نفس السياق يقول تركي الحمد: "إن القبيلة ، والعشيرة ، والطائفة ، والإقليم ، والأقلية العرقية، أو المذهبية ، والعائلة الواسعة الممتدة، هي الوحدات الاجتماعية السائدة في الأقطار العربية، والتي يستمد منها الأفراد ومواطنو هذه الأقطار هوياتهم، وإليها تتجه ولاءاتهم، ووفقاً لآلياتهم يتحدد مجال حركتهم وتفاعلهم الاجتماعي والسياسي، والدولة الوطنية هي عبارة عن شكل ظاهري يخفي في جوفه هذا التشرذم، والتشتت، ومن خلال السلطة المركزية يحفظ هذا الكيان.... المجتمع المدني حتى الآن لم يستطع صهر هذه التشرذمات في إطار هوية واحدة متجانسة قادرة على البقاء دون تدخل السلطة المركزية، وأي ضعف في السلطة المركزية سيؤدي إلى ظهور الهويات المستقرة، والولاءات المختفية على السطح مكونة كيانات أخرى جديدة أصغر فأصغر". فالدول العصبوية، المكونة من عصبيات عرقية أو مذهبية متجانسة ، تتحقق فيها الوحدة الوطنية بشكل أكبر من الدولة غير العصبوية، التي تتسم بعدم التجانس العرقي والمذهبي والعشائري بين مكوناتها الاجتماعية ؛ لأن الوحدة السياسية في الدولة العصبوية هي التي يتشارك على امتدادها السكان في وحدة تفاعل حياتي ومعيشي كامل، بحيث يستمر التجانس في المجتمع وبالتالي يستمر في البقاء، حتى لو سقطت السلطة السياسية ، أما الدولة غير العصبوية، فهي تتجاوز الجماعات والأقاليم من خلال القوة المادية للنظام السياسي، دون أن يكون بينها قاعدة تفاعل وتواصل مشترك من البيئة الحضرية الاقتصادية المتصلة الحلقات، وسقوط النظام السياسي في هذه الدولة سيقود إلى تفرق الجماعات والأقاليم ؛ بسبب أنها تفتقد للامتداد والتواصل الحضاري والاقتصادي القادر على صهرها في بوتقة واحدة وكيان متجانس. ولحل مشكلة الدولة الغير عصبوية تتبع دول العالم إستراتيجيتين لتحقيق تكاملها القومي وتحقيق وحدتها الوطنية وهاتان الاستراتيجيتان هما: 1- استراتيجية الاستيعاب، وهدفها صهر الجماعات والسلالات في قومية متجانسة واحدة. بحيث تفقد هذه الجماعات سماتها الذاتية بسبب هذه العملية. 2- استراتيجية الوحدة من خلال التنوع، وهدفها خلق الولاء القومي للدولة دون أن يؤدي ذلك إلى القضاء على السمات الشخصية والذاتية للأقليات ، وذلك من خلال إتباع أسلوب توحيد الإطار العام، ويتوقف نجاح هذه الاستراتيجية على مدى وضوح أهداف الدولة، ومدى احتوائها لأفراد المجتمع، ومدى تمثيلها لهم، وعلى قدرة المجتمع على توفير الأوضاع التي تتفق وطموح هذه القوميات وقدراتها وإمكانياتها داخل هذا المجتمع. وتحقيق أي من هاتين الاستراتيجيتين يقتضي قيام أدوات تستخدم لتنفيذها، فقد تكون أدوات عسكرية كاستخدام الجيش في التعامل مع الأقليات، أو أدوات اقتصادية باستخدام العائد القومي، والتحكم فيه كأداة لفرض التكامل، أو استعمال الأدوات الثقافية في التنشئة الاجتماعية، بحيث تتم عملية تشكيل الفرد من خلال الأسرة أو المدرسة أو الثقافة الدينية، وهذه العملية تؤدي لقيام أطر فكرية وقيمية في سلوك الأفراد داخل المجتمع، وأدوات سياسية وإدارية عن طريق المنظمات السياسية والإدارية ومالها من أيديولوجيات وأهداف، أو عن طريق التنظيم الإداري للدولة، كالأخذ ببعض النظم التي جربت، كنظام الإدارة المحلية الذي أخذت به بعض الدول، واستطاعت من خلاله حل المشاكل التي نجمت عن وجود أقليات أو أقاليم مختلفة في إطارها، وعلى هذا الأساس تترسخ الوحدة الوطنية وتزداد قوة، وذلك عندما تمتد السلطة المركزية بسلطاتها على كافة أجزاء الإقليم آخذة في الاعتبار كل ما يقوى الوحدة الوطنية من عناصر اللغة والثقافة والتربية والتعليم والشؤون الاقتصادية والعمالية ووسائل الاتصال والإعلام والإدارة وجماعات الضغط والأحزاب، وبالفعل فقد تحققت الوحدة الوطنية في مجتمع له أصول عرقية ومذاهب مختلفة، وثقافات متباينة، بفعل الإرادة السياسية الحرة لكل هذه الجماعات، حيث أن هذه الإرادة قادرة على تجميع الشعب في وحدة وطنية حقيقية وفي ظل دولة متماسكة. وفي نفس السياق يرى البعض أن تحقيق الوحدة الوطنية في الدولة العصبوية ممكن وذلك من خلال الديمقراطية القائمة على التنوع داخل الدولة، على اعتبارات أن الديمقراطية هي نظام يتسع للجميع ويحمي الجميع ، وهي سبيل التفاهم الواقعي بين أكثرية سياسية متنوعة في أصولها وموحدة في أهدافها ومصالحها، وبين أقلية سياسية لها نفس سمات الأخيرة ؛ لأن المجتمع السياسي الديمقراطي السليم لا يتم على أساس ديني ، أو طائفي ، أو مذهبي، بل على أساس وحدة الموقف ، والتفكير ، والهدف ، والمصلحة، وعلى ذلك فالديمقراطية هي شرط بناء الوحدة الوطنية. فهذا الرأي يتوافق مع الرأي الذي سبقه من أن تحقيق الوحدة الوطنية في مجتمع غير متجانس عرقياً أو طائفياً، لن يكون إلا من خلال النظام السياسي في الدولة، ذلك النظام الذي يجب أن يقوم على الديمقراطية الحرة ، والمشاركة السياسية للجميع بغض النظر عن الاختلاف العرقي أو الديني. كما تتسم بعض الدول النامية بالتناقض بين الريف والمدينة، أو بين البداوة والحضارة، فالبدو يتسمون بالوحشية ويمثلون الفوضى وأولى مراحل تدرج البشرية في سلم التطور نحو الحضارة والتمدن، والعصبية تنسب إلى البدو، الذين يسعون من خلالها إلى الوصول للسلطة، فولاء الفرد عندهم لقبيلته قبل كل شئ، لذلك فوجود عصبية قبلية أو عشائرية في الدولة سيصنف من الوحدة الوطنية فيها. كما قد يحدث التناقص بين سكان الريف والمدينة ؛ بسبب تبعية الريف للمدينة في المجالات الاقتصادية والسياسية، إضافة لوجود السلطة في المدينة، ومما يزيد الصدام بين الطرفين هو أن البادية أقل موارداً من الحضر، بسبب انهماك الناس فيها بتحصيل الأشياء الضرورية لمعيشتهم ، أما في المدينة فالعمل أكثر وتماسك السكان فيها أكبر، وبالتالي زيادة مكاسبهم ورفاهيتهم، وتقسيمهم للعمل هو الذي يوفر لهم الفائض في الصرف على أحوال الترف ، وهذا يؤدي إلى التناقض بين سكان الحضر والبادية، كما يؤدي إلى تناقض في مصالحهم مع مصالح الحكام بسبب حسدهم لهم، لذلك يعملون على انتزاع ما بيدهم. وبناءاً على ذلك فالصراع الاجتماعي في المجتمع بين الريف والمدينة من جانب ، وبين البداوة والحضارة من جانب آخر، سيوِّلد حالة عدم استقرار داخلي في الدولة، وسيضعف الوحدة الوطنية ؛ لأن ولاء الفرد لأقلية أو لقبيلة عامل سلبي في الدولة ، كونه يقود إلى انقسام الشعب الواحد وتفرقه، وإضعاف الولاء للدولة، لذلك يترتب على النظام السياسي حل هذا التناقض في الحياة الاجتماعية، كما يجب عليه حل التناقض القائم بين مكونات الشعب القومية أو الطائفية أو الدينية، بما يبرز الوحدة الوطنية في الدولة، وفي ذلك يرى إيفانز بريتشارد أن حل هذا التناقض من خلال إيجاد درجة معينة من التناسق والإطراء في المجتمع ويعبر عن ذلك بقوله : " لابد من وجود درجة معينة من الاطراد والاتساق في الحياة الاجتماعية وتوفير نوعاً من التناسق، وإلا استحال على أعضاءه العيش معاً، فالناس لا يستطيعون الانصراف إلى شؤونهم إلا لأنهم يعرفون نوع السلوك الذي يرتضيه الآخرين في مختلف نواحي مواقع الحياة الاجتماعية، كما أنهم ينظمون نشاطهم تبعاً لقواعد مرسومة، وحسب قيم معينة متعارف عليها، فهم يستطيعون التنبؤ والتكهن بالأحداث، وبذلك يمكنهم ترتيب حياتهم، بما يتفق ويتماشى مع حياة الآخرين، ولكل مجتمع صورة أو نمط معين يسمح لنا بأن نتكلم عنه على أنه نسق بناء يعيش فيه أفراده، ويتفقون فيه على مستلزماته". كما يؤكد هذا الرأي الباحث أكشتاين ، حيث يرى أن عدم وجود اتساق سياسي بين أفراد المجتمع الذين يؤيدون أدوارهم وتأثراتهم في المجتمع، سيؤدي إلى خلق عدم تجانس في النسق المجتمعي، فعادة ما تصدر الدولة قوانين وقواعد لا تحققها، مما يؤدي إلى انتهاء الترابط بين الجماعات في المجتمع، وعدم قدرة صاحب القرار على الاستجابة السريعة للتحديات الخارجية والداخلية بسبب ضعف التنظيم والإدارة، سيخلق عدم استقرار داخلي من خلال الفجوة التي قد تحدث بين النظام والشعب، وسيقود ذلك إلى صراع في المجتمع، ينتج عنه ضعف في الوحدة الوطنية في الدولة. وعملياً طالما كان النظام الاجتماعي السياسي السائد في أي مجتمع قادراً على مواجهة متطلبات الأغلبية الساحقة من أفراد الشعب، وإشباع احتياجاتهم الأساسية، فلا خطر على هذا النظام من ظاهرة التطرف السياسي الجماعي المنظم، ولكن حينما يتعثر هذا النظام عن تحقيق ذلك، ويطول هذا التعثر وتتفاقم تلك المشكلات، فإن أعداداً متزايدةً من أفراد الشعب تخلص إلى أن هناك عطباً أساسياً، إما في جوهر وفلسفة النظام، أو في أدائه، أو فيهما معاً، من هنا يبدأ البحث عن بديل يخرجهم، ويخلص المجتمع من مشكلاته، وكلما اشتدت حدة المشكلات وتحولت إلى أزمة أصبح البديل مختلفاً تماماً عن النظام القائم، وكلما ازداد اختلاف البديل عما هو قائم وممارس بالفعل، كلما أصبح الحل أشد تطرفاً والذي ينتهي عادة بالانقلاب، الذي يعتبر مؤشر لتعثر النظام عن حل مشكلاته. لكن يرى البعض أنه في الدولة التي تجمع فئات مختلفة (عرقية، دينية، مذهبية.....الخ)، فإن أنسب صورة لنظام الحكم فيها هو الفيدرالية ؛ لأنه يحقق لها الوحدة الوطنية، وقد يطبق هذا النظام في الدولة العصبوية ذات القومية الواحدة والدين الواحد، وذلك عند اختلاف المصالح بصورة جذرية بين إقليم وأخر داخلها مثل الأقطار العربية، التي هي جزء من وطن واحد هو الوطن العربي، حيث أن الاختلافات بينها هي اختلافات عرضية لم تكن سوى ؛ بسبب الاستعمار الذي خلق لكل واحد منها واقعاً قانونياً واقتصادياً واجتماعياً. كما أن نظام الإدارة المحلية (الحكم المحلي) في الدول البسيطة هو البديل عن النظام الفيدرالي في الدولة المركبة، حيث لكل إقليم حرية إنشاء وإدارة مرافقه المحلية في حدود السياسة العامة للدولة، وقد يصل استقلال الأقاليم في نطاق هذا النظام إلى تخويل الإقليم سلطة التشريع في المسائل المحلية. فالوحدة الوطنية لكي تنجح عليها معالجة المشاكل الاجتماعية، من خلال تحقيق الاندماج والتقارب بين النخبة والشعب بجميع فئاته، حتى يقبل الشعب حق القيادة السياسية في ممارسة الحكم ، لكن تحقيق ذلك الاندماج لا يعني إلغاء الفروق بينها بما يساهم في إحداث الفوضى إنما يعني قيام نمط للسلطة، واتفاقاً منظماً لعلاقاتهم، فالنخبة لا تستطيع أن تعمل دون الشعب، وإذا كانت غير متعاطفة مع اتجاهات الجماعات داخلها، فعليها أن تعمل على التعبئة السياسية للجماهير من أجل التعاون معها بهدف تحقق أهدافها وبذلك تتحقق الوحدة الوطنية في الدولة. نخلص مما سبق أنه لتحقيق الوحدة الوطنية في الدولة من خلال التفاعل السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين الشعب ونظامه السياسي، يجب على النظام السياسي إقامة دولة القانون المبنية على المؤسسات الديمقراطية والمحكومة من خلال دستور يصدر عن الشعب، وأن تسعى إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بما يحقق رفاهية الشعب، ويعزز كرامته في وطنه، لكن لابد أن يكون على الشعب مهام وواجبات في مقابل ذلك ، وذلك بغية دعم الوحدة الوطنية، وأهم هذه الواجبات: 1- أهمية الالتزام الكامل بالوحدة الوطنية من خلال تحالف قوى الشعب العاملة، من أجل تحقيق مصالح وآمال الشعب القومية، وحل التناقضات بين قوى الشعب العاملة سلمياً وديمقراطياً. 2- الحفاظ على دولة الشعب بإقامة دولة مؤسسات دستورية وشعبية، حتى يكون الشعب أسرة واحدة لا تورث ولا تكون حكراً شخصياً أو فئوياً، ولامكن فيها للطغاة والديكتاتوريين، ويسود فيها القانون، وحماية الحريات، وتتحقق فيها الديمقراطية. 3- تعميق مقومات ومفاهيم مبدأ تحالف قوى الشعب العاملة، حتى يظل تحالف الشعب حقيقياً وواقعياً بين سائر القوى العاملة، وليس تحالفاً شكلياً بين أفراد وجماعات يتخذون منه وسيلة قمع أو طريقاً لتحقيق مآرب ومصالح غير مشروعة. 4- التوعية بالاستراتيجيات المعادية ومخططاتها ، بحيث يكون لدى الشعب كله خطاً فكرياً بهذه الإستراتيجية ، ووضوح الرؤية بمخططاته لمواجهة الدعاية المفروضة عليه ، لأن الجبهة الداخلية في مقدمة الأهداف التي يحاول الأعداء أن يضربوا بها؛ لبث عوامل الفرقة والانشقاق والتشكيك في قدرات الشعب، الذي يعتبر الجهة الداخلية للنظام، ودرع الأمة في الحرب مع الأعداء. 5- زيادة الإنتاج من خلال بناء قاعدة اقتصادية قوية تكون سنداً للمعركة وخلق مقومات الصمود الاقتصادي وبناء القوة الذاتية، من خلال جعل الجبهة الداخلية في موقف يجعلها قادرة على تحمل كل ما هو مقبل من مخاطر مع العدو. 6- التصدي لأساليب الحرب النفسية التي يشنها أعداء الوطن على الشعب من أجل تصديع الجبهة الداخلية، من خلال التشكيك في القدرات والكفاءات ؛ فالشعب هو درع الجيش على جبهة القتال ، وهو الضمانة الأكيدة لإحراز الانتصار . 7- التخلص من اللامبالاة والسلبية وإيثار الروح الجماعية في العمل، وأن يتم تجاوز النزعة الفردية في قلب كل فرد من أفراد الشعب، وذلك من خلال العمل الإيجابي في كل المجالات. 8- عدم الانزلاق في معارك جانبية داخلية، تؤثر سلباً على وحدة الشعب والوطن، وإدراك أن وجود بعض مظاهر التكريم، للبعض من ذوي المناصب العامة، كالسيارات وأجهزة التكييف، والأثاث الراقي .....وغير ذلك ليس من مظاهر الانحراف ، ويجب على الشعب أن يميز بين ذلك وبين مظاهر الانحراف الأخرى، التي تؤثر سلباً على الوحدة الوطنية. ثالثاً : التأكيد على الهوية الوطنية للجيش • الهوية الوطنية للجيش ودورها في الوحدة الوطنية يشكل الجيش في كثير من الدول النامية الحلقة الرئيسية في الصراع ؛ لأنه يشكل أهم القوى المنظمة في المجتمعات الزراعية النامية، وفي هذه البلدان يدور صراع بين الضباط للسيطرة على الحكم، من خلال الانقلابات العسكرية، حيث يعرف الانقلاب بأنه يعني الوصول للسلطة من خلال القوة المادية للجيش من خلال توجيه ضربة عنيفة للنظام السياسي القائم، ويكون هدفه الرئيسي هو الوصول للسلطة، ولا يتناقض مع السلطة السابقة إلا في أسلوب تداول السلطة، وقد يحدث من خلال السلطة نفسها عندما يقوم الحاكم بإلغاء المؤسسات وتجميد أو إلغاء القوانين المعيقة لسلطته دون أية مشاركة ، مثل انقلاب نابليون بونابرت وتأسيسه للإمبراطورية بدلاً من الجمهورية، وعادة ما يقوم بالانقلاب مجموعة من الضباط المغامرين في الجيش، ثم يتبنون شعارات شعبية، ويقومون ببعض الإصلاحات والأعمال التي تطرح نفسها ، ويظهرون أنفسهم كفئة حاكمة تقدمية، هدفها إزالة المفاسد والعقبات عن طريق تقدم الشعب. وقد يستغل بعضهم ظروف الفئة، وعوامل الضعف في الأوضاع السائدة فيقومون بالانقلاب المطلوب، ويبررون هذا العمل في أنهم يعنون إنقاذ البلاد من تلك الأوضاع والسير بها في طرق التقدم ، لكن في الدول الديمقراطية يظل الجيش بعيداً عن السياسة، رغم أن بعض العسكريين يحق لهم الترشيح والانتخاب والوصول لمراكز كبيرة في الدولة، ولكل ليس بقوة السلاح . ولعل مما تجدر الإشارة إليه أن الجيش النظامي ليس مؤسسة منفصلة قائمة بذاتها، فهو جزء من نظام اجتماعي متخلف سياسياً واقتصادياً وتقنياً، مبني على التسلط البيروقراطي والإرهاب المنظم للدولة إذا كان النظام السياسي ديكتاتورياً. والحياة السياسية للدول لم تخل منذ القديم وحتى الآن من دور قيادي أو ريادي للجيش، فأصحاب العقول في القبيلة هم فرسانها النشيطون المدربون على استعمال السلاح في الحرب، وكل الفتوحات كانت من خلال الأبطال في الجيش، وبعد الاستقلال في الدول المتخلفة جاء رجال الجيش إلى رأس الحكم حاملين معهم خبرتهم العسكرية والسياسية. ولفهم دور القوات المسلحة في النظام السياسي يجب استجلاء ما يلي: 1- طبيعة السلطة السياسية نفسها (ماهيتها، أعمدتها، أدواتها). 2- دورها في الصراع الطبقي، ومراحل الصراع الأخرى. فأفراد القوات المسلحة ليسوا معزولين عن عامة الشعب، وعن الحركات المحيطة بهم، كما أنهم عادة ما يكونوا متأثرين بالتحولات الكبيرة في الرأي العام ؛ بسبب روابطهم الطبقية والاجتماعية، مثل روابط القرابة والصداقة، مما يجعلهم متأثرين بالمجتمع وبالتغيرات التي تحدث فيه، وتزيد أجهزة الإعلام والدعايات الثقافية من تأثرهم بالمجتمع وبطبقاته وفي ذلك يقول ميرسكي: " إن الجيش في البلدان النامية، ليس ببساطة نسخة من المجتمع، ليس ببساطة المجموعة الحسابي لعدد من الفلاحين والبرجوازيين الصغار بالولادة ........ الخ، فكل هؤلاء الناس يكتسبون نوعية حياة جديدة، وينصهرون في كيان جديد، إن الجيش يكتسب سمات شركة لها مصالحها الخاصة، وبالتالي يصبح آلة منضبطة ذاتياً، ويتمتع بانغلاق طائفة، وهذا الوعي الفخور بالانتماء إلى هذه الحرفة المختارة، يمكن أن يتحول إلى عقدة استعلاء إزاء المدنيين، حيث يغريه ذلك بأنه هو الذي يستطيع إنهاء الفساد وإنقاذ الأمة. واستعادة القانون والنظام". لكن الجيش الذي يورث عن الاستعمار يكون قد درب وبنى وصيغ، وأعدت أيديولوجيته للقيام بدور معاد للشعب، ويكون ضباطه مشدودين بدرجة كبيرة إلى ذلك، وتكون السلطة الاستعمارية السابقة قد اختارتهم بعناية لمثل هذا التعليم ؛ بوصفهم أفراداً انتهازيين وطموحين وفاسدين، بحيث يقدمون ضماناً لأن يستخدموا مراكزهم للعمل ضد أي تقدم في المجتمع وهذا ما يفسر الدور السلبي الذي قام به معظم العسكريين في سوريا بعد الاستقلال، ومساهمتهم العملية في القضاء على الليبرالية البرلمانية، وإقامة الديكتاتوريات العسكرية، فالهيمنة السياسية للقوات المسلحة لا تصنع دوراً قوية ؛ لأن القوات المسلحة هي مؤسسات ضعيفة قادرة على القمع فقط. لكن ثمة دور إيجابي للجيش لا يمكن إنكاره في الحياة العامة ، حيث تتميز هويته بأنها تنبع من أنه وعاء تتجمع فيه كل فئات الشعب، ويربطهم جميعاً بالولاء لبلدهم، ويوجد رابطة قوية بينهم ويوحد فكرهم، ويؤلف بين قلوبهم، وهذا ما يساهم في تنمية الروح الوطنية وتقوية روابطها، ويسهل قبول الشعب بجميع فئاته للسير في ركابها، وتحقيق وحدته الكاملة، فالجيش يعلم أفراده حب الوطن، والإيمان بمصيره ووحدته، وأن عليهم أن يعملوا على رفع شأنه، ويهبوا حياتهم وأرواحهم من أجل سلامته وأمنه ، فهو ينهي الفردية والأنانية ويحل محلها الولاء للوطن، ويخلق المجتمع المتجانس، ويخلق الشعور بالولاء للوطن والانتماء إليه، يجعل أفراده ينبذون كل اعتبارات عرقية أو طائفية أو لغوية أو إقليمية ، ويقضي على أي اتجاه يدعو للانفصال عن كيان الدولة ـ وأكبر مثال على ذلك دوره في الولايات المتحدة عندما حاولت الولايات الجنوبية -في عهد الرئيس أبراهام لنكولن- الانفصال عن جسم الولايات المتحدة، فاندفع الجيش وراء قيادته للقضاء على انفصال تلك الولايات وإعادة تحقيق الوحدة الوطنية للولايات المتحدة الأمريكية، وتثبيتها منذ عام 1775م . لكن بالمقابل فإن طبيعة القوات المسلحة تشكل خطراً مستمراً للقيام بانقلاب عسكري، إذ أنها تمتلك وسائل الضغط والإكراه التي لا سبيل إلى مقاومتها، وعلى ذلك يقول تروتسكي " لا يمكن القيام بثورات ضد القوات المسلحة، ولا يمكن الوقوف بوجه ثورة تقوم بها القوات المسلحة " ، وتشكل القوات المسلحة خطراً دائماً داخل كيان الدولة ؛ بسبب أنها تكون سند السلطة، ويكفي أن تكف عن الخضوع لهذه السلطة السياسية، حتى تتسلم زمام الأمور، وتصبح هي مصدر السلطات، لكن لا يكون ذلك إلا عندما يكون الجيش معزولاً عن الشعب، أي عندما تصبح القوات المسلحة عنصراً خارجياً، وغير متكامل مع المجتمع، وعلى هذا الأساس يقول موريس دوفرجيه: "يجب أن يكون الجيش في الأمة كالسمكة في البحر" ، كما يؤكد ذلك كرين بريتون بقوله: "ليس من المحتمل أن تسقط أي حكومة ما لم تفقد قدرتها على الاستخدام بطريقة كافية لسلطتها العسكرية والبوليسية، ولا يمكن أن تحدث أي ثورات إلا بمساعدة قسماً هاماً من الجيش "، وتفسير ذلك أن إدراك الشعب أن الجيش والشرطة ليسوا إلى جانبه وليسوا تحت تصرفه، أو ليسوا على استعداد للعمل دفاعاً عنه، يؤدي إلى تثبيطه وإضعاف مقاومته، بحيث يقبل بالوضع الراهن، وبالتالي يؤدي إلى القبول غير النقدي، بخرافة حياد الدولة ، والاعتقاد بضرورة المحافظة على القانون والنظام القائمين، وعلى هذا الأساس يصبح القسم الأكبر منهم من أنصار النظام القائم، وأكثر استعداداً لمساندته ضد أي قوة ثورية ضده، فيظل المجتمع راكداً بعيداً عن التطور، وهذا سيضعف التنمية الاقتصادية والسياسية فيه، ويضف بالتالي الوحدة الوطنية. ومن السلبيات الناتجة عن تدخل الجيش في الحياة السياسية الحزبية، أن أفراد القوات المسلحة، يفقدون أي ترابط أو نظام أو طاعة لقيادتهم حال انخراطهم في الأحزاب السياسية، التي تجعلهم يتورطون بدخول الحلبة السياسية، رغم قلة خبرتهم الاقتصادية والسياسية والإدارية والعلمية، ورغبتهم الملحة في الحصول على الوضع الاقتصادي الرفيع والمكانة الاجتماعية العالية، خاصة أن التفكك وعدم الاستقرار الحكومي في النظام السياسي يعملان لصالح الجيش، وعلى اعتبار أنه الأكثر تماسكاً من أي حزب سياسي؛ بسبب ما فيه من أهداف عارضة ومنازعات داخلية، وعلى هذا الأساس سيحدث الجيش شرخاً في العلاقات داخل المجتمع ويزيد من تشتت المجتمع بسبب تدخله في الحياة الحزبية، وبالتالي سيكون مساهماً فعالاً في إضعاف الوحدة الوطنية. فمن بين التطورات التي تنتج عن تدخل الجيش في الحياة الحزبية والسياسية، أن الترقيات في الجيش تصبح معتمدة على المعتقدات السياسية وعلى التأييد السياسي أكثر من اعتمادها على الكفاءات المهنية، ويصبح العسكريون القياديون في أعمار تختلف عن أعمار الجيوش النظامية، وهذا ما يضعف الجيش النظامي في المواجهات الخارجية، وسيضعف بالتالي تأييد الشعب للجيش الذي أصبح هو نفسه النظام السياسي، وبالتالي ستتشكل الهوة بين النظام والشعب، وتضعف الوحدة الوطنية. فالهوية الوطنية للجيش يجب أن تكون بعيدة عن أي تحيز طائفي ، أو حزبي، أو اثني ،أو طبقي، أو ، إقليمي، أو عشائري ، بحيث يكون الجيش للجميع، وأن يبتعد عن التدخل في الحياة السياسية، بأن يكون منفصلاً عنها بشكل كامل، وأن يكون مؤسسة مستقلة هدفها الدفاع عن الوطن ووحدته في الداخل والخارج، وأن يتحول في أوقات السلم إلى دور منتج، فيقوم بالأعمال التطوعية الكبيرة، كأن يساعد في بناء الطرق والمدارس والمستشفيات، وحفر القنوات، والقيام بالتعليم في صفوف الناس، وأن يبتعد عن التحزب والولاء لأي كان إلا للوطن وقيادته السياسية المنبثقة عن الشعب، إضافة لولاء للشعب، وأن يحترم يمين الولاء للنظام السياسي القائم، وبذلك يساهم في تحقيق الوحدة الوطنية في الدولة ويزيدها قوة ومنعة. • دور الانقلاب والحرب في تحقيق الوحدة الوطنية • الانقلاب عندما يحصل الانقلاب العسكري، يلغي الدستور، وتلغى المؤسسات المدينة في الدولة في حال كان الانقلاب ضد الحكم المدني، ويصبح النظام العسكري الجديد لا يخضع لمحاسبة البرلمان أو محاسبة الشعب، ويعمل العسكريون على التدخل في القطاع الخاص، من خلال امتلاكهم للمؤسسات المالية، ويجرون مفاوضات من أجل الحصول على قروض محلية وأجنبية، وإبرام عقود لصفقات داخلية وخارجية. وتكون استراتيجية بناء الشرعية لهؤلاء العسكريين هي: 1- الاعتماد على تراكم الاستياء الشعبي من الحكم المدني السابق في تبرير الحركة السياسية للعسكريين. 2- إقامة روابط وتحالفات قوية مع بعض الجماعات المدنية للعسكريين. 3- وضع أساس جديد للوحدة الوطنية. 4- إنشاء تنظيمات سياسية جماهيرية تحت زعامة العسكريين. 5- الاعتماد على نمط الزعامة الكاريزمية. 6- استخدامهم للقومية ، أوالدين والتنويه إلى أنهم يتوجهون بها ويلتزمون بها. لكن الاندماج الذي يحققه العسكر هو اندماج وظيفي مؤقت ؛ لأنه لا يوجد إطار مؤسسي، ومتفق عليه من جانب معظم الجماعات والأقاليم التي تضمنتها الدولة، على اعتبار أن الاندماج الحقيقي هو اندماج من خلال الأكثرية الشعبية، ومتفق عليها بشكل رسمي من خلال مؤسسات الدولة المختلفة ، وإذا لم يتعمد القادة العسكريين تمهيد الطريق أمام حكم مدني ديمقراطي ذي برنامج اجتماعي اقتصادي أعمق، فإنهم سوف يصطدمون بالقوة الاجتماعية الناشئة نفسها التي صعدتهم إلى الحكم، ويصبحون ضحية انقلاب وقائي تنظمه العناصر العسكرية الأكثر تطرفاً. ويشيع العسكر لدى وصولهم إلى الحكم أن سبب فقدان الأمن وعدم الاستقرار هو تعدد الآراء واختلاف الميول، وتكاثر الأحزاب والتنظيمات التي تدعم الاختلاف وتذكي روح الفرقة بين الشعب، وتدفعهم إلى التعصب واستعمال العنف في حل الخلافات، لذلك يعملون على حل الأحزاب، أو بالتضييق عليها وتصفيتها تدريجياً، لصالح الأيديولوجية الحزبية التي يعتنقها العسكر والتي يقيمون من خلالها الحزب الحاكم، أو الحزب الذي يدعمونه، كما يدعى العسكر أن العنف وعدم الاستقرار مرتبط بالديمقراطية بما تعنيه من حرية تعبير ، واعتقاد ، وانتخاب، وحكم للأغلبية البرلمانية، والحق في محاسبة الحكام، وضمانات دستورية للحقوق والواجبات، ومبدأ الفصل بين السلطات ، والمساواة أمام القانون، وسيادة القانون، ويشيع العسكريون أيضاً، لدى الفئات الدينية في المجتمع، أن الديمقراطية منافية للدين، كما يشيعون لدى التيارات اليسارية أن الديمقراطية هي مفهوم رأسمالي متفسخ لا يصلح للمجتمعات النامية، وأن الديمقراطية الحقيقية يجب أن تكون اجتماعية مركزية تحسباً لدس المغرضين وجهل عامة الشعب ، كما أن الإرادة الشعبية بالاستقلال والتنمية لا يمكن أن تتم بواسطة البرلمان وتعدد الأحزاب، وعلى هذا الأساس يتحول العسكر إلى مشتتين لفئات المجتمع ،وذلك لصالح حكمهم الجديد وصالح الحزب الذي يدعمونه، وصالح أنفسهم بغض النظر عن الصالح العام، وهذا ما يساهم في إحقاق الوحدة الوطنية في الدولة. ورغم أن العسكر الذين يصلون إلى الحكم ينبثقون من الطبقة الوسطى، بعد تحالفهم مع التكنوقراط والقوميين العقائديين، إلا أنهم عادة ما يكونون مع كل هؤلاء طبقة جديدة تتسم بأنها طبقة مستهلكة وغير منتجة، وغير موجدة أيديولوجياً أو سياسياً فهي تمتد من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ، وهي غير واعية بمركزها الاجتماعي، وبمعالجها المادية والسياسية، حيث تعمل هذه الطبقة على تفكيك الطبقة القديمة وفرض الهيمنة على كل من: 1) النقابات والتنظيمات المهنية بقوتها العددية. 2) الحزب الحاكم، أو التنظيم الذي من خلاله أوضحوا أيديولوجيتهم، وآراءهم، ومستقبل البلاد من خلالهم. 3) الموارد المادية من خلال السيطرة على اقتصاد الدولة. وعلى هذا الأساس أخذوا يدخلون الوزارات والنقابات ويتشعبون في كل أجهزة الدولة، تحت ذريعة الأمن القومي أو أمن الدولة كذريعة لمأسسة العنف المسلح، والإرهاب المنظم الذي يمارسونه عندما يستولون على السلطة، ويحتكرون أجهزة الدولة والنظام السياسي، وعلى هذا الأساس استطاعوا استيعاب عملية التسييس ، والتجذير ، وتوجيهها بما يخدم مصالحهم الخاصة، ويرسخ حكمهم بشكل خاص، وبناءاً عليه، استطاع العسكر عزل عامة الشعب وقواه وتنظيماته عن كل مشاركة شعبية في الحكم، أما أفراد الشعب فأصبح دورهم يقتصر على التهليل والتأييد، لذلك يعتبر عمل العسكر الذين وصلوا من خلال الانقلاب العسكري وأقاموا نظامهم الجديد عملاً يضعف الوحدة الوطنية ؛ لأنه يعزل الشعب عن المشاركة في الحكم، ويتيح للأقلية العسكرية الحاكمة، امتلاك زمام الأمور في كافة المجالات، من دون الرجوع للشعب، أو وفقاً لضوابط يؤيدها الشعب. ورغم أنهم وصلوا إلى الحكم من خلال الشعب، بعماله وفلاحيه بالدرجة الأولى، حيث أن هذا الأخير كان قد أيديهم بحركتهم التي قاموا بها والتي اعتبروها ثورية، وأعطوها أسماءاً وأشكالاً متعددةً، منها على سبيل المثال حركة الضباط الأحرار، التي نظمت هؤلاء الضباط في هيئات مركزية، ومن خلال ذلك تم إسقاط النظام من خلال الانقلاب، ثم أعلن العسكريون أن هدفهم الإطاحة بالطبقة الحاكمة بعد أن استحالت إزالتها سليماً، وأن هدفهم هو تسليم السلطة للمدنيين الوطنيين، بيد أنهم لم يفعلوا ذلك، واستمروا في الحكم رغم افتقارهم إلى الخبرة، وسيادة مبدأ نفذ ثم اعترض، وليؤكدوا أنهم حركة شعبية ونابعة من الشعب، قاموا بإصدار قوانين الإصلاح الزراعي والتأميم دون دراسة دقيقة للإجراءات والخطط الضرورية لتنفيذها، معتقدين أن تأييد الشعب لسلطتهم سيحقق لهم النجاح في برامجهم الإصلاحية، إلا أن برامجهم باءت بالفشل ؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يطوروا الاقتصاد ويضعوا البديل، وعلى هذا الأساس يبدأ الانقسام في صفوفهم، وأزمة الشرعية تعترض حكمهم، لكنهم يستمروا في الحكم من خلال الضغط والقمع وليس من خلال التأييد الشعبي،و هذا مما يساهم في إضعاف الوحدة الوطنية في الدولة. ويمكن تفسير الارتياح لبعض الانقلابات في الدول النامية للأسباب التالية: 1) الآمال التي تكسر دائرة الاستقطاب والجمود. 2) الأمل في أن يتوقف مسلسل العنف الفردي والجماعي من خلال الأمن العسكري. 3) الرغبة في أن ينتهي عدم الاستقرار الحكومي (التغيير السريع في الوزارات). 4) الآمال أن يعود كل شئ إلى نصابه الطبيعي، وتعود الجيوش إلى ثكناتها بعد أن حققت ما كانت البلاد بحاجة إليه. إلا أن من المؤكد أن العسكر لم يحققوا الأمن ولا الاستقرار ؛ حيث تصاعد معدل العنف الفردي والإرهاب المنظم للدولة، كما لم يتحقق الاستقرار الحكومي حيث ظل قبول الوزارات السريع والمتصل، وعلى هذا الأساس خابت ظنون أفراد الشعب أن بالانقلاب يمكن أن يتحسن الوضع وتتقوى الوحدة الوطنية، حيث حصل العكس من ذلك، فازداد الوضع سوءاً، وقاد ذلك إلى ضعف في الوحدة الوطنية. وعلى ذلك فلكي يكون الانقلاب معبراً عن تطلعات الشعب ويساهم في تحقيق الوحدة الوطنية فعليه أن يسعى من خلال القائمين به على ما يلي : 1) تعبئة شاملة لقوى الشعب المختلفة. 2) استخدام كفؤ للتقنية والتنظيم السياسي الحديث. 3) مشاركة واسعة من الشعب في نظام الحكم، وفي تحديد السياسات الممثلة لمصالحهم واختيارهم. 4) أن يتحول الجيش إلى جيش شعبي فلا يكون غريباً عن الشعب، أو لا يمارس العنف ضد الشعب ؛ لأنه هو وسيلة لقمع أعداء الشعب وأبعادهم عن الحكم. 5) أن يبتعد الجيش عن التدخل بالسياسة وبالحياة الحزبية، وأن تكون مهمته الأساسية الذود عن الوطن. وبذلك يتحول قادة الانقلاب إلى ثوريين حقيقيين، لا مصلحة لهم إلا الدفاع عن الشعب والذود عن حياض الوطن، وتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية من خلال إتاحتهم لإقامة نظام سياسي شرعي يحقق مطالب الشعب. • الحرب يرى البعض أنه ليحل التعاون بين فئات الشعب محل التنافس ، ويختفي الصراع السياسي في المجتمع بين الأفراد والجماعات، والطبقات الاجتماعية ويسود شعور بالانتماء لجماعة واحدة ، لا يمكن أن يكون إلا من خلال الحرب التي توحد مصير الجماعة الوطنية، وتدفعها إلى العمل من أجل هدف مشترك هو الدفاع عن أرض الوطن وسلامته، وعلى هذا الأساس تكون الحرب إحدى الوسائل لتحقيق الوحدة الوطنية في الدولة، على أساس أن الحرب تشعر الشعب بضرورة الاندماج فيما بينه دون النظر إلى الاعتبارات التي كانت تعيق الوحدة الوطنية من خلافات عرقية ، ودينية ، ولغوية ، وطائفية، حيث يدرك الجميع أن وحدة الصف هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ الأمة، فتتكتل كافة الولاءآت خلف القيادة السياسية، وتنتهي النزاعات العنصرية ، والطموحات الشخصية ، واختلاف المعتقدات السياسية. لكن يرى آخرون أن الحرب تزيد الصراعات داخل المجتمع؛ لأنها ترفع من مكانة الجماعات الاجتماعية، قليلة الشأن (قبل الحرب)، مما يتيح الفرصة لنشأة أنواع أخرى من الصراع، مع الأنساق الاجتماعية الأخرى، وهذه التغيرات الاجتماعية تؤدي إلى تغيرات اقتصادية، مما يحدث صراعات بين القمة والقاعدة في المجتمع، وبالتالي تساهم سلباً في الوحدة الوطنية داخل الدولة. كما أن الهزيمة العسكرية التي قد تنتج عن الحرب، قد تزيد شعور الأفراد بالمصاعب الاجتماعية الحادة، مع إهانة الشعور القومي، فتكون ردة الفعل عندهم الثورة ضد القيادة القديمة المهزومة، وعدم الثقة بها، والدعوة لضرورة التغيير الجذري لرد الاعتبار القومي، وذلك بعد الإذلال أمام العدو الخارجي، والخضوع له، وتفريطها بالمصالح الوطنية، وعلى هذا الأساس كانت الكثير من الانقلابات بعد الهزائم العسكرية ، مثل انقلاب حزب تركيا الفتاة عام 1908 وانقلاب مصطفى كمال أتاتورك عام 1924، ، والثورة البرجوازية في روسيا عام 1905 (بعد هزيمة روسيا القيصرية أمام اليابان)، وثورة يونيو في مصر عام 1952. ورغم تباين الرأيين حول الحرب، ودورها في الوحدة الوطنية سوءاً كان هذا الدور سلبياً أم إيجابياً ، إلا أنها وإن كانت ذات مظهر إيجابي لتحقيق الوحدة الوطنية خلال فترة الحرب، إلا أن ذلك ينعكس سلباً بعد الحرب مباشرة ؛ لأن الشعب سرعان ما يعي فائدة هذه الحرب، هل كانت نتائجها – حتى لو تم إحراز النصر – تتناسب ما قدمه الشعب من تضحيات في الأرواح ومن تكاليف مادية أثرت على التنمية الاقتصادية في الدولة ؟، أم أنها كانت بسبب غرور النظام السياسي ومغامراته الغير محسوبة، والتي ليس للشعب أي دور أو مصلحة فيها ؟ فالنصر لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الشعب ، والحرب لن تحقق وحدة وطنية دائمة، إذا كانت أهدافها ونتائجها لا تتوافق مع أهداف ومبادئ الشعب، لأن الحروب هي حروب الشعوب قبل أن تكون حروب الجيوش المنظمة، فعلى سبيل المثال، في نهاية الحرب العالمية الثانية استسلم قرابة مليون من الجنود الألمان كاملي التسليح لقوات الحلفاء ؛ لأن الشعب الألماني كان قد سلم بالهزيمة، واقتنع بعدم جدوى متابعة القتال، في حين أن الشعب الإنجليزي رفض الهزيمة بالرغم من أن الجيش الإنكليزية قد أبيد أكثره في موقعه دنكرك، لكن هذا الرفض من الشعب الإنكليزي للهزيمة جعله يحقق فيما بعد الانتصارات الساحقة على المحور، وهذا ما فعله الشعب الروسي أيضاً في نفس تلك الحرب. فلكي يؤمن الشعب بجيشه فإنه يجب عليه أن يلم بالحقيقة كاملة، كما حدث عندما كشف رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل للشعب البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية، عن الخسائر والأخطاء، وطالب الشعب بالمزيد من التضحيات لإنقاذ الوطن، مردداً صيحته الشهيرة "ليس لكم عندي إلا الدم والدموع" ، فوثق الشعب بقائده ، وحقق الانتصارات، رغم كل محاولات الطيران الألماني لتحطيم إرادة وصمود الشعب البريطاني. فالحرب وسيلة لتحقيق الوحدة الوطنية، عند إيمان الشعب بها واعتقاده أنها من مصلحته القومية والوطنية، وأن يكون هو من قرر خوض هذه الحرب ضد أعداد الوطن ، لكن عندما تكون هذه الحرب مفروضة على الشعب من خلال نظام ديكتاتوري ، هدفه تحقيق مصالحه الشخصية، وتصدير أزماته الداخلية إلى الخارج، فإنها تعيق الوحدة الوطنية، حتى وإن تحققت لفترة بسيط. • المراجع • عبد ا لرحمن خليفة ، أيديولوجية الصراع السياسي ، القاهرة : دار المعرفة الجامعية ، 1999 .
• محمد عمارة ، الإسلام والوحدة الوطنية ، القاهرة : دار الهلال ، 1979. • سليمان محمد الطماوي ، الوحدة الوطنية ، القاهرة : مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1974 .
• Leomard , Binder , Crises and Sequences in Political Development ,(Princeton University, Press 1977 • عادل محمد زكي صادق ، الوحدة الوطنية في قبرص ، رسالة دكتواره غير منشورة ، جامعة القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، 1980. • عبد السلام إبراهيم بغدادي ، الوحدة الوطنية ومشكلة الأقليات في إفريقيا ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1993 • عبد العزيز رفاعي وحسين عبد الواحد ، الوحدة الوطنية في مصر عبر التاريخ ،القاهرة : عالم الكتب ،1972 • جون كاوتسكي ، التحولات السياسية في البلدان المختلفة ، ترجمة : جمال نعيم عون ، بيروت : دار الحقيقية ، 1980 . • شفيق عبد الرزاق السامرائي ، المشرق العربي : العراق ، سوريا ، لبنان ، بغداد : وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، 1980 • سعد الدين إبراهيم ، مصر تراجع نفسها ، القاهرة : دار المستقبل الجديدة ، 1983 . • موريس دوفرجيه ، في الدكتاتورية ، ترجمة : هشام متولي ، بيروت : منشورات عويدات ، 1989 • كمال المنوفي وآخرون، حقيقة التعددية السياسية في مصر، تحرير مصطفى كامل السيد، القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996 • محمد جابر الأنصاري، تكوين العرب السياسي، ومغزى الدولة القطرية، ط2، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1995 • Karl, W. Deutch and William. J.Foltz, "Nation Building", Columbus: Ohio State • University Press, 1963
• محمد عابد الجابري، فكر ابن خلدون، الوصية والدولة، فكر ابن خلدون العصبية والدولة ، ط6 ، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية 1994 . • محمد جابر الأنصاري وآخرون، ، النزاعات الأهلية العربية : العوامل الداخلية و الخارجية ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية 1997 . • سعد الدين إبراهيم، مصر تراجع نفسها، القاهرة: دار المستقبل الجديدة، 1983 • رجب أبو دبوس، القاموس السياسية ، طرابلس: الدار الجماهيرية 1996 • خلدون حسن النقيب، الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر، ط3، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1996 • مجموعة مؤلفين، الفكر الإشتراكي لحزب البعث العربي الإشتراكي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة بغداد : كلية القانون والسياسة ، 1978 • جاك ووديز، الجيوش والسياسة، ترجمة عبد الحميد عبد الله ، ، بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1982 • محمد زاهي بشير المغربي، التنمية السياسية والسياسية المقارنة، بنغازي، منشورات جامعة قاريونس، 1998 • جاك ووديز، الجيوش والسياسة، ترجمة عبد الحميد عبد الله ، بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1982. • عادل مختار الهواري، الصفوة السياسية في الشرق الأوسط ، القاهرة: مكتبة نهضة الشرق، 1984 • ناجي أبي عاد وميشيل جريتون، النزاع وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ترجمة: محمد نجار، عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 1999 • إبراهيم نصر الدين، الاندماج الوطني في أفريقيا: نموذج نيجيريا، القاهرة: مركز دراسات المستقبل الأفريقي، 1997
#عزو_محمد_عبد_القالدر_ناجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانقلابات العسكرية التي هزت استقرار سوريا
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|