|
العمل الجمعوي باعتباره عصَب المجتمع المدني
التجاني بولعوالي
مفكر وباحث
(Tijani Boulaouali)
الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 00:37
المحور:
المجتمع المدني
لقد اتضح، كما سبق، من خلال بعض التعريفات التي انصبت على مفهوم المجتمع المدني، أنه يحيل بالأساس على ذلك العمل التطوعي وغير الربحي، الذي يقوم به الإنسان داخل مجتمعه، وغالبا ما يتم تحت مظلة أجهزة مستقلة، عن السلطة والأسرة والأنشطة الاقتصادية الربحية، وقد أُحدث إطار تنظيمي محكم لهذا الغرض، له آلياته التنظيمية والتواصلية، وله قوانينه الإدارية والأدبية والمالية، وعادة ما يطلق عليه اسم (الجمعية)، وتقابل في اللغات الأوروبية الحديثة بمفردات: société, Gesellschaft, association, society, stichting,، وهناك كذلك ما يسمى (المنظمة/Organisation)، وهي لا تختلف كثيرا عن الجمعية، إلا من حيث عدد الأعضاء، الذي غالبا ما يكون أكثر من أعضاء الجمعية، ثم من حيث أن المنظمة لها كيانها المستقل عن الأفراد المكونين لها، في حين يمكن للجمعية أن تقتصر على أفكار وأنشطة ومساهمات الأعضاء المشكلين لها، غير أنه على صعيد الأداء الوظيفي لكلا الكيانين؛ أي الجمعية والمنظمة، داخل المجتمع، يبدو أنه ليس ثمة اختلاف كبير، إلى درجة أنه لا يمكن التفرقة بينهما، إلا من قبل أصحاب الاختصاص من القانونيين والباحثين والإعلاميين. كما تجدر الإشارة إلى أن الجمعية بمثابة النواة الأصلية لغيرها من التنظيمات الجمعوية الكبرى، كالمنظمات والاتحادات والفيدراليات والتنسيقيات والتعاونيات، وغيرها. وقد رأينا آنفا مدى تعدد أنواع الجمعيات والمنظمات، التي تنشط داخل المجتمع المدني، على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وقد حدد أهمها تعريف (تقرير المجتمع المدني) لسانام ناراجي وجودي البشرا، فيما هو: خيري، وتنموي، ومحلي، ونسائي، وديني، ونقابي، ومهني، وتجاري، واجتماعي، وغير ذلك. من هذا المنطلق، يستفاد أن أهم محرك للمجتمع المدني هو العمل الجمعوي، الذي يتم بكيفية مقننة من خلال أجهزة منظمة، تشتغل وفق قوانين الدولة التي توجد فيها، وهي لا تختلف على المستوى النظري والتشريعي عما هو معمول به على الصعيد العالمي، وتعتبر الجمعية أهم جهاز تنظيمي مقنن، يستطيع الإنسان المعاصر أن يخدم بواسطته مختلف قضايا مجتمعه المدني، الثقافية والرياضية والتعليمية والمهنية والسياسية والاقتصادية، وما إلى ذلك. لذلك فإن العمل الجمعوي يشكل عصب أو أعصاب المجتمع المدني، علما بأن العصب، معجميا، هو "أطناب المفاصل" أو مجموع "الخيوط التي تنتشر في الجسم لتنقل الحس والحركة وتكون الجهاز العصبي"، (ينظر: لسان العرب، والمحيط)، وأيما خلل يكتنف هذه الأطناب أو الخيوط يوقف في الإنسان الحس والحركة، مما سوف يسبب له لا محالة تخريب جهازه العصبي، وهذا ذاته ما ينطبق، بشكل أو بآخر، على المجتمع المدني الذي بغياب أو توقف العمل الجمعوي فيه، الذي هو العصب، سوف تنهار أجهزته الجمعوية التواصلية والتفاعلية، أمام أجهزة السلطة ذات الطابع الرقابي والقمعي، التي قد تكون مباشرة كالشرطة والدرك والمخابرات ونحو ذلك، أو غير مباشرة كالجواسيس والأعيان والعملاء. إن الدلالة اللغوية للجذر الثلاثي (ج م ع)، الذي يشتق منه المصدر (الجمعية)، يعني الضم والتأليف ولمّ الأشياء المتفرقة، كما تشير إلى ذلك المعاجم اللغوية العربية، جاء في لسان العرب لابن منظور "جَمَع المال المتفرّق يجمَعهُ جَمْعاً ضمَّهُ وألَّفهُ"، وورد في معجم الوسيط لمجمع اللغة العربية "(جَمَعَ) المُتفَرِّقَ جَمْعاً: ضَمَّ بعضَهُ إِلى بعضٍ"، وسوف لن تخرج الدلالة الاصطلاحية على هذا الإطار النظري، ليس على مستوى الخطاب الثقافي العربي فقط، الذي يكتسح الفكر والإعلام المغربي، وإنما كذلك على صعيد المجال التداولي الأمازيغي، إذ تسود مصطلحات: ثامونيت، ثامونت، ثامسمونت... التي يمكن أن نقابل بها مصطلح الجمعية العربي، أو مصطلح association اللاتيني، وهي تشتق من الجذر (ءِمُون: اجتمع)، أو الجذر (ءِسْمون: جمع). يعرف معجم الوسيط، اصطلاحيا، الجمعية بأنها "طائفةٌ تتأَلَّفُ من أَعضاءِ لِغرَضٍ خاصٍّ، وفكرة مشتركة"، ويحتفظ معجم الغني بما تضمنه هذا التعريف مضيفا عنصر (القانون الداخلي)، إذ الجمعية حسب ما ورد فيه "جَمَاعَةً مِنَ الأَفْرَادِ يَنْتَظِمُونَ فِي عَمَلٍ جَمَاعِيٍّ مُشْتَرَكٍ حَسَبَ قَانُونٍ دَاخِلِيٍّ لِهَدَفٍ وَمَقْصَدٍ مُعَيَّنَيْنِ". وعندما نجيل النظر في أغلب التعريفات الاصطلاحية لمفردة الجمعية، نجد أنها تنضبط إلى ثلاثة محددات، وهي كالآتي: • تتكون الجمعية من أعضاء. • تُنظم الجمعية بقوانين معينة. • تسعى الجمعية إلى تحقيق أهداف مرسومة. إذا كان التعريف الاصطلاحي لمصطلح الجمعية، كما رأينا، لا يخرج على الأرضية النظرية، التي يضعها التعريف اللغوي والمعجمي، فإن التعريف القانوني سوف يوسع تلك الأرضية أكثر، غير مقتصر على ماهية العمل الجمعوي، وإنما سوف يتعدى ذلك إلى مجموع القوانين التي تنظمه، والكيفية التي ينبغي أن يتم بها أي عمل جمعوي. يحدد القانون المغربي من خلال ظهير الحريات العامة المتعلق بتأسيس الجمعيات، الجمعية بأنها "اتفاق بين مجموعة من الأشخاص لاستخدام معلوماتهم في أنشطة لتحقيق التعاون في مجال معين لغرض غير توزيع الأرباح فيما بينهم". (ظهير الحريات العامة، 15 نونبر 1958). غير أنه عندما نقارن هذا التحديد بنظيره في القانون الهولندي على سبيل المثال، نجد أنه يختلف عنه نوعا ما، إذ أن التعريف الهولندي أكثر مرونة، لا سيما وأنه يحق لشخص واحد تأسيس جمعية، جاء في ذلك القانون أن "الجمعية شخصية اعتبارية مسجلة في عقد موثق، من قبل شخص (أو أشخاص) عادي أو اعتباري، على المستوى القانوني تتكون إدارة الجمعية من رئيس، وكاتب، وأمين، وتعتبر الإدارة مكونا إجباريا وإلزاميا في أي جمعية، ويمكن أن تتضمن الجمعية هيأة استشارية تشرف على أداء الإدارة". (ينظر القانون الهولندي المنظم للجمعيات). ثم إن الدساتير والقوانين الدولية لا تقف عند عنصر تحديد ماهية العمل الجمعوي، وإنما تثبت في الكثير من موادها وبنودها، الحق لكل مواطن في ممارسة العمل الجمعوي، وسوف نبدأ بما جاء في الدستور المغربي في فصله التاسع من حقوق كثيرة، يمكن للمواطن أن يتمتع بها، يقول المشرع المغربي: "يضمن الدستور لجميع المواطنين : -حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة؛ -حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع؛ -حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم. ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون." (دستور المملكة المغربية، الباب الأول/الفصل التاسع). يستفاد من المضامين التي ينطوي عليها هذا الفصل، أن الدستور المغربي يضمن للمواطنين مختلف أصناف الحريات، كالتجول والاستقرار والرأي والتعبير والاجتماع... ثم يحدد آلية ملائمة يمكن ممارسة هذه الحريات العامة بواسطتها، وهي آلية الجمعية، أو الانخراط الجمعوي، على أن يتم ذلك في إطار ما يقتضيه القانون المغربي. بمعنى أن هذه الحريات التي تمنح للمواطنين، توضع في الغالب الأعم تحت رقابة أجهزة وزارة الداخلية والمخابرات، ولا تزاول في صيغتها الجمعوية إلا بعد الترخيص لها من السلطات المعنية، حتى أن أي جمعية كيفما كانت، لا يحق لها القيام بأي نشاط علني، إلا بعد إعلام السلطات بذلك، وأخذ الإذن منها، مما يدل على أن تلك الحريات الجمعوية التي ينص عليها الدستور المغربي، تظل مراقبة ومحاصرة باسم القانون أو المصلحة العامة أو مصلحة ذوي النفوذ من المنتخبين، لذلك فهي حريات نسبية أو حريات شكلية، لا أقل ولا أكثر! ويبدو أن هذه الحريات العامة التي ينص عليها الدستور المغربي، ليست صناعة مغربية صرفة، وإنما هي مشاع بين جميع الأمم والبشر، وكانت المنظمات الدولية المشهورة والمؤثرة، هي السباقة تاريخيا إلى سن هذه الحريات، والدعوة إليها، ثم سوف تستمدها منها أغلب دول العالم الثالث، بما في ذلك المغرب. وسوف نتريث في هذا الصدد عند وثيقتين أساسيتين تثبتان حق أي شخص في العمل الجمعوي؛ تأسيسا أو انخراطا، وهما كالآتي: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: وهو وثيقة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة، وقد اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، وقد ورد في مادته العشرين بخصوص العمل الجمعوي، ما يلي: 1. لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية. 2. لا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: وهو وثيقة صادرة عن منظمة مراقبة حقوق الإنسان، وقد اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة، 2200 (ألف) المؤرخ في 16 كانون الأول/ ديسمبر 1966، تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، طبقا للمادة 49، وقد جاء في مادته الثانية والعشرين، ما يلي: 1- لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه. 2- لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق. 3- ليس في هذه المادة أي حكم يجيز للدول الأطراف في اتفاقية منظمة العمل الدولية المعقود عام 1948 بشان الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي اتخاذ تدابير تشريعية من شأنها، أو تطبيق القانون بطريقة من شأنها، أن تخل بالضمانات المنصوص عليها في تلك الاتفاقية. بناء على ما تضمنته هاتين الوثيقتين العالميتين، من مواد وبنود تحفظ حق الإنسان في العمل الجمعوي، نخلص إلى ثبت الملاحظات الآتية: • إن وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي الأرضية، التي انطلقت منها، من جهة أولى، معظم دول العالم أثناء صياغة قوانينها الدستورية، وانطلقت منها، من جهة أخرى، أغلب المنظمات العالمية والإقليمية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، كمنظمة مراقبة حقوق الإنسان، والشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان، وغيرهما. لذلك فإن أكثر ما تطرحه تلك الدول أو المنظمات، لا يخرج على تلك الأرضية الأولى، التي تحددت في كواليس الجمعية العامة للأمم المتحدة، سنة 1948. • إن ذكر سنة 1948، التي صدرت فيها وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تنطوي على مفارقة عجيبة، وهي أنه أثناء تلك المرحلة كانت دول العالم الثالث، تثاقل تحت نير الاستعمار الغربي، بل وإن تلك السنة نفسها شهدت تقديم فلسطين كهدية على طبق من ذهب، من قبل الغرب المستعمر للعدو الصهيوني، فكيف يمكن تصديق هذا الإعلان، الذي صاغت مواده أنامل وأقلام الجلاد الغربي، لا سيما وأن المستقبل سوف يكشف عن أن تلك الوثيقة وغيرها (ما أكثرها!)، ما هي إلا خدع غربية لتحسين صورة الغرب في عيون الشعوب الثالثية، وتقديمه على أنه حامي حقوق الإنسان، وداعي إلى الديمقراطية والحريات العامة، وقد رأينا في المرحلة الأخيرة مدى عجز منظمة الأمم المتحدة، بأجهزتها المتنوعة، وقوانينها المعسولة، وشخصياتها الرفيعة المستوى، عن الوقوف في وجه الغطرسة الأمريكية، والفساد الصهيوني! • إن منظمة الأمم المتحدة على وعي تام بأن إعلانها العالمي لحقوق الإنسان، يظل مجرد حبر على ورق، وأن تنفيذ مقرراته لا يتم إلا بكيفية نسبية، لا سيما في الدول ذات الأنظمة الاستبدادية والعسكرية والشمولية، التي تمنع تأسيس الأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، لأنها ترى في ذلك تهديدا غير مباشر لاستمرارها على سدة الحكم، ومع أن منظمة الأمم المتحدة عالمة بذلك التهميش، ومطلعة على تلك الانتهاكات التي تمنع الإنسان من ممارسة حقه السياسي والجمعوي، فإنها تكتفي بإصدار التقارير، التي ما عادت تسمن ولا تغني من جوع! • بعد فشل مشاريع التنمية في دول العالم الثالث، وهي مشاريع دعت إليها وتبنتها مختلف الأطراف العالمية المؤثرة، كمنظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، أدركت أن ثمة خللا ما في تلك الرؤية، وبعد تفكير عميق، تم التوصل إلى أن تحقيق التنمية الحقيقية، لن يتم إلا بإشراك سائر مكونات المجتمع المدني، في خدمة المجتمع وتأهيل مختلف قطاعاته الثقافية والإنتاجية، غير أن هذه الأطراف، التي ساهمت بقسط وافر، في التخلف الذي تتخبط فيه الكثير من دول العالم الثالث، لم تتساءل حول السياسات الانتهازية والإقصائية التي مارستها طوال نصف قرن على الشعوب الثالثية المستضعفة، وانزلقت باقتصاديات دولها إلى نتائج جد وخيمة، كالسكوت على الانتهاكات الرهيبة لحقوق الإنسان من قبل أنظمة تلك الدول، والتواطؤ العلني مع العديد من الأنظمة غير الديمقراطية، وإغراق الاقتصاديات الثالثية في المديونية التي تسدد بأموال الشعوب وعرق جبينها وتضحياتها الجسيمة، وغير ذلك. • ثم إن هذه الأطراف التي ترى في تقاريرها أن المجتمع المدني، بمنظماته المتنوعة، وجمعياته الناشطة، من شأنه أن يعزز الديمقراطية في دول العالم الثالث، غير أنها لم تفكر في أن المجتمع المدني الحقيقي لا ينشأ ويستمر إلا في سياق تحكمه الآليات الديمقراطية، فكيف تعزز مؤسسات المجتمع المدني الديمقراطية، وهي في أمس الحاجة إلى الديمقراطية كي تظهر إلى الوجود، وتنشط بلا معوقات وموانع؟! لذلك فإن المجتمع المدني لا يعزز الديمقراطية، وإنما العكس هو الصحيح! الديمقراطية هي التي تعزز المجتمع المدني! وسر غياب مجتمع مدني من الكثير من دول العالم الثالث طوال أكثر من خمسة عقود، يرجع إلى غياب ديمقراطية حقيقية تضمن وتحمي تلك الحقوق والحريات، التي يدعو إليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. هكذا فإن أغلب الدساتير والقوانين الدولية تتفق على أن لجميع المواطنين الحق في ممارسة العمل الجمعوي، حسب ما تنص عليه قوانين الدولة التي يوجدون فيها، غير أنه شتان بين ما هو مخطوط على الأوراق، وما يسمح بمزاولته في الواقع، خصوصا في العديد من دول العالم الثالث، ومن بينها المغرب التي حاصرت العمل الجمعوي والحقوقي طوال عقود ما بعد الاستقلال، وقلصت من مجال توسعه وتداوله، رغم أن القانون المغربي نص منذ أواخر خمسينيات القرن المنصرم على حق العمل الجمعوي. وسوف يشهد مطلع الألفية الثالثة نوعا من الانفراج النسبي في العمل الجمعوي، مما سوف يمكن من ظهور مختلف أنواع المنظمات والتعاونيات والجمعيات الثقافية والتنموية والنسائية والحقوقية والتعليمية والطلابية، وغير ذلك، وفي خضم هذا التحول سوف تحظى القضية الأمازيغية بقسط وافر من ذلك العمل الجمعوي، فتؤسس العديد من الجمعيات والتنظيمات المختلفة المشارب والتوجهات. وهذا ما ينطبق كذلك على منطقتنا (الريف الكبير)، التي تشهد لأول مرة في التاريخ المحلي، ولادة ما لا يحصى ولا يعد من التنظيمات الجمعوية. ويرجع ازدهار العمل الجمعوي، سواء على الصعيد الوطني المغربي، أم على الصعيد المحلي الريفي، إلى عاملين أساسيين: أولهما؛ إشراك الدولة للمجتمع المدني في النهوض بالواقع المغربي المتردي، بعدما أدركت أنها وحدها لن تقدر على ذلك، لا سيما وأن السياسات غير العادلة التي مورست عقب استقلال المغرب، راكمت الكثير من المعضلات والإشكالات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والتنظيمية... صارت الدولة إزاءها عاجزة عن حلها كلها وفي زمن وجيز، مما جعلها تستنجد بالمجتمع المدني، الذي من شأنه أن ينظم وينعش بعض مجالات الحياة، كالثقافة والتعليم والفلاحة والسياحة، وغير ذلك. وثانيهما؛ وعي المواطنين بأهمية المجتمع المدني، ومرد ذلك إلى زيادة نسبة المتعلمين، والاحتكاك المباشر أو غير المباشر بالعديد من التجارب الأجنبية، والانفتاح الثقافي على الخارج من خلال الشبكة العنكبوتية، هذه المستجدات وغيرها، ساهمت في توليد الوعي لدى المواطنين بأهمية مشاركتهم في خدمة المجتمع والصالح العام، من خلال مختلف الأنشطة الجمعوية والتوعوية، وهذا ما أصبح يترجم على أرض الواقع في الكثير من المناطق والمدن المغربية، التي صار فيها العمل الجمعوي عصب المجتمع، وهذا ما يتضح للعيان من خلال شتى الجمعيات والتعاونيات والتنظيمات، التي تنشط على مختلف المستويات، ابتداء من حملات النظافة العلنية، وصولا إلى مشاريع التنمية القروية. فما هو نصيب منطقتنا من هذا الحراك الجمعوي؟ وهل تيقنت نخبتنا المثقفة من أن العمل الجمعوي حقا هو عصب المجتمع المدني، وأنه بغياب المجتمع المدني أو ترديه، يظل الحديث عن مطمح التنمية مجرد حلم صعب التحقيق والمنال؟!
#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)
Tijani_Boulaouali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البرتقال الصامت/رواية
-
خرافة التهديدات الإرهابية الجديدة بهولندا
-
المجتمع المدني؛ قراءة في المفهوم والنشأة
-
حرب غزة نفذت بأسلحة هولندية!
-
يهود هولندا والولاء لإسرائيل
-
خيار المقاطعة الاقتصادية، نموذج مطاعم الماكدونالدز
-
موقف العرب من العدوان الإسرائيلي بين غضب الشعوب واستجداء الأ
...
-
موقع العالم العربي والإسلامي من مجتمع المعرفة
-
كيف يمكن للدولة المغربية أخذ العبرة من فيضان الدريوش؟!
-
الإسلام بين الغرب الأيديولوجي والغرب الحضاري
-
موقع العرب من شبكات المعرفة
-
كتاب الانترنت الجدد ومثقفيه هم خوارج الثقافة العربية/حوار
-
الإسلام والأمازيغية؛ نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغية
-
انتصار الحق في مواجهة نبي الشر!
-
رسم كاريكاتوري يشعل غضب مسيحيين هولنديين
-
قطار التحول لم يقلع بعد في المغرب!
-
طقوس الهزيمة
-
وثيقة اعتراف في حضرتك
-
ثنائية الأسطوري والواقعي في أنطولوجيا الحب
-
الشباب الهولندي ذو الأصل المغربي على قمة هرم الإجرام!
المزيد.....
-
في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع
...
-
سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون
...
-
كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
-
اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
-
السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في
...
-
ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
-
السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير
...
-
غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا
...
-
شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
-
هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|