|
الشجاع الأقرع في انتظاركم يا تاركي الصلاة
الطيب طهوري
الحوار المتمدن-العدد: 2608 - 2009 / 4 / 6 - 09:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يكثر المسلمون العبادة في شهر رمضان بشكل لا نظير له في كل الشهور الأخرى من السنة ، لا لسبب سوى كونهم يعتقدون أن أبواب الجنة تفتح على مصاريعها فيما تغلق أبواب النار ، تماما كما تصفد الشياطين في اعتقادهم وتخلو دنياهم من ثمة منها ،وتصير دنيا أخرى لا يُرى فيها سوى سلوك الملائكة: صدقا وأمانة وعدم غش واحتيال وتأدية للأعمال على أكمل وجه، ومحبة لانظير لها بينهم...إلخ، و لاتعود تلك الشياطين إلى عالمهم الدنيوي إلا بعد تحريرها من أصفادها ، حيث تنتشر السلوكات السيئة من جديد وبشكل مرعب يبرز مدى انتقام تك الشياطين من الذين صاموا ذلك الشهر ودعوا عليها بما دعوا من خزي لاعنين إياها في كل لحظة من أيامه .. وهكذا ترى الكثير منهم يطلقون لحاهم ويتسوكون ويلبسون الأبيض ويسيرون زرافات زرافات مسرعين إلى المساجد لاحتلال الصفوف الأولى فيها من أجل سماع الدروس التي تتكرر متشابهة في كل شهور رمضان ، ولتأدية صلوات الفرض وصلوات النوافل... وتتحول حافلات نقلهم العمومي سواء الحضري منه أو ذو المسافات الطويلة إلى شبه مساجد متنقلة ، يرتل فيها القرآن في كل وقت ، وتسمع فيها أيضا خطب الوعظ والإرشاد الداعية إلى احترام قدسية هذا الشهر وتبيين أهميته ومكارمه وجزاء مؤديه على أكمل وجه، من جهة، والمحذرة مما سيناله المتهاون في تأديته، من جهة أخرى.. وتسمع كذلك مختلف الأناشيد الدينية المادحة للرسول وصحبه ، كما تمتلئ جدران تلك الحافلات بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية.. ولا تسمع من أفواه راكبيها في معظم الأحيان إلا الكلام المتعلق بذلك الشهر وأسعار مختلف المواد الغذائية التي ارتفعت بشكل جنوني في الأسواق والدكاكين ، مرجعين ارتفاعها إلى جشع التجار الذين سكنت الشياطين قلوبهم وعقولهم فأعمتهم عن رؤية آلام إخوانهم من الفقراء والمحتاجين ـ ناسين أو متناسين أن تلك الشياطين قد صفدت ـ وهكذا.. وإذا كان كل رمضان يتميز عادة بظاهرة ما تثير انتباه الناس أكثر، فإن الظاهرة التي لوحظت في رمضان هذه السنة ورمضان السنة التي قبلها عندنا في الجزائر قد تمثلت في إلصاق ورقة على مقدمات تلك الحافلات من الداخل تحمل عنوانا مثيرا هو عقوبة تارك الصلاة.. وتقرأ الورقة فتفاجأ بأن ما جاء تحت العنوان ليس عقوبة واحدة وإنما هي 15 عقوبة بالتمام والكمال.. ست منها تصيب المعاقب( تارك الصلاة) في حياته الدنيوية ، وهي: 1- تنقص البركة من عمره ( تنقص سنوات عمره؟) 2- تمحى سمات الصالحين من وجهه. 3- كل عمل يؤديه لا يؤجره الله عليه ( حتى لو كان في خدمة المسلمين ولصالحهم؟) 4- لا يرفع الله له دعاء في السماء ( ولماذا السماء بالذات والله موجود في كل مكان؟) 5- ليس له حظ في دعاء الصالحين ( منذ 1948 والمسلمون يدعون على إسرائيل و للفلسطينيين دون استجابة، فهل انتهى الصالحون في بلاد المسلمين؟) 6- تخرج روحه بغير إيمان ( حتى لو قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله). وثلاث يصاب بها أثناء موته ، وهي: 1- يموت ذليلا. 2- يموت جائعا ( حتى لو كان ملكا أو رئيسا عربيا ،أو وزيرا يأخذ أجرة تجعله يأكل كل يوم خروفا حسب تعبير زكرياء ثامر في قصته يا أيها الكرز المنسي ؟) 3- يموت عطشانا. وثلاث تعرض لها في قبره، وهي: 1- يضيق الله عليه القبر حتى تختلق أضلاعه أي تتداخل . 2- يوقد عليه في قبره ويتقلب على الجمر ليلا ونهارا. 3- يسلط عليه في قبره ثعبان يسمى الشجاع الأقرع ( ما شجاعته؟ ما معنى أنه أقرع ؟) أما الثلاثة الباقية فإنه يتعرض لها عند لقاء ربه، وهي: 1- شدة الحساب. 2- سخط الرب عليه. 3- ذخوله النار. واللافت للانتباه أكثر في تلك العقوبات هو ذلك الثعبان الذي يسمى الشجاع الأقرع، والذي يدخل قبر تارك الصلاة مباشرة بعد وضع جثته فيه ومغادرة مشيعيه المقبرة ، وبعد أن يضيق ذلك القبر على الميت الموجود فيه.. وتعط الورقة مواصفات الثعبان فتبين أن عينيه من نار وطول كل ظفر من أظافره (هكذا) يقدر بمسيرة يوم كامل ، أي 24 ساعة بالتمام والكمال، دون أي توضيح لكيفية قياس تلك المسيرة ، هل تقاس بسير الإنسان على قدميه أم راكبا على حصان أو جمل كما كان الحال عليه في عهد الرسول والصحابة والتابعين ، أم تقاس بسير السيارة أو الطائرة مثلا كما هو الحال في عصرنا ؟.. وهو ما يعني أنه في حال تقديرها بالأرجل كأبسط وسيلة ، أنها تصل إلى حوالي ال20 كم على أقل تقدير ، أي 10 كم من القبر إلى اليمين ، ومثلها منه إلى اليسار و10 أخرى إلى الأعلى أو الأسفل .. وهو ما يعني أن عرض هذا الثعبان يقدر بحوالي الـ 20 كم .. ولأن طول الثعبان الحقيقي الذي نعرفه أضعاف أضعاف عرضه فإن طول هذا الأقرع الشجاع لابد أن يصل إلى حوالي الـ 100 كم على أقل تقدير .. فأين هو ذلك القبر الذي يمكن أن يحتويه ، خاصة ونحن نعرف أن المسلمين يقولون عادة أن الإنسان لا يأخذ من دنياه إلا شبرا من هذه الأرض الواسعة .. فكيف يتحول يا ترى ذلك الشبر إلى هذه المساحة التي تقدر بحوالي الـ 2000 كم مربع (20 في 100 ) وبعمق 10 كم على الأقل ،إذا وضعنا في الاعتبار أن طول (أظافر) هذا الثعبان الظهرية العمودية يقدر ب 10 كم تقريبا ( لأنها بطول مسافة يوم أيضا)، وهو ما يجعل الثعبان ـ ربما ـ يسبح في الماء أحيانا ، خاصة إذا كان قبر تارك الصلاة موجودا بالقرب من البحار والمحيطات ، وهو ما يدفعنا منطقيا إلى التأكيد على حتمية انطفاء عينيه الناريتين ،واختناقه أيضا.. وقد يجد الثعبان نفسه في بحيرة بترول كماهو الحال في دول الخليج ، وفي دولتي إيران والعراق ، وفي صحراء الجزائر وليبيا ، ومنطقيا سيكون مآله الاحتراق نتيجة اشتعال البترول بنار عينيه .. وهكذا.. وتقول العقوبة أيضا بأن هذا الثعبان يظل يضرب الميت تارك الصلاة في ذلك والقبر بشكل متتال ودون توقف ، وكل ضربة تنزله ( الميت) في عمق الأرض 70 ذراعا ، ثم يصعد فتنزله الضربة التالية 70 ذراعا أخرى ..وتتواصل العملية هكذا منذ وضعه في القبر حتى يوم القيامة حيث يبعث ليحاسب على أعماله في دنياه ويتعرض لعقوبات لقاء ربه .. وإذا كنا ندرك أن تاركي الصلاة ( من مسلمي الحاضر والماضي وحدهم دون حساب عدد الذين لايصلون مستقبلا ، ومن الآن حتى يوم القيامة) يعد بمئات الآلاف إن لم يحسب بالملايين فإن ذلك العدد يستلزم عددا مساويا من القبور،كل قبر منها تبلغ مساحته 2000 كم مربع، فإن ذلك يعني ـ وبكل بساطة ـ أن الأرض كلها قد امتلأت بتلك القبور أو كادت ، وأن باطنها لم يعد سوى ثعابين تضرب الجثث وتنزل بها أسفل ،أسفل.. فأين هي هذه القبور يا ترى..؟ وقبل كل ذلك: لماذا لم تتهدم البنايات الواقعة فوق هذه المساحات ؟ ولماذا لا تنفجر القنوات الناقلة للبترول والغاز ،أوالناقلة للمياه ، أو المستعملة للصرف الصحي ..؟ ... إلخ.. وكيف لايحترق الثعبان نفسه بنار عينيه اللتين يمكن تقدير قطرهما معا بحوالي الـ 10 كم ،اعتمادا على قياس طوله وعرضه ؟.. كيف لا تتصادم تلك الأظافر الحديدية؟...إلخ.. وطبعا إذا طرحت مثل هذه التساؤلات في إطار النقاش مع بعض أولئك الذين يصدقون قصة تلك العقوبة ، وهم كثيرون جدا في عالمنا العربي الإسلامي فلا تنتظر سوى هذه الإجابة : إنها قدرة الله ، والله قادر على كل شيء. وبتلك الإجابة الجاهزة دوما يتوقف النقاش وينزل العقل إلى حالة جموده الأبدية أكثر ، أكثر..تماما كما تنزل جثة تارك الصلاة بضربة الأقرع الشجاع 70 ذراعا تحت الأرض .. وإذا أردت مواصلة النقاش فقلت مثلا : ألا ترون أنها قصة متخيلة ، وبشكل بدائي ، ليس إلا..؟.. أجابوك على الفور: أتشك في صحتها ..؟ أتشك في قدرة الله العجيبة التي لا مثيل لها..؟ أتطعن في كل الفقهاء الذين نقلوها إلينا..؟ .. ويمكن أن تسأل متألما لحال الأقرع الذي فرض عليه تأدية تلك المهمة العجيبة : ماذا فعل هذا الثعبان المسكين حتى تكون كل حياته التي تتواصل حتى يوم القيامة عملا متواصلا على ضرب جثة تارك الصلاة إنزالا ورفعا لها ..؟ كما يمكن أن تضيف: كيف يصح فعل الشجاع ، والكل يعرف أن لحم الجثة يأكله الدود الذي لا يبقي في النهاية إلا العظام ..؟.. وهكذا تكون قد وضعت نفسك في مأزق لا مخرج لك منه سوى الاستجابة لدعوتهم إياك إلى الإسراع في إعلان توبتك واستغفار ربك ، وإلا اعتبروك من المغضوب عليهم دنيا وآخرة ، وقد يعادونك ويسمعونك متعمدين دعاء قطع دابرك ، خاصة وأنت تقول هذا الكلام في شهر رمضان المعظم... و... وقد يشنعون بك ويجعلون من ثمة الجميع ينظرون إليك بنوع من الرفض والريبة وعدم الثقة..و.. وتجد نفسك أخيرا مضطرا إلى الانسحاب والنفاذ بجلدك خوفا مما لا تحمد عقباه فيما لو واصلت تحديهم بذلك النقاش المرفوض أساسا ، متيقنا من لا جدواه مع هذا النوع من الناس الذين قد يقولون في يوم ما ـ وربما هو قريب ـ بأن كتاب الغرب وسينمائييه قد استقوا قصص الرعب الخيالي من قصة الأقرع الشجاع الحقيقية ومثيلاتها من القصص التي لا منطق لها بالمرة ولكنها الحقيقية في رأيهم أيضا .. وربما يرفعون رؤوسهم عاليا ويضيفون : إن كل شيء موجود في إسلامنا بقرآنه وسنته وإجماع فقهائه/علمائه.. وإنه لخبل عقلي جماعي هذا النوع من (التفكير) الذي يتوهم ويوهم غيره أن واقع المسلمين بلا صلاة لا يمكن أن يكون إلا واقعا لا يستقيم فيه أي شيء ، وربما يأكل الناس فيه (أيضا) بعضهم البعض ، فيما يتغاضى عن الحقيقة الواقعية التي تبين أن استقامة الإنسان مرتبطة أساسا بوعيه ويقظة ضميره لا بالصلاة المرتبطة بالخوف الشديد من عقوبات عدم تأديتها ( كما يتصور المسلمون).. و.................................................... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
#الطيب_طهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهوات
-
رسالة مفتوحة إلى مسؤولي التربيةب (أُذُن مكاننا)
-
ناقة قديشة
-
المنتظمات الديكتاتورية أفقدتنا تذوق طعم الحياة
-
أكواخ وولائم
-
عبيد وجوارٍ
-
مقابر عربية
-
غيم لأعشاب الجفاف
-
لماذا لا يهدي الله المسلمين الطريق المستقيم؟
-
متى تصير القراءة ركنا إسلاميا..؟
-
نفس الطريق أيضا ..؟
-
تمرّين ..وهذا دمي
-
أغان لتراب الطفولة
-
العمدة
-
أوتار للفرح الصعب
-
أحزان المربي الذي..كان سعيدا
-
لقاء مع الشاعر والقاص الجزائري الطيب طهوري
-
الأصوليات الإسلامية وادعاءها تقليدنا الغرب
-
!أيها الغرب، أنقذنا من تقليدك
-
الموتى.. يهاجرون أيضا
المزيد.....
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل-
...
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|