أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياس خضير محمد الشمخاوي - السلام بين المبدأ والخيار















المزيد.....

السلام بين المبدأ والخيار


ياس خضير محمد الشمخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2607 - 2009 / 4 / 5 - 09:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تــُشبه الصراعات الفكرية وأتجاهاتها المعاكسة قوانين المعارك الغابية أو الحروب العسكرية الى حدٍ ما ، لاسيما عند الشعوب والأمم التي آثرت منطق القوة والقهر على لغة التفاهم والحوار .
إذ لاحق للمأسورين والخاسرين في وغى الحرب أن يعطوا رأيهم تحت أصفاد الحديد وأقفال الزنازين .
كذاك الأمر سيــّان في شريعة الغاب ،
أذ ليس لضأن ٍأن يقول كلمته بين أنياب الضباع والأسود ، ولاكرامة لنوح الحمائم وهديلها الشجي بين فحيح الأفاعي وقبضة النسور .
أنت سيدٌ وذو كعبٍ عالٍ فيما تملكُ من مخلبٍ وناب ، ورأيك مقدّسٌ ومقدّمٌ إذن وإنْ كان فيهِ أفتراسي ونتف ريشي .
وهكذا حال المجتمعات والأنظمة البشرية التي خلت قلوبها من الرحمة والفكر ، أبتــُليت بداء العنصرية المقيت ومرض الطائفية المزمن ، حيث تتغنى دائما بأغنيات أمزونية داعية الى الجبروت والتسلط والأنفراد ، فلا تنفكُ غارقة ً بسمفونية الرعب والقتل والدمار ، التي لاتطرب إلا آذان الوحوش والجوارح .
وإذا ما شعروا بأن ألحانهم الدموية الصاخبة قد تصدّعت لها رؤوس الخلائق ولم يعد لها رواج وقبول ، عمدوا الى نقلها في مكان ٍ آخر أو زمن ٍ آخر حسبما تتطلب الحاجة ويقتضي الأمر .
مثلهم كمثل الضواري والكلاب المستوحشة عندما تمسي بلا أنيابٍ هزيلة ، أو محاطة بالرفض والمجابهة ، تسارع للتفاوض والسلام ليس رغبة منها بذلك أو أيمانا بمبدأ اللاعنف ، إنما لاخيار لديها ولابديل أمامها كي يجنبها الذل والهوان الذي طالما أذاقته لغيرها . ولنا في الأمثال دروسٌ وعبر ،
ففي الآونة الأخيرة ترددت مخاوف كبيرة في أروقة السياسيين وعلى ألسنة الشارع والصحافة تتعلق بنبوءات وتكهنات الوضع السياسي والأمني في العراق مابعد أنسحاب قوات متعددة الجنسيات .
وتلك المخاوف بطبيعة الحال لم تأتي من فراغ ، بل لها تداعياتها وأسبابها المنطقية أيضا .
المنطقة برمتها مرتبطة بمصالح مشتركة ومصالح خاصة مع دول العالم والجوار ، وكل ٍ له أجندته رؤيته وأهدافه السياسية التي تتقاطع وتختلف وربما تتفق أحيانا مع الطرف الآخر .
أما الشارع السياسي فهو متأثر وممغنط لاشعوريا بأفكار وثقافات عديدة وخيوط خفية معلنة وغير معلنة من داخل العراق وخارجهِ .
وكل ذلك خارج تفاصيل بحثنا الآن ، وما نريد أن نركــّـز عليه في هذا البحث ، هو مدى واقعية تلك المخاوف التي تشير الى أحتمالية عودة العنف الطائفي للساحة العراقية وللمسرح السياسي .
وبالتأكيد هذا الأنطباع الذي يدور في الأذهان يعطينا مؤشرات واضحة ، على إنّ تراجع الأحتراب الطائفي كان يعيش تحت مؤثرات قسرية مقرونة بشروط معينة وليس نابعا من رغبة حقيقية تتمتع بها تلك الفصائل التي حملت الموت للعالم ، كذلك ليس عن شعور ينم عن تفهـّم برنامج السلام الحقيقي وأحترام مبدأ التعايش السلمي الذي طرحته الدولة والمنظمات الأنسانية .
أو لعل من أسباب إنزواء العنف الطائفي أيضا تلك المقايضات السياسية والمادية التي حصلت عليها الأطراف المسيّسة لأمــّعاتها عن طريق الأبتزاز السياسي والضغط الدبلوماسي .
وفي حال زوال تلك الأمتيازات والأسباب حتما سيعود المسبّب لما كان عليه سابقا ،
خصوصا أذا ما برح أداء الدولة وأجهزتها البوليسية ليس بمستوى التكتيك المطلوب لحفظ الأمن والنظام .
لكن مهما تعددت الأسباب والأساليب في إشعال فتيل الحروب الطائفية يبقى العامل المؤثر والرئيس ، هو توافر عقول جامدة على الساحة يكتنفها الليل وتحيط بها الجدران الملوثة كي يتسنى لخفافيش الظلام اللعب عليها بحرية واسعة .
وبمعنى أدق ، عندما تتوفر الرغبة والمبدأ المـُنصب على كره الآخرين وتصفيتهم جسديا وفق منظور ديني وغطاء شرعي لدى فئة معينة ، حتما سيكون للأنتهازيين وأعداء الأنسانية موطيء قدم ودور كبير في تحريك تلك الدُمى .
المشكلة تكمن أذن في وجود فايروسات غبية منحتها الأقدار والأفكار الدينية القذرة ، القدرة على السبات بأمان في أحلك الظروف ثم معاودة نشاطها عندما تتهيأ لها الأجواء والمناخات المناسبة .
إستتباب الأمن في العراق منشأه ُ حلول سياسية ولم يكن ناجم عن معالجة روحية وأجتماعية ، لذا هو ليس أكثر من بنج مؤقت لظاهرة معينة دون إجراء أي عملية جراحية أو تداخل جراحي لنزع الفايروس الحقيقي .
ولعل الأمر يتطلب وقت وجهد كبير ومشترك ،
ولاشك أن الدولة لم تكن مهيئة ولم يكن لديها الأستعدادات الكافية لأنتزاع مثل تلك الجراثيم العصيــّة بتلك العجالة وضيق الوقت والأرباك والأنقسامات على نفسها .
وليس خفيا ، من أن الدولة كانت مرغمة على تتبع سياسة خاصة في أحتواءهم تمثلت مابين الطرق على رؤوسهم وما بين إئتلاف قلوبهم ، تماما مثلما فعل الأسلام في صدره الأول مع طلقاء قريش ، ولما بلغت الدولة الأسلامية أوج عظمتها منعتهم الفيء وحق الأمتيازات السابقة ، كما فعل الخليفة عمر بن الخطاب مع أبي سفيان وغيره .
لاشك أن هذا التصرف لايخلو من دراية وبصيرة في أستراتيجية الدولة وسياستها المرحلية ، بَيـْدَ أنه في جميع الأحوال سوف لن يعطينا ضمانات كافية من دفع شرهم المستطير الى الأبد ، كونها حلول مؤقتة أو أنصاف حلول ليس لها بعد عميق وأثر بالغ في تغيير سايكولجية وثقافة القتل المتأصلة في نفوسهم ، ولعل المصحـّات والعلاجات الروحية أنجعُ دواءا وأمهر علاجا لشفائهم من تلك الأمراض العقلية والنفسية .
فلابد من نشر الوعي وبث روح السلام وأفكار المحبة فيهم كي يتخلصوا من عقدة النجاسة والتكفير الذي يتهمون بهِ الآخرين .
لاغرو أن السلام والأستقلال مطلب أنساني ورغبة تكمن تحت مشاعر جميع الأحرار والوطنيين في العالم ، ونحن كشعب عاش المأساة بكل أنواعها وألوانها حتما ننتظر هذا العيد الوطني ونتوق إليه بفارغ الصبر والشغف ، ولكن حريّ بنا أيضا أن نستقبله بثوب جديد ونستعد له بروح طاهرة تؤمن بأن الحوار والتسامح والأخاء وحق المواطنــَة وحرية المعتقد ، مبدأ وعقيدة تنبع من الذات ، لا خيارا مرغمين عليه بالقوة والأكراه أو تحت تأثيرات مادية أو أغراءات وظيفية .
فعندما نغدو بهكذا مستوى شفاف ورائع ، متجردين عن أنانيتنا ونرجسيتنا المفرطة ، حتما سوف لن نحتاج لوصي أميركي يثرم برؤوسنا بصل ولا لهراوة شرطي تدلــّنا الطريق .



#ياس_خضير_محمد_الشمخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تُنتزع الرحمة
- الى متى يبقى الوزير على التل ؟
- الفريسيون الكذبة
- الثقافة القانونية والمسميات الأخرى
- فقراء تحت رحمة النظريات
- أنحطاط فكري في زمن الحداثة
- الرومانسية والمصالح السياسية
- قراءة واقعية لتاريخ الحكومات الدينية
- الأنسان المسلم وتفشي ثقافة العنف ... كيف ولماذا ؟؟


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياس خضير محمد الشمخاوي - السلام بين المبدأ والخيار