أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فيصل جلول - العراق وسط كوابيس القرن العشرين















المزيد.....

العراق وسط كوابيس القرن العشرين


فيصل جلول

الحوار المتمدن-العدد: 158 - 2002 / 6 / 12 - 07:12
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


"النهار"

الثلثاء 11 حزيران 2002 
 لا يختلف التكوين الاجتماعي للشعب العراقي عن باقي شعوب الشرق الاوسط وبلدانه. فهذه المنطقة تحتفظ بتنوع اتني ومذهبي وديني معمّر ومتوارث عن الحضارة العربية - الاسلامية التي كانت متسامحة في مراحل كثيرة من تاريخها.

ولا تختلف صورة التكوين الاجتماعي العراقي في ظل مشروع الدولة - الأمة الذي نشأ في النصف الاول من القرن العشرين بعد انهيار الخلافة الاسلامية عقب الحرب العالمية الاولى، عند غيرها من تكوينات الدول المجاورة، ربما باستثناء المملكة العربية السعودية. والاختلاف الابرز يكمن في العلاقات الاجتماعية المأزومة وغير المستقرة التي عرفها العراق وذلك بما يتباعد عن اوضاع بلدان اخرى مثل ايران وبدرجة اقل تركيا وسوريا. فأكراد العراق كانوا الطرف الاكثر تمرداً والاكثر نشاطاً سياسياً بالمقارنة مع اكراد ايران وسوريا والى حد ما تركيا. ولربما يعود السبب الى ان الاكراد العراقيين هم المجموعة الوحيدة التي حصلت على وعود بالحكم الذاتي من طرف بريطانيا والحكومات العراقية المتوالية.

والثابت ان الحكم المركزي الشديد السطوة الذي اقامه حزب البعث العربي الاشتراكي منذ العام ،1968 والذي كان يهدف الى صهر المكونات الاجتماعية العراقية ودمجها في بنيان مرصوص، وتجريدها من خصائصها المستقلة وهوياتها وثقافاتها الخاصة وتالياً حرمانها من وسائلها الاهلية (مثال اول: تأميم المستشفيات والمدارس المسيحية الخاصة. مثال ثان: شن حملات دموية على المجموعة الكردية وتعريبها - شن حملة ثقافية واسعة على المجموعة التركمانية ودمجها - مثال ثالث: تحجيم دور الحوزات العلمية الدينية الشيعية واخضاعها... الخ)، كل ذلك من اجل خلق أمة منصهرة على المثال الغربي الحديث ولربما اليعقوبي العلماني. والثابت ان مشروع البعث لم يحالفه النجاح التام فالعراق يشهد اليوم تمرداً وتمزقاً في مكوناته الاجتماعية وينعكس هذا التمزق في اشكال مختلفة نحصرها في الخطوط الآتية:

1- استمرار التمرد الكردي في الشمال، والذي بدأ في الثلاثينات، وهو يحمل اليوم مركزين للنفوذ المحلي يمثلهما مسعود البارزاني (الحزب الديموقراطي الكردستاني) ويستقر اساساً في مناطق أربيل، وجلال الطالباني في بعض مناطق السليمانية (الاتحاد الوطني الكردستاني) والامر المستجد في هذا المجال هو انقسام القيادة الكردية التي كانت موحدة حتى العام 1975 يوم تلقت القيادة الكردية بزعامة مصطفى البارزاني صفعة قوية إثر اتفاق الجزائر، ومن ثم انشقاق عضو المكتب السياسي في الديموقراطي الكردستاني جلال الطالباني وتشكيله الاتحاد الوطني الكردستاني. ونلاحظ اليوم كما في الامس خضوع الاكراد لمراكز النفوذ الاقليمية. وان كان البعض يعتبر انه خضوع قسري واضطراري، الا ان هذا الاعتبار لا ينفي حقيقة الخضوع وما يحمله من نتائج على صعيد القضية الكردية وعلى صعيد العراق عموماً.

2- استمرار اخلاص المجموعة الاتنية - المسيحية (كلدان - اشوريون - سريان) للحكم المركزي في العراق وذلك منذ الضربة القاصمة التي تلقتها المجموعة الاشورية في الثلاثينات والتي تمت على يد السلطة العراقية وبعض المجموعات الكردية. وتفيد الوقائع التاريخية ان هذه المجموعة عبّرت عن قدر كبير من الاخلاص لحزب البعث الحاكم، على الاقل في الحرب العراقية - الايرانية وحرب الخليج الثانية.

3- استمرار اندماج المجموعة التركمانية رغم المحاولات التركية الدورية لخلق تكتل تركماني انفصالي كبير على غرار التكتل الكردي.

4- استمرار تشرذم المجموعة العربية المسلمة (السنة والشيعة) بين الحكم المركزي الذي يمسك بقوة بوسط العراق، وايران التي تحتفظ بنفوذ شديد في الجنوب، وتشرف على دعم منظمات عراقية شيعية في غالبيتها وتنظيمها وحمايتها. وذلك رغم الاخلاص البارز الذي ابداه الشيعة لبلدهم خلال الحرب العراقية - الايرانية والثمن الكبير الذي دفعته مناطق الشيعة خلال هذه الحرب. والثابت ان التمرد الشيعي، كما التمرد الكردي في العام 1991 قد انتهى بمذابح ارتكبتها القوات النظامية العراقية وكشف مرة اخرى نوع الخدع السياسية التي يسقط فيها عراقيون يأملون بتغيير اوضاع بلادهم بأي ثمن.

اما المجموعة السنية فهي الاقل تشتتاً في القاعدة، والاكثر تشرذماً في نخبها الموزعة على مختلف دول العالم ولاسيما منطقة الخليج والاردن واوروبا والولايات المتحدة. ويمكن القول ان الحكم المركزي في بغداد استطاع ضبط قسم مهم من العرب السنة في الوسط وتأطيرهم.

قد يؤخذ على هذا التصنيف والتوزيع للمكونات الاجتماعية للشعب العراقي ان ينطلق من ادوات مفهومية غربية وانه ينتمي الى الارث الاستشراقي. وهذا المأخذ صحيح الى حد كبير ولم اعتمده عن طيبة خاطر وانما عن اضطرار تفرضه، ويا للاسف، الوقائع العراقية القاهرة. لكن التصنيف نفسه لا يكفي للاحاطة بكل جوانب التكوين الاجتماعي العراقي، الامر الذي يستدعي النظر الى حالة النخبة العراقية، وهنا ترتسم ملامح اضافية نحصرها ايضاً في الخطوط الآتية:

1- النخبة المهاجرة او المهجرة الى خارج العراق منذ تسلم البعث السلطة عام .1968 فقد اعتمد الحكم سياسة منهجية تقضي بتصفية كل المعترضين عليه وتشتيتهم بلا رحمة. وبنتيجة هذه السياسة قتل وشرد كل العراقيين الحزبيين بقيادتهم ومعظم كوادرهم وقواعدهم. وبما ان هؤلاء يمثلون تيارات شعبية واسعة، فقد ادت هذه السياسة الى تهجير ملايين العراقيين او هجرتهم ويُقدّر عددهم اليوم بخمسة ملايين. ولربما يمكن اعتبار قسم مهم من هؤلاء من المهاجرين الاقتصاديين الذين تركوا العراق بفعل الحصار الدولي وظروف العيش الصعبة.

2- النخبة الداخلية المتمحورة حول الحكم البعثي، وهي ناشئة ومبنية على قواعد وافكار ارساها النظام طوال الفترة الواقعة بين 1968 واليوم. وهذه النخبة جديدة تماماً وهي تتعرض منذ العام 1981 لضغوط اقتصادية ناتجة عن الحصار الذي حرمها من القسم الاكبر من وسائل عملها وتأثيرها والحق بها أذى كبيراً. ذلك ان الحصار الدولي تسبب كما هو معروف باكبر مجزرة بشرية بعد الحرب العالمية الثانية في العالم العربي فاق عدد ضحاياها المليون ونصف المليون بين طفل وشاب وشيخ وامرأة.

3- النخبة التقليدية وهي الموروثة من العلاقات السابقة على البعث والجمهورية عموماً وتمثّل الوجهاء وزعماء القبائل والعشائر. لقد تعرضت هذه النخبة لتدمير منهجي ايضاً تحت شعارات من نوع افضلية الجمهورية على الملكية، او الحداثة على التقليد. وفي المحصلة انهارت مراكز نفوذ هذه النخبة وخلا العراق من كل امكان لاعتراض اجتماعي يستند الى قبائل وعائلات كبيرة ووجاهات مؤثرة. فالعشائر التي ارادت الحفاظ على كيانها اندمجت في النظام ومثلها الوجهاء والعائلات التقليدية الامر الذي يذكرنا بتجارب الدول السوفياتية المنهارة.

4- اخيراً النخبة الاقتصادية وهي بقسمها الخارجي مندمجة بالسوق العالمية ولا طموحات خاصة تميزها عن غيرها. وبقسمها الداخلي تنتظم اليوم في مافيا ضخمة تعيش على آثار الحصار الدولي السلبية ولا مصلحة لها ربما في إنهاء الحصار.

يتضح مما سبق ان المكونات الاجتماعية المختلفة للشعب العراقي قد انتقلت من حالة التعايش والاندماج الخاضعة لقواعد مجرّبة في حل المشكلات بينها، في ظل الخلافة العربية الاسلامية الى حالة صراعية انفصالية في العهد البريطاني. وعادت في العهد الملكي الى حالة من الهدوء النسبي. لتنفجر تدريجاً في عهد الثورة الاولى ولتخضع لمشروع الدولة - الأمة المركزي الصارم الذي اعتمده حزب البعث والذي اثبت تماسكه خلال الحرب العراقية - الايرانية. وهذه المكونات انفجرت تماماً بعد حرب الخليج الثانية وهي اليوم تحمل مشاريع سياسية وطموحات تخلو من العناصر الفعلية الجامعة والقادرة على اعادة بناء المجتمع العراقي والدولة العراقية على اسس سلمية وانطلاقاً من ثوابت مقبولة لدى الجميع.

وفي السياق نفسه يتضح ان النخبة العراقية، وهي التي تضطلع اصلاً بالمهمات المركزية في حياة الشعب العراقي، كما تضطلع كل النخب بمسؤوليات اساسية في حياة شعوبها، هذه النخبة العراقية تعرضت لتدمير منهجي وهجرة قسرية وفقدت صلتها بالداخل العراقي وتلقت ضربة اخرى من جراء انهيار الايديولوجيات العالمية، وشاخت اقسام كبيرة منها. وهذه النخبة في الداخل العراقي حيوية وديناميكية وناشئة، لكنها تلقت ضربات قاصمة خلال الحصار وفقدات وسائلها وضعفت صلاتها بقواعدها وباتت غير قادرة على احتلال مساحة ولو تقنية بين الجيش والشعب. في حين ان النخبة الاقتصادية لا تلعب في الخارج دوراً ملحوظاً يتمحور حول مصير الشعب العراقي، وفي الداخل تنخرط في مافيا نامية وشديدة السطوة وتساهم عن قصد او غير قصد في حالة التفكك والتدمير المتواصل لقدرات الشعب العراقي وامكاناته.

وننتقل من هذه المحطة الى السؤال الذي يشغلنا هنا وهو يتصل بمستقبل هذه المكونات وتحديدا بنوع العلاقات التي يمكن ان تبنى بينها وهنا ترتسم مجموعة من الملاحظات:

الملاحظة الاولى: ان النقطة الجامعة الوحيدة بين هذه المكونات هي عراقيتها. وهذا الامر ينطبق ايضا على الاكراد الذين يعترفون بعراقيتهم وكرديتهم في آن واحد، ما يعني ان مستقبل هذه المكونات ليس مرسوما خارج الهوية العراقية وانما داخلها. اما الاختلاف حول طبيعة هذه الهوية فهو مشروع تماما حيث يعتقد البعض ان الهوية العراقية يجب ان تكون عربية خالصة والبعض الآخر يرى انها يجب ان تكون حركية بما يتناسب مع الهويات الخاصة بكل الفئات المذكورة. ومن جهتي ارى ان الحل الافضل لمشكلة الهوية العراقية يكمن في العودة الى الجوامع التاريخية المشتركة والبناء عليها. ان قرونا من التعايش والاندماج بين هذه المكونات اثبتت انها قادرة على البناء معا في ظل الهوية العربية الاسلامية، في حين اثبتت تجارب القرن العشرين ان ابتعادها عن تجاربها الغنية في العيش والاندماج كانت سببا حاسما في تشرذمها وتفككها. يبقى ان على العراقيين البحث عن كيفية تجديد صيغ العيش والاندماج في ظل الهوية العربية الاسلامية.

الملاحظة الثانية: ليس لدى اي من المكونات الاجتماعية المذكورة القدرة، والوسائل اللازمة، لاعادة بناء المجتمع العراقي. فالحكم المركزي في بغداد لا يقيم اعتبارا لملايين العراقيين المهجرين في اربع بقاع الارض، ولا يطرح خططا مقبولة لاعادة دمجهم، ويلائمه تماما ما يدور في كردستان. فهو لاعب اساسي في هذه المنطقة بعدما غاب عنها خلال الفترة الواقعة بين 1991- .1996 وهو لاعب اساسي في ما يدور في الجنوب وخصوصا في هذه الايام التي تشهد تقاربا عراقيا - ايرانيا ملحوظا.

واخيرا يعتقد النظام العراقي انه يضطلع بمهمة تاريخية ويؤدي رسالة خالدة وتاليا لا يمكنه ان يتنازل عن مقدساته السياسية. ويرى ان على العراقيين المعترضين عليه ان يتخلوا عن اعتراضهم ويعودوا الى حظيرته، وما من شك في ان حكم الرئيس صدام حسين لا يحمل تطلعات حقيقية تتيح جمع الشمل السياسي لكل المكونات الاجتماعية العراقية بطريقة ديموقراطية ومفتوحة على آفاق مستقبلية واعدة بحياة افضل، وبمصير مختلف، خصوصا في هذه الايام التي تشتد فيها التهديدات لنظام الرئيس صدام حسين.

والراهن ان الولايات المتحدة وايران وتركيا واسرائيل لا ترغب هي الاخرى في اتاحة اية فرصة للنظام العراقي لكي يعدّل في سياساته ويحدث تغييرات جوهرية في ابنيته السياسية، فهي لا تضع شروطا اصلاحية على النظام، وتعتقد فقط انه يجب ان يحرم من السلاح التدميري الشامل وان يقبل بقرارات دولية تبقيه، وتبقي العراق، تحت حصار ابدي، وتضعفه وتضعف العراق الى أجل غير مسمى.

ويبدو لي ان المسألة الراهنة للعراق مفيدة تماما للجميع فأميركا لا تريد عراقا قويا ومؤثرا وتركيا لا تريد منافسا عربيا اقليميا على حدودها خصوصا اذا ما كان قادرا على التفاهم مع جارتها الاخرى سوريا. وايران تدرك معنى ان يكون النظام قويا ومسلحا، وقد خبرت ذلك خلال الحرب الطويلة معه. واسرائيل لا تريد دولة نفطية ونووية مسلحة وقادرة على تغيير قواعد اللعبة في الشرق الاوسط. اما دول الخليج فليست الطرف الذي يطمح لانقاذ الرئيس صدام حسين من ورطته وهذا يعني ان كل الاطراف الدولية والاقليمية تريد تأبيد حالة هذا البلد على ما هي عليه اليوم.

الملاحظة الثالثة: ان التيارات السياسية المختلفة التي تعبّر عن مكونات المجتمع العراقي او عن جزء منها والتي تنتظم في مشاريع المعارضة او المعارضات المختلفة لا تملك منفردة الوسائل التي تتيح بناء كيان سياسي معارض وموحد يعبر عن مشروع بديل وجذاب لمستقبل العراق. ومن المؤسف القول ان الديموقراطي الكردستاني والوطني الكردستاني لا يعبران عن هموم عراقية جامعة ناهيك عن خضوعهما القاهر او المتساهل للعبة الاقليمية الدولية في كردستان الجنوبية.

ومن المؤسف القول ايضا ان المنظمات الشيعية المعارضة في الجنوب ليست قادرة هي الاخرى على الخروج على قواعد اللعبة الاقليمية الدولية المحيطة بالعراق. لقد رأينا كيف ان اتفاق الجزائر عام 1975 ادى الى التضحية بالحركة الكردية بزعامة مصطفى البارزاني الذي توفى مهاجرا في اميركا عام .1979 ورأينا الثمن الباهظ الذي دفعته المنظمات الشيعية في جنوب العراق عام 1991 عندما تمردت بدعم اقليمي دولي. ومن المؤسف القول ايضا ان بعض الحركات المعارضة قمعت بعضها الآخر بقدر كرهها ورفضها المطلق للنظام. اضف الى ذلك ان الغالبية الساحقة من تيارات المعارضة تضمر عداء للسياسة الاميركية وافداً من ثقافة سياسية عامة في العالم العربي تكونت تدريجياً خلال الصراع الطويل مع اسرائيل. وهي بقدر رفضها الحكم لا تثق بالسياسة الاميركية وليست قادرة على التعاون معها باخلاص وتاليا الرهان على مشاريعها المعلنة في المنطقة العربية والشرق الاوسط عموما.

الملاحظة الرابعة الاخيرة: طرح البعض اخيرا حلاً للعراق على الطريقة الافغانية وجرى الحديث عن حامد قرضاي عراقي ينتمي الى الوسط ويوحد العراقيين بعد قلب الحكم الحالي من خلال حرب جوية اميركية. ويبدو هذا الحل جذابا للوهلة الاولى. فها هو قرضاي يجوب العالم مصطحبا ممثلين للطاجيك والاوزبيك والهزارة و... ويتصالح مع باكستان ويتعاون مع روسيا وايران والصين والهند. وفي تقديري ان الحل الافغاني للأزمة العراقية يمكن ان يكون باهظ الكلفة ومشروعا لاطاحة العراق كله. ذلك ان العراق ليس افغانستان، وحكم البعث ليس حكم طالبان الذي كان عمره خمس سنوات فقط عندما انهار تحت وقع الضربات الجوية الاميركية، ناهيك عن ان افغانستان لم تستقر بعد حتى يمكن استخلاص دروس مفيدة من تجربتها. ان الحديث عن قرضاي عراقي حديث وهمي ينطوي على تكاليف عراقية باهظة الكلفة، وهو مرشح للتحول كابوسا حقيقيا اذا ما قرر المعارضون العراقيون اعتماده.

بالاستناد الى هذا التقدير والى معرفة بالسياسة الاميركية في الشرق الاوسط، ناهيك بضرورة ترسيخ مبدأ رفض اي تغيير سياسي في العالم العربي بواسطة قوى خارجية، يجب ان نرفض جميعا، وبقوة، مشاريع التهديد العسكري الاميركي للعراق وان نبحث جميعا عن حل سياسي للأزمة العراقية.

في المحصلة العامة يبدو لي ان الآفاق التي تحكم علاقات الفئات الاجتماعية العراقية المختلفة، لا تنطوي على عناصر اجماع سياسي. فالمعارضة تريد الخلاص من الحكم العراقي بأي وسيلة والحكم يرفض كل المعارضات الخارجية التي نكّل بها، وحرث التربة التي تقوم عليها، بينما لا تلتقي الفئات المعارضة على مشروع سياسي موحد وتخترقها مشاعر تنافر وعداء تفوق احيانا مشاعرها ازاء الرئيس العراقي نفسه.

ومعنى ذلك ان شيئا آخر يجب ان ينبثق من الفضاء العراقي، ووسائل اخرى يجب ان يعتمدها العراقيون في حل مشكلاتهم، وبما انني لست ادرى بشؤون الشرق وبشعابه من اهله فأكتفي بالقول ان البديل الضروري والممكن للحالة العراقية يجب ان يندرج في اطار الهوية العربية الاسلامية التي تتيح في جانبها العربي اندماج المسيحيين وفي جانبها الاسلامي اندماج الاتنية الكردية والتركمانية. والاتفاق على نظام سياسي يتيح حل الخلافات بالوسائل السلمية والديموقراطية والتركيز في المدى المنظور على اعادة اعمار العراق ارضا وبشرا... الخ. ان هذه العناوين ربما وقع عليها العراقيون مرارا... لكن هل من عناوين اخرى غير ليالي السكاكين الطويلة وما شابهها؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كاتب وصحافي لبناني مقيم في باريس
 



#فيصل_جلول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فيصل جلول - العراق وسط كوابيس القرن العشرين