ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 07:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
عملاً بمبدأ خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ، انبرى الرئيس السوري بشار الأسد في التصدي لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير ، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور ، وذلك في خطابه أمام قمة الدوحة بنسختها الحادية والعشرين .
فالمتتبع لخطاب الأسد سيجد أنه ركز على موضوع محكمة السودان أكثر من البشير نفسه ، الذي راح يتحدث عن التنمية في دارفور ، بل وأكثر من باقي الزعماء العرب الذين راحوا يعرضون ما لدى بلدانهم من مشاكل وأزمات ، والسؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا التركيز السوري على محكمة السودان وحده دون سواه ، هل هو لأجل إبداء التضامن مع حكومة السودان ؟ .
كل العرب ، صغيرهم وكبيرهم أعلنوا تضامنهم الذي لا حول له ولا قوة ، وبالتالي ما الهدف من دعوة الأسد إلى رفض المحكمة وقرارها ؟ حينما يرفض محكمة السودان كما جاء في خطابه ، انطلاقا من كونها مسيسة سلفاً ، أو أنها تشرع الأبواب واسعاً للتسييس ، فإنه يذكرنا بالتسييس ذاته الذي تحدث عنه مع أصدقائه اللبنانيين حول اغتيال الرئيس رفيق الحريري .
في ظل أحاديث تسييس العدالة ، نسي الرئيس السوداني مسألة التسييس ، أو لم يكن يحسب لها حساباً ، فجاء الرئيس السوري ليذكره بها ، وهي تعني فينا تعنيه ، مصيراً أسوأ من مصير الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشوفيتش .
إن الحديث عن تسييس العدالة الدولية التي يحرص على تطبيقها نخبة من القضاة الدوليين ، وليس قضاة محليين مرتهنين لقرارات حكوماتهم التي تخلط بين سلطاتها القضائية والتنفيذية ولا تفصل ، مؤشر على حقيقة تلك العدالة ، بدليل الخشية من نتائجها المرتقبة من خلال رفض قراراتها والطعن بها مسبقاً .
من الواضح أن عصرنا هذا هو عصر العدالة الدولية بامتياز ، وقد انطلق قطارها السريع من دون توقف ، ولن يستطيع أحد صده مهما فعل ، وهو مطالب بالمرور في جميع المحطات التي حصلت فيها تجاوزات طالت حياة البشر وأمنهم وسلامة
عيشهم .
أخيراً ، ها قد انطلق قطار محكمة لبنان ، ربما يصل إلى محطته النهائية في وقت متأخر، لكنه سيصل ، كما وصل قطار محكمة السودان ، ولن تنفع الرقصات الاستعراضية في كسب تعاطف الشعب المغلوب على أمره ، ولا البروفات الخطابية في التقليل من قدر العدالة وتسطيح كنهها .
إذا ما استمر هذا القطار في المسير على سكته ، يبقى أن نقول : إن واقعاً جديداً سترسمه العدالة ، بعدما عجزت الحروب عن رسمه .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟