إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 798 - 2004 / 4 / 8 - 10:24
المحور:
القضية الكردية
أحفاد صلاح الدين ... تاريخ مشرف .... و أيد بيضاء ....!
يستنهض الكاتب سليم عبود خلال مقاله المعنون ب : قراءة في أحداث الشمال السوري ( المحرر العربي 440 ) , لمواجهة الفرية الكبرى على الكردي , و اتهامه بالتبعية للأجنبي , و التبييت لمؤامرة كبرى وخيانة وطنية , كل ذلك الإرث بين أشكال الطيف السوري , و بخاصة، تلك الوشائج القوية بين العربي و الكردي , سواء من خلال عودته إلى التاريخ , أو لجوئه إلى التجربة الحياتية الشخصية ,المعيشة ، و التي بدأت منذ نهاية ستينيات القرن الماضي , و حتى هذه اللحظة ... وهو يركز خلال مقاله المهم هذا , على إيراد كل المسوغات التي تؤكد أن الأجنبي - ومنذ عام 1916 حيث وقف العرب مع الغرب لمواجهة العثمانيين و مروراً بالعام 1920 حيث ركل غورو قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاًله في تحد : ها قد جئنا يا صلاح الدين !،لم يكن صادقاً مع الشعوب ، مفنداً بذلك كل سلوك، و وعود الغرب , بل و يركز على هذا القائد الاستثنائي , الذي أسس لشخصية لا عربية , و لا كردية , بل هي صورة اسلامية , أرقى , من خلال وجهة نظره , و يذكر ان كل أبناء الشعب السوري , رفضوا خطة فرنسا في تقسيم سوريا إلى خمس دول طائفية , رافضين الولاء الطائفي، أو العرقي , و هم بهذا شركاء في هذا البلد , و هم مؤسسو وحدته عبر التاريخ ...
و يرى ان صدام حسين لم ينزل القتل في الكرد وحدهم، فحسب , بل ان اجرامه دفعه لارتكاب حرب إبادة بحق العرب , و على نحو مضاعف , كي يخلص أخيراً إلى أن الكرد ( أكثر الناس وعياً بحقيقة الخصوصية السورية الوطنية التي لم تفرق بين أي فئة من فئات الشعب , و الأكراد، تحديداً، كانوا دائماً وطنيين , ومن هذا المنطلق كان حب السوريين للأكراد، لدرجة أن سوريا كادت تجر لحرب مع إحدى جاراتها من أجلهم ).وهي شهادة مهمة تأتي كأكبر رد على المتخرصين والمصطادين في الماء العكر ،ممن وجدو ضالتهم في أحداث 12آذار ،كي ينفثوا مافي أرواحهم من قيوح وسموم مزمنة لتخوين الكردي،الذي لاتوجداية شائبة في سجله الوطني ،رغم محاولات تنفيره اليائسة في العقودالأخيرة. .
تحتوي كافة الاشارات في مقال الكاتب السوري - سليم عبود - وهو كادر بارز في حزب البعث العربي الاشتراكي - و عضو قيادة فرع اللاذقية -بخصوص الأكراد في سوريا , على موقف , إنساني، رائع، من أبناء الوطن , و هي نتاج رؤى موضوعية , و تجاوز للخبز و الملح المتبادل الذي لا ينساه الكردي ,و لا ينساه هو الذي عاش مع الأكراد , على مقربة تامة -,صوب استحضار ارث ضريبة الدم المشترك ، و لم تزل تلك الأواصر قائمة , وهو بالتالي، موقف مختلف عن الموقف الذي سمعته شخصياً في المؤتمر السنوي لنقابة معلمي القامشلي , من عضو قيادة فرع حزب البعث العربي الاشتراكي - مدلول الشاهر - و الذي راح , بعكس التوجهات والتوجيهات الخيرة لاطفاء فتيل الفتنةالقذرة , يتحدث بلغة أقل ما يمكن أن توصف بها، هي صب الزيت على النار , و تحوير مجمل ما تم , ولا أريد الاشارة إلى جملة اتهاماته اللاواقعية ،وهوالذي كان في- الحسكة- ساعة ايقاظ الفتنة ، وجاء يشرح سيرها وأبعادها لأبناء قامشلي !!، ناهيك عن عدم منح المؤتمرين - و أنا منهم - المجال للحوار , على اعتباره كان آخر المتحدثين , و اعتذاره مني، و من ممثل الحزب الشيوعي السوري- الذي تقدم معي( باتجاهه، عندما طلبت منه منحنا بعضاً من الوقت، لتقديم بعض الحقائق ،حول مجمل ما قال !!.
و هنا , عندما أتحدث عن مقال سليم عبود - و هو نفسه من موقع قيادي في هذا الحزب , ولكنه متجاوز لأية عقدة استعلائية تجاه الكردي , كما يظهر - من خلال الروح الوطنية العالية - التي تدفعه لابراز نقاط الالتقاء الوطنية بين الكردي و سواه , ضمن الخريطة , التي تطفح برائحة الكردي , في .مكان تواجده , كما تطفح تماماً برائحة سواه.، حيث هو الآخر، أيضاً , بل ان ضريبة الدم الكردية، لا تتوقف البتة عند اسهام الأكراد في صنع الجلاء , و تأسيس سوريا المعاصرة , بل ان تاريخ ضريبة الدم الكردية يتجاوز مرحلة تأسيس سوريا , إلى مئات السنين , ضمن حرم الدولة الإسلامية , أثناء مرحلة الناصر صلاح الدين في أقل تقدير ...! .
و حقيقة، اننا نقع على مواقف الكثير من امثال الكاتب سليم عبود , ممن يعود اليهم الفضل في كسر حدة الخطاب الوعيدوي، المزمجر، الذي بدأ به بعضهم لمواجهة ذيول الفتنة , التي التزم الأكراد من جهتهم - بوعد حركتهم السياسية - و أطفؤوها ,وذلك قبل عسكرة المدينة , و الإقدام على الاعتقال الاعتباطي ومن خلال : الإسم و اللغة - أثناء مطاردة كل كردي , مع ان جميعنا يدرك ان من مصلحة ( بعضهم ) و في مواقع القرار، أن تستمر الأمور على النحو الذي بدأته , بسبب موقف خاص بها من الأكراد ، بل توجيه الضربةإلى كبد حالة الاستقرار الموجودة , و هي ممارسة مكشوفة , واضحة , أمام أمثال الكاتب سليم عبود , و طيب تيزيني -بل وكامل التيار الذي يمثلانه ضمن حزب البعث العربي الاشتراكي .
ولا يمكن أن تفوت هؤلاء ، الذين استشعروها بأحاسيس وطنية، نبيلة ، لا بد من العمل لخلق آلية التطوير، ورفع وتيرة العمل الوطني في هذا الميدان !.
و إذا كنت - مرة أخرى - اريد الحديث في جانب مهم , فهو أن مصلحة الكردي في سوريا مرتبطة تماماً مع شركائه في الخريطة , تحديداً , و ان كانت العقود الماضية - برمتها - لم تظهر أي تفهم يعتد به من قبلهم، لحل جملة مطالب الكردي , ضمن الحالة الوطنية العامة , و هي حالة استطاعت الحركة السياسية الكردية في سوريا صياغتها , كي تكون مطالب واقعية , في انتظار حلها ضمن البيت الداخلي .
و إذا كانت هناك - لجنة أمنية - رفيعة المستوى , من حيث المسؤولية ,تتابع الامور على طريقتها ، فانني أعتقد انها مطالبة بالالتقاء بالمواطن العادي , الشاهد العيان على ما جرى , بعيداًعن الغاء دور السياسي , و المثقف , لا التوجه إلى - الرمز العشائري - و احياء رميمه , ضمن لعبة خطيرة للعودة إلى الوراء , و الحط من دور طليعته , رغم اننا تلمسنا ضميراً حياً عند أولئك الرموز الأكراد , و هذا مؤشر مهم، حول تقويم علاقة الحركة السياسية الوطنية الكردية بالاوساط التي تعمل ضمنها , و من أجلها .....،في ظل صحوة الأحداث الأخيرة .
أجل , هي ذي الفتنة انطفأت , و نحن جميعاً أمام الخطوة التالية , التي لا تناسبها مظاهر الاستعراض المقيت , و الاعتقال , و العنف , و التي من شأنها أن تضاعف حالة الاحساس بالقهر و الاحتقان لدى الكردي، و التي اعطت نتائج مؤلمة ,كارثية ، كما رأينا جميعاً , و بعكس ما نحن أحوج إليه،وفي هذه اللحظة الخطيرة- ومن مفهوم وطني محض ، ازاء ضرورة معالجة حكيمة , عاقلة , لأسباب هذه الفتنة , دون الالتفاف عليها , بل مواجهتها , وهي إجابة عن أسئلة الكردي الملحة،والوطنية، , ضمن البيت الوطني , ناهيك عن إنصافه، في مواجهة جملة الممارسات الأخيرة التي مورست ضده في الأصل , و التي يعد بقاءالسيد محافظ الحسكة - حتى الآن - على رأس عمله , استفزازاً صارخاً ......... له .......!
و لعل رأس الحكمة الصائبة تقتضي , و قبل أي شيء , المعالجة الفورية لهاتيك الاشكالات , مجتمعةً , كي يتنفس الكردي في سوريا الصعداء , و يعود للانخراط لممارسة دوره الوطني الذي انماز به على مر الدهور ، وهو ماينتظره كل وطني شريف ،غيور على مصلحة الوطن ..لامصلحته الضيقة ..فقط .
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟