جاسم الحلفي
الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 09:49
المحور:
الادارة و الاقتصاد
لم يكن خبرا غريبا ما سمعناه هذه الأيام عن اكتشاف أكثر من 400 طن من الرز واللحوم والألبان الفاسدة في ناحية غماس رغم حجم الجريمة وبشاعتها. وبالمقابل فان ما يثير الانتباه هو ان الحكومة لم تكشف لحد هذه اللحظة اللثام عن جوه منفذيها، كما تفعل حينما تلقى القبض على عصابات الإرهاب، وكأن محاولة إطعام العراقيين كل هذه السموم هي اقل خطرا من فعل المفخخات.
لم يتمكن المفسدون هذه المرة من ترويج تلك المواد الغذائية، غير الصالحة للاستهلاك البشري في الأسواق، بعد إعادة تعليبها، وتزوير تواريخ إنتاجها. ولا يبدو ان هذا الخبر، رغم فداحته، هو آخر أخبار الفساد، فهذا له وجوه كثيرة ومستويات عديدة وطرق متنوعة، وله سياسات وحماة، كما له حمايات. إضافة الى أن المفسدين ليسوا من الصغار فقط بل هناك الكبار، الذين لهم حصة من المحاصصات.
تتسع مساحة النشر الإعلامي عن قضايا الفساد هذه الأيام أكثر من قضايا الإرهاب، رغم تصاعد العلميات الإرهابية مؤخرا، بعد تراجعها منذ فترة غير قليلة. ويبدو ان الجهد السياسي والعسكري وسياسة المصالحة، واشتراك المواطنين في مكافحة الارهاب، والتحسن الملموس في علاقات العراق الإقليمية كان لها لها دور في تحسن الوضع الأمني، فيما بقى ملف الفساد مفتوحا دون الإقدام على إصدار تشريعات واضحة او اتخاذ إجراءات رادعة.
يدور الحديث اليوم عن فخامة حجم ملفات الفساد، أما انتشاره واتساعه فقد أصبح مخيفا، بعد ان تمترس بمؤسسات الدولة وتهيكل فيها، وهنا تكمن خطورته. والمشكلة ان المواطن يبحث عن دور في مكافحة هذه آلافه الخطيرة، لكن ليس هناك من يشجعه على هذه المساهمة التي بدونها لا يمكن الحديث عن محاربة الفساد فعليا، كما لا يمكن الادعاء ان الإرهاب تقلص دون دور المواطنين وفعلهم.
لم تبدأ بعد معركة مكافحة الفساد والمفسدين رغم التصريحات باقتراب موعد خوضها. ربما يكون عدم استشعار المسؤولين لخطورتها الانية على حياة المواطن وعلى إعادة إعمار العراق هو الذي يقف حائلا دون البدء فيها فورا. لكن أليس هناك من تصور لحجم الجريمة حين تصل الى غذاء المواطن؟ . فالفساد اليوم لا يعني فقط رشاوى تمرر وعمولات وأتعاب غير رسمية يحصل عليها شقيق هذا المسؤول او المقرب اليه، كما يتداوله المواطنون، وبالأسماء والأماكن والصفقات. ويتندرون على إخفاق البرلمان العراقي، منذ تشكيله في استجواب وزير واحد، رغم الاتهامات التي نسمع بها يوميا عن تورط هذا الوزير او ذاك في قضايا الفساد. ويبدو ان للفساد محاصصة تحميه، ولكن من يحمي المواطن من غول الفساد والمفسدين؟.
#جاسم_الحلفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟