|
حزب العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(2)
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 09:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بالتأكيد أن الإشكال الذي يثيره حزب العدالة والتنمية ويواجهه في نفس الوقت يتعلق أساسا بمدى الانسجام بين الشعار والممارسة . ففي اللقاء المفتوح الذي أطره الأمين العام الأستاذ بنكيران في طنجة بدعوة من شبيبة الحزب ، ركز على أن ( المطلوب هو إعادة الثقة إلى المواطن في الشأن السياسي والممارسة السياسية من خلال رجال صادقين يحملون مشعل الإصلاح والتغيير المنشود ، وأن حزب العدالة والتنمية صار يشكل بارقة الأمل للمغاربة من خلال ما تبين من صلاح القائمين عليه ووضوح برامجه وآليات اشتغاله ) . والتركيز على مسألة "صلاح" الأعضاء من أجل "إصلاح المجتمع" ومحاربة الفساد قضية لا يترك قادة الحزب ومناضلوه مناسبة إلا "بشروا" بها كما لو أن الصلاح والإصلاح باتا حكرا على هذا الحزب بينما غيره ينخره الفساد . بل إن حركة التوحيد والإصلاح التي تجعل "الإصلاح" اسما وشعارا لها تعتبره أساس التحالف مع الحزب وشرط استمراره كما جاء في حوار مع الأستاذ الحمداوي ، رئيس الحركة ( شروط استمرار العلاقة مع الحزب حددناها في ثلاثة: أن يكون رائدا في مجاله، أن يكون مصطحبا للبعد الدعوي و أن يكون مصطحبا للبعد التربوي. لذلك ما دام الحزب يشتغل على مقاومة الفساد، ويعمل على تخليق الحياة السياسية والحياة العامة، ويناضل من أجل الإصلاح، وما دام مشروعنا هو إصلاح المجتمع، فنحن نلتقي معه على هذا الأساس الذي يبقي على استمرار هذه الشراكة ). إن مثل هذه المزاعم والشعارات التي يروجها أطر وأعضاء الحركة والحزب لا يمكنها أبدا أن تخدم الديمقراطية أو تحقق الإصلاح الذي ينشده المواطنون . إذ الإصلاح لا يتحقق أبدا بالاكتفاء برفع شعار أو إضفاء مسحة النزاهة على إطار سياسي بعينه ، وإنما بالترجمة الفعلية والعمل الملموس الذي يجسد قيم الحزب وقناعاته . وأما المراهنة على ادعاء النزاهة دون إقرانه بالعمل الجاد والمتواصل لهو أشد المعوقات نحو الديمقراطية . إلا أن حزب العدالة والتنمية لا يكتفي باحتكار "الصلاح" والدين "السليم" ، وإنما بات على لسان أمينه العام القوة الرئيسية إن لم تكن الوحيدة القادرة على تحقيق نقلة نوعية نحو الديمقراطية ( هو الخيار الوحيد والأوحد لإحداث التوازن المطلوب والهادف إلى بناء مغرب الديمقراطية ) . فهل فعلا ينسجم الحزب مع ما يرفعه من شعارات حول الديمقراطية ؟ إن الوقائع أدناه تظل خير شاهد على غياب الديمقراطية الداخلية ، سواء في انتخاب الهياكل التنظيمية للحزب أو تدبير أنشطته . وأهمية هذه الوقائع أنها صادرة عن أعضاء من الحزب لهم مسئوليات تنظيمية داخل الحزب أو في قطاعاته الموازية ، ومن ثمة فهي تأتي وفق مبدأ " وشهد شاهد من أهلها" . 2 ـ بخصوص ادعاء الديمقراطية وخرق قواعدها ، فقد جاءت الاستقالات الفردية والجماعية من مختلف المدن المغربية مستنكرة ، من جهة ، غياب الديمقراطية ، ومن جهة ثانية هيمنة حركة التوحيد والإصلاح على الحزب والنقابة معا ، وهو السبب الذي ترتبت عنه مثلا استقالة محمد السندي وأعضاء 8 مكاتب نقابية بطنجة من الحزب ومن المركزية النقابية التابعة له ، وكذلك استقالات سابقة بعدد من المدن المغربية وفي مقدمتها مدينة صفرو التي استقبل فيها أعضاء حزب العدالة والتنمية بالتنديد ورددوا شعرات مناوئة للسيد بنكيران . ونفس المعاناة مع غياب الديمقراطية حرضت مثلا 13 عضو من فرع أحد السوالم الذين قدموا استقالتهم من الحزب ، في فبراير 2009 وعللوا استقالتهم بالتالي ( فأية ديمقراطية هاته التي تخول لفئة معينة من أعضاء حركة التوحيد والإصلاح حق الترشح لعضوية هياكل الحزب ، وأية ديمقراطية تلك التي تمنح الاستثناء ، ضدا على قوانين الحزب "المقدسة" ، لفئة دون أخرى من أجل التصويت والتصفيق ، لا غير ، لفئة تهيمن على مجريات الأمور بحجة الأقدمية والقوانين التنظيمية .. فعندما فكرنا في الارتباط بحزب العدالة والتنمية كان ذلك على أساس أنه فضاء للديمقراطية ومفتوح أمام الجميع وليس حكرا على فئة معينة تنتمي إلى جهة معينة تمارس الحجر وتتذرع بأشياء واهية من أجل الإقصاء المنهجي والاستبداد بزمام الأمور.. وإننا نرفض رفضا مطلقا الانصياع لفئة تحتفظ لنفسها بصفات الفضيلة والاستقامة والصلاح من أجل استبلاد النخبة السياسية والهيمنة عليها ) . وهو السبب ذاته الذي حرض أعضاء نقابة "الجامعة الوطنية للإسكان والتعمير" التابعة للحزب على الاستقالة حيث أكد الكاتب العام للنقابة لجريدة الصباح (19/3/2009) أن من بين الأسباب الرئيسية للاستقالة "الإقصاء الممنهج للأعضاء غير المنتمين إلى الحركة الدعوية (التوحيد والإصلاح) وأن عددا من الأعضاء بدؤوا ـ منذ 2003 ـ يشعرون بالمضايقات وأنه تمت مقاطعة الانتخابات في السنة نفسها بسبب عدم إدراج"الدعويين" على رأس اللائحة ، وهو ما حرم النقابة من مقعد على الأقل . إن الاستقالة بسبب غياب الديمقراطية وتدخل حركة التوحيد والإصلاح في شؤون الحزب واختيار أعضاء الهياكل التنظيمية على المستوى المحلي والإقليمي ، لم يثرها شخص واحد أو أعضاء بفرع محدد ، بل هي قضية مشتركة لم يستطع كثير من الأعضاء الاستمرار في التواطؤ بشأن التكتم عليها فجاءت احتجاجاتهم على شكل استقالات فردية وجماعية كلها تضع هيمنة الحركة على الحزب في مقدمة دواعي الاستقالة في كثير من المدن المغربية . طبعا لم تصدر هذه الاستقالات عن أفراد عاديين أو مناضلين بسطاء في الترتيب والعضوية ، بل صدرت عن أعضاء مسئولين تنظيميا وسياسيا كما هو حال السيد أحمد بن احميدة العضو النشيط بالحزب ومستشار بالمجلس البلدي لمكناس . وكان من المفروض في الحزب أن يدرس هذه الاستقالات وأسبابها لإعادة ضبط العلاقة مع حركة التوحيد والإصلاح ، وفق ما تنص عليه أطروحة المؤتمر السادس للحزب . لكن هيمنة الحركة إيديولوجيا وتنظيميا لن تسمح بهذا ، بقدر ما تدفع إلى توجيه الاتهام إلى الأطراف المنافسة كما جاء على لسان الأمين العام للحزب الذي اعتبر الاستقالات ( باتت مادة أساسية لحملة مغرضة موجهة ضد الحزب خدمة لجهات تسعى في أفق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة إلى إضعافه والتشويش على مسيرته الديمقراطية الناجحة) . وما ينبغي التنبيه إليه هو أن الشأن الحزبي شأن عام يحق لكل المواطنين الاهتمام به وانتقاد أدائه التنظيمي والسياسي باعتباره الأداة التي يتم عبرها تسيير شئونهم المحلية والوطنية .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العدالة والتنمية أية مصداقية ؟(1)
-
إبداعات فقهية لتكريس شقاء المرأة واستغلالها.
-
لتكن إجراءات الدولة شاملة ومستمرة .
-
ما أعجز الحكومة عن التخفيف من معاناة المنكوبين !!!
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(4)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(3)
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(2)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
هل سينخرط الاتحاد الاشتراكي في إستراتيجية تطويق النظام ؟(1)
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الحكومة تستعجل الانفجار الاجتماعي .
-
ثقافة تبضيع المرأة ونخاستها .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
الثورة الهادئة وجرأة التغيير السلس .
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة(2) .
-
المرأة أولى ضحايا ثقافة الأزمة والبدونة (1).
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
-
أية آفاق أمام إعلان حزب العدالة والتنمية عن الفصل بين الديني
...
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|