|
ماذا لوسمح المالكي لحزب البعث مزاولة نشاطه السياسي ...؟؟
علي الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 09:29
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
سؤالي هذا قد يثير تساؤلات أخرى لا نجد إجابة لها إلا في تفسير مفهوم السيد المالكي لمصالحته الوطنية ، تلك المصالحة التي يبشر بها منذ أصبح رئيسا لحكومة الوحدة الوطنية. ومع انه لم يعلن عن الأطراف التي يحاول جمعها تحت خيمة المصالحة ، إلا أن المهتمين بالشأن الوطني الملمين بأبعاد الأزمة السياسية في البلاد يستطيعون تفسير نوايا السيد المالكي ومعرفة عناوين صناديق البريد التي تسلمت دعواته للتصالح. قد لا يختلف اثنان على أن النار التي تشتعل بالبيت العراقي منذ 2003 لم تشتعل قضاءا وقدرا ، لقد كان وراءها أولئك الذين فقدوا السلطة والنفوذ والامتيازات. ومهما تعددت أسماء ومسميات المجموعات التي ادعت مقاومة الاحتلال باسم الوطنية والقومية والدين والمذهب ، فإنها أطراف هلامية لأخطبوط وحيد الرأس. وقد ظهر بما لا يقبل الشك أن تلك الأطراف كانت وما تزال مستعدة للجلوس مع الأمريكان إذا ما كفوا عن استهدافهم ومنحوا بعض الامتيازات التي فقدوها ، وفي المقدمة منهم قيادات حزب البعث العربي الاشتراكي بكل أجنحته وشخصياته مدنيين كانوا أو عسكريين .
والسؤال الذي أطرحه هنا ، إذا لم تكن المصالحة مع حزب البعث فمع من تكون إذن؟ لا أظن أن ما يسعى إليه المالكي هي المصالحة مع المهدي المقتدى القابع في " أبرشية قم " ، أو مع الجماعات التي انشقت عن حزبه في فترة سابقة وهي مشاركة في العملية السياسية والأرزاق التي تهبط عليها من السماء بسخاء ، و لو كان النبي سليمان حيا لما سمح لهم بحيازة الكنوز التي ربما يدعي بأحقيته بها. ولا أظن أن المالكي يقصد المصالحة مع السيد البرزاني ، فهذا الأخير يكرر دائما أنه صديق قريب من المالكي ويلتقي الاثنان غالبا بالأحضان.
إن المصالحة المطلوبة عراقيا إذن هي مع حزب البعث ، فهذا الحزب من منظور سكان المناطق التي أعلنت احتضانها لما يسمى بمقاومة المحتل ، هو ممثلها الشرعي والوحيد ، وهذا ما أثبتته التجربة بعد دخول جبهة التوافق العراقية في العملية السياسية التي لم تغير قيد أنملة من واقع الاحتقان السائد في صفوف جماهير تلك المناطق التي سميت بالساخنة. وما كانت تتوقعه قوى الائتلاف الشيعية بالقضاء على العنف والتخريب بمجرد مشاركة جبهة التوافق لها في إدارة شئون العراق كان مجرد وهم ومضيعة للوقت.
فجبهة التوافق التي ضمت الحزب الإسلامي ومجلس الحوار وجبهة الحوار وجماعة أهل العراق لم تفعل شيئا لوقف العنف بل كانت الراعية له عمليا ، فكيف لها أن تسعى لوقفه ، والدليل على ذلك تورط أشخاص محسوبين على جبهة التوافق بأنشطة إرهابية جسيمة منهم وفي مقدمتهم أبناء وأقرباء عدنان الدليمي ، وعضو البرلمان عن الجبهة الهارب من وجه العدالة عبد الرحمن الجنابي ، ووزير التربية السابق الهارب ايضا أبن أخت السيد طارق الهاشمي رئيس الحزب الإسلامي ، وأخيرا وليس آخرا عضو البرلمان محمد الدايني . أن قيادات محددة من حزب البعث ليست بالضرورة مدعومة جماهيريا تعتبر الحاضنة الأم لكل الجماعات بمسمياتها المختلفة التي ترفع السلاح ضد رجال الجيش والشرطة والمدنيين العزل من العراقيين ، وهم وراء تدمير البنية التحتية وتخريب الاقتصاد وتعطيل عمليات إعادة البناء في البلاد. أعتقد أن السيد المالكي قد أدرك من خلال تجربته في العمل مع أطراف جبهة التوافق العراقية أنه من الأفضل له وللعراق أن يتجاوز وساطة الجبهة التي لا حول لها ولا قوة ، ويتحدث مباشرة إلى تلك القيادات وجها لوجه وبصراحة كاملة. وإذا ما تمكن المالكي أن يعقد صفقة سياسية من دون مساومة على دماء العراقيين وحقوق ضحايا الحقبة الصدامية ، فأنه قد ينجح في تحقيق المصالحة الوطنية على أسس رصينة ، تتعهد بموجبه الأطراف السياسية كافة بالنشاط السياسي السلمي ومزاولة كافة الحقوق الديمقراطية التي كفلها دستور البلاد أسوة ببقية الأحزاب السياسية العاملة في الساحة العراقية. حيث ستتاح لهم الفرصة للمشاركة في الانتخابات العامة القادمة التي ستقرر جماهير الشعب خلالها قبولهم أو رفضهم. واعتقد أنه بذلك يسحب البساط من تحت أقدام القيادات الضالعة في الجريمة الملوثة أياديها بدماء العراقيين الأبرياء والتي تتلقى الدعم من جهات مشبوهة داخل وخارج البلاد. إن التسريبات الصحفية عن نية المالكي للتفاوض مع حزب البعث وبيانات النفي الرافضة لا يجب أن توقف محاولات السيد المالكي لمحاصرة العنف في عقر داره من أجل تصفية الأجواء السياسية التي ما زالت التوترات تعصف بها ، إضافة إلى هشاشة المكاسب التي تحققت رغم مضي ستة سنوات على إطاحة النظام السابق.
إن حزب البعث العربي الاشتراكي رغبنا أم أبينا هو حزب سياسي له امتداداته في صفوف الطبقات الشعبية كافة والطبقة المتوسطة بشكل خاص. وأن خروجه من تحت الأرض ونبذه للعمل السري ، يجعله وجها لوجه مع الجماهير التي هي في نهاية المطاف من يمنحه الديمومة والحياة. إن الطبقة المتوسطة في عهد النظام السابق كانت ساحة عمله ومصدر كادره الرئيسي ، حيث شكلت في الوقت نفسه مخزونا متنوعا ومهما للكفاءات التي تحتاجها أي حكومة وطنية جادة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في عراق ما بعد صدام. ولا يجب أن يغيب عن البال أن تلك الفئة من الشعب لم تكن ملكية خاصة لقيادة ذلك الحزب ، فالغالبية من أصحاب الكفاءات التي نتحدث عنها لم تكن لها يد بما ارتكب في الحقبة الصدامية من آثام ، بل على العكس أن أكثريتها كانت مهمشة تماما ومع ذلك أدت واجباتها المهنية بنزاهة وإخلاص. وهي بذلك قد قامت بواجبها الوطني في خدمة شعبها في أحلك ظروف الحصار والحروب والإرهاب والتسلط والشك. ولكن هل ستتقبل جماهير الشعب العراقي حزبا أرتبط عضويا بحقبة حكم صدام الدموية التي جلبت لتلك الجماهير عذابات لا تحصى مع أن أقلية منه من قام بذلك ، في حين لم تقترن تلك الحقبة بأي منافع يمكن أن تتذكرها لتقرأ الفاتحة على روح الذين قاموا بها. إن ذاكرة الشعب مثقلة بالأحزان والقسوة والتمييز والتهميش والتجاهل والاستخفاف بالحقوق الإنسانية والشرائع السماوية. لكن المصلحة الوطنية تظل هي الأعلى ، وتكمن في ضرورة تحقيق السلام الأهلي الذي بدونه لا يتحقق البناء والازدهار ، وهذا يتطلب منح الفرصة للراغبين حقا بخدمة وطنهم وتشجيعهم على العطاء من اجل مستقبل واعد للعراقيين كافة. علي ألأسدي البصرة 31 / 3 / 2009
#علي_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على ضوء قمة 20 في لندن/ الرأسمالية لم تعد تجدي... نريد المسا
...
-
شوكت خزندار وآهاته على.... ما تبقى من حزب فهد...؛؛ الجزء الث
...
-
شوكت خزندار وآهاته على ... ما تبقى من حزب فهد...؛؛
-
أراء حول مقال : ماذا تبقى من حزب فهد ؟
-
ليكن الثامن من آذار...يوما لإنصاف المرأة الريفية العراقية...
...
-
هل فقد السيد البرزاني البوصلة ..أم أضاع الطريق...؟؟
-
جبهة التوافق تتشبث- بالمحاصصة - تشبث الهندوس بمياه نهر السند
...
-
التجارة بأصوات الناخبين دليل آخر على فشل تجارة الطائفية...؛؛
-
هل يفوز بالجنة من ينتخب ذوي الأكف البيضاء...؟؟
-
ذكريات عائد إلى بغداد 1943 - 2003
-
غزة .....؛؛؛
-
هل ينتخب البرلمان العراقي..السيد حميد مجيد رئيسا له...؟
-
يطالبوننا بشد الأحزمة ...بينما يرخون أحزمتهم إلى أقصاها...؛؛
-
الأحزاب الدينية ...تحتكرالدين والسلطة والمال ومفاتيح الجنة..
...
-
هل يعلن عن - المنطقة الخضراء - ... إقليما وفق دستورنا الاتحا
...
-
هل يختارالأكراد عربيا...رئيسا لكوردستان ...؟؟
-
تجار السياسة المبتذلون...يدفعون بالعراق إلى الجحيم ...؛؛
-
أوباما...الصورة أم الأصل..؟؟
-
ثورة أكتوبر ... وجوزيف ستالين..؛؛
-
أراء في تعديلات الحزب الشيوعي العراقي على الاتفاقية الأمنية
...
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|