|
أوجه من مثالب القضاء في العراق قديماً وحديثاً..!
كريم الشريفي
الحوار المتمدن-العدد: 2605 - 2009 / 4 / 3 - 08:16
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
يقول المعّري :
أفسق ولطْ وأشرب وقامر وأحتججْ ... في كل مسألة بقول إمام!!
القضاء هو اصطلاح يحتاج الى تفسير رغم وضوح مفهومه، لكن من المعروف ضمناً ان هذا التفسير هو يعني البت في قضايا الناس ومعاملاتهم والنظر في تظلماتهم، وردّ الحقوق للذين لحق بهم حيّف أو ظلم. وبالتالي يعني القضاء بسط العدل بين الناس بغض النظر من مراكزهم أو مواقعهم الأجتماعية. جرت العادة على أن يتم أختيار القضاة من الأشخاص الذين يتوسمهم المجتمع بصفات وشروط يفتقر لها الأخرين العاديين: منها العدل، الأعلمية بحيثيات الحكم الراشد،الزهد ،الورع ،الدراية،الفطنة،اليّد النظيفة،السمّو على الرغبات الزائلة.. الخ..هذه هي من أهم شروط القاضي النزيه اضافة الى الإلمام بالمعرفة اللأزمة لهذه المهنة ..وإذا اخّل القاضي بأي من هذه الشروط يصبح مجحفاً وبالتالي يتحول الى سوط ،وجلاد، ومفتري ،ومرتشي ،وقاتل أحياناً كما في الأمثلة التي سنوردها في هذه المقالة..فالقاضي الذي لايحكم بالعدل يساهم بتهديم المجتمع وتقوض بنائه . هنا علينا أن نورد مثالب القضاء قديماً والتعامل بشكل فوضوي مع حقوق الناس بالخروج عن النصوص التي اكدها الله ودونها الرسول في سنّتهِ كتابةً وممارسةً.لكن للأسف البعض من القضاة يقضون حسب اهوائهم وأهواء من يدفع لهم. أو من أجل حظوة في مجلس سلطان، أو حاشية خليفة . ان مثل هؤلاء القضاة يفتقرون الى أبسط شروط القضاء وهم للأسف نقولها ثانيةً كُثرفي تأريخنا . بهذه الطريقة يكون القاضي أكثر إجحافاً عندما (يجتهد) في حكم متحامل على أبناء بلده المتكونّ من طوائف متعددة ومتباينة، ومنهم من ينتمي الى ملّل ونحّل كثيرة تعيش في نفس البلد الذي يقضي به القاضي .رغم ان السنّة النبوية أطّرتْ حقوق الآخرين وحرصت على ممارسة الحريات للجميع ،بغض النظر عن انتمائهم الديني أو القومي أو العرقي . وهذا أكدته النصوص السماوية التي لاتقبل الجدل ولا يمكن الطعن فيها على الأطلاق.لاسيما ان مسألة بسط العدل بين الرعية ومراعاة العهود والمواثيق والأستشهاد بالقرائن التي كان يمارسها الرسول (ص) تعتبر نبراساً لسلوك القضاة للحكم بين الرعية بالعدل.لكن يقع الكثير من الظلم من قبل قضاة لا يكترثون للحيف إذ اوقع على برئ ،والحكم على انسان مجرد الشبهة ،والأتهام بدون أدلة. البعض من القضاة فعلاً كان مرتشياً لغرض اذلال برئ يسجّن بلا تهمة، أو ادانة بدون أدلة كافية . في هذه الحالة يكون القاضي تحت تأثير المحسوبية أو بتأثير أغواء غانية أو بائعة هوى ليصدر سجناً طويلا ضّد برئ لأرضاء خليلته أو عشيقته وهذا يحدث الأن كثيراً ولدينا شواهد للأسف وسنوردها !! هنا نريد أن نورد أمثلة أولاً من القديم: أولاً/ فتوى قاضي بغداد أبي سعيد الحسن بن زيد الأصطخري أيام الخليفة القاهر بالله العباسي الذي أفتى بقتل الصابئة لأنهم يخالفون اليهود والنصارى بعبادتهم للكواكب وبالتالي حرض الخليفة على قتلهم .لكن عندما عرفوا هذه الفتوى المهلكة ستقضي عليهم قرروا بجمع مالاً كثيراً ووفيراً ثم اعطوه للقاضي فرجع القاضي عن الفتوى بتخريجة فقهية .. وهذه رشوى لاتقبل الرّد التي نهى عنها الرسول (ص) قائلاً لعنة الله على الراشي والمرتشي.نحن نسأل أين صدق هذا القاضي الذي كان من قاضاة بغداد في عصره وكان معروف بفقيه العراق؟ ثانياً/ في زمن الخليفة القاهربالله العباسي نفسه استفتى أحد القضاة الشوافعة في وضع الصابئة ..فأفتاه بأراقة دمائهم ،وان لاتقبل منهم الجزيّة ، فلما سمعو الصابئة ذلك الأمر هبّوا لجمع مبلغ 5000 دينار فأمسك عنهم . وهم اليوم لا يدفعون الجزيّة بعد تلك الرشوة. كما ان مؤسس الشافعية قال في باب الجزية ((الصابئة والسامرة يؤخذ من جميعهم الجزية ،ولا تؤخذ من أهل الأوثان. وهنا الأثنين من القضاة خالفوا قول الله تعالى في صورة البقرة آية 162بقوله (( إن اللذين آمنوا واللذين هادوا والنصارة والصابئيين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون)).ثالثاً/ وشاية القاضي عمر بن عبيد المعتزلي بعد أن طلب منه المنصور بأن يتولى الفقيه أبو حنيفة القضاء ..فرفض أبا حنيفة هذا العرض .عندها أمر الخليفة المنصور على عمر بي عبيد الأحتيال لغرض قتل أبو حنيفة عن طريق رسالة مزورة أدعى فيها عمر بن عبيد على انها من ابراهيم بن عبدالله بن الحسن عندما قام بالثورة على المنصور وأدعى ان هذه الرسالة هي تأييد لثورة ابراهيم من أبا حنيفة . فعدمه المنصور عن طريق تزوير قاضيه سقياً بالسم مع شربة عسل . وهذا نوع آخرمن القاضاة المزوّرين والواشين! رابعاً/ كان هارون الرشيد مهموماً ، لايعرف مخرجاً لفعلة إبنه .. فأمر بأستدعاء القاضي أبو يوسف ابراهيم الأنصاري ليخلصه من ورطته ..اغدق عليه الدنانير الوفيرة وأمر له بدار مجاورة لقصره قبل أن يعرف القاضي الغرض ، لكنه استنتج بفراسته بأن الخليفة استدعاه لأمر مهم . قال الرشيد له إن أحد أولادي مسجون بتهمة الزناء وينتطر الحّد ويعزّ عليّ أن أرى ابني يُجلد ، لذلك أحتاج لك لتسهيل الأمر..سأله الرشيد ما تقول برجل يزني امام شاهد .. هل يقوم عليه الحّد؟ عرف أبو يوسف القصد من الهبات والدار ثم قال للرشيد ((لا يجب ذلك الحدّ))! شكره الرشيد , ولكن سأله كيف يكون ذلك شخص يزني ولا يقام عليه الحّد؟ قال أبو يوسف لأن النبي (ص) قال ادرؤوا الحدود بالشبهات، وهذه شبهة يسقط الحّد معها . فقال الرشيد وأي شبهة مع المعاينة ؟ قال أبو يوسف (( ليست توجب المعاينة .. أكثر من العلم بما جرى)) والحكم في الحدود لايكون بالعلم. لأن الحّد حق الله والأمام مأمور بأقامة الحّد!!! هذه تخريجات القضاة المدفوعة الثمن ..هذه الحيّل الفقهية . لايمكن تجّويز أو تبرير الزنى حتى لو كان الزاني ابن الرشيد لكن نفاق القضاة له شأن آخر ..على أي حال هذا النفاق بعينه والرشوة بنفسها.خامساً/ أن ابا يوسف نفسه معروف بحادثة أكثر ظلماً حيث تجاوز على حقوق الأخرين في فتواه المداهنة بحادث قتل .. المعروف ان المسلم يقتل بالذمّي .. حصل أن قتل مسلماً نصرانيأ في زمن الرشيد وثبت ذلك بشهود. أولياء المقتول طالبوا بالقصاص من القاتل بحقهم وكان ابا يوسف على منصب القضاء ..ووعد أبو يوسف بالقصاص من القاتل لكنه تراجع بعد أن سمع تهديد ذوي القاتل .. فقال لهم: شاهدين عدلين ان صاحبكم كان يؤدي الجزيّة الى أن مات ..فأبطل دمه وأبطل ديّته! وهذه جريمة آخرى يرتكبها حامي حقوق الأخرين وقاضي العدالة! أما في هذا الوطن لنا شواهد بالأرقام والتواريخ وعلى المهتمين بالأمر بكشف الرشا لقضاة أو ما دون القضاة بالدرجة الوظيفية .أما الطامة الكبرى والفساد بالضمائر والسرائر فهو طاغِ عند الكثير من المحاميين المتورطين بهذا الفساد في بغداد تحديداً توجد38 شكوى ضدّ قضاة فقط عام 2009 في وزارة العدل / مجلس القضاة الأعلى والتحقيق مستمر بهذ التجاوزات. أما الشكاواى ضد المحامين والمحاميات بلغت أكثر من شكاوى القضاة أضعافاً .. والغريب أكثرها احتيال ونصب واستغفال وتزوير ..ولدينا قوائم بالأسماء والأرقام والوثائق سننشرها تباعاً .لذلك نطلب من هيئة النزاهة، والرقابة في مجلس الوزراء العراقي أن تضع حدّ لهذا التدهور الأخلاقي وأيقافه بعد معاقبة من يثبت عليه التزوير والرشوة والتدليس ، لأن من واجب الدولة ان تحمي مواطنيها من أخطبوطات الظلم والظلمة من بقايا نظام البعث الفاسدين الذين يريدون الأساءة الى العهد الجديد والنّخر بمؤسساته.لان الوطنيين والمهنيين قلائل وعلى المرء ان يذهب ويستطلع المواطنين الذين أعطوا توكيلات لمحامين ثم عليه الحكم بالأمر .. والأغرب ان بعض المحامين يأخذ الأتعاب من خصمي القضية الواحدة بالأتفاق مع زميل السوء له لابتزاز الموكلين .والبعض الأخر يعطيك القرار قبل أن يبت القاضي بالأمر .. وعندما تسأله .. يقول هذا مو شغلك نحن امرتبين الأمر مع القاضي أنه ( بالجيب)! ولدينل شواهد ونماذج..
#كريم_الشريفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
75عام والحزب الشيوعي العراقي لازال يافعاً..
-
قوة اليسار.. رؤية وتفائل ..!
-
(( لكل جديدٍ لذّة ))
-
الوِداع الأخيّر
-
الأتفاقية الأمنية بين موافق... ولا معارض!!
-
مناظرات أم مهاترات...؟
-
ولادة بلا فرح
-
للنبّيذ أوان..
-
شجن الأثير
المزيد.....
-
رئيس البرلمان العربي يتلقى رسالة من البرلمان الأوروبي بشأن د
...
-
RT ترصد عودة النازحين من سوريا
-
المفوضية الأوروبية: دول الاتحاد ملزمة بتنفيذ أوامر اعتقال نت
...
-
بوريل يوجه نداء لجميع أعضاء المجتمع الدولي لاحترام قرارات ال
...
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المربعات السكنية ومرا
...
-
الأونروا.. ظروف البقاء على قيد الحياة تتضاءل في غزة
-
خبير أممي يحذر من استغلال المهاجرين المؤقتين في أستراليا
-
اعتقال ومحاكمة.. هل ضاقت دائرة الحريات على الكتاب بالجزائر؟
...
-
بوريل: ما يجري في قطاع غزة انتهاك صارخ لحقوق الإنسان
-
الاحتلال يطلق النار بكثافة تجاه خيام النازحين بمواصي رفح جنو
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|