|
سوريا أولا نعم .. ولكن أية سوريا حوار مع د عبدالرزاق عيد ( 2 – 2 )
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 2604 - 2009 / 4 / 2 - 09:29
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
ويمضي الكاتب : " إذن ما هي قيمة شعار "سوريا أولا"؟ هذا يعني أن سوريا الخارجة من الزمن الاستعماري، ... تنطلق من ذات الكائن الفرد السوري وليس العربي أو الكردي أو المسلم أو المسيحي : أي مفهوم المواطن المحدد بكيان ملموس اسمه سوريا ... فالدولة السورية كانت تبني دولتها الحديثة التعاقدية الوطنية، وليست العقائدية القومية " انتهى . الدولة السورية المستقلة المعروفة با " الجمهورية العربية السورية " ومنذ قيامها تعتبر دولة عربية عضوة في جامعة الدول العربية لغتها الرسمية تقتصر على العربية لذلك ليس من الجائز لأحد القفز فوق حقائق التاريخ ولن يفلح الكاتب أو غيره اقناعنا بمعرض تعريفه لسوريا القائمة بأنها " أنشئت ككيان وطني مستقل .. تنطلق من ذات الكائن الفرد السوري وليس العربي أو الكردي أو المسلم أو المسيحي .. " وما نجزمه في هذا المقام أن سوريا القائمة ماضيا وحاضرا لم تنشأ من حيث الكيان والدستور والقوانين والعقائد والثقافة والتوجه والانتماء لاكرديا ولامسيحيا ومازالت العاصمة دمشق قلب العروبة النابض في نظر الغالبية العربية ولايسعنا الا احترام مشاعرها ومركز الفتوحات ونشر الدعوة حسب تيارات الاسلام السياسي ومبعث خوف وقلق غير العرب وغير المسلمين مادامت رهينة نظم الاستبداد والأصولية وحتى لو صحت التهمة الطائفية اللاذعة للجماعة الحاكمة التي يطلقها الكاتب بين الحين والآخر وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع تشخيصه فان أحد أسباب هذه الظاهرة الغريبة الرئيسية وبمعزل عن أية تزكية للاستبداد بل بادانتها من أية جهة صدرت يعود الى خوف الأقليات السورية قومية كانت أو دينية أو مذهبية على حاضرها ومستقبلها في ظل دولة خضعت منذ قيامها للمنطق الأحادي ( قوما ودينا ومذهبا ) وانقادت للثقافة الشمولية لتزداد شوفينية وأصولية لا تتجاهل تاريخها ووجودها ولاتضمن حقوقها ولاتحترم معتقداتها فحسب بل تعرضها لكل صنوف الاضطهاد والحرمان والاقصاء والاذلال . وبما يتعلق بمسألة - العقد الاجتماعي أوالتعاقد المشترك – لابد من التساؤل أولا : بين من ومن أبرم تعاقد بناء الدولة السورية الحديثة هذا اذا وجد أصلا مثل ذلك التعاقد كتابة حسب الأصول أو عرفا كالتجربة اللبنانية فكما هومتبع في الدول الديموقراطية الحديثة وحسب تعريف منظري الثورات الأوروبية وخاصة الفرنسية وفقهاء القانون الذين وضعوا صرح دولة العدل والمساواة والعقد الاجتماعي وصولا الى بنود ميثاق هيئة الأمم المتحدة المتعلقة بحق تقرير مصير الشعوب والتقديمات القانونية المستحدثة بعد توقف الحرب الباردة وحيثيات الديموقراطية التوافقية كمبدأ حديث في اعادة بناء الدول - وقد أخذ بها كتجارب وليدة في مشكلة جنوب السودان والقضية الكردية في العراق والمنازعات في لبنان - فان الدولة هي نتاج تعاقد اجتماعي بين طرفين أو أكثر قد تكون طبقات أو مكونات قومية أو أطياف ثقافية أو أديان ومذاهب حسب الواقع الموضوعي لكل بلد وشعب تتفق في ما بينها حول شكل الدولة ودستورها وقوانينها وتحديد حقوق وواجبات المواطن ومسألة توزيع السلطة والثروة بشريا وجغرافيا حسب آليات عادلة وهذا ما لم يحصل على الساحة السورية أبدا من جانب آخر ليس من العدل أبدا أن نبدأ من ما انتهى اليه الوضع الدولتي السوري ونقول للآخر غير العربي وتحديدا الكردي تفضل وشارك كمواطن وليس كمكون قومي في مشهد غير متوازن وميزان مختل فالدولة عربية والشعب العربي الحاكم اجتاز مرحلة التحرر الوطني منذ الاستقلال وينعم في ظل دولته القومية وعلمه القومي ونشيده بغض النظر عن ديموقراطيتها أو استبدادها أما الكردي الذي يفصله عن شريكه العربي المفترض مدة زمنية تساوي عمر الاستقلال فمازال مكبلا غير معترف به وجودا وحقوقا ومستبعدا من المشاركة منذ عقود وحتى الآن ومازال يعيش مرحلة النضال من أجل هويته وحقوقه القومية وازالة القوانين والاجراءات الشوفينية عن كاهله لذلك وبكل وضوح نقول أن البلدان التي تعاني الاستبداد والدكتاتورية من الأنظمة الشمولية لعقود خلت وبلادنا من بينها الى جانب العراق السابق لن تستقيم فيها الأمور " ولن يزرع في صحرائها البرتقال " حسب تعبير الكاتب ولن يحصل التغيير المنشود ولن تظهر دولة المواطنين العادلة التي ينشدها الكاتب وملايين السوريين هكذا بقرار أو بيان أو تمنيات من دون سعي السوريين الى تفكيك نظام الدولة من الأساس واعادة البناء على أسس حديثة والمواطنية الحقة وحسب التعاقد الحر بين المكونات القومية والدينية والمذهبية " التي ستقف على قدميها حينذاك " والتوافق على الدستور والقوانين وشكل نظام الدولة المنشودة وازالة جميع آثار الشوفينية والتمييز والاضطهاد من المجتمع السوري بما في ذلك تعويض المتضررين من أية قومية أو دين أو مذهب كانوا . واذا كان قراءة الماضي السوري وتاريخه السياسي بمنهج موضوعي نقدي شرطا لابد منه ومدخلا سليما وحيدا لمواجهة الحاضر والتأسيس للمستقبل فعلينا جميعا الاعتراف دون تردد بأنه لارواد الاستقلال الأوائل ولا البورجوازية الوطنية ولا حزب البعث الذي يحكم سوريا لأطول فترة ولا اليسار ولا الاسلام السياسي ولا مجموعات وتيارات ومثقفي المعارضة اجتازو الامتحان بنجاح أو وضعوا الاصبع على الجرح وهذا ما يفسر مرارة معاناة السوريين بجنوح نظام الاستبداد نحو المزيد من القمع والتجاهل واقصاء الآخر بديماغوجية وتعامل عدمي جاهلي مع حقائق الجيوسياسيا السورية وتوجه الاسلام السياسي عبر تعليق المعارضة والتناغم الممانعي لمباركة ذلك الجنوح العقائدي الشمولي الذي يناسبه خاصة في ما يجمعهما من مشتركات في تعريف سوريا الماضية والحاضرة والمستقبلية ومضي – المعارضة – في اجترار ثقافة السلطة السائدة بكل شموليتها ولاتاريخيتها والتردد في حسم المواقف المبدئية وحتى السياسية الراهنية مما يضاعف أزمتها عمقا وتفاقما . نحن الآن جميعا عربا وكردا ومكونات وطنية أخرى أمام مهام انجاز عملية التغيير الديموقراطي وانقاذ البلاد من الاستبداد والفعل والنشاط الكرديين في هذا المجال بالداخل والخارج وبشهادة الجميع يفوقان حجمه العددي بأضعاف لأنه متمرس على العمل النضالي المعارض عبر أجيال منذ العهود العثمانية وحتى الآن وفي الوقت الذي نواجه نظام الاستبداد ونعتبره الخصم المسؤول عن محنة شعبنا يؤلمنا أن نشعر بين الحين والآخر بنوع من خيبة الأمل جراء سلبية شركائنا العرب المفترضين المحسوبين على المعارضة السورية تجاه وجودنا وحقوقنا ومستقبلنا تارة ينعمون علينا بحق المواطنة هذا الحق الذي منح للبشر منذ الخليقة وقوننتها الثورتان الأمريكية والفرنسية منذ قرون وأحيانا يعرفوننا بالجماعة الكردية تهربا من تسميتنا بشعب كما نحن عليه وبما يتطلب من التزامات سياسية أو بالأقلية الكردية كل ذلك بهدف حرماننا من حقوق شعب أصيل يقيم على موطنه منذ فجر التاريخ وتارة يعرفون سوريا ببلد أحادي القومية وليس تعددي الأقوام والثقافات والأديان وهناك من يتحفظ على فدرالية كردستان العراق حتى لايسري ذلك مستقبلا على كرد سوريا ( يا لهذه الحجة المنطقية ! ) والأسوأ من هذا وذاك – المعارضون - الذين يتذاكون علينا بالقول فلنؤجل بحث موضوع الأكراد وغيرهم الى ما بعد التغيير تماما كما كان القومي العربي يدعونا الى التريث لحين تحقيق الوحدة العربية من المحيط الى الخليج والشيوعي لحين اقامة النظام الاشتراكي في العالم والاسلامي حتى قيام دولة الخلافة التي لاتغيب عنها الشمس فهل كتب علينا الانتظار الى مالانهاية ؟ وهل يتصور – المعارضون الجدد – أن الكرد جاهزون حسب الطلب لتقديم التضحيات نيابة عنهم من دون برنامج وطني مشترك يحمل استحقاقاتهم المشروعة ويضمن شراكتهم المستقبلية مع العرب , وهل أن سلبية بعض المعارضة ستساعد على بناء جبهات حقيقية فاعلة من جميع الأطياف الوطنية ومن ضمنها الطاقات الكردية لأداء مهام التغيير ؟ الجواب طبعا لا .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا أولا نعم .. ولكن أية سوريا حوار مع د عبدالرزاق عيد ( 1
...
-
جديد - نوروزنا - هذا العام
-
عندما يرفع - البشير - راية العنصرية
-
كل - نوروز - وأنتم بسلام
-
وفاء لذكرى ميلاد البارزاني
-
( الكوتا ) خطوة لابد منها
-
أبعاد محاكمة البشير
-
اخوان سوريا : مراجعة أم تراجع
-
محاكمات العصر تعيد الاعتبار لحق تقرير المصير
-
اخوان سوريا والغدر بالقضيتين
-
قراءة في تصريح نيجيرفان بارزاني حول الكرد والعرب
-
ادارة اقليم كردستان : خطوات بالاتجاه الصحيح
-
خذلان - الاخوان - من جديد
-
الاخوان المسلمون : تعليق - معارضة - أم تعليق الطربوش
-
مفاوضات - غير مباشرة ! - مع الكرد أيضا
-
دفاعا عن منظمة التحرير الفلسطينية
-
عنزة .. ولو طارت
-
المتحول في حروب الشرق الأوسط
-
فلسطين بين - الغفران - و - الفرقان -
-
وداعا محمود أمين العالم
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|