أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أبو الحسن سلام - المسرح وعاقبة العبث بعلاقات الإنتاج















المزيد.....

المسرح وعاقبة العبث بعلاقات الإنتاج


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2603 - 2009 / 4 / 1 - 04:29
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تتصدر مسرحية الملك لير مجموعة النصوص المسرحية عند الحديث عن صور العبث في علاقات الإنتاج في المجتمع الإقطاعي ، بعد مسرحية ثورة فلاحين للكاتب المسرحي الأسباني (لوب دي فيجا) . ولا شك أن المسرح العالمي الغربي والشرقي كليهما وكذلك المسرح العربي قد عنى بتصوير الخلل في العلاقة بين طبقة الإقطاعيين بدءا من العصور الوسطي وامتدادا في عصر النهضة وما بعده في بعض البلدان - ربما لنهاية القرن التاسع عشر الميلادي – ففي فرنسا جسدت مسرحية ( زواج فيجارو) للفرنسي (بومارشيه) تلك العلاقة الشائنة بين الأمراء الإقطاعيين وأقنانهم ، وفضحت العرف غير الآدمي الذي فشى في تلك المجتمعات ، والذى كان يقضي بأن تخصص الليلة الأولى في زواج قن من الأقنان التابعين لإقطاعية أمير ما لذلك الأمير نفسه بحيث يحظر على الزوج الاختلاء بعروسه ليلة عرسه ، حتى يواقعها الأمير!! وقد أنهت تلك المسرحية شكلا من أشكال امتهان كرامة القن/ الإنسان في ليلة عرسه ، وهي العادة المتدنية التي استحدثها في المجتمعات الإقطاعية الأوروبية الملك هنرى ( ذو الساقين الطويلتين ) - موحد إنجلترا –
وتشكل أهمية وقفتنا أمام مسرحية ( زواج فيجارو) من حيث كونها أحدثت نوعا من أنواع التحول في علاقة طبقة أمراء الإقطاع ، من حيث عودة النظام الإقطاعي إلى حدود التعامل مع النساء من الأقنان المستعبدات في الإقطاعية بوصفهن سلعة قابلة للمقايضة بها في الصفقات التي تتم بين إقطاعي وآخر - ومن الصور الشبيهة بتلك العادة المزرية في بعض المجتمعات المتخلفة المغاصرة التي ما زالت عالقة بثقافات راسبة من تراثها الماضويٍ ، ذلك النوع من الأنكحة المعروفة بزواج المخادنة: - حيث يتنازل الزوج عن زوجته لخدنه ( صديقه أو أخيه) بأن يطلقها الأول ليبنى بها الثاني – أو النوع الآخر المعروف بنكاح المضامدة : - وفيه يوافق الزوج المعدم ( ضمنيا ) في أوقات القحط والمجاعة وفي عقب حروب مدمرة ) على قيام علاقة بين زوجته وأحد الأثرياء ، في مقابل تضميد ذلك الثري للجروح الاجتماعية المادية التي لحقت بالأسرة بسبب المجاعة والدمار الذي لحق بدخول الأسرة المعدمة من جرّاء الفساد الحكومي من ناحية والبطالة المتفشية في المجتمع من ناحية ثانية والحروب من ناحية ثالثة والكساد الاقتصادي العالمي من ناحية رابعة. أو ما يعرف بزواج المسيار: حيث يقتصر دور الزوج على مواقعة الزوجة الثرية ، دون أية التزامات من أي نوع يكون عليه الالتزام بها نحو الزوجة ، فلا حقوق لها غير حق مطارحات فراش الزوجية . ومن الملاحظ أن لكل من تلك العلاقة بين الرجل والمرأة مرجعه الواقع الاقتصادي ، لتردي العلاقة بين وسائل الإنتاج والجور في توزيع عوائد الإنتاج- وهو أمر أدعى بمخرجي البلدان التي تجرى فيها مثل تلك المظاهر غير الطبيعية التي تحط من قيمة المرأة ، ومن كرامتها الإنسانية ، وتحرمها من ادنى حقوق المواطنة الشريفة ؛ أن يعملوا على إنتاج مثل ذلك النص ( زواج فيجارو) برؤى معاصرة تربط بين صورة تلك الظاهرة المتدنية وشبيهتها في مجتمعاتهم المعاصرة .
أما وقفتنا الإطارية أمام مسرحية ( مأساة الملك لير) فمرجعها أنه تتناول حالة انحراف خطيرة في أعراف الملكية في المجتمع الإقطاعي ، خروجا عشوائيا على قوانين النظام السياسي في المجتمعات الإقطاعية ، وبما يشكل خرقا في القوانين الطبيعية التي تصون نظامها الاقتصادي الريعي – وهو الأمر الذي جعل شكسبير ، وهو مثقف تلك الطبقة الأول يطلق يصنفها بالمأساة ، وهي مأساة بالفعل للنظام الإقطاعي نفسه – في حين يرى بريخت أنها تصبح مأساة لو لم يقسّم الملك لير مملكته الإقطاعية بين بنتيه ( جونوريل – ريجان ) – أما التحول الذي طرأ على تفتيت المملكة الإقطاعية الموحدة ، فيشكل خللا حقيقيا في علاقات الإنتاج الريعي لأن الأصل في القابض على زمام نظام تلك الدولة الإقطاعية يفتت وحدتها الجغرافية السياسية، ومن ثّم يفتت ملكية وسائل تدوير العوائد الاقتصادية الريعية، بتجزئته لجغرافيا البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهو النوط بالحفاظ على وحدة أراضيها( وسائل الإنتاج ) . ولأن شكسبير نفسه كان على رأس طليعة مثقفي ذاك النظام الإقطاعي ؛ فقد كان من الضرورة بمكان ، أن يقرن فعل ( لير) بسخط الطبيعة وثورتها عليه ، حين لفظته قلعته التي آلت لبنته الكبرى ( جونوريل ) ولفظته قلعته التي آلت ملكيتها لابنته الوسطي (ريجان) فانطبقت عليه عبارة (السماء والطارق) وأصبح محل هزئ بهلوله . على أن دور المخرج المعاصر، عند تصديه لمثل ذلك النص ، أن يبرز خبل الرجل – إذا أراد تصوير موقفه تصويرا ينكر عليه فعلته المناقضة لمسؤولياته إزاء الحفاظ على وحدة أرضي المملكة . أما المخرج الحداثي ، فمنطلقات رؤيته لا بد أن تكون مغايرة ، بحيث تعطي المتفرج دلالة متغيرة من متفرج إلى متفرج آخر بعدد المتلقين للعرض ، كأن يكشف عن صورة خبل (لير) أو رعونته ، ويكشف في العرض نفسه عن صورة نبله . وبذلك يكشف العرض عن ثنائية الصفة الاجتماعية ونقيضها في الحدث المسرحي – كذلك يؤكد المسار الطبيعي لحركة التطور التاريخي الديالكتيكي للمجتمعات – والمخرج في هذه الحالة ينحو نحو تبني وجهة نظر بريخت الفلسفية المادية ؛ ومن ثم يقدم لير من وجهة نظر تاريخية عصر المجتمع المنتج لذلك العرض ، لا من وجهة نظر المثقف التقليدي الموالي للنظم الإقطاعية . ولا ضير عندئذ أن يتهم العرض بمفارقته لوجهة نظر شكسبير نفسه .
ولا يفوتنا أن نشير إلى عدد من النصوص المسرحية التي دارت في فلك عصور الإقطاع ، مما أنتج كتاب المسرح العالمي شرقا وغربا ، ولسوف نجد عند لوركا شاعر أسبانيا العظيم ( الزفاف الدامي) حيث حيرة الأم فيما بين فكرة تحريض ابنها الوحيد على الأخذ بثأر أبيه من العائلة المعادية لعائلته ، والحرص على الحفاظ على الأرض التي ورثها بعد مقتل أبيه !! فهي حائرة بين الحفاظ على وسيلة الإنتاج الريعي الرئيسية ( حقل العنب) ووسيلة الإنتاج الرئيسية الثانية( اليد العاملة) باعتبار ابنها القائم على شؤون الإنتاج في مزرعة العنب من الناحية الاقتصادية ، والرجل الوحيد المتبقي من العائلة من الناحية الاجتماعية ، وباعتبار الصراع الذي يعتمل بداخلها صراعا رمزيا بين إرادة البقاء ، وإرادة الفناء والإفناء . وعلى الرغم من تغلب إرادة البقاء على إرادة الفناء والإفناء ؛ فقد لعبت آفة الاستحواذ وآفة التملك دورها في تفعيل إرادة الإفناء ؛ إعلاء لفكرة التفاخر بالتفوق على الآخر بإقصائه وإخصائه؛ لذا تنتهي المسرحية بقتل كل من الغريمين للآخر، بعد أن سعى ليناردو – المطلوب الثأر من قبيلته – إلى عروس وحيد أمه الذي كان مناط حيرتها فيما بين حضه على الثأر لأبيه من قبيلة ليوناردو قتلته والتخاذل عن ذلك لإدارة شؤون مزرعته بوصفه الوارث الوحيد لها - . على أن تغير علاقات الإنتاج في الحدث الدرامي ، يتمثل في تغير طرف من أطراف ؛ وهو ضرورة لجوء الأم الثكلى إلى إكراء عامل زراعي يعمل في مزرعة العنب بعد أن مات مالكها العمل فيها ، فكأن عنصرا من عناصر الإنتاج قد تبدل ، ولأنه كان المالك للمزرعة ، فإنه لم يكن يفصل بين نصيبه من مال ريع المزرعة ومقدار المفترض حصوله عليه من العائد نظير عمله فيها . والجديد بعد موته في علاقة الإنتاج هو القدر من المال الذي سيحصل عليه الأجير البديل ، فجزء من العائد إذن قد خرج من يد المالك ( الأم) التي دفعت ثمن نقرها في رأس ابنها، وجلست إلى جانب عروس ابنها القتيل ، نتيجة لرغبتها المزدوجة في التمتع بالحبيب الأول ( ليوناردو) الذي تزوج بابنة عمها والتزوج من عدوه الذي يتذبذب موقفه فيما بين مطاردة حبيبها بالثأر الذي له عنده ، والحرص على البقاء والانهماك في العمل . هكذا صوّر لوركا المرأة بصورة سلبية ، بوصفها كائنا استهلاكيا من ناحية إذ تستهلك وقت الرجل وتستحوذ على فكره وعلى نتاج عمله وبوصفها سلعة تعرض نفسها على الرجل .
ومن النصوص المسرحية التي دارت في فلك فكرة العبث بعلاقات الإنتاج ثلاثية نجيب سرور المسرحية ( ياسين وبهية – آه يا ليل يا قمر – قولوا لعين الشمس) فهي تشخص علاقات الإنتاج في الريف المصري بين ملاك الأراضي الزراعية والفلاح المصري . وهي علاقات قائمة على استغلال المالك للأجير ( العامل الزراعي) والأمر نفسه ماثل في مسرحية نبيل فاضل ( أدهم الشرقاوى) ومسرحية مهدي بندق ( غيط العنب) ، ومسرحية أبو الحسن سلام ( جناح مكسور) ومسرحية محمود دياب ( ليالى الحصاد) التي تشخص خلفيات تفاعل علاقات الإنتاج في المجتمع الريفي المصري واسترجاع صورها في سهرة ريفية ، يتبادل فيها الفلاحون الأدوار بالتراضي والتوافق ، عن طريق التشخيص فيما بينهم ، فيما يشبه جلسة نقد ذاتي يواجه بها كل واحد منهم عيوب شخص آخر وقع عليه اختياره من بينهم .



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكامنا وفن صناعة الأعداء
- الذكاء الاصطناعي بين الرخاء السلمي والرخاء الإحتكاري
- رجل القلعة وعلاقات الإنتاج الثقافي
- فطنة الكتابة القصصية
- الكمبوشة طوباوية معروف وطوباوية هنية
- بلاغة الصورة بين غرق سفينة نوح وفيلم تيتانيك والعبارة المصري ...
- البلطة والسنبلة والمهدي غير المنتظر
- بنات بحري بين محمود سعيد ووليد عوني
- فنون السرد بين الرواية والمسرحية
- الإنتاج المسرحي بين التنمية والأمراض الثقافية
- حتمية التحول بين نهار اليقظة وعمى البصيرة
- المسرح الشعري ولا عزاء للنقاد
- أحلام سيريالية
- ثقافة الفالوظ
- لويس عوض والبصيرة الحداثية
- المسرح ومفهوم الإيقاع
- (البلطة والسنبلة) .. المهدي غير المنتظر
- طالما .. وطال ما
- عنكب يا عنكب وصبيان البحث المسرحي
- مفكر وكاتب مسرحي من قنا


المزيد.....




- السعودية: إنتاج المملكة من المياه يعادل إنتاج العالم من البت ...
- وول ستريت جورنال: قوة الدولار تزيد الضغوط على الصين واقتصادا ...
- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - أبو الحسن سلام - المسرح وعاقبة العبث بعلاقات الإنتاج