سومر الياس
الحوار المتمدن-العدد: 2601 - 2009 / 3 / 30 - 06:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اتابع منذ مده مقالات ونقاشات لمثقفين وسياسين حول الديمقراطيه وافاقها في العالم العربي, حيث يتم تناول الديمقراطيه بالتحليل والنقد من قبل كافه التيارات السياسيه والفكريه في المنطقه, ان كان ذلك من قبل حداثيين او سلفيين , اشتراكيين او ليبراليين, معارضين او في مواقع سلطه.
ومنهجيه النقاش قائمه على ربط الديمقراطيه بالمفاهيم الاخرى كالعلمانيه والاسلام السياسي, او فصلها عن مفاهيم كاليبراليه أو استيعابها ضمن مفاهيم اخرى كالاشتراكيه او حتى الماركسيه. ويمكن الملاحظه بسوله بان جوهر النقاش يتمحور حول كيف سنكون ديمقراطيين في المرحله القادمه أو بتعبير ادق كيف سيوفق كل تيار سياسي وفكري ما بين قناعات سابقه ومترسخه من القرن الماضي وهي ساقطه في كثير من الاحيان مع كل ما سقط وما بين الديمقراطيه الزاحفه نحونا من غرب هذا العالم . فهل يتعارض الاسلام مع الديمقراطيه وهل ثمه شرط علماني لتطبيق الديمقراطيه, هل علينا ان نكون لبراليين لنكون ديمقراطيين, ماذا لو كنا ماركسيين وديمقراطيين في ذات الوقت, كيف ستصبح القوميات التي كانت فاشيه حتى امس قريب ديمقراطيه اليوم باختصار الجميع يريد الديمقراطيه ولكن كيف ستأتي الديمقراطيه وكيف يجب ان تكون.
وبغض النظر عن منهجيه النقاشات فما هو رائع حقيقه ان في فحواها الكثير مما يغني ويفيد ويثري الفكر ويفتح باب الاسئله والتصورات امام النخب السياسيه والفكريه حول دول اقل استبدادا واكثر حريه , خصوصا ونحن شعوب فاقده للثقافه السياسيه اللازمه لبناء دول حديثه ومجتمعات تقليديه تعاني نسبا عاليه للجهل والاميه.
ولكم تعززت قناعات سابقه لدي عند قراءه ما كتب ويكتب بان اطلاق حريه التفكير والتعبير هو المفتاح الحقيقي لاي تغير في الذهنيه التي انتلينا بها في شرق هذا العالم الادنى, وكم بات واضحا لدي ان منع الناس من التفكير لصالح المحافظه على منظومه الولاءات الابويه باشكالها السياسيه والاجتماعيه والدينيه هو اساس المشكله وجوهرها. فقد توصلت منذ زمان طويل الى اقتناع تام بأنه اذا كان في اطلاق الحريات الفكريه خطرا الولاءات الابويه في مجتمع ابوي تقليدي ومن ثم على ضبط الامور واستقرارها فان منع الناس من التفكير وابداء الرأي يشكل خطرا على وجود هذا المجتمع نفسه لا بل وعلى مقومات وجود اي مجتمع بشري اخر. ان وضع القيود في يد المعرفه لمجتمع ما هو وضع لهذا المجتمع على طريق هلاكه.
لقد بدأت ضبابيه الديمقراطيه كمفهوم بالانقشاع مع الرأي والرأي الاخر والطرح والطرح المضاد, وبدأت تتوضح في جوهرها الفلسفي كجزء من عمليه الحداثه التي طالت مناحي حياة الانسان جميعها. تلك الحداثه المرتكزه اصلا على قيم بشريه عليا كالحريه والضمير حلت محل قيم بشريه منحطه وقديمه كالاستبداد والعبوديه وقد بتنا نقترب اكثر واكثر من مهيب الركن القابع في اعماق نفوسنا, حامي الديكتاتوريه الحقيقي وحارسها الامين وباني مجدها في ديجور هذا الشرق الطويل هذا المهيب الذي لن تستطيع اي دبابه في العالم ان تهز عرشه ولن تقتلعه من جذوره سوى فؤوس الحداثيين الشرفاء اصحاب الضمير المقتنعين ان ثمه منهج اخر وطريقه اخرى تحيا بها الشعوب.
هذا لا يعني انه يمكن تجاهل ظروف دوليه قويه تدفع بالمنطقه باتجاه الديمقراطيه كما انه لا يمكن تجاهل يقظه القوي المتاخره, ذلك القوي الذي ادرك اخيرا انه لا يمكن ان يكون شيطانا الى الحد الذي يطوب فيه الديمقراطيه لشعبه فيما يبارك في ذات الوقت ديكتاتوريات الشعوب الاخرى ويلعن ديمقراطياتها, وادرك وان متاخرا انه وان لم يكن للقوه شيء من محتوى اخلاقي فانها في طريقها الى الزوال ولا ازال حائرا كيف جانبته تلك الحقيقه الفلسفيه وهو القائم على الاجتماعي والفلسفي.
وما اعتقده انه وفي مثل هكذا ثوره فكريه ذاتيه وظروف دوليه موضوعيه تصبح المشاركه في طرح الاراء والافكار حول الديمقراطيه واجب ومسؤوليه.
قصه الديمقراطيه
منذ ان وجد الانسان على الارض وجد معه ميله الغريب نحو العداله, وعلى الرغم من كونه ميالا لان يظلم ايضا الا ان ميله نحو العداله هو الميل الاكثر تجذرا في شخصيته, وكان هذا الميل حقيقه هو صمام الامان الذي حفظ الجنس البشري عبر العصور. وفي مراحل مهمه من التاريخ يصل الانسان الى نضوج فكري يدرك معه انه حتى وان وجد اله في هذا العالم تنبثق منه كل عداله ممكنه فانه كانسان سيبقى عاجزا على ان يتلقاها من هذا الاله في كمالها. ويبدأ عندها بالبحث عن قانون ارضي وضعي ومن صنع يديه لتحقيقها.
وفي ظل خروج العداله من صيغتها السماويه المطلقه والوهميه وتحولها لتصبح ارضيه ونسبيه ولكن حقيقيه, وبحياد الحاكميه الالهيه الكامله ووجود حيز للحكمه البشريه الناقصه والساعيه دوما وابدا للكمال تدور في خلد اي عقل طموح نحو واقع افضل اسئله فلسفيه حول كيفيه الوصول الى افضل صيغه ممكنه للعداله بين الانسان وأخيه أو قايينه الانسان, وعن افضل طريقه لوضع القانون وحكم البشر, ويظهر سؤال فلسفي مؤرق لكل عقل فلسفي حول من هو حقيقه الذي يجب ان يحكم البشر, وهذا السؤال عينه الذي كان ارسطو طاليس قد وجد نفسه امامه في اثينا القديمه.
وقد وجد أبو علم السياسه حينها ان هناك ثلاثه أشكال للحكم وحسب عدد الحاكمين. فاما ان يحكم رجل, او نخبه من الناس, أو ان يحكم الجمهور أو أكبر عدد ممكن من الناس الدوله. ولقد سمى ارسطو شكل الحكم الاول بالملكي اذا كان صالحا وبالطغيان اذا لم ينشد الحاكم او الملك سوى اشباع نزواته وشهواته للسلطه والمال, اما النوع الثاني فسماه ارستقراطيا اذا كان الحكم لصالح عامه الشعب واوليغاركيا اذا حكمت النخبه لزيادة مالها وسلطتها وتامين مصالحها الخاصه, اما عندما يحكم الجمهور فسماه بوليتيا اذا كان صالحا ورشيدا وسماه ديمقراطيا اذا حكم الجمهور نفسه غوغائيا وكانت الفوضى وكان الخراب والدمار.
وظلت الحكومات الديمقراطيه نوعا خطرا جدا من الحكومات يجب تجنبها قرونا طويله من الزمان وكانت مثار لهلع الفلاسفه والمفكرين وكل ذي عقل راجح, وكيف لا تكون كذلك وهي حكم الجماهير ذات الاهواء المتقلبه والاتي معه بالفوضى والخراب وحركات العصيان والتمرد.
ولكن ماذا حصل في التاريخ ليصبح الخراب والدمار او ما سماه ارسطو بالديمقراطيه ارقى شكل من اشكال الحكومات وكيف أصبح بتقدم الازمنه حكم الجمهور هو وحده الكفيل بتحقيق أفضل صيغه ممكنه للعداله.
الانقلاب والتغيير
في اوروبا مره اخرى كان الانسان على موعد مع تطور مهم في الفكر البشري فمنذ القرن السادس عشر بدأ العقل المنطقي يستعيد مركزه بعد قرون من طغيان العقل المؤمن. وبدأت الناس تدرك شيئا فشيئا ان الشعب هو مصدر السلطات في الدوله وليس الله, لم يغب الله عن الأفق الفلسفي الاوروبي ولكن ما حصل حقيقه هو تغير جوهري في علاقه الانسان بالله. في اوروبا الناهضه لم يعد المللك القوي ياخذ قوته من الله بواسطه رجل الدين ليحكم بها الشعب بعقد الهي مطلق , بل أصبح الانسان الفرد ومهما كان نوع ايمانه ودرجته وشأنه يأخد القوه من الله ويتنازل عنها بمحض ارادته للدوله والمجتمع بعقد اجتماعي فلسفي.
بعد هذا السقوط الثاني للديني امام الاجتماعي, وللايماني امام الفلسفي كان للديمقراطيه ان تبحث لها عن مكان اخر في التاريخ فالشعب في النهايه هو من يجب ان يحكم نفسه وليس مفوضيين من الله. لقد اصبح حكم الجمهور واقعا مع بدايه الثوره الفرنسيه وبدأت الديمقراطيه منذ ذلك الحين معركتها الحقيقيه مع نفسها للتغلب على عيوبها وكان لها في التاريخ قدرا اخر.
لقد كانت مشكله الديمقراطيه عبر التاريخ هي في عدم الاستقرار عند مقارتنها بحكم ملكي مركزي قوي, فما اسهل الفتنه عند غياب القبضه الحديديه. ومن من الفلاسفه ادرك الطينه التي جبلت منها الجماهير ولم يصيبه اليأس, تلك المجبوله على العاطفه الهوجاء المتقلبه والتي يسهل اثارتها لاتفه الاسباب لتحرق الاخضر واليابس, اليست حقيقه علميه ان الناس تفقد جزءا مهما من عقلها الراجح عندما تتجمع وتتجمهر.
أما مشكلتها الثانيه والاهم فقد كانت في عجزها عن تجنيد طاقات الاكفأ والاجدر بين الناس مقارنه بالارستقراطيات النخبويه فقد كانت الجماهير عبر التاريخ تحابي بالمنصب اكثر الناس تملقا واكثرهم مداهنه ولطالما تحولت الحكومات الديمقراطيه الى موكب من المنافقيين والوصوليين, وهل ثمه خير يرتجى من الجماهير وهي التي وهبت في امس قريب ارواحها ودمائها من أجل خيلاء مليكها وما حسبت في ذلك عارا عليها وخالته شرفا عظيما لها.
لقد كان تطور الديمقراطيه في العصر الحديث حذرا وذكيا في ان واحد, بدايه تحدث السير توماس سميث في القرن السادس عشر عن الحكومات التمثيليه كشكل معقول من أشكال الحكومات الديمقراطيه, ومنذ ذلك الحين اصبح الانتخاب هو القاعده الاساسيه للحكومه الديمقراطيه. حيث تمت القناعه أن تمثيل الجمهور في الحكومه عبر نظام انتخابي حر هو الاسلوب العملي الامثل لذلك, ان تعقد المجتمعات وتطورها جعل من ديمقراطيه الجماهير المباشره امرا مستحيلا.
لقد بدأت الانتخابات في بريطانيا وفرنسا وامريكا تمارس على نطاق محدود حيث كان الانتخاب في البدايه مقصورا على الاغنياء والمتعلمين واصحاب المراكز الاجتماعيه فقدره الفرد على المشاركه كانت مشروطه بملكيته لمساحه محدوده من الارض وتحصيل قدر معين من العلم وذلك لمنع الفقراء والجهله من المشاركه في الحكومه, فالدستور الامريكي لعام 1789 اوجد حق الانتخاب المشروط والذي تمكن بوجبه شخص واحد فقط من بين كل خمسه عشر شخصا من ممارسه الحق الانتخابي اي بنخبه تعادل مليون شخص لدوله تعداد سكانها خمسه عشر مليونا. ولم يتمكن جميع الرجال من المشاركه في الانتخابات حتى العام 1850 في جميع الولايات الأمريكيه, في حين حصل السود على حقوقهم الانتخابيه عام 1870 بعد تعديل الماده 15 من الدستور الامريكي.
أما في بريطانيا فانه وحتى بعد صدور لائحه الاصلاح القانوني لعام 1832 لم يتمكن سوى شخص واحد من بين كل خمس وعشرين شخصا من التمتع بحق الانتخاب, ولاول مره عام 1918 وجد جميع الرجال انفسهم في بريطانيا قادرين على المشاركه في انتخاب حكومه بلادهم.
أما في فرنسا وبالرغم من ان الثوره الفرنسيه اقرت بحق الاقتراع العام منذ عام 1789 فانه وحتى العام 1848 وبعد ان تمت ازاحه كثير من القيود وتوسيع الانتخابات ظل الريف الفرنسي محروما من المشاركه حيث اقتصرت الانتخابات على المدن الفرنسيه.
ديمقراطيه المثقفين
وما اريد الوصول اليه من هذا السرد العجالي لمحطات من تاريخ الديمقراطيه هو ان التعامل مع الديمقراطيه بالطريقه التي يسوغها الاجنبي على أرضنا ويفاخر بها ليست مطلقه الصحه ولن تؤدي الى نتائج تغيريه هامه وذات قيمه في بنيه مجتمعاتنا ومشاكلها بل على العكس ستزيدها تعقيدا, حيث ان اعتبار الديمقراطيه ليست اكثر من احصاء عشوائي لاصوات الناس وبدون اي منهج تخطيطي يضمن قيام حكومات رشيده لن يؤدي سوى لانحطاط العمليه الانتخابيه الى ميدان يقوم فيه حفنه من المشعوذين والدجالين وخبراء الضحك على الذقون ببلف لاكبر عدد ممكن من الجهلاء والاميين والمهوسين مذهبيا لتأتي بعد ذلك مرحله العنف والبلطجه والرصاص من الأطراف التي لم تسعفها الديمغرافيا أو ظروف اخرى في جمع اعداد اكثر من منافسيها وهذا ما تم اختباره عمليا في بعض الدول العربيه.
من الواضح اننا امام حقيقه دامغه تجاهلها الاجنبي على أرضنا ولكنه لم يتجاهلها على ارضه هو تقول بان المشاركه الواسعه والعشوائيه بالانتخابات ليس لها ان تضمن قيام حكومات رشيده وصالحه أو ديمقراطيات سليمه في مجتمعات متخلفه تفتك بها الخرافه, فالحقيقه ان كفاءه الحكومه واقعا وفعلا يعتمد بالدرجه الاولى على كفاءة المنتخب نفسه.
فما الفائده من حكومه ينتخبها أميون حتى وان كانت ديمقراطيه, واي ديمقراطيه تلك التي ستنفع من يولدون في الاغلال ويموتون في الاغلال, وهل ثمه شيىء في علم الدوله الاجتماعيه أسخف وأتفه من ان يذهب كل ذي طائفه لينتخب ابن طائفته وكل ذي عشيره لينتخب ابن عشيرته , لماذا لا يوفرون على انفسهم عناء العمليه الانتخابيه ويذهبون مباشره الى دفاتر النفوس والى خانه الطائفه بالذات ويفرزون الناس هناك.
أنا أجزم ان مجتمعات تحقق فيها الاميه نسبا قياسيه كمجتمعاتنا تحتاج الى حكومات ذات مسؤليات وأعباء وهموم لا تستطيع مثل هكذا عمليات انتخابيه انتاجها وما أقترحه حقيقه هو اعطاء دور فاعل لا بل رئيسي للمتعلمين والمثقفين في انتاج حكومات بلادهم. حيث أنه من المسلم به ان درجه وعي الانسان ومن ثم قدرته وذكاءه في اختيار ممثليه تتناسب طردا مع درجه معرفته وبالتالي تحصيله العلمي والثقافي.
ان الديمقراطيه البناءه تحتاج الى أشخاص متعلمين يفهمون اول ما يفهمون مغزى وحقيقه مشاركتهم في الشأن العام وقادرين على تعيين الصالح والطالح من منظور اجتماعي منطقي, اشخاص جعلتهم علومهم وثقافتهم ذوي قدره على التفكير بانفسهم بشكل جيد وينشدون لهم ولابنائهم من بعدهم حياة افضل.
وما اقترحه حقيقه هو ان يعمل المشرعون على مشروع لاصدار بطاقات انتخابيه للناس بعدد من النقاط تتناسب وتحصيلهم العلمي والثقافي والبحثي لهم, وبشكل طردي على ان يفوز المرشحون بالانتخابات بعدد النقاط لا بعدد الاصوات وكتصور اولي ورؤيه خاصه ونموذج بدائي جدا اقترح:
اصدار بطاقات انتخابيه للباحثين واصحاب الدراسات العليا ب 20 نقطه
اصدار بطاقات للجامعيين ب 10 نقاط
اصدار بطاقات بنقطه واحده للمواطنين غير الاميين
منع الاميين من التصويت
مضاعفه عدد النقاط للجامعيين واصحاب الدراسات العليا سواء بسواء من اصحاب الدراسات المتعلقه بشكل مباشر بعلم الدوله من سياسيه واجتماعيه وحقوقيه.
وأتمنى ان يشاركني الاخرين بوضع تصورات اخرى تكون اقل تطرفا واكثر اعتدالا تجاه الجهل والاميه فواقع الامر أنني لا أملك خبره تؤهلني لصياغه الوسيله وأترك ذلك للمشرعين فالغايه هي ما تستحوذ على اهتمامي . وما أراه غايه هو ضمان سيطره العلم والمعرفه واقصاء للجهل والاميه عن النظام الانتخابي حيث ان ضمان مساهمه رياديه للمتعلمين والمثقفين واقصاء الجهلاء سوف يضمن مرشحين بخطاب معرفي قادر على استقطاب النخب الفكريه والعلميه في المجتمع واقناعها وبالتالي سيضمن الكثير من الايجابيات سواء في مجريات العمليه الانتخابيه او في شكل الحكومه المنتخبه او في طبيعه القوانين التي ستصدرها تاليا.
وساتناول مثال للتدليل على ما اقول وليكن الطائفيه, حيث ان مثل هكذا نظام انتخابي سيضمن طائفيه اقل اقل بلا شك للانتخابات, حيث انه من الملاحظ ان الشفاء من هذا الوباء الاعظم الذي يفتك بمجتمعاتنا يتم تدريجيا كلما ازدادت درجه العلم والثقافه والوعي لدى الناس ويمكن ملاحظه ذلك بسهوله وكيف ان تلك الروح الطائفيه اللعينه مستعره لدى جموع الاميين والجهله وخامده في نفوس المثقفين والتعلمين ولا تكاد تلحظ لها اثر لدى النخب الفكريه والعلميه في المجتمع, ويمكن بنفس الطريقه قياس باقي مشاكل المجتمع كالعشائريه وظاهرة شراء الاصوات والولائم وما الى ذلك من آفات راسخه في ذهنيه هذا الانسان الذي وضع خارج مسيرة التاريخ لقرون طويله.
خاتمه
ان الديمقراطيه شأن فلسفي بحت وما أعنيه بالفلسفي هو انها في النهايه نموذج او مثال او صوره ذهنيه يشتقها المفكر او الفيلسوف من الواقع, والعجز والافلاس الذي تعاني منه يبوب تحت خانه العجز الذي تعاني منه الذهنيه في المجتمعات الماقبل تنويريه. حيث ان الذهنيه في هذه المجتمعات لا تزال ابراهيميه بامتياز ولم تتطور بعد الى اغريقيه وبالتالي لا تمتلك ما يصطلح عى تسميته في الفلسفه بالحريه العقليه المتعاليه على الفكره او النموذج او المثال, فالفكره مقدسه دوما والذات لم تتعلم بعد الاشتقاق من الواقع ومشاكل الواقع بل انها لا تمتلك الادوات الفكريه اللازمه لذلك , وهي حتى في الحاله التي يصطلح على تسميتها بالحداثيه مستورده للنموذج من الخارج في احسن الاحوال وخاضعه له ومقيده به , لا صانعه له و خالقه له ومتعاليه عليه ومعدله له بل حتى ومسقطه له حسب الواقع وتغيرات الواقع.
لذلك فان ما اخشاه حقيقه هو ان يفشل دعاه الديمقراطيه كما فشل اسلافهم اشتراكيو الستينات وقوميو الاربعينات عندما قامو باستيراد نماذجهم الفلسفيه ولم ينتجوها.
ان الفكره أو النموذج السياسي ينتج في فترات التغيير الاجتماعي العنيف وما هو سوى انعكاس لهذا التغيير في رؤوس نخبه المفكره ولا يستورد قالبا جاهزا مختزنا لتغيير حاصل في مجتمعات اخرى وعاكسا لظروف اخرى.
اختم بالقول ان الديمقراطيه شأن من شؤون علم الاجتماع السياسي المهتم في نهايه المطاف بتنظيم العلاقه بين الانسان والانسان وبافضل شكل ممكن. والقاعده الرئيسيه التي اتخذها فلاسفه الاجتماع السياسي منذ عصور التنوير والى يومنا هذا لصناعه النماذج والافكار السياسيه تنطلق من فهم الانسان, اي وفق القاعده المنطقيه التي تقول انه حتى ننظم علاقه الانسان بالانسان علينا ان نفهم من هو الانسان اولا. قد يكون الوضع ماساويا في مجتمعات يستمد فيها الانسان كينونته من ما وراء خرافي وقد تكون الطريق طويله ووعره ولكنها الوحيده كما اعتقد الموجب على هذه المجتمعات ان تسلكها قبل ان تتمكن من انتاج افكار ونماذج فلسفيه سياسيه يكتب لها النجاح.
#سومر_الياس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟