|
المنظمات المستقلة : هوية حضارية ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2598 - 2009 / 3 / 27 - 09:03
المحور:
المجتمع المدني
بعـد ان وصـل نظام التحاصص الى طريقـه المسدود ’ واصبـح عبئاً على تطلعات الحركـة الجماهيرية نحو مستقبلهـا في الحريات الديموقراطية والتقدم ’ اكتسب الميـل الى اعادة بنـاء منظمات المجتمع المدني وطنية مستقلة ’ ظرورة ملحـة ’ لا لحمايـة نفسهـا مـن حالـة التمزق والتشرذم والتصادم والأنهاك خلف كيانات واحزاب المشاريع الطائفيـة والعرقيـة فحسب ’ بـل ولتلعب ادواراً فاعلـة لحمايـة المجتمع مـن هزات وفواجـع ردة المؤدلجين والمغامرين وخاصـة مـن داخـل المؤسسـة العسكريـة ’ هـذا الميـل عبـر عـن ذاتـه بمحاولات ومبادرات ونشاطات عـديدة ’ اصطدمت ( ولحقهـا الأذى ) بقـوى ثقافـة التحاصص وعقليـة الأستحواذ او الألغـاء ’ لكن التطورات الحاصلـة داخـل المجتمع وفـرز الأوراق والتحولات الأيجابيـة في الوعـي الجمعـي ’ ضغـط على القوى الوطنية والديموقراطيـة فـي ان تعبـر عـن ذاتهـا وتمارس ادوارهـا ضمـن منظماتهـا المستقلـة . بتاريـخ 28 / 02 / 2009 وبمبادرة مـن بعـض الشخصيات المعروفـة بنزاهتهـا ووطنيتهـا وتاريخها المستقيم ’ تشكلت منظمـة مجتمع مدني مستقلـة على عموم المانيا الأتحاديـة تحت اسـم ( جمعيـة العراقيين المستقلين ) ’ وقد عبـر دستورهـا وبرنامجهـا وبيانهـا التأسيسي عـن حالـة ايجابيـة غيـر مسبوقـة على صعيـد منظمات المجتمع المدني وخاصـة فـي الخارج ’ حيث كان الهم العراقي حاضراً والأنتماء الوطني قاسمهـم المشترك ومباديء الديموقراطيـة والعدل والمساواة جامعة بين المؤسسين الذين يمثلون في الأساس اغلب مكونات الطيف العراقي ’ وكان المشروع الوطني العراقي بوصلـة عملهـم المستقبلـي . اشكالية يجب الأشارة اليها : هـي ان الكيانات الكبيرة داخـل العمليـة السياسيـة لا تعرف التعايش مـع الأصغر منهـا حتى ولو كان اكثر نفعـاً وايجابيـة وانسجاماً مـع التطورات والتحولات الحاصلـة ’ انهـا اعتادت على الأحتواء والتسلط والعبث بمصير الأصغـر ’ لهذا مـن يبادر الى تشكيل منظمـة مجتمع مدني وطنيـة ديموقراطيـة مستقلـة ’ يجـد نفسـه في مواجهـة تحجيم وتحريف واحتواء وتشويـة وحتى تسقيط غيـر متكافئـة مفروضـة عليـة ’ ويجب ان يدفـع ضريبتهـا اذا مـا اصـر على ان يلعب دوره الوطني والأنساني داخـل كيانات مستقلـة . هناك اصوات كثيرة داخـل المؤسسـة الحكوميـة ’ يبدو عليهـا الحرص على استقلااليـة منظمات المجتمع المدني ’ لكن لحد الآن لـم تمارس فعلها الداعم معنوياً ومادياً كي تستطيع تلك المنظمات المستقلـة ان تقف على قدميهـا دون ان تتكـي على اكتاف رحمـة القروش الطائفيـة والعرقيـة والحزبيـة . فـي استفتاء لسفارة العراق في المانيـا ’ ابـدى اكثر مـن 75% مـن بنات وابناء الجاليـة العراقيـة رغبتهـم في ان تكون الهيئآت القياديـة لمنظمات المجتمع المدني غيـر حزبيـة ولا حتى مختلطـة وانما مستقلة تتمتع بالكفاءة والنزاهة ’ تلك هي ارادة ورغبة الجاليات العراقيـة في الخارج ’ لكن تلك النسبـة العاليـة لا يوجـد مـن يمثلهـا اطلاقاً داخـل العمليـة السياسيـة الراهنـة ’ وهذا العيب والخلل يثيـر الأحباط وخيبـة الأمـل . فـي المانيـا وكما اشرنـا ’ تشكلت منظمـة مجتمع مدني مستقلـة تحت اسم ( جمعيـة العراقيين المستقلين ) وقد اثرت تلك المبادرة ايجاباً على الجاليات العراقيـة في دول اوربـية اخرى ’ وهناك جهود متواصلـة مـن اجـل ان يلتقي ممثلي تلك القوى والشخصيات المستقلـة في احـدى العواصـم الأوربيـة ’ بغيـة التنسيق وتبادل وجهات النظر والخبـر مـن اجـل تنشيط العمـل الجماهيري الوطني الديموقراطي المستقل خارج الوطـن ’ خاصـة ونحـن على ابواب تطورات هامـة ومنهـا الأنتخابات النيابية العامة نهايـة هـذا العام ’ ومـن اجـل ان تمارس الحركـة الجماهيريـة ادوارهـا الأيجابيـة المستقلـة في تلك التطورات والتحولات ’ وهي التي تختزن داخل صفوفهـا الكثير مـن الكفاءات والطاقات على اصعدة الأعلام والأدب والفـن ومجالات الأبداع الأخرى ’ فهـل هناك مثلاً مـن هـو حريص في الدولـة وخاصـة من داخل المؤسسـة الحكوميـة ليكلف نفسـه في الأتصال بتلك القوى والشخصيات ليطلع عـن كثب على امكانياتهـا وحقيقـة نشاطاتهـا ونوعيات وقدرات كوادرهـا ومصداقيـة ولاءآتهـا الوطنيـة وكذلك برامجهـا وانظمتهـا الداخليـة الى جانب حاجاتهـا الملحـة مـن اجـل تطوير دورهـا اغنـاءً للعمليـة السياسيـة وتطويراً وتعميقاً للتحولات الديموقراطيـة ’ وتقوم كذلك بالحوار معهـا وتتسائل ’ ايـن تقيم معارضهـا الفنيـة وامسياتهـا الثقافيـة ونشاطاتهـا الأجتماعيـة وعلاقاتهـا مـع المؤسسات الثقافيـة والأجتماعيـة والأنسانيـة للدول المقيمين بهـا ’ ومـا توصلت اليـه في اظهـار الحقيقـة العراقيـة امام المجتمعات الأوربيـة وغير الأوربيـة ’ وهـل ساهمت حقاً في اعادة الأعتبار الى الشخصيـة الحضاريـة والتاريخيـة لعراق ما بين النهرين والذي اساءت اليـه وشوهتـه حـد اللعنـة سلوكيات وممارسات النظم الشموليـة والدكتاتوريـة المتخلفـة ’ ويسألون ايضاً ’ ان كانوا يملكون قاعـة او مجرد غرفـة متواضعـة يمارسون داخلهـا تعليم بنات وابنـاء الجاليات العراقيـة لغتهـم الأم وتذكيرهـم بأنتماءهـم الوطني وترسيخ العادات والقيـم والتقاليـد الحميـدة لمجتمهـم العراقي ... ؟ كـل تلك المهام الوطنيـة هي مـن واجبات منظمات الجاليات العراقيـة المستقلـة ’ فهـل هناك ايضاً مـن سأل ’ كيف تمارسون ادواركم وتغردون وطنياً وديموقراطياً خارج اسراب نظام التحاصص والمشاركات الفوقيـة ... ؟ السفارات العراقيـة في الخارج ’ هـي في الأساس ليس اكثر مـن مؤسسـات ( حصص ) تابعـة حصراً للنظام العام للمحاصصـة وتوزيـع الأسلاب وغير مؤهلـة لفهـم الأهميـة التاريخيـة لأستقلاليـة منظمات المجتمع المدني في الخارج ’ ولا تستوعب معنـى الحراك المستقل خارج قطيـع حزب الطائفـة والقوميـة . بالتأكيد هناك مـن يفهـم الحاجـة الملحـة لوجود منظمات مستقلـة متمسكـة بالمشروع الوطني طريقاً للمجتمع العراقي نحـو مستقبلـه ’ رافضـة بشدة كـل مالـه علاقـة بالمشاريع الطائفيـة والعرقيـة التي افرزت الأشكاليـة المستعصيـة والمدمرة للنظام التحاصصـي ’ كذلك هناك مـن لا يبخـل على تلك المنظمات بالدعـم المتواضع معنوياً ومادياً’ وهـذا ما تنتظره التشكيلات الوطنيـة المستقلـة الفتيـة . لا يمكن للوطـن ان يكتسب هويتـة الحضاريـة ان لـم تكـن منظمات المجتمع المدني المستقلـة للحركـة الجماهيريـة الواسعـة طليعـة النضال مـن اجـل البنـاء والتطور والتقدم ’ ومـن يتجاهـل تلك الحقيقـة لا يمكن لـه الا ان يكون معوقاً بصيق الأفق الطائفي العرقي . لمـاذا لا نحاول ان نجعـل مـن الأنسان العراقي قيمـة وطنيـة عاليـة ’ ان لـم يكن هـو الوطـن ذاتـه ... ؟ .
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين الوطنية في مصالحة البعثيين ... ؟
-
يقرأون ويكتبون لأنفسهم
-
50% ناقص ( الداييني ) يساوي 137
-
الأنقلابات الملونة ...
-
المشهداني والعصى معه .. !!!
-
الدسيسة تلد الدسيسة ...
-
ديموقراطيتنا على محك حقوق المرأة والأقليات ...
-
خسروا وانتصر العراق ...
-
المرأة العراقية : تبقى الأشرف ..
-
ارتفاع في اسعار الأصوات الأنتخابية ...
-
انهم يسرقون الحسين ...
-
الناس والشعائر الحسينية ...
-
الوجه الأسوء للتزوير ..
-
هل غادر الكورد الفيليين مربع مآساتهم ... ؟
-
لأنها امرأة ... وشجاعة ايضاً .
-
اقترحها امرأة ...
-
حتى لا ننتحر بأصواتنا ..
-
المالكي وخلفية البديل ...
-
امارة البصرة الوائلية !!!
-
مثقفي التصعيد ...
المزيد.....
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
-
الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم
...
-
المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي
...
-
عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع
...
-
مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري
...
-
مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|