|
انتفاضة الصدريين أرعبت الاحتلال وعملاءه ، فهل هي بداية الثورة الشاملة ؟
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 796 - 2004 / 4 / 6 - 07:54
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
المواجهات الدامية والمستمرة في بغداد والنجف والناصرية والبصرة ومدن عراقية عديدة أخرى بين التيار الإسلامي " الصدريين " وبين قوات الاحتلال ، والتي أوقعت حتى لحظة كتابة هذه السطور أكثر من عشرين شهيدا وأكثر من مائة وخمسين جريحا برصاص الاحتلال وعن قتل أربعة جنود من قوات الاحتلال وإصابة تسعة آخرين منهم بجراح ، هذه المواجهات البطولية من جهة أداء المتظاهرين المنتفضين أوضحت عدة دروس وجعلتها في عداد البديهيات بعد أن كان البعض يشكك فيها ومن تلك الدروس والعبر : - الرعب الحقيقي الذي يتلبس سلطات الاحتلال وأصدقاءها في مجلس الحكم الفاسد العميل متى تحرك الشارع العراقي وطالب بممارسة حقوقه الديموقراطية والسيادية على أرض بلاده . - اندماج عملاء الاحتلال في مجلس الحكم اندماجا تاما ونهائيا بسلطات الاحتلال وتحوله إلى جزء عضوي من سلطات الاحتلال بل وممارسة بعض العملاء التحريض ضد المتظاهرين المنتفضين كما فعل مسعود البرزاني حين أدان ما سماه تصرفات أنصار الصدر ولجوئهم إلى العنف ( يقصد رمي الحجارة ضد قوات الاحتلال ) ولكنه لم ينبس ببنت شفة حول المجزرة التي ارتكبتها القوات المحتلة ورمي المتظاهرين بالرصاص الحي والقذائف المدمرة .وقد صمت البعض الآخر صمتا مريبا ونذلا وهو يرى قوات الاحتلال تسفك دماء المتظاهرين ، أما دعوة عضو مجلس "بريمر " عبد الكريم ماهود المحمداوي إلى اجتماع الأعضاء " الشيعة " لتدارس الأزمة فلن يؤدي إلى أية نتيجة وهو مجرد إجراء ترقيعي لرفع العتب كما يبدو والهدف منه التبرؤ من المسؤولية عن دماء الشهداء أمام الجماهير . - غياب التنسيق غيابا مأساويا بين القوى والأطراف العراقية الوطنية الرافضة للاحتلال .وسيادة روح البحث عن الوجاهة والزعامة واحتكار الميدان والترويج للشعارات والممارسات السلفية الطائفية ضد النساء وأبناء الأقليات الدينية غير المسلمة على حساب القضية الوطنية . - غموض ومحدودية الشعارات وتردد القيادات الميدانية في الشارع المنتفض والتركيز على مسألتي إطلاق سراح شخصية معينة أو إعادة السماح بصدور جريدة الحوزة في حين يختنق الشعب العراقي بعامة تحت وطأة الاحتلال وممارساته القمعية . - فضحت خطط الاحتلال الأمريكي ونواياه بصدد مشروعه الاستعماري طويل الأمد للعراق والتي ظهرت على حقيقتها عبر استعداد المحتلين لسفك دماء العراقيين كافة وبغض النظر عن قوميتهم أو طائفتهم متى ما طالبوا بالاستقلال أو الديموقراطية الحقيقية . إن المواجهات الدموية المستمرة عكست أيضا الاستعداد الفدائي الرائع لدى العراقيين الاستقلاليين وخاصة لدى الشباب منهم للتضحية من أجل وطنهم وشعبهم و مقدساتهم .غير أن المصلحة الوطنية وفداحة الثمن الذي دفعته الجماهير العزلاء أمام المحتلين المسعورين و المدججين بالسلاح تقتضي الصراحة في إعلان نقاط الضعف والهنات التي برزت في الانتفاضة الشجاعة الجارية ومن ذلك : - عدم وجود خطة شاملة على المستوى الوطني لمواجهة الاحتلال وعملائه .وهذا ما يستدعي رفع شعارات صائبة وصحيحة والتخلي عن التردد ومن الشعارات الراهنة والمهمة ينبغي رفع شعار المطالبة برحيل الاحتلال واستبدال القوات المحتلة بقوات دولية تحت علم الأمم المتحدة من الدول التي لم تشارك في الحرب ضد العراق . كما ينبغي رفع شعارات مطلبية أخرى منها المطالبة بفتح تحقيق دولي محايد حول المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المتظاهرين العراقيين ورفض دعوة أحد أعضاء مجلس بريمر " سلامة الخفاجي " إلى فتح تحقيق من طرف القضاء العراقي لأن هذا القضاء محكوم بعلاقته بسلطات الاحتلال ولا يتمتع بأية استقلالية والمطالبة بفتح تحقيق دولي آخر حول جرائم وسرقات واختلاسات أعضاء مجلس الحكم الفاسد العميل والمطالبة بحل هذا المجلس .ومن أجل بناء البديل الوطني الحقيقي لمجلس بريمر ينبغي العمل على تجسيد شعار عقد الجمعية الوطنية التأسيسية " المجلس التأسيسي " على أسس التوافق الوطني والاستقلال التام عن الاحتلال وعن أية نظام عربي شمولي مجاور للعراق أو غير مجاور ورفض المحاصصة الطائفية والعرقية والمطالبة بتوفير الحماية الدولية لجماهير كركوك المهددة بالمجازر والتطهير العرقي من قبل عملاء الاحتلال . إن أرواح شهداء مجزرة اليوم والدماء الزكية التي سفكت بحقد من قبل الهمج المريكان وحلفائهم المرتزقة يجب أن تكون البداية الجديدة والثانية للمقاومة العراقية الشاملة ضد الاحتلال وعملائه ، وإن الوفاء لتلك الأرواح والدماء يتطلب التخلي عن التردد والغموض والتحول نحو المقاومة المستمرة والمتصاعدة بجميع الوسائل لأن نجاح الاحتلال في قمع هذه الانتفاضة وخنقها سيعني سقوط العراق الفعلي ولزمن سيطول في حقيبة الاستعمار الأمريكي وسيكون من الصعب على الشعب أن يستعيد استقلاله ، وسوف يستأسد عملاء الاحتلال الأنذال ضد الجماهير الشعبية ويمارسون ضدها أشنع الممارسات .كما ينبغي أن يفهم الجميع أن الدور قادم حتما،و بعد أن يتم قمع هذه الانتفاضة السلمية الحالية ، سيأتي على فئات المجتمع العراقي الأخرى وليس سرا أن المحتلين يستعدون لارتكاب مجزرة شنيعة في مدينة الفلوجة باستعمال الطيران الحربي وقد يرتكبون مجزرة أخرى ضد التركمان في كركوك و لن يسلم من جرائمهم حتى الجماهير الكردية في شمال العراق تلك الجماهير التي ضللتها الأحزاب الشوفينية العميلة . إن الذين خدعوا الناس وضللوا العراقيين حول خيرات الأمريكان وجنتهم الديموقراطية وصاروا يدافعون علنا عن الصهاينة ويهاجمون الشهيد المجاهد احمد ياسين يتحملون اليوم جزءا كبيرا من المسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية عن الجريمة الدموية التي ارتكبها أسيادهم المحتلون وإن هؤلاء المخادعين سيدفعون ثمن خداعهم للجماهير وخيانتهم للعراق إن آجلا أو عاجلا . أما الذين يلتزمون الصمت ويمارسون سياسة النعامة فهم أيضا يتحملون الجزء الخاص بهم من المسؤولية ، وسيكون من الصعب جدا على الأجيال العراقية القادمة أن تفهم أو تتفهم أو تقبل بصمت المرجع الديني الكبير السيد علي السيستاني و تردده حتى الآن في إصدار الفتوى بالجهاد الدفاعي أو حتى بتهديده بإصدار هذه الفتوى في حين يتساقط عشرات العراقيين برصاص المحتلين المسعورين في المدن المقدسة ومنها المدينة التي يقيم فيها سماحته . نعم ، لقد أفشل العراقيون ، بوعيهم الحضاري وشعورهم العالي بالمسؤولية الوطنية ، المشروع الأمريكي الهادف لزجهم في حرب أهلية طائفية أو عرقية ولقد نجحوا في عزل وشل فعالية مجلس عملاء الاحتلال فهل سينجحون في تحويل انتفاضة اليوم إلى بداية الثورة الشاملة ضد الاحتلال والتي ستنتهي بقبره قبرا نهائيا واستعادة الاستقلال الحقيقي وبناء الدولة الديموقراطية ؟
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإيرانيون يجرون عمليات جراحية لأنوفهم لكي لا يشبهوا العرب !
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الأربعون :المنصوب على التحذير
-
إعلان هام حول حملة جمع التواقيع ضد قانون إدارة الدولة الانتق
...
-
توضيح حول حملة جمع التواقيع ضد دستور بريمر !
-
المبسط في النحو والإملاء درس خاص في الإملاء:الأسماء المقصورة
...
-
نفاق النظام السوري : السجادة الحمراء للبر زاني و الرصاص لمن
...
-
قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 ! - الجزء الثالث
...
-
قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 : - الجزء الثاني
...
-
قراءة في الدستور المؤقت لثورة 14 تموز 1958 ! - الجزء الأول -
...
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس التاسع والثلاثون : المنصوب عل
...
-
وثيقة مجلس الحكم الدستورية : باطلٌ كلُّ ما بُنيَ على باطل !
-
دستور -بريمر - ولد فاطساً ، والفيتو الكردي سيواجه فيتو في مث
...
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الثامن والثلاثون : المنصوب عل
...
-
تحالف الأمر الواقع بين الاحتلال الأمريكي والإرهاب السلفي يحص
...
-
المبسط في النحو والإملاء .الدرس السابع والثلاثون : المفعول ف
...
-
المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس السادس والثلاثون : الم
...
-
العراق - الأمريكي - يزحف نحو النموذج الطائفي اللبناني !
-
بين الانتخابات الفورية والحكومة العميلة : نعم للمؤتمر التأسي
...
-
بين الانتخابات الفورية والحكومة العميلة : نعم للمؤتمر التأسي
...
-
المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس الخامس والثلاثون : الم
...
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|